نص المقابلة الصحفية التي أجراها المهندس عطا أبو الرشتة الناطق الرسمي لحزب التحرير في الأردن مع مجلة شيحان الأردنية
1994/10/24م
المقالات
2,841 زيارة
1- متى اعتقلت آخر مرة وما هي المدة التي أمضيتها في الاعتقال وما هي التهمة والأسباب لذلك؟ وهل لاعتقالك علاقة بقضية مؤتة وهل للحزب علاقة بها؟
الجواب: اعتقلت آخر مرة في 20/05/1993 م وبقيت في معتقل المخابرات العامة ستة شهور حتى 13/11/1993 م حيث أفرج عني.
أما التهمة فلم توجه لي تهمة سوى كوني ناطقا رسميا لحزب غير مرخص في الأردن وهو حزب التحرير.
أما الأسباب فلم يذكروا سببا غير ذلك، إلا أن ما جرى أثناء فترة اعتقالي، من توقيع اتفاق غزة أريحا بين المنظمة وبين دولة يهود في فلسطين ( 13/9 )، وكذلك توقيع جدول الأعمال بينهم وبين الأردن ( 14/9 )، بالإضافة إلى الانتخابات التي جرت في شهر (11/93 ) بموجب قانون الصوت الواحد، كل ذلك قد يعطي تفسيرا لاعتقالي كمسئول في حزب التحرير وحجزي تلك الفترة في معتقل المخابرات حتى تنتهي تلك الأحداث وقد اعتقل غيري من مسئولي الحزب في تلك الفترة.
أما بالنسبة لقضية مؤتة فلم يكن لاعتقالي علاقة بها، فقد ظهرت تلك القضية على المسرح أثناء وجودي في الاعتقال وبالتالي لم توجه لي تهمة بهذا الخصوص.
أما عن علاقة الحزب بتلك القضية فلا توجد أية علاقة للحزب بها، فالحزب لا يقوم بأعمال مادية أثناء حمله للدعوة وقد سبق أن أصدر الحزب بيانا في حينه بهذا الخصوص.
ومن الجدير ذكره أن جميع المتهمين قد أنكروا التهمة الموجهة إليهم أمام محكمة أمن الدولة بخصوص تلك القضية، والقضية معروضة الآن أمام محكمة التمييز منذ ثمانية شهور بعد صدور أحكام محكمة أمن الدولة.
2- لقد سبق أن أعلن الحزب أن الترخيص بموجب قانون الأحزاب الأردني الحالي مخالف للإسلام فما رأيكم في الأحزاب التي رخصت بموجبه وبخاصة الإسلامية منها؟ كذلك فإنه يبدو أن الحكومة تعتبر وجودكم كحزب غير مرخص ضارا بمصالحها فلماذا لا تتقدمون بطلب للترخيص لإحراج الحكومة؟ لأنها تعلن أنها مع التعددية السياسية الحزبية فإذا رفضت ترخيصكم وقعت في الحرج أمام الرأي العام المحلي والعالمي؟
الجواب: قانون الأحزاب الحالي يشترط ضمن ما يشترط أن تلتزم الأحزاب بالعمل من خلال الدستور والميثاق الوضعيين القائمين، وكذلك أن يكون الحزب للأردنيين فقط، ولأن حزب التحرير يرى أن الدستور والميثاق هو فقط كتاب الله وسنة رسوله ولا يلتزم بغيرهما،ولأنه كذلك ليس حزبا إقليميا بل يعمل من خلال المسلمين ولا يقتصر عمله على الأردنيين فقط لهذا لم يتقدم بالترخيص بموجبه لأن هذه الشروط تخالف الإسلام مخالفة صريحة.
ولقد حضرنا ندوات لمناقشة قانون الأحزاب قبل إقراره، وذلك في مجمع النقابات والمركز الثقافي الملكي، وكنا نرى أن يقتصر القانون على شرطين هما أن لا يكون الأساس الذي تقوم عليها الأحزاب مخالفا لعقيدة الأمة، وأن لا تقوم الأحزاب بالأعمال المادية بل تقتصر على العمل السياسي والحوار الفكري مع الإقناع، إلا أن القانون أقر بالشروط التي ذكرناها أنها مخالفة للشرع، لذلك لم نتقدم بالترخيص بموجبه.
أما عن الشق الثاني من السؤال، فنحن ندرك أن قانون الأحزاب هذا وضع بهذه الصيغة لعدم تمكين حزب كحزب التحرير من الترخيص. فالدولة تعتبر وجود الحزب غير مرغوب فيه لأنه يدعو ويعمل لإيجاد الخلافة الإسلامية مكان الأنظمة الحالية، وكذلك لاعتبارات دولية غنية عن البيان، وبالتالي فإننا لو قدمنا طلبا فهو سيرفض حتما وقد يسبب للدولة حرجا أمام الرأي العام، ولكن الموضوع عندنا ليس أن نسبب حرجا أم لا، بل التقيد بالحكم الشرعي، وما دامت تلك الشروط في قانون الأحزاب مخالفة للشرع، فإنه يحرم الترخيص بموجبها سواء سببت حرجا للدولة أم لم تسبب.
3- ما هو موقفكم مما يجري من مفاوضات مع إسرائيل؟ وكيف ستعملون على تفعيل موقفكم هذا في المنطقة؟ ثم ماذا سيكون شعوركم عندما ترون يهودا بصفة سياسية أو سياحية يعيشون وسطنا في الأردن ويتمشون في شوارعنا؟
الجواب: موقفنا مما يجري هو موقف الإسلام الذي نفهمه من كتاب الله وسنة رسوله، وهذا الموقف كما يلي:
إذا اعتدى الكفار على بلاد المسلمين أو احتلوا جزءا من بلادهم فإن حالة الحرب الفعلية يجب أن تعلن مع تلك الدولة المعتدية ويصبح الجهاد فرض عين ليس فقط على الذين احتلت أرضهم بل على الذين يلونهم فالذين يلونهم من المسلمين حتى يقضوا على العدو وتعود البلاد المحتلة إلى ديار الإسلام.
فالموقف هو أن تتحرك جيوش المسلمين لقتال يهود حتى يقضى على كيانهم، وتعود فلسطين وكل أرض احتلوها إلى ديار الإسلام ( واقتلوهم حيث ثقفتموهم وأخرجوهم من حيث أخرجوكم ). ( إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون ). ( يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة ).
ولا يقال أننا لسنا قادرين على قتالهم، فإنه على الرغم من عدم صحة ذلك، إلا أنه على فرض صحته، فإن الواجب أن تستمر حالة الحرب الفعلية معلنة ونافذة، وفي نفس الوقت نعد العدة لقتالهم.
ولا يجوز بأية حال وجود أية علاقة سلمية معهم، كتفاوض، أو مشاريع مشتركة، أو تطبيع علاقات تجارية وثقافية وسياحية….. ولا يقال إن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فاوض كفار مكة في صلح الحديبية، لا يقال ذلك لأن تلك كانت مفاوضات مع كفار على أرضهم أي مع كفار كيانهم قائم على أرضهم، وليس على أرض احتلوها من المسلمين.
وهي تجوز إن كان فيها مصلحة للإسلام والمسلمين بشرط أن يكون إنهاء حالة الحرب معهم مؤقتا، أي هدنة مؤقتة، أما الأمر هنا فهو مختلف، فهو تفاوض مع عدو احتل أرضنا، وأقام كيانه عليها بعد اغتصابها، فالتفاوض معه لا يصح بحال، فكيف بإنهاء حالة الحرب معهم أو استقبالهم في بلاد المسلمين؟
لذلك فما جرى بين مصر وإسرائيل، وما يجري حاليا بين المنظمة وبينهم، وبين الأردن وإسرائيل، وما هو جار بينهم وبين سوريا ولبنان، كل ذلك مخالفة صريحة للإسلام سواء ما كان منه علاقات دبلوماسية، أو تجارية، أو تطبيعا، أو مفاوضات مجردة، وعلى الأمة أن تقف وقفة صلبة في وجهه لمنع استمراره وإلغاء ما تم منه.
أما عن تفعيل موقفنا هذا في المنطقة فنحن حزب سياسي سنبقى نعمل مع الأمة ومن خلالها حتى تتوقف هذه المفاوضات الجارية، وتعود حالة الحرب الفعلية مع يهود، وتتحرك جيوش المسلمين لقتالهم والقضاء على كيانهم وإعادة فلسطين كاملة إلى ديار الإسلام.
أما عن شعورنا ونحن نرى يهودا ينتقلون في بلاد المسلمين فإنها مأساة أن يسمح الحكام في بلاد المسلمين لأولئك أن يدخلوا بلادنا، وسيكون تنقلهم بيننا تحديا صارخا لمشاعر المسلمين، فهم أشد الناس عداوة لنا، هذا ما ينطق به كتاب ربنا بشأن يهود، وما بينته سيرة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
4- يتسارع انعقاد المؤتمرات الدولية هذه الأيام في المنطقة كمؤتمر السكان في القاهرة الذي انعقد أوائل هذا الشهر، وكذلك مؤتمر الشرق الأوسط الاقتصادي المقرر افتتاحه بالدار البيضاء الشهر القادم، ما هو تحليلكم لهذه المؤتمرات؟
الجواب: المؤتمرات الدولية في المرحلة الحالية بعد انتهاء الحرب الباردة هي اسم محسن للمؤتمرات الأمريكية، فالقوة الدافعة الحقيقية وراء المنظمة الدولية ومؤتمراتها هي أمريكا. والمتتبع لتاريخ المؤتمرات الدولية يتبين له ما يلي:
أ- المؤتمرات الدولية حتى أواسط الستينات كانت بتأثير الدول الأربعة الكبرى: أمريكا والاتحاد السوفيتي وبريطانيا وفرنسا.
ب- منذ أواسط الستينات حتى أواسط الثمانينات كانت بتأثير الدولتين أمريكا والاتحاد السوفيتي.
ت- ومنذ انهيار الاتحاد السوفيتي وحتى اليوم أصبحت المؤتمرات الدولية أحادية القطب أمريكية الطابع.
فأمريكا الآن تحاول إعادة صياغة المنطقة الإسلامية كجزء من النظام العالمي الجديد، وتكاد تظلل جميع هذه المؤتمرات الأمور التالية: الهيمنة السياسية، الهيمنة الاقتصادية، الهيمنة الفكرية.
فمؤتمر السكان كان لتحقيق جريمتين:
1- هدم النظام الاجتماعي في الإسلام المتمثل في العلاقات الأسرية والقيم الفردية للإجهاز على تماسك الأسرة الإسلامية وعلى البقية الباقية من أحكام الإسلام وقيمه في مجتمعات العالم الإسلامي، ولذلك ركزوا على مواضيع مثل: الزواج وأشكال الاقتران الأخرى،الحقوق الجنسية للأزواج والأفراد، تفكيك العلاقة الأبوية مع المراهقين، حق الإجهاض……..
2- امتصاص ثروة البلاد الإسلامية دون مزاحمة من سكانها وذلك بأساليب تحديد النسل التي دعوا إليها.
وهو وإن كان اسمه مؤتمرا دوليا إلا أن المقصود منه كان البلاد الإسلامية، ولذلك حرصوا على عقده في القاهرة، لترتبط قراراته السيئة ببلد من أمهات بلاد المسلمين، فيقال مثلا: إعلان القاهرة، ولذلك كان إسقاط المؤتمر بعدم حضور البلاد الإسلامية، ولو لم يحضر الحكام في بلاد المسلمين المؤتمر لقضي عليه وسقط عمليا.
أما مؤتمر الدار البيضاء فعلى الرغم من أن شهرا يفصلنا عن تاريخ انعقاده، إلا أن ما تسرب عنه وما يحيط به يبين أنهم يريدون ضمان أسواق في المنطقة لاستهلاك منتجاتهم بدون قيود جمركية أو مزاحمة من بضائع البلاد المحلية، بالإضافة إلى ضمان تدفق المواد الخام بدون قيود قانونية، والغالب على هذا المؤتمر مما يتوقع له أن يكون تكملة وتوضيحا لاتفاقية التجارة الدولية (الجات).
والخلاصة إن هذه المؤتمرات هي برعاية أمريكية لصياغة المنطقة لتحقيق مصالح الدول الكافرة المستعمرة بعامة وأمريكا بخاصة.
5- حزب التحرير كما هو واضح من كتبه ومنشوراته يركز على إقامة دولة الخلافة، ولكنه معروف عنه أنه لا يستعمل الأعمال المادية والأجنحة العسكرية فكيف سيتمكن من إقامة دولة الخلافة بدون ذلك؟ ثم ما مدى ثقل الحزب الجماهيري؟
الجواب: حزب التحرير حزب سياسي مبدؤه الإسلام يعمل لاستئناف الحياة الإسلامية في الأرض بإقامة دولة الخلافة الراشدة التي يكون فيها للمسلمين خليفة واحد يبايع على كتاب الله وسنة رسوله.
وتركيز حزب التحرير على الخلافة هو تنفيذ لفرض فرضه الله على المسلمين بأدلة شرعية ثابتة واضحة لا تدع مجالا لمسلم يخشى الله ورسوله أن يقعد عن العمل لذلك.
أما عدم استعمال الحزب للأعمال المادية أثناء سيره في حمل الدعوة الإسلامية فهو ليس خوفا من بطش الحكام أو مجاملة لهم، بل هو اقتداء برسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم لأنه لم يستعمل الأعمال المادية في الدعوة أثناء وجوده عليه السلام في مكة إلى أن أقام الدولة الإسلامية في المدينة.
أما عن كيفية إقامة الخلافة بدون استعمال الأعمال المادية أثناء حمل الدعوة الإسلامية فقد بين رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم للمسلمين ذلك بالطريقة التي أقام بها الدولة الإسلامية الأولى في المدينة، فقد دعا للإسلام في مكة مقتصرا على الأعمال الفكرية في الإقناع دون الأعمال المادية، ثم كان يطلب النصرة من القادرين عليها لحماية الدعوة وتمكينه صلى الله عليه وآله وسلم من إقامة حكم الإسلام، واستمر على ذلك إلى أن تحققت له نصرة أهل المدينة، فأقام الدولة الإسلامية بين ظهرانيهم، ولذلك فالطريقة لإقامة الخلافة هي هذه الدعوة للإسلام من خلال الأمة ومعها إلى أن تحقق نصرة القادرين منها في بلد فيه الكفاية لحماية الدعوة وإقامة حكم الله في الأرض عن طريق دولة الخلافة الراشدة.
أما ثقل الحزب الجماهيري فيمكنك إدراك ذلك من ملاحظة الأمور التالية:
1- لقد أصبحت الخلافة التي يعمل الحزب لإيجادها والتي ارتبطت بالحزب ارتباطا عضويا، أصبحت هذه رأيا عاما للمسلمين يطالبون بها ويشتاقون لها، بعد أن كان الحديث عنها في السابق يسبب لصاحبه المتاعب من عدم قابلية الناس لسماع الحديث ــ مجرد الحديث عنها ــ فكيف بالمطالبة بها.
2- الملاحقة الشديدة من الأجهزة الأمنية المحلية والدولية للحزب وللخلافة بشكل ملموس محسوس.
3- ثقة الناس بطروحات الحزب الفكرية والسياسية والمعالجات الشرعية لقضايا المسلمين في المنطقة.
هذه بعض الأمور التي يمكنك ملاحظتها والتحقق منها لتعلم شيئا عن ثقل الحزب في الأمة.
– ما رأيكم بالديمقراطية؟ ثم هل مجلس النواب يعتبر تجسيدا لها في الأردن وما تقييمكم لدوره في الأحداث السياسية الراهنة؟ كذلك هل الصحافة في مستوى المرحلة الديمقراطية التي يمر بها الأردن؟
الجواب: الديمقراطية عند واضعيها تتعلق بالأمور التالية:
أ- السيادة للشعب، فهو الذي يسن قوانينه ويشرع أحكامه.
ب- السلطان للشعب، فهو الذي ينتخب حكامه.
ت- إطلاق الحريات العامة: الشخصية، الملكية، الرأي، الاعتقاد.
وهذه الأمور تشكل جسما واحدا يسمونه الديمقراطية.
وهذه بهذا المدلول نظام كفر يخالف الإسلام: فالسيادة في الإسلام للشرع، فالدستور والقوانين من كتاب الله وسنة رسوله وما أرشدا إليه وليست من الناس، الحرية في الإسلام ضد العبودية، وتصرفات الإنسان منضبطة وجوبا بالأحكام الشرعية لا يصح تجاوزها.
وأما السلطان فهو للأمة، وهي التي يجب أن تنتخب حاكمها وتحاسبه بقوة، ضمن الأحكام الشرعية، لا تخشى في الله لومة لائم. هذا من حيث أصل الديمقراطية عند واضعيها.
أما من حيث التطبيق في بلاد المسلمين فهي مركزة على الأمور التالية:
1- ترويض الناس على قبول تشريع البشر دون أن يلتفتوا إلى الأحكام الشرعية, فبدل البحث في كتاب الله وسنة رسوله لتشريع قانون معين فإنهم يجعلون المرجع في ذلك موافقة الناس وعدمها بغض النظر عن كون هذه الموافقة شكلية أو غير شكلية.
2- التركيز على نشر الحريات البعيدة كل البعد عن الحاكم ومحاسبته، أما إن اقترنت تلك الحريات بمحاسبة الحاكم على إساءة ارتكبها أو تقويم اعوجاج عنده، فالويل لمن يبدي الرأي في هذه الحالة، وسيعملون على إسكاته بوسائلهم. وشواهد ذلك كثيرة وكثيرة حتى أن آيات من كتاب الله عن اليهود ألصقت في بعض المساجد تم منعها، واعتقل بعض واضعيها.
3- ظلم الشعب باسم الشعب عن طريق تمرير قرارات تتعلق بمصيره بعد إعطائها الصبغة الشكلية الشعبية. وليس مصادفة أن يعلو صوت الحديث عن الديمقراطية عندما تعلو درجة المفاوضات مع يهود، كما حدث في مصر والأردن والمنظمة.
إن تزوير رأي الناس فن يتقنه دهاقنة ترويج الديمقراطية، ولا يستطيع الوقوف أمامه إلا من تسلح بالأحكام الشرعية التي تبيح للأمة، بل توجب عليها محاسبة الحاكم بقوة وقول كلمة الحق بشدة دون أن تخشى في الله لومة لائم.
أما دور مجلس النواب في الأحداث السياسية الراهنة فإننا لم نلاحظ دورا فاعلا له. ونحن على قناعة تامة بأن القوانين التي تحكم عمله، وقانون الانتخاب الذي جاء بموجبه، لن تمكنه من محاسبة الحكومة المحاسبة القوية التي تقتضيها الأحكام الشرعية، لهذا فإننا لا نفاجأ عندما نرى أن جميع القوانين الأساسية التي تريد الحكومة تشريعها يتم إقرارها كما هي، أو بتعديلها تعديلا خفيفا، حتى أن ما يجري من تفاوض مع يهود وإنهاء حالة الحرب معهم وتطبيع العلاقات والوفود والزيارات، وهي تخالف ليس الشرع فقط بل حتى القوانين الأردنية المعمول بها التي تعتبر اليهود أعداء حيث لم تعدل بعد، كل ذلك يجري بدون موقف فاعل للمجلس.
وأما دور الصحافة فسواء منها المسمى حكومية أو معارضة فإنها تتحرك ضمن هامش لا تتجاوزه مع التفاوت في التحرك ضمن هذا الهامش.
ومع ذلك فإننا لا ننكر أن هناك أصواتا صادقة وعالية في مجلس النواب، وان هناك أقلاما دافئة بل وحارة في إخلاصها في بعض الصحف، ونسأل الله لتلك الأصوات وتلك الأقلام أن تصل إلى الدور الفاعل المأمول.
7- إن عدم رضاكم عن الحكومة ومؤسسة العرش واضح جدا فما سبب ذلك؟ ثم ما هو تعليقكم على طرح الأردن لموضوع الولاية الدينية على القدس وتأثير ذلك على العلاقة مع السعودية والمغرب والمنظمة التي ترغب كلها كذلك بالولاية على القدس؟ بالإضافة إلى تحركات الفاتيكان في هذا الموضوع. ونريد رأيكم كذلك حول مدينة القدس ومركزها في القضية الفلسطينية؟
الجواب: يبدو أن المقصود من هذا السؤال إحراجنا عند الجواب، غير أن الأمر ليس عندنا كذلك، فإن الحزب قائم على فكرة وطريقة مستنبطتين استنباطا صحيحا من كتاب الله وسنة رسوله، وهما من الوضوح والدقة بحيث نتمكن معهما من الجواب كذلك بوضوح ودقة دون لف أو دوران.
إننا في الحزب نرضى عن النظام الذي رضيه الله ورسوله للمسلمين وهو نظام الخلافة الذي يكون الحكم فيه مستندا إلى كتاب الله وسنة رسوله، والذي يكون للمسلمين فيه خليفة واحد يوحد بلاد المسلمين في دولة واحدة، ويقاتل عدوها قتالا لا هوادة فيه ( فإما تثقفنهم في الحرب فشرد بهم من خلفهم )، فيحفظ بلاد المسلمين من الضياع أو التفريط بأي جزء منها.
وليست لنا أسباب خلاف مع أي نظام قائم في بلاد المسلمين غير هذه.
أما طرح موضوع ما يسمى بالولاية الدينية على القدس فإن هذه التسمية مفهوم غربي نصراني رأسمالي، منبثق من عقيدة فصل الدين عن الحياة، ولا علاقة له بالإسلام، إذ لا يوجد في الإسلام ما يسمى بولاية أو سلطة دينية، وبولاية أو سلطة زمنية أو سياسية، لأن الإسلام شامل أمور العبادات، وأمور العلاقات وأنظمة الحياة جميعها.
وخليفة المسلمين يكون ولي أمر المسلمين في أمور الدين والدنيا. وقد عرف الفقهاء الخلافة بأنها رئاسة عامة في أمور الدين والدنيا، أو خلافة الرسول في حراسة الدين وسياسة الدنيا.
وكان الواجب أن يطرح تحرير القدس، بل تحرير فلسطين كلها بدل طرح هذا المفهوم الغربي النصراني. وطرح هذا المفهوم يعني التنازل عن القدس لإبقائها تحت سيادة اليهود.
أما تنافس الأردن والمنظمة والسعودية والمغرب على الولاية على الأماكن المقدسة في القدس فهو تزاحم على المصالح، وتضليل للمسلمين بإبراز اهتمام هؤلاء الحكام بالأماكن المقدسة تزلفا للمسلمين، وصرفا لذهنهم عن تحرير القدس من اليهود، وتهيئة لأذهان المسلمين ليقبلوا بسيادة اليهود عليها مقابل إدارة من قبلهم للمقدسات فيها، وتلك قاصمة الظهر.
أما تحركات الفاتيكان فهي مقصودة كمدخل لتدويل القدس، ووجود سلطان للبابا عليها، وهي فكرة قديمة جديدة يتحرك بها الفاتيكان كلما حركته أمريكا، وذلك لتحقيق الأطماع الصليبية بصورة أخرى.
وهو تحريك خبيث يجب أن تقف الأمة في وجهه لقتله في مهده، وإلا فسيزداد خطره ويشتد.
أما مدينة القدس فهي واسطة العقد من فلسطين مسرى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم و معراجه وإذا كان التفريط في شبر من أرض المسلمين ــ أي شبر ــ جريمة عظمى من وجهة نظر الإسلام، فكيف إن كان ذلك الشبر مسرى رسول الله و معراجه.
إن فلسطين قضية إسلامية وتحريرها من يهود فرض على المسلمين لا فرق بين ما احتل في 67 وما احتل 48 وليس هناك إلا طريقة واحدة لتحريرها: بأن تزحف جيوش المسلمين لقتال يهود، والقضاء على كيانهم، وإعادتها كاملة إلى ديار الإسلام، ولمثل هذا فليعمل العاملون. . ¨
[انتهى]
1994-10-24