مع القرآن الكريم
1990/01/22م
المقالات
1,846 زيارة
بسم الله الرحمن الرحيم
قال تعالى: (وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) [آل عمران: 72].
تتحدث الآية عن مكر أهل الكتاب ومحاولاتهم ضرب الإسلام والتشكيك في صحة ما جاء به النبي r ومحاولة إيهام المسلمين أن في إسلامهم خطأ وهي محاولة جادة لبلبلة أفكار المسلمين وزعزعة قناعاتهم.
وقد ذكر ابن كثير في معرض تفسير هذه الآية أن «هذه مكيدة أرادوها ليلبسوا على الضعفاء من الناس أمر دينهم وهو أنهم اشتوروا بينهم أن يظهروا الإيمان أول النهار ويصلوا مع المسلمين صلاة الصبح فإذا جاء آخر النهار ارتدوا إلى دينهم ليقول الجهلة من الناس إنما ردّهم إلى دينهم اطلاعهم على نقيصة وعيب في دين المسلمين».
ويقول الشهيد سيد قطب في الظلال: «… وهي طريقة ماكرة لئيمة. فإن إظهارهم الإسلام ثم الرجوع عنه، يوقع بعض ضعاف النفوس والعقول وغير المتثبتين من حقيقة دينهم وطبيعته… يوقعهم في بلبلة واضطراب. وبخاصة العرب الأميين.
وما تزال هذه الخدعة تتخذ اليوم، في شتى الصور التي تناسب تطور الملابسات والناس في كل جيل.
ولقد يئس أعداء المسلمين أن تنطلي اليوم هذه الخدعة، فلجأت القوى المناهضة للإسلام في العالم إلى طرق شتى، كلها تقوم على تلك الخديعة القديمة.
إن لهذه القوى اليوم في أنحاء العالم الإسلامي جيشاً جراراً من العملاء في صور أساتذة وفلاسفة ودكاترة وباحثين ـ وأحياناً كتاب وشعراء وفنانين وصحفيين ـ يحملون أسماء مسلمين لأنهم انحدروا من سلالة مسلمة! وبعضهم من «علماء المسلمين»!
هذا الجيش من العملاء لخلخلة العقيدة في النفوس بشتى الأساليب في صورة بحث وعلم وأدب وفن وصحافة. وتوهين قواعدها من الأساس، والتهوين من شأن العقيدة والشريعة سواء وتأويلها وتحميلها ما لا تطيق. والدق المتصل على رجعيتها! والدعوة للتفلت منها وإبعادها عن مجال الحياة منها! وابتداع تصورات ومثل وقواعد للشعور والسلوك تناقض وتحطم تصورات العقيدة ومُثلها. وتزيّن تلك التصورات المبتدعة بقدر تشويه التصورات والمثل الإيمانية. وإطلاق الشهوات من عقالها وسحق القاعدة الخلقية التي تستوي عليها العقيدة النظيفة لتنحر في الوحل الذي ينثرونه في الأرض!
وهم بعد مسلمون! أليسوا يحملون أسماء المسلمين؟ وهم بهذه الأسماء المسلمة يعلنون الإسلام وجه النهار وبهذه المحاولات المجرمة يكفرون آخره… ويؤذون بهذه وتلك دور أهل الكتاب القديم، لا يتغير إلا الشكل والإطار في ذلك الدور القديم!».
(كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ الْحَقُّ) [البقرة: 109].
1990-01-22