خرافة تأثير الفقه الروماني في الفقه الإسلامي
1987/09/18م
المقالات
6,160 زيارة
يزعم بعض المستشرقين الحاقدين على الإسلام أن الفقه الإسلامي في العصور الأولى حين اندفع المسلمون في الفتوحات قد تأثر بالفقه الروماني، والقانون الروماني. وقالوا: أن الفقه الروماني كان مصدراً من مصادر الفقه الإسلامي.
ويستدلون على قولهم بأنه كان في بلاد الشام مدارس للقانون الروماني عند الفتح الإسلامي على سواحل بيروت وفلسطين، ومحاكم تسير في نظامها حسب القانون الروماني، واستمرت بعد الفتح الإسلامي مما يدل على إقرار المسلمين لها، وأيدوا نظرتهم بافتراضات. فقالوا: عندما فتح المسلمون بلاد الروم نظروا بِمَ يحكمون؟ ثم اقتبسوا من أحكام الرومان. هذا ما يزعمه المستشرقون وهذه الأقوال فاسدة لعدة أسباب:
أولاً: لم يروِ أحد عن المسلمين، لا المستشرقون ولا غيرهم أن أحداً من المسلمين قد أشار إلى القانون الروماني لا علي سبيل النقد ولا التأييد، ولكن الفقه الروماني لم تترجم منه أية كلمة مما يدل على الجزم أنه قد أُلغي وطمس.
ثانياً: في الوقت الذي يزعم المستشرقون أنه كان في بلاد الشام مدارس للفقه الروماني، كانت الشام غاصة بالمجتهدين.
واجتهادهم وأحكامهم مأخوذة من الكتاب والسنة مثل الإمام الأوزاعي في بيروت. ففي الجزء السابع من كتاب الأم للشافعي أحكام للأوزاعي نستطيع الاطلاع عليها وتبيان بُعدها عن الفقه الروماني.
ثالثاً: المسلمون يعتقدون أن أي حكم غير حكم الإسلام هو حكم كفر يحرم عليهم أخذه. والمسلمون الأوائل فتحوا البلاد لإنقاذ أهلها من حكم الكفر فكيف يأخذونه وقد جاؤوا ليزيلوه ويضعوا مكانه حكم الإسلام.
رابعاً: المتتبع للتاريخ في بلاد الشام يرى أن سكان بلاد الشام من أهل الذمة قد اعتنقوا الإسلام عن رضاً مما يدل على أن المجتمع الروماني تأثر بالفكر والفقه الإسلامي حيث أن الفكر الأقوى هو المؤثر.
خامساً: سؤال الرسول لمعاذ حين أرسله إلى اليمن بم تحكم؟ وإجابة معاذ له: بكتاب الله ثم بسنة رسوله ثم اجتهد رأيي أي أقيس على القواعد من الكتاب والسنة.
والحقيقة، والواقع المحسوس، أن الفقه الإسلامي أحكام مستنبطة من الكتاب والسنة أو ما أرشد إليه الكتاب والسنة وأن الحكم أو الفقه إذا لم يكن مستنداً إلى دليل شرعي لا يعتبر من أحكام الإسلام ولا يعتبر من الفقه الإسلامي.
عبد الرحمن المأمون
1987-09-18