بوتين: “موسكو لن تسمح بأن تصبح روسيا دولة الخلافة”.
أجرى المخرج الأميركي الشهير أوليفر ستون مقابلات مع بوتين، وقد تم بثها في فيلم وثائقي مكون من أربعة أجزاء وعنوانه: “مقابلات بوتين” وبدأ عرضه في 12/6/2017م على القناة الترفيهية الأميركية “شوتايم”، وفي روسيا على “القناة الأولى”. وأخبر بوتين ستون بأن “موسكو لن تسمح بأن تصبح روسيا دولة الخلافة”. وعن أسباب مشاركة القوات الروسية في العمليات العسكرية في سوريا، أجاب بوتين: “إنهم سينشرون الخلافة من جنوب أوروبا إلى آسيا الوسطى”، وأظهر الفيلم التوسع الأسود على خريطة العالم الذي يمثل انتشار الخلافة، والتي تتسع لتشمل البلاد الإسلامية دون استثناء، وشبه جزيرة بيرينان وأبينين والبلقان. وعلاوة على ذلك فإن الحدود الشمالية لدولة الخلافة التي صورها الفيلم تحدها مباشرة روسيا في منطقة آسيا الوسطى. وردًا على كلام ستون الاستفزازي: “أو أن موسكو ستقام فيها الخلافة”، قال بوتين ضاحكًا: “حسنًا نحن لن نسمح بذلك، ولكن ابقوا حذرين من أن تقام الخلافة في واشنطن بدلًا من ذلك”.
الوعي: إن الهجوم على الخلافة، ومن بوتين بالذات، هو هجوم جدي، وهو ليس جديدًا. بدأ قبل اصطناع ما يسمى بتنظيم الدولة، وقبل تدخله المباشر في سوريا؛ فقد صرح عام 2004م في مقابلة مع إحدى القنوات التلفزيونية قائلًا عن العاملين لإقامة الخلافة: “بالمناسبة إن أهدافهم لا تقل عن العالمية، على سبيل المثال إنشاء الخلافة سيئة السمعة. وبالنسبة لنا فإن ذلك يرتبط بعواقب وخيمة وملموسة وغير مقبولة على الإطلاق، وهذا يعني بالنسبة لنا فقدان العديد من الأراضي في المقام الأول في جنوب البلاد، ويعني احتمال اختلال هيكل الدولة الداخلي”.
– يبدو أن الخلافة تدخل محاربتها والعمل على منع قيامها في صميم سياسة روسيا الخارجية، وتحديدًا في سوريا. وهذا ما بيـَّنـه بوتين حين سأله ستون عن أسباب مشاركة القوات الروسية في العمليات العسكرية في سوريا: “إنهم سينشرون الخلافة من جنوب أوروبا إلى آسيا الوسطى”، وقد سبقه تابعه في الشر وزير خارجيته لافروف حين ألقى كلمة أمام الجمعية العامة التابعة للأمم المتحدة في 27/9/2013م حذَّر فيها من أن “أكثر المجموعات المسلحة قوة في سورية هي المجموعات الجهادية، ويهدفون إلى تدمير الدول العلمانية، وإقامة خلافة إسلامية”. وبعد خروجه من اجتماعات الأمم المتحدة، صرَّح بأن بلاده لا تستبعد إشراك المعارضة السورية المسلحة في مؤتمر (جنيف2) ما لم تكن تفكر في إقامة الخلافة”.
– واضح من كلام بوتين أن سعي المسلمين لإقامة الخلافة هو الهاجس الذي يؤرقه، فقوله: “موسكو لن تسمح بأن تصبح روسيا دولة الخلافة”. وتحذيره واشنطن من هكذا مصير. وخوفه من انتشار الخلافة ووصولها إلى حدود بلاده… كل هذا يشير إلى مدى القلق والهاجس الذي يسيطر على فكر الرجل.
– إن عرض هذه المقابلات في فيلم يشير إلى حملة دعائية واسعة هدفها تأليب الرأي العام العالمي وفحواها “احذروا الخلافة”. وهذه الحملة باتت تؤتي علقمها في روسيا؛ فعلى سبيل المثال، قال والد أحد الطيارين الروس الذين لقوا حتفهم في سوريا معلقًا على وفاة ابنه: “إنه توفي دفاعًا عن أرض آبائه بسلاحه الذي في يديه، حتى لا تصل هذه العدوى السوداء إلينا، وبذلك لن نضطر للبس البرقع ونصلي كل أربع ساعات”.
– إن عداء بوتين للخلافة عداء متأصل، وهو يخشى حقيقة على بلاده منها؛ حيث يقبع أكثر من 20 مليون مسلم؛ لذلك هو يشد النكير على كل من له علاقة بالخلافة، وأولهم حزب التحرير الذي تمتلئ سجونه بشبابه، وحيث تصل عقوبة الانتماء إليه في بعض محاكمه بالفعل إلى السجن مدى الحياة.