الإعلام المعادي للثورة في سوريا… انتفاش باطل أمام حق راجح
2013/07/29م
المقالات
2,212 زيارة
بسم الله الرحمن الرحيم
الإعلام المعادي للثورة في سوريا… انتفاش باطل أمام حق راجح
الدكــــــــــــتـــور مصـــــــــــــــــــــــعـــب أبــــــــــــــــو عـــــــــــــرقـــــوب
عضو المكتب الاعلامي لحزب التحرير في فلسطين
«هذا أمر تكرهه الملوك»، تلك حقيقة أدركها أعرابي حين سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو الناس إلى شهادة أن لا اله إلا الله وأن محمداً رسول الله.. وقال له آخر بفطرته وسليقته: «إذن … تحاربك العرب والعجم»، فقد فهم العرب مدلولات لغتهم، فهموا أن شهادة لا اله إلا الله…ثورة على الحاكمين بغير شرع الله، عرباً كانوا أو عجماً! .
والثورة في سوريا -قلب الشام وعقر دار الإسلام – أعلنتها منذ أيامها الأولى أنها لله، فصدحت حناجر الأبطال في شوارع دمشق وحلب ودير الزور ودرعا وغيرها من مدن سوريا بشعار الثورة «هي لله…هي لله»، وبذلك الإعلان وبتلك المطالبة الواضحة من أهل الثورة الذي جسده هتافهم المستمر في مظاهراتهم «الأمة تريد خلافة إسلامية».. بذلك كله أدرك الباطل النتيجة الهائلة التي تترتب على ذلك الإعلان وعلى تلك الثورة الحقيقية.
فالثورة في الشام إعلان للتحرر من العبودية لغير الله من قوانين وضعية وتبعية للغرب المستعمر، وهي بذلك استعلاء بالعقيدة على جبروت المتجبرين وطغيان الطغاة، واستهانة بالقوة المادية التي تملك أن تدمر وتقصف وتعربد وتقتل وتقطع الأوصال، وتفصل الأعناق عن الأجساد…لكنها تعجز عن استذلال العقول والقلوب… ومتى عجزت القوة المادية عن إقناع العقول وإذلالها وعن استمالة القلوب أو كسرها … فقد ولدت الحرية الحقيقية… والانفلات من كل عبودية وتبعية لغير الله… واقتربت بذلك الثورة من النتيجة الهائلة التي يخشاها الغرب وأشياعه: خلافة راشدة على منهاج النبوة.
هنا… وأمام الثورة الحقيقية في الشام، وأمام استهانة أهل سوريا بالقوة المادية وطغيان بشار ومن يقف وراءه، وأمام صبر أهل الشام الأبطال وجلدهم ووقوفهم في وجه آلة البطش والدمار الدولية التي تتنقل في المدن السورية… أمام ذلك تبرز خطورة وأهمية الإعلام المعادي لثورة الأمة في الشام كأداة تحاول أن تكسب ما خسرته القوة المادية وتجتهد في كسب ما عجزت عنه آلة التدمير والخراب..تحاول كسب العقول واحتلالها واستمالة القلوب أو كسرها وهزيمتها .
فالهزيمة الحقيقية للأمة تكمن في تخليها عن مشروع التحرر الحقيقي المتمثل في إقامة الخلافة الإسلامية التي تعني التحرر من كل عبودية لغير الله من خلال تحكيم شرع الله وإقامة الدين وتحرير الأمة من التبعية للغرب المستعمر الذي يقسم الأمة وينهب ثروتها… ومتى استطاع الغرب وعبيده التابعون إقناع الأمة بالتخلي عن ذلك المشروع الحقيقي للتحرر فقد أوقع حينها الهزيمة بالأمة وأنهى ثورتها الحقيقية التي تشتعل جذوتها في سوريا الحبيبة.
والإعلام بذلك يقف في الصف الأمامي في الحرب المعلنة على الثورة الحقيقية في سوريا، والإعلام المعادي للثورة السورية لا يتمثل فقط في إعلام النظام السوري المتهالك أو من يقف معه من أبواق وأقلام مأجورة وفضائيات دولية تابعة لإيران أو روسيا أو غيرهما، فانه وإن كانت تلك الفضائيات تسلك سلوك الدعاية الفجة الكاذبة إلا أن أثرها ليس عظيماً لأنها مفضوحة صريحة في وقوفها مع الطاغية المجرم بشار.
والحقيقة أن النوع الآخر من الإعلام هو الأشد خطورة، ويكمن في تلك الوسائل الإعلامية من فضائيات ومواقع إخبارية وصحف تدّعي الوقوف إلى جانب الثورة وتدس السم في الدسم وتعادي الثورة حتى النخاع، لكنها تتبهرج وتتزين للثائرين وللأمة الإسلامية لتحرف مسار التغيير الحقيقي إلى مسار الهزيمة المستنسخة بوجوه جديدة.. فتجرهم نحو مسار الديمقراطية والدولة الإقليمية بحدود سايكس بيكو «الوطنية»… ومشروع الدولة المدنية.
فالفهم الحقيقي للثورة في الشام يقرر: إن كل وسيلة إعلامية تحمل العداء لفكرة إقامة الخلافة، وتروِّج للديمقراطية كنظام حياة وحكم وللدولة المدنية كنظام مستقبلي لسوريا… فإنها بذلك تعتبر من أعداء الثورة السورية، وأداة خبيثة لصرف الثورة وحرف مسارها عن التحرر الحقيقي المتمثل في الخروج على كل الأنظمة والدساتير الوضعية التي ضمنت لقرون تبعية الأمة للغرب المستعمر وعبودية الشعوب للأنظمة الدكتاتورية التي حكمت الأمة بالحديد والنار وكانت علمانية التوجه وديمقراطية الهوى.
وتشترك الأجهزة الإعلامية المعادية للثورة، سواء المفضوحة منها أم المستترة، في أساليب تحاول أن تؤثر من خلالها على عقول وقلوب الثائرين وعموم الأمة الإسلامية المتطلعة للتغيير الحقيقي والانعتاق من التبعية للغرب والتحرر من العبودية للأنظمة والدساتير الوضعية، فالدول الغربية التي تهيمن على الأنظمة العربية وما يتبعها من وسائل إعلامية تضع خططها الإعلامية حسب نظريات التأثير الإعلامي المتداولة في الدعاية الإعلامية، وتظهر رتابة الخطط وأساليب التأثير الإعلامي لكل متابع لأحداث الثورة السورية اليومية.
وتكشف روتينية السلوك الإعلامي للفضائيات المعادية للثورة عن مدى التزامها بالدعاية الإعلامية الموجهة والمدروسة بدقة، فلا تكاد تخرج في أدائها عن نظريات التأثير الإعلامي – والتي بدورها استفادت من تجارب المدارس الدعائية التاريخية – فتشي البرامج والأخبار والتحليلات بالتزام تلك الفضائيات بخطة منهجية للتغيير والوعي ومحاولة كسب العقول والقلوب، وتحاول استخدام كافة النظريات في التأثير الإعلامي وتمزج بينها، وهذا عرض لأشهر تلك النظريات وكيف استخدمها الإعلام المعادي للثورة وطرق مواجهتها، وأمثلة على تصدي حزب التحرير لتلك الحرب الإعلامية:
أولاً: نظرية التأثير طويل الأمد (التراكمي): «وتؤكد هذه النظرية على أهمية الزمن في إحداث التأثير المطلوب بوسيلة الإعلام على الناس، بمعنى أن التأثير تراكمي»، ولا يخلو خبر عن الثورة السورية من كلمات وجمل يعمد إلى تكرارها حتى أصبحت لازمة في كل صياغة للأخبار، بغض النظر عن الحقيقة، في محاولة لغرس مفاهيم وجعلها مسلمات في التعاطي مع الثورة السورية، ومن تلك الجمل المتكررة: «طالب المتظاهرون بالحرية والدولة المدنية …طالبوا بالديمقراطية والتعددية السياسية…».
ويجب أن يعمد إلى هذه الجمل الكاذبة والمضللة بالشرح والتحليل وبيان كذبها وبعدها عن الواقع الحقيقي للثورة من خلال الاتصال الشخصي بالناس وبوسائل الإعلام وعلى أرض الثورة في الشام حتى تصبح هذه الجمل اللازمة مفضوحة ممجوجة، ولا يتهاون مع تلك الجمل حتى لا تصبح مسلمات، فيجب على العاملين لإقامة شرع الله في الأرض أن لا يكلُّوا ولا يملُّوا من مناقشة تلك الجمل وإزالة هالة التسليم والواقعية عن تلك الجمل والمفردات .
وقد أصدر أمير حزب التحرير عطاء أبو الرشتة -حفظه الله- نداءات صوتية وبيانات وزعت في سوريا والعالم ونشرت على صفحات الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي تحذر الثوار من كيد الكفار المستعمرين وبخاصة أميركا، وتفند المؤامرات الدولية على الثورة، وترسم الطريق للنصر والتمكين، فقد جاء في كلمة لأمير حزب التحرير وجهها لثوار الشام بتاريخ الأول من جمادى الأولى 1434هـ: «أيها الثائرون في أرض الشام: ليس أمامَكم من طريقٍ ثالث، فإنْ تعاهدْتُم على أن تنصروا اللهَ، وأقسمتم أمامَ الله سبحانه بأنْ تَثْبُتُوا على هذا الحقِّ العظيم، فعندَها تَسْعَدُون في الدنيا وفي الآخرة، وتَنْكَفِئُ عنكم الدولُ المستعمرةُ الكافرة، ويُقْبَرُ العملاءُ الخونة، وتَذْكُرُكم بخيرٍ دماؤُكم الزكيةُ التي سُفكت والتضحياتُ العظيمةُ التي بُذلت… أمّا إنْ لم تفعلوا وقَبِلْتُم صنيعةَ أميركا، الحكومةَ الانتقاليةَ لإنتاجِ دولةٍ جمهوريةٍ علمانيةٍ مدنيةٍ ديمقراطيةٍ، فستشكوكم دماؤُكم إلى بارئِها، وتكونونَ (( كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا))! وإننا لَنَرْبَأُ بكم أن تكونوها، والله يتولَّى الصالحين.» وكذلك أخذت إصدارت لأمير الحزب عن الثورة تتوالى وتنتشر لترسم الطريق أمام الثوار وتستنهض همم أهل القوة والمنعة. والبيانات الصحفية للمكتب الإعلامي لحزب التحرير في سوريا وبيانات حزب التحرير ولاية سوريا تواكب الثورة يوماً بيوم، ولا تترك شاردة ولا واردة إلا وأخضعتها للبحث والتدقيق، وأعطت فيها الرأي الشرعي الذي يجب أن يقود الثورة والثوار في أرض الشام .
ثانياً: نظرية الرصاصة (الحقنة) أو التأثير المباشر أو قصير المدى: «وتؤكد هذه النظرية أن الرسالة الإعلامية تؤثر تأثيراً آنياً كما لو أنه أطلقت عليه رصاصة أو حقن بمخدر، وهي عكس نظرية التأثير طويل الأمد (التراكمي)»، وتعمد الفضائيات في تغطيتها للثورة السورية إلى اقتناص بعض الفرص السريعة لتوجه مسيرة الثورة في سوريا نحو الوجه الذي يريده أعداؤها من الغرب المستعمر وأتباعه من الأنظمة العربية المتهالكة، ومن ذلك: إطلاق تسمية على بعض الجمع والترويج لها قبل أن يعلن الثوار على الأرض التسمية أو قبل الاتفاق عليها، وقد وقع البعض ضحية لبعض التسميات التي صيغت في غرف الأخبار بعناية لتحرف الثورة عن مسارها الإسلامي الحقيقي وتعطي انطباعاً أن الثورة هدفها «دولة ديمقراطية مدنية» ومن ذلك …إعلان فضائية الجزيرة ليلة جمعة «إن تنصروا الله ينصركم» على أنها جمعة «التدويل مطلبنا» .
ويجب التصدي وبسرعة لتلك الأخبار والتضليلات وفضح القائمين عليها وعدم السكوت عليها لتمرَّ مرَّ الكرام، وقد وثق عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في فلسطين الدكتور ماهر الجعبري هذه الحادثة بمقال نشر على موقع المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير وعلى عدة مواقع إخبارية، وجاء في المقال «ولقد شاركت بعض الفضائيات في دفع مؤامرة التدويل، منها فضائية الجزيرة التي أعلنت ليلة جمعة «إن تنصروا الله ينصركم»، على أنها جمعة «التدويل مطلبنا»، قبل أن يخذلها الثائرون على الأرض ، فعادت في اليوم التالي ورضخت لشعارهم الصحيح.
ثالثاً: نظرية التطعيم (التلقيح): و«تقوم هذه النظرية على مبدأ أن الإنسان عندما يتعرض لجرعات من الرسائل الإعلامية المتتالية يصبح لديه حصانة (سلبية ) تجاه ما يتعرض له بمعنى أنه يشعر بالتبلُّد واللامبالاة، فلا يقوم برد فعل إيجابي ضد ما يعرض عليه، فمن يعرض عليه مشاهد من العنف والجريمة يصبح الأمر عادياً لديه ولا غرابة فيه، ويتأكد الأمر مع الوقت الذي يعطيه في مشاهدة الرسائل الإعلامية»، ويركز الإعلام المعادي للثورة في الشام على المجازر والقتل ويجعل منه مادة يومية اعتيادية طبيعية لا يتوقف عندها، في محاولة لإيجاد حالة من التخدير وقلة الاهتمام من المشاهدين لما يجري من مذابح وتدمير وتشريد، فيتم التركيز على الأرقام والإحصائيات دون الالتفات إلى قيمة الدم الذي يسفك والأعراض التي تنتهك .
وهنا يجب على كل مسلم وحامل دعوة أن يبرز قيمة دم المسلم وحرمته، وأن لا يجعل من المجازر والقتل حدثاً يومياً اعتيادياً وذلك ببيان الأحكام الشرعية التي توجب نصرة أهل الشام والوقوف معهم في وجه الطاغية بشار، ويجب طرق الأمثلة من تاريخ الأمة التي كانت تحرك فيها الجيوش من أجل صرخة امرأة، وهز مشاعر الأمة وشحذ هممها حتى لا تتبلد المشاعر تحت تأثير الجرعات الإعلامية المتكررة يومياً.
وقد دأب حزب التحرير على دعوة الأمة للمشاركة في فعاليات حول العالم لنصرة ثورة الشام حتى تبقى الثورة ومعاناة وتضحيات أهل الشام حاضرة في الحياة اليومية للمسلمين في كل مكان، فقد أقيمت الاحتشادات والاعتصمات وتقام في فلسطين والأردن وتونس وماليزيا وتركيا وإندونيسيا وشبه جزيرة القرم وغيرها من بلاد المسلمين نصرة لحرائر الشام ونصرة لثورة الشام ووقوفاً مع الثورة ومنعاً لتحول التضحيات إلى مجرد أرقام كما تريدها الفضائيات والإعلام المعادي للثورة.
رابعاً: نظرية التأثير على مرحلتين:
المرحلة الأولى: كل ما تبثه وسائل الإعلام للجمهور من أخبار تحتوي على مغالطات مقصودة.
المرحلة الثانية: «يأتي قادة الرأي والأشخاص البارزون القريبون من الناس الذين يتلقون نفس الرسالة الإعلامية ثم يشرحونها (لمن حولهم) ويؤصلونها ويؤكدونها ويدللون عليها بل ويضيفون عليها، مما يتسبب في وصول الرسالة الإعلامية إلى أعماق الإنسان»
أما المرحلة الأولى لهذه النظرية فلا تخطئها عين، والمرحلة الثانية تنفذها البرامج الحوارية وغيرها من البرامج التي تستضيف مرتزقة فكريين وسياسيين يقومون بالترويج لما بثته الفضائيات من أخبار ومغالطات، فيلبسون تضليلهم لباس العلم والتحليل المنطقي والتنظير الطاهر والحرص على الثورة.
ويجب العمل بشكل دؤوب على محاربة الأفكار والتحليلات التي تصدر عن هذه البرامج وفضح كل المتآمرين على ثورة سوريا من خلال بيان ارتباطهم بالمشاريع الاستعمارية والحلول التي تفرضها دول الغرب حتى تضمن نفوذها في بلادنا بعد زوال نظام بشار الطاغية.
فلا بد من تناول الأطروحات الغربية لاستبدال عميل بآخر في سوريا عبر الترويج للمعارضة الخارجية بأنواعها بالنقض والتحليل وبيان مخالفتها للإسلام وخطورتها على الثورة ونجاحها، وذلك عبر الاتصال الشخصي بالناس وعبر الاتصال الجماهيري بهم من خلال الخطب والدروس في المساجد والمؤتمرات والمسيرات والاعتصامات وعبر الإنترنت والإعلام البديل على مواقع التواصل الاجتماعي، وعلى شباب الأمة المخلصين أن لا يدَّخروا جهداً في ذلك.
وقد قام شباب حزب التحرير في سوريا بإلقاء الخطب في المساجد وقيادة المظاهرات والمسيرات واللقاء بالوجهاء وقادة الكتائب على الأرض لتحذيرهم من المؤامرات الغربية التي تهدف إلى إجهاض ثورتهم واستعادة نفوذهم، وينفذ الحزب في بلاد المسلمين بشكل عام نشاطات مماثلة لتلك التي يقوم بها في سوريا.
خامساً: نظرية جدول الأعمال (الأجندة):
«وتسمى أيضاً نظرية الأولويات حيث تقوم وسائل الإعلام بتحديد الأولويات من المواد الإعلامية للمستقبل حيث لا خيار له فيها، ويتمثل ذلك بإعطاء أهمية لأحداث أو أشخاص أو بيئات معينة وإطلاق العنان حوله من مقابلات وتحقيقات وتعليقات ، مما يعطي لدى الفرد قناعة بأهمية هذا الشيء».
ويحاول الإعلام المعادي للثورة تقديم شخصيات وحركات لا رصيد لها في واقع الثورة السورية ولا وجود لها إلا في أروقة الفنادق وغرف الانتظار في سفارات الدول الاستعمارية… يحاول تقديمها عل أنها قيادة للثورة من خلال تسليط الضوء عليها عبر المقابلات والتصريحات والأخبار التي تتناول تحركاتها الفارغة المحتوى والمضمون، ومن ذلك محاولة تضخيم جهود العلمانيين والبعثيين وحضورهم في الثورة، فيجب أن تحارب تلك الشخصيات والحركات وتكشف للناس على حقيقتها وتوضع في حجمها الحقيقي.
وقد ضرب رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية سوريا مثلاً في تحجيم تلك الشخصيات النكرة عندما أصدر بياناً صحفياً إثر حلقة لبرنامج الاتجاه المعاكس تحت عنوان: «فيصل القاسم يسير في الاتجاه المعاكس للثورة «، ومما جاء في البيان: « عمد فيصل القاسم إلى طعن الثورة وأهلها ليس من الخلف فقط بل من الوجه أيضاً، فكال في حلقته الأخيرة أمس الثلاثاء 16/4/2013م الهجوم تلو الهجوم على الإسلاميين، فقزّم وجودهم في الثورة وقلل من جهودهم، بينما ضخّم الفأر المتواري في الجحور، البعث وأزلامه، فجعلهم هم مادة الثورة وقوتها، ونسب لهم انتصارات على الأرض وهزائم النظام، ثم أتى للعلمانيين فصنع من القزم عملاقاً، وصاروا على لسانه قوة خيالية، هي التي تضرب وتصيب النظام بمقتل، بل أفهمنا أخيراً أنهما، البعث والعلمانيين، هما الثورة والثوار… والنصر والانتصار! ودليله المضحك هي جولات مزعومة قام بها ميشيله… وأتساءل .. أين قام بها؟ ومع من التقى؟، ونحن لم نره لا في الشمال ولا في الجنوب ولا بالطول ولا بالعرض!! أم أنه ذهب إلى حانات البعثيين المفتوحة سراً والتقى بهم فعلم أنهم الثورجيون الحقيقيون؟!!.»
سادساً: نظرية حارس البوابة: «تعتمد هذه النظرية على أن العاملين في وسائل الإعلام (حراس) يتحكمون فيما يصل إلى الناس من رسائل إعلامية فيحددون ما يشاهدون وما يقرؤون، إضافة إلى ذلك يحرمونهم مما يحتاجونه أو ينفعهم» .
وعبر هذه النظرية تضخَّم أحداثٌ لا وزن لها كزيارة ميشيل كيلو وهيتو للأراضي السورية، وتعتِّم على أحداث وصور وتصريحات تقود الثورة ولها أثر في الشارع والتواجد الطبيعي بين الناس، فوسائل الإعلام تعتِّم على المظاهرات التي تنطلق بشكل دوري في المدن السورية تطالب بالخلافة الإسلامية وتتحاشى في معظم الأوقات إظهار راية العقاب واللواء الأبيض التي تزين معظم المظاهرات في المدن السورية، ولا تغطي الفضائيات المأجورة بيانات ونداءات أمير حزب التحرير العالم الجليل عطاء بن خليل أبو الرشتة الذي يقود حزباً يعد محركاً أساسياً في الثورة السورية، ولا قيادة رئيس المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير عثمان بخاش لمظاهرات في سوريا، ولا ترى مقابلات رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية سوريا المهندس هشام البابا للوجهاء وقادة الكتائب، ولا تذكر توقيع الكتائب على ميثاق العمل لإقامة الخلافة، بل إنها تجاهلت مؤتمراً صحفياً لحزب التحرير من قلب حلب، فتفرض الفضائيات والإعلام المعادي للثورة تعتيماً إعلامياً على كل الأعمال والأحداث التي من شأنها توضيح الصورة الحقيقية للثورة وإبراز التوجه الإسلامي للثوار.
ولا يجب التعاطي مع هذه الفضائيات على أنها قدر يجب التسليم به، فوسائل النشر الحديثة قلَّلت من مستوى احتكار تلك الفضائيات وذلك الإعلام المتآمر على الثورة، فالإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي وسائل بديلة للنشر، بل إنها الإعلام البديل الذي مكَّن من خلالها نشر الفعاليات والنشاطات والتفاعل مع الثورة ورجالها الحقيقيين والوصول إلى الناس وإيصال الصورة الحقيقة للثورة، وذلك يلزمه جهد من الشباب النشطاء في مجال الإنترنت والإعلام البديل، فلا يجب أن يكلُّوا أو يملُّوا من نشر المظاهرات والهتافات والمسيرات وتوقيع الكتائب على الميثاق للعمل من أجل إقامة الخلافة وغيرها من النشاطات التي تظهر إسلامية الثورة وتطلعها نحو إقامة الخلافة الراشدة.
وقد خطا حزب التحرير في فلسطين خطوة في مجال كسر احتكار الفضائيات لأخبار الثورة في سوريا حيث عمد المكتب الإعلامي للحزب في فلسطين إلى إنتاج فيلم عن الثورة في الشام تحت عنوان «الأمة تريد خلافة إسلامية « تضمَّن الفيلم الوثائقي مشاهد لم تعرض على الفضائيات ومظاهرات ومسيرات تزينها الرايات والألوية وتهتف بالمطالبة بإقامة الخلافة، ونوَّه الفيلم في بدايته إلى أن «ما سيرد في الفيلم من مشاهد، غيض من فيض الواقع… واقع تتجاهله وسائل الإعلام ذات الطواقم المنتشرة عبر العالم، وسائل إعلام عمياء، لا ترى الواقع إذا كان متصلاً بإقامة الخلافة» ، وقد قام الحزب بعرض الفيلم الوثائقي القصير مباشرة على أهل فلسطين في دواوين العشائر والمراكز الثقافية والصالات والقاعات وفي الشوارع والميادين، وبذلك ساهم الحزب في كسر احتكار القنوات للأخبار وفك التعتيم الإعلامي على نشاطات الحزب في الثورة السورية، ودلـَّل على مدى التصاق الثورة بفكرة الخلافة الإسلامية، وأوجد رأياً عاماً عن إسلامية ثورة سوريا وتوجهها نحو إقامة الخلافة.
سابعاً:نظرية الإشباع: «تنظر هذه النظرية للعلاقة بين مستقبل الرسالة الإعلامية ووسائل الإعلام بطريقة مختلفة مؤداها أن الجمهور يستخدم الوسيلة الإعلامية لإشباع رغباته الذاتية، فان تيسَّرت من خلال وسيلة معينة يكتفي بها، وإلا ذهب للبحث عنها في وسائل أخرى مثل الفيديو والفيس بوك واليوتيوب وغيرها من القنوات والفضائيات».
ولذلك تضطر بعض الفضائيات لعرض مشاهد ولقطات تنتشر على الإنترنت حتى لا تخسر مشاهديها الذين يستطيعون أن يلبوا رغبتهم في معرفة الحقيقة عن طريق تصفح الإنترنت أو عن طريق التواصل عبر مواقع التواصل الاجتماعي، إلا أنها تعرض تلك المواد الإعلامية مجتزأة بما يخدم أهدافها، وقد تعرضت كثير من مقاطع الفيديو للقص لاحتوائها على راية العقاب مثلاً، وقد قطع البث المباشر في أكثر من مرة عن مظاهرات طالبت بالخلافة الإسلامية، وعن خطب جمع طالب فيها الخطيب ودعا لإقامة الخلافة الإسلامية.
وتبرز هنا الحاجة اإلى توثيق الأعمال الدعوية والمسيرات والنشاطات وضرورة بثها على الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي؛ ذلك أن الثورة قائمة بجهود المخلصين من أبنائها، ويجب أن يظهر ذلك على شكل مادة إعلامية موثقة تنشر ويراها الناس، بدل أن يوثق الإعلام المعادي للثورة نشاطات تافهة لا وزن لها ويقدمها على أنها تقود الثورة، كبعض التقارير التي صورت بعض العلمانيين وبعض الفتيات اللاتي لا يلتزمن اللباس الشرعي صورتهم على أنهم قادة الثورة وأساس حركتها.
وقد عمل المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية سوريا على توثيق بعض المسيرات واللقاءات والخطب والمظاهرات وبثها من خلال موقعه على الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي مما أوجد مادة إعلامية تساعد في تكوين صورة حقيقية عن الثورة في سوريا بعيداً عن الصورة المشوهة التي يبثها الإعلام المعادي للثورة.
قد يسحر الإعلام المعادي للثورة أعين الناس لوهلة ويسترهبهم للحظة أو فترة وجيزة كما استرهب سحرة فرعون الناس وسحروا أعينهم قال تعالى: ( قَالَ أَلْقُوا فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ )، لكن اتصال الثوار والعاملين لإقامة الخلافة الراشدة بالله وحده، وإخلاصهم التوجهَ له سبحانه واتباعهم للوحي ولطريقة رسول الله صلى الله عليه وسلم في إقامة الدولة الاسلامية سيلقف ما يأفكون، وسينقلب السحر على الساحر قال تعالى: ( وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ (117) فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (118) فَغُلِبُوا هُنَالِكَ وَانْقَلَبُوا صَاغِرِينَ ). فالإعلام المعادي للثورة يروج للباطل وأباطيله ويضخم قوته، لكنه يبقى باطلاً ويبقى أًمام الحق الراجح صغيراً متهالكاً، يعيش مراحله الأخيرة بإذن الله قبل بزوغ فجر الحق بإقامة الخلافة: «فالباطل ينتفش، ويسحر العيون، ويسترهب القلوب، ويخيل إلى الكثيرين أنه غالب، وأنه جارف، وأنه محيق! وما هو إلا أن يواجه الحق الهادئ الواثق حتى ينفثئ كالفقاعة، وينكمش كالقنفذ، وينطفئ كشعلة الهشيم! وإذا الحق راجح الوزن ثابت القواعد عميق الجذور… فيقع الحق ويثبت ويستقر وسيذهب ما عاداه ولن يبقى له وجود».
إذاً ..إنها حرب بين الحق والباطل، تخوضها الأمة الإسلامية في طريقها نحو إقامة الخلافة الراشدة، لا تهاون فيها ولا تقاعس، وكلٌّ يجب أن يعرف أنه على ثغرة من ثغر الإسلام فأنَّى يؤتَيَن َّمن قبله. فالإعلام المعادي للثورة ليس قدراً يستسلم له وهو إلى زوال، والخلافة قادمة قريباً إن شاء الله لتعيد حكم الله وشريعته وتقيم دينه في الأرض فتستعيد الأمة سلطانها المغتصب، وتحرر أرضها المحتلة، وتستعيد ثرواتها المنهوبة، وتحمل الإسلام رسالة نور وهداية للعالمين. وإلى أن يأذن الله بذلك… فإن الثورة يجب أن تستمر.
2013-07-29