مؤتمر الحوار العربي ـ الأوروبي
1990/01/06م
المقالات
2,511 زيارة
انعقدت في باريس في يومي الخميس والجمعة 21 و22 كانون الأول 1989 جلسات الحوار بين وزراء خارجية دول الجامعة العربية ووزراء خارجية دول السوق الأوروبية المشتركة.
هذا المؤتمر هويته فرنسية، أي ليس أميركياً ولا إنجليزياً. وفكرة الحوار بين الدول العربية والدول الأوروبية تعود إلى أيام جيسكار ديستان 1974. وقد تعثرت هذه الفكرة لأن فرنسا ليست ذات وزن دولي يسمح لها بأن تفرض سياستها، خاصة وأن الدول العربية غالبيتها موزعة الولاء والتبعية بين أميركا والإنجليز.
والآن استغل ميتران وضعه كرئيس لدول السوق الأوروبية في هذه الدورة ودعا إلى مؤتمر الحوار هذا. ووجدت دول السوق الأوروبية مصلحة لها، وكذلك وجدت الدول العربية مصلحة لها في تلبية هذه الدعوة. ولم تر أميركا ضرراً عليها من هذا الحوار الآن، فتم الاجتماع.
لقد ظهر أن الإنجليز متضايقين من المؤتمر، فقد صرح رئيس الوفد البريطاني إلى اجتماعات الخبراء (ديفيد غوربوت) أن «العرب بدوا طموحين للغاية مما اضطرنا إلى إيضاح أن المجموعة الأوروبية لا تستطيع تلبية كل طموحاتهم». ورد (حمادي الصيد) مندوب الجامعة العربية على مستوى الخبراء: «أن البريطانيين غير متعاونين، ويبدو أنهم غير مهتمين بنجاح الحوار».
وقال فاروق الشرع، وزير الخارجية السوري: «إن بريطانيا هي العقبة الوحيدة أمام رفع العقوبات الدبلوماسية والعسكرية التي فرضت على سوريا سنة 1986 بسبب مزاعم عن تورطها في محاولة نسف طائرة ركاب إسرائيلية». وبسبب معارضة بريطانيا فقد تأجل النظر في إلغاء العقوبات.
وكان (عصمت عبد المجيد) وزير خارجية مصر صرح بأن أميركا ليست لديها تحفظات على مؤتمر باريس.
ميتران يحاول أن يجعل فرنسا زعيمة الدول الأوروبية، وخاصة في تنظيم واستمرارية فكرة الحوار الأوروبي ـ العربي. ولذلك فقد اقترح بناء هيكلية ثابتة للحوار واقترح أن يكون دورياً. وقد عارض الإنجليز اقتراحات ميتران هذه، ولكن المؤتمر لم يأخذ بوجهة النظر الإنجليزية بل أقر رأي ميتران.
وهذه الهيكلية هي عبارة عن لجنة ثلاثية عن الجامعة العربية ولجنة ثلاثية عن السوق الأوروبية. والأعضاء الثلاثة في كل لجنة هم الرئيس الحالي والرئيس السابق والرئيس اللاحق. والفترة الدورية هي سنة.
وقد حضر الملك الحسن الجلسة الختامية للمؤتمر بصفته الرئيس للجامعة العربية. وقد ساير الملك الحسن الرئيس الفرنسي ميتران في شؤون المؤتمر من أجل أن يساعده ميتران في المقابل في شؤون الصحراء الغربية، إذ أن مشكلة الصحراء الغربية بين المغرب والبوليساريو ما زالت دون حل. وقد حصلت اشتباكات مسلحة بين الفريقين في المدة الأخيرة راح ضحيتها عدد من الطرفين. وتوجد حالة من الفتور الآن بين المغرب والجزائر بسبب الصحراء الغربية، فأراد الملك الحسن أن يسترضي ميتران ليكسبه إلى جانبه.
بحث المؤتمر في مسائل سياسية وأخرى اقتصادية. والمسائل السياسية البارزة مسألة فلسطين والشرق ومسألة لبنان ومسألة إيران والعراق. كما بحثوا في مسألة رفع العقوبات المفروضة من الدول السوق الأوروبية على سوريا وليبيا.
وليس هناك كبير قيمة لبحث المسائل السياسية في مثل هذا المؤتمر لأن الدول الثلاث المؤثرة في القضايا السياسية هي خارج المؤتمر، وهذه الدول الثلاث هي أميركا وروسيا وبريطانيا.
وأما المسائل الاقتصادية فهي تتعلق بمشروعات محددة فيها مصالح مشتركة. وتتعلق هذه المشروعات بالزراعة والأمن الغذائي والصناعة وانتقال التكنولوجيا والتدريب والنقل والاتصالات والشؤون الثقافية والاجتماعية.
وهذه المشروعات الاقتصادية هي المقصودة بالنسبة لغالبية الدول المشاركة، سواء العربية أو الأوروبية
1990-01-06