رفع العقوبات عن السودان… مكر أميركا لإظهار العلمانية، وتفتيت ما تبقَّى من البلاد.
2017/07/24م
المقالات
3,161 زيارة
رفع العقوبات عن السودان…
مكر أميركا لإظهار العلمانية، وتفتيت ما تبقَّى من البلاد.
محمد جامع (أبو أيمن)
مساعد الناطق الرسمي لحزب التحرير/ ولاية السودان
أصدر الرئيس الأميركي السابق (باراك أوباما) يوم الجمعة 13/01/2017م، قرارًا بإلغاء الأمرين التنفيذيين رقم (13067)، الصادر بتاريخ 05/11/1997م، ورقم (13412) الصادر بتاريخ 17/10/2006م، واللذين بموجبهما فرضت أميركا عقوبات اقتصادية على السودان. وعلى أثر ذلك أصدرت الخارجية السودانية بيانًا، رحبت فيه بالخطوة، وهللت لها، وعدتها نصرًا مؤزرًا، وأكدت تصميم السودان على مواصلة التعاون والحوار لرفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، وتجاوز كافة العقبات أمام طريق التطبيع الكامل للعلاقات بين البلدين!!.
وقد جاء في الأمر التنفيذي الصادر من الرئيس السابق (أوباما)، والذي نشره البيت الأبيض في يوم الجمعة 13/01/2017م، أن الرفع النهائي لهذه العقوبات سيتأخر (180) يومًا (ستة أشهر)، في تحرك يستهدف تشجيع السودان على استمرار مساعيه، التي بذلها خلال الأشهر الستة الماضية، بشأن حقوق الإنسان، والإرهاب. (سودان تربيون 13/01/2017م).
قبل تناول هذا الموضوع الذي يشغل الرأي العام في السودان، كان لا بد من الإشارة إلى الآتي:
هل يمكن أن ترضى أميركا عن أهل السودان مع مطالبتهم بتطبيق الإسلام؟! وهل تقبل أميركا بانتعاش الاقتصاد السوداني وارتفاع الجنيه على حساب عملتها الدولار؟! وهل أميركا جمعية خيرية تتصدق على الفقراء والمحتاجين؟! لماذا لم تحقق أميركا الخير لأهل العراق وهو يعيش تحت الوصاية الأميركية منذ 2003م؟! لماذا لم يقوَ الاقتصاد المصري ويتعافى، بل لماذا لم يقوَ الجنيه المصري وأميركا تدعم الأنظمة الموالية لها في مصر منذ عهد جمال عبد الناصر إلى نظام السيسي؟! ألا تعتبر نيجيريا أكبر دولة منتجة للنفط في أفريقيا؟! أوَليست الشركات الأميركية هي التي تصول وتجول في نيجيريا، فلماذا يواجه أهل نيجيريا الفقر المدقع؟!.
هل هنالك عاقل لا يعلم أن أميركا دولة استعمارية طامعة في بلاد المسلمين الغنية بخيراتها ومواردها؟ وهل يمكن أن تُحل مشاكل المسلمين بغير الإسلام؟
ثم، ماذا قدمت الحكومة من تنازلات وخضوع وشروط مذلة حتى تجد هذا الود الأميركي غير الطبيعي!
يقول أحد الصحفيين: «بدأ الدور الأميركي تجاه الأزمات السودانية والتي تفتعل أميركا بعضها «ابتزازًا» أكثر من كونه دورًا «وسطيًا» لتفعيل العلاقات الثنائية بين البلدين، وبدت الإدارة الأميركية، تستخدم القضايا والأزمات السودانية، ومحاربة الإرهاب أوراق ضغط لإرغام السودان على المزيد من التنازلات، والتعامل مع المصالح الأميركية»، ففي حوار أجرته صحيفة السوداني العدد (3966)- يوم الأثنين 23 يناير 2017م الموافق 25 ربيع الثاني 1438هـ، مع مستشار ملف السودان بمعهد السلام الأميركي، مكي إبراهيم مكي، وفي إجابة عن أسئلة منها: (هل القرار مرتبط بتقدم في مسارات السلام، سواء عبر السلام الوطني والخارطة الأفريقية، أم يرتبط بحرص الديمقراطيين على ترك تراث أو بصمة سياسية في مقابل الجمهوريين؟). أجاب: «يمكن القول إن قرار رفع العقوبات سببه أجندة أميركية معقدة، والقرار يرتبط بصورة مباشرة باستجابات النظام المتواترة في أداء (الهوم وورك) المرتبط بالمصالح الأميركية الدولية فيما يتعلق بقضايا مكافحة الإرهاب، والتعاون الاستخباري المفتوح، وقضايا النزاعات الإقليمية خصوصا ً ليبيا».
وفي سؤال آخر(هذا يعني أن السودان أضحى في أولويات الاستراتيجية الأميركية بالمنطقة؟) أجاب: «نعم؛ لأن لكل بُعد من هذه الأبعاد دور مهم في رسم ملامح ما انتهت إليه الإدارة الأميركية بشأن السودان… بل يعزز ذلك استسلام الخرطوم لشروط مؤسسات التمويل الدولية ذات الوصفة الأميركية، بالإضافة إلى دخول الاتحاد الأوروبي على الخط في مسألة مكافحة الهجرة غير الشرعية التي يمثل السودان أحد المعابر المهمة فيها؛ لذا من الصعب ربط هذا التحول في موقف الإدارة الأميركية فقط بمسار الحرب والسلام في السودان» (انتهى).
فلا يخفى على أحد مشاركة نظام الإنقاذ في ما يسمى بالحرب على الإرهاب، قبل رفع العقوبات بمدة طويلة؛ حيث نشرت صحيفة واشنطن تايمز بعنوان كبير: (السودان يخطب ود أميركا بمحاربة الإرهاب)، يوم الأربعاء الموافق 18/5/2016 م، حيث ذكرت في حوار أجرته مع السفير السوداني لدى أميركا معاوية عثمان خالد قوله: «إن بلاده سبق أن سلمت معلومات هامة لأجهزة الأمن الأميركية والحليفة بشأن أنشطة تنظيم الدولة في ليبيا ومصر والصومال وغيرها بشمال أفريقيا».
وقال مدير جهاز الأمن والمخابرات السوداني محمد عطا المولى السبت 14/1/2017م في تصريح صحافي: «ننسق ونتعاون مع الولايات المتحدة منذ ما قبل العام 2000 في مجال مكافحة الإرهاب»، مضيفًا: «نفعل ذلك لأننا جزء من هذا العالم، ونتأثر بما يحدث في دول الجوار مثل ليبيا، وحتى بما يجري في سوريا» (فرانس 24).
يقول القائم بالأعمال الأميركي: «لا أحتاج أن أعطي درسًا في التاريخ لأسباب اتهام السودان برعاية الإرهاب»! وقال: «على السودان الكثير للوصول إلى المعايير الخاصة لرفع اسمه من قائمة الإرهاب». وقال «إن السودان كان شريكًا في مكافحة جماعات (إرهابية)، في شمال أفريقيا ومنطقة الشام، وإنه اجتهد لتأمين بعض المداخل بما في ذلك الحدود السودانية – الليبية» وقال: «نحن الآن مسرورون لأن السودان يعمل على (الإرهابيين) داخل السودان، ويعمل جاهدًا ألا يكون ملاذًا للإرهاب».
علمنة السودان:
تظهر تمامًا خطوات نظام الإنقاذ اللاهثة لنزع شعار الإسلام وإظهار العلمانية، وقد وضح ذلك في تغيير الخطاب العام الذي استخدمه النظام في تسعينات القرن الماضي، لدغدغة مشاعر المسلمين، والذي كان يتستر به لخداع الناس. أما الآن، فقد تم السكوت عن دولة الشريعة والتبشير بها، بل تحولت للدعوة إلى دولة ديموقراطية حديثة لإرضاء أميركا في ما يسمى بملف الإرهاب؛ لإبعاد كل شكل من أشكال الإسلام باسم الحرب على الإرهاب، كما تدعم القنوات الفضائية السودانية والراديوات الموجهة الانحلال الأخلاقي، ببث الأغاني الهابطة، وتناول الصحف لموضوعات تمس الحياء والذوق العام.
ولعل الناس يلاحظون كيف أصبح ظاهرًا في الوسط السياسي والإعلامي، وفي بعض القنوات الفضائية، أن جهات بدأت تهاجم نصوص الإسلام والتشكيك في السنة؛ بل حتى القرآن نفسه لم يسلم من هجومهم، وجهات أخرى قامت من قمقمها لتتحدث عن الإلحاد بين الطلاب، كما لا يخفى على متابعٍ موجة المخدرات التي انتشرت بين الشباب، ثم لا يخفى على الناس خطوات الحكومة المـُـخزية في الأشهر الماضية؛ من تبديل حكم الرجم، ومنع الحديث الديني في الأماكن العامة، والعمل على التضييق على الخطاب داخل المساجد، والتصريحات المفضوحة لقيادات الحكومة، كما يقول قطبي المهدي: «أميركا اشترطت التخلي عن تطبيق الشريعة للتطبيع مع السودان»، ووزير الخارجية غندور يقول: «إعادة النظر في العلاقة مع إسرائيل (أمر وارد)»، ثم يؤكد ذلك الرئيس صراحةً، أمام البرلمان يوم الإثنين 3/10/2016م قائلًا: «الحوار مشروع لبناء دولة ديمقراطية حديثة».
بالرغم من أن ترامب قال: «سوف نحارب التطرف الإسلامي العنيف، وسنقضي عليه من على وجه الأرض» وذلك في حفل تنصيبه يوم الجمعة 20/1/2017م) المصدر قناة الجزيرة، إلا أن البشير يقول لدى افتتاحه الأكاديمية العليا للدراسات الأمنية: «نتطلع لتطوير العلاقات مع أميركا فى عهد الرئيس ترامب» في عناوين صحف الخرطوم يوم الإثنين 23/1/2017م. وكذلك تبرأ وزير الخارجية من شعار (داون داون يو أس إيه)، الذي كانت تردده حكومة الإنقاذ تنديدًا بواشنطن، وقال «دا حق الشيوعيين، بايخ ما حقنا، الناس الكبار بعرفوا الكلام دا».
كما أن البرلمان الذي لا يستحي لا من الله، ولا من الناس، لم يتعب نفسه في دراسة هذا الأمر بعمق! فقد احتفى النواب بحضور وزير الخارجية الذي ألقى بيانًا أمام البرلمان، عن قرار الإدارة الأميركية برفع العقوبات الاقتصادية جزئيًا عن السودان، واستقبل بتكبير وتصفيق مدوٍّ عند اعتلاء المنصة لتلاوة بيانه، وضجت القاعة بالتصفيق بعد الفراغ من البيان.
وتجاوب رئيس البرلمان (إبراهيم أحمد عمر) مع مظاهر الاحتفاء بغندور، فقال ممازحًا النواب (60 مرة قلنا ليكم ما تصفقوا، لكن هسه صفقوا شديد)، واستجاب النواب لطلبه ودوت القاعة بالتصفيق.
تمزيق السودان:
لا يخفى على متابع كيف أن الحكومة تسير بخطى حثيثة لتنفيذ ورقة الحوار الوطني الأميركية، التي نشرها مركز السلام الأميركي بتاريخ 13 آب/أغسطس 2013م، والتي كتبها كل من المبعوث الرئاسي الأميركي السابق للسودان (برنستون ليمان)، ومدير برنامج القرن الأفريقي التابع لمعهد السلام الأميركي (جون تيمن) بعنوان: (الطريق إلى الحوار الوطني في السودان)، أصدرها معهد السلام الأميركي بالرقم موجز سلام رقم 155، ومما جاء في هذه الورقة: «لقد حان الوقت لأن يشرع السودان في حوار داخلي حقيقي، وعملية إصلاحية تؤدي إلى حكومة ممثلة لقاعدة واسعة، وديمقراطية، وقادرة على السعي نحو عملية مصالحة مجدية بين السودانيين».
فصلت هذه الحكومة جنوب السودان بفكرة حق تقرير المصير، إرضاءً لأميركا، ثم عادت أميركا هذه المرة، لتجعل لدارفور وضعًا خاصًا عبر اتفاق الدوحة، الذي يمهد للانفصال عبر فكرة الحكم الذاتي الموسع للإقليم.
إن قبول دخول الحركات المسلحة براياتها وشعاراتها، تحت مظلة الحوار الوطني، والبحث في وضع دستور توافقي، والاعتراف بهذه الكيانات وخصوصيتها، لهو خطوة تخطوها الحكومة نحو تمزيق ما تبقى من السودان، وهي تمهد لذلك بالوضع الخاص لدارفور عبر الدستور التوافقي الذي يراد أن ينص فيه على أفكار الحكم الذاتي والفدرالية وغيرها. ومن ذلك مطالبة الحركة الشعبية قطاع الشمال بالحكم الذاتي لمنطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق، عقب اجتماعها في تنزانيا في الفترة من 7- 2015/10/12م (سودان تربيون 2015/10/15م).
وقد كثر الحديث في وثيقة ما يسمى بالحوار الوطني عن الهوية، والتمييز الإيجابي، وتشجيع تدريس اللهجات المحلية، في بلد جُل أهله مسلمون، مما يؤكد أن هناك عملًا خبيثًا، يريد من يقوم به أن يقول إن الناس في السودان مختلفون في هوياتهم وثقافاتهم؛ لذلك لا بد أن تعطى لهم خصوصية كما أعطيت خصوصية للجنوب حتى تم فصله عن الشمال.
قد يقول قائل إن رفع العقوبات سيعالج الضائقة الاقتصادية:
لا يخفى على أحد أن السودان دولة ذات ثروات وموارد غزيرة، لكن حتى تصل هذه الموارد إلى كل أفراد الرعية فتقضي على مشكلة الفقر، فهذا يحتاج إلى نظام يقدم المعالجات الاقتصادية بتبني منهج واضح تُعرض فيه الحلول والمعالجات وفق رؤية مبدئية، هي دولة الخلافة لأنها تنظر إلى الأمور بمنظار الإسلام، وتعتبر مسألة فقر الأفراد هو المشكلة الاقتصادية، فوضعت الحلول لمعالجتها، وقد حصرت المشكلة في توزيع الثروة وليس في قلتها أو ندرتها.
أما النظام في السودان، فيخضع لسياسيات بيوت التمويل العالمية القائمة على الاقتصاد الرأسمالي، القائم على مص دماء الشعوب، وعلى الضرائب، والجبايات، والرسوم. إذًا فلا يتوقع منه علاجًا للمشكلة. والملاحظ أنه بعد رفع العقوبات قد جاءت التصريحات عن زيادة أسعار الغاز، كما ذكر (أبرسي) أن في فبراير سيتم رفع الدعم عن الغاز ليصل سعر الأنبوبة إلى 160جنيهًا، وبعض الأقوال ترى أنها يمكن أن تصل إلى 175 جنيهًا.
ولا يخفى على الناس الصفوف المزدحمة أمام المخابز لصعوبة الحصول على الرغيف مع تقليل حجم رغيف الخبز بشكل واضح، مع أقوال تحذر من إمكانية زيادة سعرها إلى واحد جنيه. كما استبشر البعض بانخفاض أسعار الدولار، إلا أن ذلك لم يظهر على أسعار السلع والخدمات كما يقول محافظ بنك السودان السابق صابر، بل توقع ارتفاع سعر الدولار مرة أخرى.
أما الودائع فهي عبارة عن ديون سرعان ما يطالب بها أصحابها، فهي لا تمثل حلًا حقيقيًا وإنما ترقيعيًا، فقد ذكرت قناة الجزيرة في موقعها بتاريخ 23/1/2017م، أن سعر صرف الدولار الأميركي تراجع مقابل الجنيه السوداني في السوق السوداء في الخرطوم بعد حصول بنك السودان المركزي على وديعة خمسمائة مليون دولار من دولة الإمارات.
وأفادت وكالة الأناضول للأنباء بأن سعر الدولار في السوق السوداء بلغ 17 جنيهًا سودانيًا أمس الأحد مقارنة بـ19.35 جنيهًا قبل قرار رفع العقوبات الاقتصادية جزئيًا يوم 13 يناير/ كانون الثاني 2017م. وقال متعاملون في السوق السوداء إن هناك معروضًا كبيرًا من العملات الأجنبية في السوق حاليًا في مقابل طلب محدود، مما أدى لارتفاع الجنيه نسبيًا. لكنهم توقعوا عودة ارتفاع أسعار العملات الأجنبية مقابل الجنيه مرة أخرى بسبب حالة «عدم اليقين» في السوق منذ بداية الأسبوع الماضي. وها هو الآن يواصل الارتفاع، وقد يصل إلى أعلى مما كان عليه.
العلاج والترياق:
أولًا: باعتبارنا مسلمين، لا بد من النظر إلى الأمور من زاوية العقيدة الإسلامية؛ لنرى ماذا أمرنا الإسلام وبيَّن لنا، فهل يمكن أن يأتي الخير من أعداء المسلمين الكافرين المحاربين: قال تعالى: (وَلَن تَرۡضَىٰ عَنكَ ٱلۡيَهُودُ وَلَا ٱلنَّصَٰرَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمۡۗ قُلۡ إِنَّ هُدَى ٱللَّهِ هُوَ ٱلۡهُدَىٰۗ وَلَئِنِ ٱتَّبَعۡتَ أَهۡوَآءَهُم بَعۡدَ ٱلَّذِي جَآءَكَ مِنَ ٱلۡعِلۡمِ مَا لَكَ مِنَ ٱللَّهِ مِن وَلِيّٖ وَلَا نَصِيرٍ ١٢٠) وقال تعالى: (مَّا يَوَدُّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَٰبِ وَلَا ٱلۡمُشۡرِكِينَ أَن يُنَزَّلَ عَلَيۡكُم مِّنۡ خَيۡرٖ مِّن رَّبِّكُمۡۚ وَٱللَّهُ يَخۡتَصُّ بِرَحۡمَتِهِۦ مَن يَشَآءُۚ وَٱللَّهُ ذُو ٱلۡفَضۡلِ ٱلۡعَظِيمِ ١٠٥). كما لا يجوز الاستعانة بالأعداء المحاربين، قال تعالى: (يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَتَّخِذُواْ بِطَانَةٗ مِّن دُونِكُمۡ لَا يَأۡلُونَكُمۡ خَبَالٗا وَدُّواْ مَا عَنِتُّمۡ قَدۡ بَدَتِ ٱلۡبَغۡضَآءُ مِنۡ أَفۡوَٰهِهِمۡ وَمَا تُخۡفِي صُدُورُهُمۡ أَكۡبَرُۚ قَدۡ بَيَّنَّا لَكُمُ ٱلۡأٓيَٰتِۖ إِن كُنتُمۡ تَعۡقِلُونَ١١٨)
عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ، قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يَوْمَ أُحُدٍ، حَتَّى إِذَا خَلَفَ ثَنِيَّةَ الْوَدَاعِ، نَظَرَ وَرَاءَهُ فَإِذَا كَتِيبَةٌ خَشْنَاءُ، قَالَ: «مَنْ هَذَا؟» قَالَ: هَذَا عَبْدُ الله بْنُ أُبَيِّ بْنِ سَلُولٍ فِي مَوَالِيهِ مِنَ الْيَهُودِ مِنْ بَنِي قَيْنُقَاعٍ، وَهُمْ رَهْطُ عَبْدِ الله بْنِ سَلاَمٍ، فَقَالَ: «أَوَ قَدْ أَسْلَمُوا؟»، فَقَالَ: فَإِنَّهُمْ عَلَى دِينِهِمْ، قَالَ: «قُلْ لَهُمْ فَلْيَرْجِعُوا، فَإِنَّا لاَ نَسْتَعِينُ بِالْمُشْرِكِينَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ». السنن للبيهقي، المعجم الأوسط للطبراني.
ثانيًا: لن تقطع أيادي الكافرين الطامعة في بلاد المسلمين إلا دولة مبدئية:
مما سبق يتضح أن الحكومة غارقة في تسليم البلاد والعباد لمشاريع أميركا في المنطقة، مما يجعل الحكومة غير مؤهلة سياسيًا لحكم أمة عظيمة تدين بالله ربًا، وبالإسلام منهجًا ونظامًا للحياة ودينًا، وبسيدنا محمد نبيًا ورسولًا. ولا يؤهلها لحكم بلد غني بخيراته وثرواته ورجاله كالسودان. فالسودان يحتاج إلى قيادة واعية راقية لها رؤية مبدئية. وحزب التحرير يقدم الإسلام بدولته الخلافة كبديل أصيل لعلاج الإخفاقات السياسية التي تواجه حكومة الإنقاذ بل العالم أجمع برجال دولة حقيقيين ومنهج واضح مفصل، إذ يتبنى دستورًا يحوي 191 مادة تشتمل على كل نواحي الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتعليمية، وكلها مأخوذة من الأدلة الشرعية، وفق اجتهاد صحيح، مع مقدمة للدستور تبين كيفية استنباط هذه المواد من الأدلة الشرعية، لتطبق في أول يوم تقام فيه الخلافة دون تأخير أو تأجيل. ثم إننا موعودون أن ذلك سيكون قريبًا إن شاء الله قال تعالى: (وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مِنكُمۡ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ لَيَسۡتَخۡلِفَنَّهُمۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ كَمَا ٱسۡتَخۡلَفَ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمۡ دِينَهُمُ ٱلَّذِي ٱرۡتَضَىٰ لَهُمۡ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّنۢ بَعۡدِ خَوۡفِهِمۡ أَمۡنٗاۚ يَعۡبُدُونَنِي لَا يُشۡرِكُونَ بِي شَيۡٔٗاۚ وَمَن كَفَرَ بَعۡدَ ذَٰلِكَ فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡفَٰسِقُونَ ٥٥)، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ثُمَّ تَكُونُ خِلافَةً عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ».
2017-07-24