خطبة جمعة: أَيُّها المسلمون.. «تَهَيَّؤوا لِـمُبايَعَةِ صِنـْوِ أبي بَكرِ الصِّدِّيق»
2017/05/14م
المقالات
3,735 زيارة
خطبة جمعة:
أَيُّها المسلمون..
«تَهَيَّؤوا لِـمُبايَعَةِ صِنـْوِ أبي بَكرِ الصِّدِّيق»
أبو حنيفة – الأرض المباركة فلسطين
الخطبة الأولى:
أيها المسلمون: ما إن ماتَ رسولُ اللهِ – صلواتُ ربي وسلامُهُ عليه – حتى أقبلت على المسلمين فِتَنٌ عظيمةٌ، الواحدةُ منها كفيلةٌ بأن تعصِفَ بالأمةِ لولا أن مَنَّ الله تعالى على هذه الأمةِ برَجلٍ ذي هِمةٍ عاليةٍ، ثَبَّتَ اللّهُ بِهِ كيانَ الأمةِ ودولَتَها، حتى إِنَّ أبا هُريرةَ -رضي الله عنه- قال : والله الذي لا إِلَهَ إلا هو، لولا أنَّ أبا بَكرِ استُخلِفَ ما عُبِدَ الله.
أيها المسلمون: مات رسولُ اللهِ – صلواتُ ربي وسلامُهُ عليه – وموتُهُ فتنةٌ وأيُّ فتنة؟ لقد عَبَدَ بنو إسرائيلَ العجلَ عندما ذهبَ موسى -عليه السلام- إلى ميقاتِ ربِّهِ أربعينَ ليلةً، هذا مع عِلمِهِم أَنَّهُ سيرجع؛ أما رسولُ اللهِ، فقد ماتَ إلى غير رجعةٍ، فكم من المسلمينَ سيُقلِّدُونَ بني إسرائيل؟ قال تعالى: (مِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَعۡبُدُ ٱللَّهَ عَلَىٰ حَرۡفٖۖ فَإِنۡ أَصَابَهُۥ خَيۡرٌ ٱطۡمَأَنَّ بِهِۦۖ وَإِنۡ أَصَابَتۡهُ فِتۡنَةٌ ٱنقَلَبَ عَلَىٰ وَجۡهِهِۦ خَسِرَ ٱلدُّنۡيَا وَٱلۡأٓخِرَةَۚ ذَٰلِكَ هُوَ ٱلۡخُسۡرَانُ ٱلۡمُبِينُ ١١) قالَ ابنُ أبي حاتِمٍ: عن سعيدِ بنِ جُبَيرٍ، عن ابنِ عَبَّاسٍ قال: كانَ ناسٌ مِنَ الأَعرابِ يأتُونَ النَّبِيَّ -صلى الله عليهِ وسلَّمَ- فَيُسلِمون، فَإِذا رَجَعوا إِلى بِلادِهِم، فَإِن وَجَدُوا عَامَ غَيثٍ، وَعامَ خَصْبٍ، وَعامَ وِلادٍ حَسانٍ، قالوا: إِنَّ دِينَنَا هذا لَصالِحٌ فَتَمَسَّكُوا بِه. وَإِن وَجَدُوا عَامَ جُدوبَةٍ، وَعامَ وِلادٍ سُوءٍ، وَعامَ قَحطٍ، قالوا: ما في دِينِنا هذا خَيرٌ؛ فنزلت هذه الآيةُ: (وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَعۡبُدُ ٱللَّهَ عَلَىٰ حَرۡفٖۖ) هذهِ فتنةٌ أُولى.
وبِموتِ النبيِّ – عليهِ الصلاةُ والسلام – انقطَعَ الوحيُ، وكان الصحابةُ قد اعتادوا أنْ يحسِمَ الوحيُ كُلَّ ما يستَجِدُّ من حوادِثَ، ويحُلَّ كُلَّ ما ينشأُ من مشاكل، ويُجيبَ على كُلِّ ما يُسألُ عنهُ رسولُ الله. أما الآن، فقد ماتَ رسولُ الله -عليه الصلاةُ والسلام- وانقطَعَ الوحيُ، وصارَ على المــُسلمينَ أن يُعمِلوا عُقولَهُم في فهمِ الأدلَّةِ واستِنباطِ الأحكامِ الشرعِيةِّ وَإِنزالِها على الوقائِعِ الحادثَة، فكم مِنَ الأفهامِ سَتَتَّفقُ وكم مِنها سَتفتَرق؟ وهذه فتنةٌ ثانية.
وهاكُم فتنةً ثالثة: المنافقونَ من أهلِ المدينةِ ومِنَ الأعراب، هذهِ الخَلِيَّةُ الخبيثَةُ في جِسمِ الأُمة، كم حذَّرَ الله مِنهُم ومن مكائِدِهم؟ قال تعالى: (هُمُ ٱلَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنفِقُواْ عَلَىٰ مَنۡ عِندَ رَسُولِ ٱللَّهِ حَتَّىٰ يَنفَضُّواْ)، وقال: (لَّئِن لَّمۡ يَنتَهِ ٱلۡمُنَٰفِقُونَ وَٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٞ وَٱلۡمُرۡجِفُونَ فِي ٱلۡمَدِينَةِ لَنُغۡرِيَنَّكَ بِهِمۡ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَآ إِلَّا قَلِيلٗا٦٠)، وقال: (وَٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ مَسۡجِدٗا ضِرَارٗا وَكُفۡرٗا وَتَفۡرِيقَۢا بَيۡنَ
ٱلۡمُؤۡمِنِينَ وَإِرۡصَادٗا لِّمَنۡ حَارَبَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ مِن قَبۡلُ)، وقال: (وَلَا تُصَلِّ عَلَىٰٓ أَحَدٖ مِّنۡهُم مَّاتَ أَبَدٗا وَلَا تَقُمۡ عَلَىٰ قَبۡرِهِۦٓۖ). فهؤلاءِ المنافقون إِنما خَرِست أَلسِنَتُهُم وَخمَدت مَكائِدُهُم عندما عظُمَ أمرُ الإسلام ودخلَ الناسُ في دينِ الله أفواجًا، وَمِنْ ثَّمَ توافدت العربُ على رسولِ الله مُؤمِنةً بِهِ ومُبايِعةً إياهُ حاكمًا يحكُمُها بالإسلام… أَمَا وقد ماتَ رسولُ الله -صلواتُ ربي وسلامُهُ عليه- فما الذي يمنَعُ هؤلاءِ أن يُحَرِّكوا فِتَنَهُم ويثيروا مكائِدَهُم؟
عِبادَ الله: وخُذوا هذهِ الفِتنةَ الخَطِيرة، إِنَّها فِتنةُ اليهودِ الذينَ أبقاهُم النبِيُّ عُمَّالًا في خيبرَ ووادي فَدَك، وهُمُ الذين تغلي قُلوبُهُم كَالمِــرجَــل حِقدًا على الإسلامِ والمــُسلمين، وهل يحتاجُ المسلمونَ مَن يُذَكِّرُهُم بأيامِ بَني قَينُقاع الذينَ هتَكوا عَورةَ مُسلمةٍ، فَجَرَّ الرسولُ لِنُصرتِها جيشًا حتى أجلاهُم عن المدينة؟ أم يحتاجونَ إلى مَن يُذكِّرُهم بأيامِ بني النضيرِ الذينَ دَبَّروا فيها مؤامرةً لقتلِ النبي صلى الله عليه وآله وسلم؟ أُم تُرى الصحابةُ قد نَسوا بني قُريظَةَ وخيانتَهُم يومَ الأحزاب؟ فما عسى أشَدُّ الناسِ عداوةً لِلَّذينَ آمنوا أن يصنعوا بعد وفاةِ خيرِ البَريةِ وهادي البَشَرِيةِ؟ أَتُراهُم يُراسِلونَ مُسَيلَمةَ الكَذَّابِ كما راسلوا قُريشًا بالأمس؟ أم تُراهُم يَفِدونَ على قَيصَرَ عظيمِ الرومِ يُحَرِّضونهُ على غَزوِ المدينة فَيستأصلَ كيانَ المسلمين؟ وماذا لو وفَدوا على كِسرى عظيمِ الفرسِ وعَظَّموا لَهُ خَطَرَ المــُسلمينَ على دَولَتِه؟ كُلُّ هذا وغيرُهُ لا يغيبُ عن أذهانِ إخوانِ القِــرَدَةِ والخَنازيــر.
وأما مُسيلمةُ الكذَّابُ والأسودُ العَنسِيُّ وطُليحةُ الأسديِّ وسجاحُ التَغلُبِيَّةُ، فهؤلاء الذين ادَّعَوا النُبُوَّةَ وسار خلفهم أقوامُهُم حميةً، حميةَ الجاهليةِ الأولى، حتى قال قائلُهُم لِمُسَيلَمَةَ الكذاب: أشهدُ أنكَ كذابٌ وأَنَّ مُحمدًا صادقٌ، ولكنَّ كذابَ ربيعةَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِن صادِقِ مُضَر… فهذه رِدَّةٌ وفتنةٌ أخرى، ولم تقف الأمور عند هذا الحد، بل إنَّ بقيةَ القبائلِ ارتَدَّت، إما بِرجوعِها إلى عبادةِ الأصنام، وإما بامتناعِها عن أداءِ الزكاة، ولم يثبت على الإسلامِ إلا المدينةُ المنورةِ ومكةُ المكرمةِ والطائفُ وقريةُ جَواثَى في البحرين، ولنا أن نتَصَوَّرَ نسبةَ الثابتينَ على الإسلامِ إلى المـُرتدينَ عنه… حقًا إنها فتنةٌ عظيمةٌ تُهَدِّدُ كيانَ الدولةِ الإسلامية، فِتنةٌ ما لها من دونِ الله كاشفة.
أيها المسلمون: مات رسولُ اللهِ -صلواتُ ربي وسلامُهُ عليه- دونَ أن يَعهَدَ بالخلافةِ لِأحَدٍ من بعدِه، ودونَ أن يحصُرَ منصِبَ الخليفةِ في قبيلةٍ بِعَينِها، والأنصارُ هم أهل الدار، وفيهم من الأسماءِ الكثيرةِ مِمَّن يستأهِلُ مَنصِبَ خليفةِ المسلمين، وفي المهاجرينَ أسماءٌ لامعةٌ قادرةٌ ومؤهلةٌ لقيادةِ االدولة الإسلامية، فمن يخلُفُ رسولَ الله؟ تِلكَ مسألةٌ حسمُها عسير، يحتاجُ إلى لباقةٍ وحزمٍ يُصاحِبُهُ حِلمٌ عظيم، تلكَ فتنةٌ أخرى قد تشُقُّ الصَّفَّ بين المهاجرينَ الوافدينَ من خارجِ المدينةِ عُقرِ الدار، وبين الأنصارِ أهلِ المدينةِ الذينَ أوَوا النبِيَّ والمهاجرين.
حبيبي يا أبا بكرِ الصِّديق، أسلمتَ من أولِ يومٍ، وشهِدتَ أنَّ ما جاءَ بهِ مُحمدٌ عليه الصلاةُ والسلامُ هو الحق، عملتَ مع حَبيبِكَ لقيامِ دولةِ الإسلام، حتى أَذِنَ الله لِنَبِيِّهِ بالهِجرةِ وأنتَ لَهُ الصاحب، تمشي تارةً أمامَهُ وتمشي تارةً خلفه، حتى وصلتُما إلى المدينةِ المنورةِ عُقرِ الدار، فأقام فيها نَبِيُّ المرحمةِ نَبِيُّ الملحمةِ دولةَ الِإسلام الأولى، فكُنتَ له الوزيرَ والساعِدَ والناصِحَ الأمين، حتى دانت العربُ لِدينِ الله طوعًا وكرهًا، وماتَ رسولُ الله وهُوَ عنكَ راضٍ يا صِدِّيقَ الأمةِ ويا خيرَها بعد نَبِيِّها، فوقفتَ كالجبَلِ الأَشَمِّ تُثَبِّتُ المسلمينَ: «أيُّها الناس، من كان يعبُدُ محَمَّدًا، فإِنَّ مُحَمَّدًا قد مات، ومن كان يعبُدُ الله، فَإِنَّ الله حَيٌّ لا يموت… «ثمَّ بَدأتَ بمنصِبِ الخلافةِ وحَسمتَ أمرَهُ في سقيفةِ بني ساعدة، فبايَعَكَ الأنصارُ، رضوانُ اللهِ عليهم، وهم راضون، ثم عَمدْتَ إلى المسجِدِ تأخُذُ البيعةَ بيعةَ الطاعةِ من المسلمين، وبعد أن واريتَ جُثمانَ حبيبِكَ – صلواتُ ربي وسلامُهُ عليه – الثرى لِيلقى الرفيقَ الأعلى، قُمتَ إلى جيشِ أسامةَ بنِ زيدٍ، وأصررتَ على إنفاذِ بَعثِهِ إلى الشامِ لِقتالِ الروم، فكانَ الخيرُ كُلُّ الخيرِ في إنفاذِه، فقد أرهَبَ الروم وأَلزَمَهُم الصَّمتَ إلى حينِ التَّفَرُّغِ لهم، وأوجَسَ في نُفوسِ قبائِلِ الشمالِ خيفةً من خلافةِ المسلمينَ الأولى… ثم طفِقتَ أيها الصِّديقُ تُجَهِّزُ أَحَدَ عَشَرَ جَيشًا لقِتالِ المُرتَدِّين، عَزَمتَ أَمرَكَ وتَوكَّلتَ على رَبِّكَ بِعزيمةٍ شَكَّ الصحابةُ في نجاعَتِها أولَ أَمرِهم، ثم شَرحَ الله صَدرَكَ وصدورَهُم لما عَزَمتَ عَليهِ من قَتالِ المـُرتدين، ثم وَزَّعتَ جُيوشَكَ صوبَ مُدَّعي النُبُوَّةِ وتاركي الإسلامِ ومانِعي الزكاة، والقولُ عَندَك: «والله لأُقاتِلَنَّ من فَرَّقَ بينَ الصلاةِ والزكاة…» فكانَ نصرٌ يردِفُهُ نصرٌ، حتى استَقَرَّ مُسَيْلَمَةُ الكذَابُ في حديقةِ اليمامة، ولم يزلْ خالدُ بنُ الوليدِ يعاجِلُهُم الحصارَ حتى فَتحَ الله الحِصنَ على يدِ البراءِ بنِ مالِكٍ، رضي الله عنه، الله أكبرُ والعِزَّةُ لِلَّه… الله أكبرُ والنصرُ حليفُ المــُتقينَ الصابرينَ.
رحمَ الله أبا بكرِ الصديقِ، وجزاهُ عن أُمةِ الإسلامِ خيرَ الجزاء، وحشَرنا الله في زُمرتِهِ إخوانًا على سُرُرٍ مُتقابلين، في الفردوسِ الأعلى مع سيِّدنا محمدٍ -صلواتُ ربي وسلامُه عليه- ورَزَقنا الله خليفةً صِنْوًا له يُعيدُ للدينِ شَبابَه، ويُرجعُ للحقِّ نِصابَه، اللهم آمين يا رب العالمين.
الخطبة الثانية:
أيها المسلمون: لا أقولُ لكمُ اليومَ: إِنَّ الخلافةَ سوفَ تقوم، بل إِنِّي أقولُ لكم: إِنَّ الخلافةَ قامت، ولم يبقَ إلا إشهارُ بلاغِها على رؤوسِ الأشهاد، وقد يُعاجِلُني أحدُكُم فيقول: ما لَكَ يا أَخي تُحَلِّقُ بنا بأوهامِكَ فوقَ الغمام؟ أَم تُراكَ جُنِنتَ؟ أَم عساكَ تجهلُ ما تقول؟ أَلَستَ تُبصرُ هذه الدُّوَلَ الكافرةَ المحاربةَ للمسلمين: أميركا وجيوشُها وسلاحُها ودمارُها… أوروبا وعساكرُها… روسيا وَأَرتالُها… اليهودُ والهندوسُ والصينُ وأمثالُها؟… وماذا عن هؤلاءِ الحُكامِ المــُتَتَرِّسينَ في قُصورِهم؟ أُتُراكَ قادرٌ على أن تَصِلَ إِلَيهِم وقد أحاطوا أنفُسَهُم بجُيوشٍ مِنَ الحرسِ والمـُخابِرين؟ وهل ترجو خيرًا مِن جُيوشٍ لا أراها إلا تعصِفُ بالمسلمين حربًا عليهم سِلمًا على أعدائِهِم الغاصِبين؟ عصفوا باليمنِ وأهله، واستنفروا عساكِرَهُم في رعدِ الشمالِ استجابةً لِأمرِ أوباما ذَبَّاحِ المسلمين، وتَراهُم ينفِرون خِفافًا وثِقالًا في سَيناءَ على «الإرهابيينَ» يبحثون، وكيانُ يهودَ على مرمى حجَرٍ منهم آمنون! ثم ماذا عن هذهِ الجيوشِ من العلمانيين؟ أَتُراهُم يبسُطونَ لكَ أياديهِم مُبايعين؟ وماذا أنتَ فاعِلٌ بالظلاميين والمضبوعين والمُرجفين؟
أيها المسلمون: إِنَّنا نؤمِنُ بقولِ الحقِّ جَلَّ في عُلاه: (وَقَدۡ مَكَرُواْ مَكۡرَهُمۡ وَعِندَ ٱللَّهِ مَكۡرُهُمۡ وَإِن كَانَ مَكۡرُهُمۡ لِتَزُولَ مِنۡهُ ٱلۡجِبَالُ ٤٦ فَلَا تَحۡسَبَنَّ ٱللَّهَ مُخۡلِفَ وَعۡدِهِۦ رُسُلَهُۥٓۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٞ ذُو ٱنتِقَامٖ ٤٧) هل سَمِعتُم: (إِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٞ ذُو ٱنتِقَامٖ ) إنهُ العزيزُ الذي حمَلَ نوحًا -عليه السلام- ومَن آمَن به على الفُلكِ تَحمِلُها الأمواجُ كالجبال، ثُمَّ نجَّاهُم واستوت السفينةُ على الجوديِّ، وهو سبحانهُ الذي أغرقَ فِرعَونَ وجُنودَهُ في البحرِ ونَجَّى موسى -عليه السلام- ومَن معهُ من بني إسرائيل، وهُوَ سبحانَهُ الذي أَعَزَّ نَبِيَّهُ صلى الله عليه وسلم بدولةِ الإسلامِ، وانتَقمَ من كُفارِ قُريشٍ واليهودِ ومِن كُلِّ الماكرينَ بالمسلمين، أفَيُعجِزُهُ مكرُ أميركا ودولِ الكفرِ مُجتمعين؟
إِننا نُؤمِنُ بأنَّ هذه الأُمةَ خيرُ أُمةٍ أُخرجت للناس حيث قال سبحانه: (كُنتُمۡ خَيۡرَ أُمَّةٍ أُخۡرِجَتۡ لِلنَّاسِ) فهي الأُمةُ التي غَلبت الرومَ والفرس، وهي الأُمةُ التي ردَّت الصليبيينَ من بعدِ أن مكثوا في بلادِنا مئتي سنةٍ غاصبين، وهي الأُمةُ التي قهرت التَّتارَ من بعدِ أن فعلوا بها الأفاعيل، وهي الأُمةُ التي فتحت أوروبا حتى قَبَّلت حوافِرُ خُيولِها أسوارَ فِيَينَّا، وهي اليومَ قادرةٌ بإذنِ اللهِ أن تُلحِقَ أميركا وأوروبا وروسيا ويهودَ بأشياعِهِم الأولين… وإِنَّنا لنُصَدِّقُ نُبوءاتِ النبيِّ -عليه الصلاة والسلام- بعودةِ الخلافةِ على منهاجِ النبوة، وبِنزولِها الأرضَ المــُقدسةَ فلسطين، وبِفتحِ روما، وبُلوغِ هذا الدينِ ما بلغَ الليلُ والنهار، وإِنَّ في الأُمَّةِ رجالًا أخيارًا قادرينَ على قيادةِ الأُمةِ فيُعيدوها خيرَ أُمَّةٍ أخرجت للناس، وقادرينَ على الوُثوبِ بالدولةِ الإسلاميةِ على الحَلَبةِ الدولِيةِ فتكونَ الدولةَ الأولى في العالم، وهُمُ الذينَ يعلمونَ كيف تُورَدُ الإِبلُ، ومن أين تُؤكَلُ الكَتِف، فما عَقُمَت أرحامُ أُمَّهاتِنا لِتُنجِبَ صَنوًا لِأبي بكرِ الصِّديق.
2017-05-14