هل حقاً شارك المسلمون في أميركا في انتخاب أوباما؟
2012/12/29م
المقالات
2,142 زيارة
بسم الله الرحمن الرحيم
هل حقاً شارك المسلمون في أميركا في انتخاب أوباما؟
أبو عمرو عساف – شيكاغو
أنفقت القنوات الفضائية العربية وغير العربية في البلدان الإسلامية ملايين الدولارات لتغطية الانتخابات الأميركية التي أعيد فيها «انتخاب» باراك أوباما، وقد كان واضحاً ميل تلك القنوات إلى حملة أوباما وتمنيها فوزه، حتى إنّها وضعت المشاهد في أجواء الحملة الانتخابية وأخذت تغطي أدق التفاصيل في تلك الحملة وكأنّها حملة انتخاب سيد الكون والعياذ بالله، ومن ضمن التغطية كان إجراء مقابلات مع بعض «المسلمين» المقيمين في أميركا، وخصوصاً من المضبوعين بها من الذين يعملون في مؤسسات مدعومة وذات علاقات وطيدة مع الإدارة الأميركية وأجهزتها الأمنية، من مثل جمعية «كير»، وجمعية «أمة»، وغيرها، إضافة إلى ذلك فقد كانت هناك دعوات من «مشايخ الدولار» من على المنابر للمشاركة في الانتخابات والتصويت لمن «لا يقتل كثيراً من المسلمين!».
التعليق:
1- لقد اعتدنا على إنفاق ثروات المسلمين من قبل حكام الضرار في العالم الإسلامي على سفاسف الأمور وعلى ما فيه ضرر للإسلام والمسلمين، وهذا السفه ينطبق على الإعلام التابع لهؤلاء الرويبضات، ولكن آخر ما يفكر فيه المرء هو أنّ إنفاق أموال المسلمين على مثل هذه الأمور أمارة على أهميتها، بل العكس هو الصحيح، والشواهد على ذلك كثيرة ولا داعي لذكرها لعلم الجميع بها.
2- إنّ تقديم المنبطحين من الجالية المسلمة في أميركا على أنهم ممثلون لها، هو فعل مجاف للصواب كل الجفاء، فإنّ الممثل للمسلمين يجب أن يكون متقيداً بما تمليه عليه عقيدة المسلمين، أما إن كان يخالف عقائد المسلمين وأحكام الإسلام فإنّه لا يمثلهم ولو نطق باسمهم، وما حكام المسلمين الطواغيت إلا مثال على من يتكلم باسم الأمة، والأمة منه براء، بل والأمة عليه منكرة وله كارهة، يقول الحق تبارك وتعالى (ا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ) و( مِنْكُمْ)الواردة في الآية تعود على المسلمين بصفتهم الإسلامية، قَالَ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم «الْمُسْلِمُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ يَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ…» لذلك فإنّ الذي يتقيد بالإسلام عقيدة وأحكاماً يمثل الأمة، ولكن من لا يتقيد بالإسلام عقيدة وأحكاماً فإنّه لا يحق له التحدث باسم الأمة ولو كان في منصب الولاية، فالله سبحانه وتعالى وصف ابن نوح عليه السلام بأنّه ليس من أهله لأنه لم يطعه في ركوب سفينة التوحيد، بالرغم من أنّه من صلبه ( قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ )، لذلك فإنّ المتحدثين باسم الجالية المسلمة في أميركا ومنهم بعض المشايخ التابعين لهم ولمؤسساتهم لا يمثلون المسلمين في أميركا وإن اعتلوا المنابر، فهم ممن ينساقون وراء مصالحهم الدنيوية وعلى استعداد للتضحية بدينهم، وقد فعلوا ذلك في سبيل قيادة سيارة فارهة والسكن في بيت كبير.
3- إنّ الظن بأنّ حال المسلمين الذين يعيشون في أميركا من حال مشايخ الدولار ظنٌ باطلٌ كل البطلان، وذلك لأنّ المسلمين هم من الطبقة الواعية والمتعلمة والمحافظة في المجتمع الأميركي، وهذا هو واقع الجالية المسلمة، كما أنّهم متابعون للأحداث السياسية والاقتصادية والاجتماعية داخل وخارج أميركا، لذلك فإنّهم ليسوا من السذج الذين تنطلي عليهم أكاذيب الساسة الأميركيين ومفكري أميركا، فقد انكشف حقد الطبقة السياسية الأميركية على الإسلام والمسلمين منذ زمن بعيد، وما بشار وشبيحته وبطشهم بالمسلمين إلا خطيئة من خطايا السياسيين الأميركيين، فبشار وكثير من حكام الطاغوت في العالم الإسلامي عملاء لأميركا، يبطشون بالأمة بأمر من الساسة الأميركيين وبدعم كامل منهم، والمسلمون يدركون ذلك، بيد أن محاولة تغييب ذلك في الداخل الأميركي وخارجه لا يعني عدم وعي المسلمين عليه، ولكن مرد عدم بروز هذا الوعي على المشهد السياسي والإعلامي هو أنّ الإعلام ليس حراً كما يدعي، ليس حراً في أميركا كما أنّه عميلٌ في البلدان الإسلامية، لذلك فإنّه لا ينقل إلا الصوت والصورة اللذين يريدهما مموِّلوه، بل ويضخم تلك الصورة حتى يبدو القزم عملاقاً، هذا علاوة على إيجاد أجواء الخوف والرعب بين المسلمين في أميركا من قبل الأجهزة الأمنية واستخدامها للمراكز الإسلامية والمشايخ في إيجاده، ولكن المنطق البسيط يقول إنّه إن كان عامة الأميركيين وهم من السذج في السياسة والفكر قد انفضوا عن السياسيين لعلمهم بفسادهم وإدراكهم بإفلاس الحضارة الرأسمالية، فكانت النسبة التي شاركت في الانتخابات لا تتعدى ثلث الذين يحق لهم الانتخاب، فما نسبة مشاركة المسلمين في مثل هذه المهزلة، وهم المنكوبون من الحضارة الغربية وعلى رأسها الأميركية، وهم الذين هُجروا من بلدانهم بسبب الاستعمار الغربي لبلدانهم الإسلامية ونهب ثرواتهم وإفقار شعوبهم؟
4- إن وسائل الإعلام العربي هي التي صورت للمسلمين في العالم بأنّ الجالية المسلمة في أميركا تنظر إلى رئيس أميركا كإمام لهم، وذلك لأنّ تلك الوسائل تنفذ أجندة الحكام الخادمين لمصالح الغرب الحريص على اندماج المسلمين في الغرب حيث يعيشون، ليتخلوا عن إسلامهم وعن ثقافتهم لصالح ثقافة الغرب وحضارته الفاسدة.
5- إنّ ثقة المسلمين وفخرهم بهويتهم الإسلامية قد عاد لهم، وقد نفضوا عن كاهلهم الوهن، والأمة الإسلامية أمة واحدة من دون الناس، لا فرق بين المسلم الذي يعيش في الغرب أو الذي يكافح ضد عملاء الغرب في العالم الإسلامي، ولا يحتاج المرء لأن يعيش في الغرب ومنه أميركا حتى يتحقق من هذه الحقيقة، فالغائب يُقاس على الشاهد، ولكن الذي يظن بأنّ المسلمين في أميركا قد ارتدوا عن دينهم وأداروا ظهورهم لأمتهم هو مخطئ واهم، وما هي إلا الفرصة الأولى التي ينتظرها المسلمون في أميركا حتى يثبتوا أنهم من خير أمة أخرجت للناس، فيكونون كما كان أجدادهم من الذين أدخلوا ملايين الناس من الإندونيسيين في الإسلام، فيكونوا هم من يحكمون الأميركيين بالإسلام، ولن يكون مصير المضبوعين بالحضارة الغربية ومنها الأميركية إلا كمصير أبي رغال (فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ)
2012-12-29