في دين الإسلام العلماء ليس لهم أن يحلّلوا أو يحرّموا، وليس في الإسلام باباوية تزعم أنها تملك سلطة التحليل والتحريم. في دين الإسلام هذه السلطة هي لله وحده، ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم هو خاتم الأنبياء، وهو الذي بلّغنا الحلال والحرام، وحلال محمد صلى الله عليه وسلم حلالُ إلى يوم القيامة حرامه حرام إلى يوم القيامة. والعلماء هم مجرّد أدلاّء ونَقَلة للعلم بأمانة.
ولي كل قول يقول به عالم أو مجتهد هو رأي شرعي. وحتى يكون الرأي شرعياً لا بد أن يكون له دليل شرعي قوي، أو دليل شرعي ضعيف، أو شبهة دليل شرعية، فإذا قال العالم قولاً ولم يستطع أن يأتي له بدليل قوي أو دليل ضعيف أو حتى بشبهة دليل، فإن قوله لا يكون شرعياً ولا يكون رأساً إسلامياً (وإن زعم أو توهم هو ذلك)، ويكون رأي كفر، ولا ينطبق عليه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا حكام الحاكم فاجتهد فأصاب فله أجران، وإن أخطأ فله أجر واحد» لأنه يشترط عليه أن يحكم بالشرع ويجتهد ضمن الشرع.
هناك الآن بين المسلمين من يفتي للحكام بأن يحكموا بأنظمة الكفر المطبقة في البلاد الإسلامية، وهناك من يفتي بأنه يجوز للمسلم التقي أن يشارك في تطبيق هذه الأنظمة من أجل تأمين بعض المصالح للمسلمين، فهل مثل هذه الفتاوى تبرأ عند الله ذمة من يعطيها وذمة من يعمل بها، أي هل تعتبر فتوى شرعية، أي هل لها دليل شرعي أو شبهة دليل، أو هي جاءت بناء على الأهواء وتزيين الشيطان (أَفَمَن كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ كَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءهُمْ)؟
وكيف يجرؤ عالم أن يفتي بجواز تطبيق أنظمة الكفر أو المشاركة فيها وهي تحلل الخمور والقمار والربا والزنا، وهي تدعو إلى العُرْي والإباحية والارتداد عن الإسلام وإتباع حضارة الغرب باسم الحريات، وهي تعطل الحدود الإسلامية والشريعة الإسلامية وتحارب الدعوة الإسلامية واصفة إياها بالأصولية والإرهاب إرضاء لأسيادها من دول الكفر؟!
كيف يجرؤ عالم على الفتوى في الانغماس في هذه الأنظمة ومعاونتها، دون أن يأتي بالدليل أو حتى بشبهة الدليل على ذلك؟! لا شك أن مثل هذه الفتاوى ليست من الإسلام في شيء، بل هي قول كفر لا يقول بها إلا جاهل آثم أو كافرٌ خبيث.
والأدلة القاطعة جاءت على عكس ذلك تماماً، جاءت تحرم الربا والخمور والقمار والزنا والفواحش، جاءت تحرم الارتداد عن الإسلام، وتحرم تعطيل الحدود وتعطيل الشريعة، وتحرم أن يكون حكام المسلمين أذناباً وعملاء للكفار. وإذا استحل حاكم المسلمين ذلك وأظهر الكفر البواح فإن المسلمين مأمورين أن يخرجوا عليه بالسلاح، والمجلس النيابي هو جزء من نظام الكفر هذا، والترشيح لهذا المجلس هو إعلان عن الانغماس في هذا النظام، إلا إذا بيّن المرشح بوضوح أنه لا يؤمن بهذا النظام، وأنه لن يمارس تشريعاً ولن ينتخب حاكماً ولن يمنح ثقة ولن يصادق على قانون أو مشروع من أعمال نظام الكفر هذا، وأنه ينوي أن يتخذ من المجلس منبراً لبيان فساد النظام وللعمل على هدمه وإقامة نظام إسلامي مكانه