المرأة بين أعلى درجات الرفعة في الإسلام وبين أسفل دركات الرأسمالية والأنظمة الوضعية
2012/10/29م
المقالات
2,471 زيارة
بسم الله الرحمن الرحيم
المرأة بين أعلى درجات الرفعة في الإسلام
وبين أسفل دركات الرأسمالية والأنظمة الوضعية
سعيد الأسعد – فلسطين
تخرج علينا بين الفينة والأخرى بعض الأقلام المسمومة والأصوات المأجورة للغرب الحاقد على الإسلام كحضارة تعطي المرأة حق قدرها لتنال تلك الأقلام والأصوات من رعاية الإسلام وحفظه للمرأة وتكريمه لها. وتحت عنوان : «المرأة في فلسطين معنَّفة: ضرب وإهانة وجنس بالإكراه وحرمان من الميراث» نشرت وكالة معاً الإخبارية تقريراً بتاريخ 25/6/2012م عن برنامج في لقاء حول هذه القضايا بما يشير إلى درجة الوحشية التي تعيشها المرأة في ظل أنظمة وضعية لا تراعي أدنى حقوق الإنسانية للمرأة، ولكن البرامج هذه فاتها ذكر الأسباب والمسببات، فلم تتطرق لتشخيص الداء على حقيقته، ولم تبين أن سبب أي حال متردٍّ هو سيطرة الأنظمة الوضعية والتي هي من ترقيعات المبدأ الرأسمالي المفروض على الناس، والذي لا ينظر إلى المرأة أكثر من كونها سلعة تستغل استغلالاً قذراً، تلك النظرة الجائرة المبنية على استحقار المرأة والحط من قدرها… وهذه البحوث لم تتطرق إلى تشريعات الإسلام، ولا إلى تاريخ حكمه وتقديره للمرأة، وكيف أنه اعتبرهاأماً وربة بيت وعرضاً يجب أن يصان؛ فالإسلام وحده هو الذي حفظ المرأة واعتبرها عرضاً، وجعل ذلك هدفاً من الأهداف العليا لصيانة المجتمع.
الدعاوى الكاذبة والخاطئة والمتربصة بالإسلام والمرأة:
إن الدعوات إلى تحرير المرأة في بلاد المسلمين وإعطائها كامل حريتها وحقوقها وتحويلها كما المرأة في الغرب ما هي إلا دعوات لأهانتها واستعبادها واستحقارها على كافة الصعد أسرياً ومجتمعياً، في الحالة الفردية وضمن الجماعة، وما قضية حقوق المرأة إلا دعوى لكشف سترها وإبعادها عن أحكام الإسلام وتوجيهاته.
وللرد على هذه الأصوات وبيان حقيقة الأمر والفرق بين سمو أحكام الإسلام ورفعه للمرأة وبين امتهانها وإذلالها وإهلاكها كما في المبادئ الوضعية وما يدعو لها هؤلاء نعرض ما يلي:
رعاية الإسلام للمرأة وهي بنت:
لقد رعى الإسلام المرأة وأعطاها قدرها من المهد، فكانت وصية غالية وأمانة عظيمة، وقد وعدهم الله الجنة ونعيمها إن أحسن الأهل رعايتها وأدَّوا أمانة الله في حقها، فعن جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «من عال ثلاث بنات يكفيهن ويرحمهن ويرفق بهن فهو في الجنة أو قال: معي في الجنة». وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من كان له ثلاث بنات فصبر على لأوائهن وسرائهن وضرائهن أدخله الجنة بفضل رحمته إياهن: قال رجل: وابنتان؟ قال: وابنتان، قال رجل: وواحدة؟ قال: وواحدة». [المصنف كتاب الأدب]. وهذه ميزة للبنت حرص الإسلام عليها كل الحرص -بعدل معالجاته واستقامة أحكامه- مقارنة بما كانت عليه في الجاهلية، فكان رحمة ما بعدها رحمة، وهو ما زال على وصيته وصدق معالجاته في ظل جاهلية ظهر فيها المبدأ الرأسمالي الذي أطلق الحريات الغرائزية البهيميةمما أتاح إطلاق مزيد من الاعتداء والقتل في حق الأطفال من البنات في اعتداءات جنسية يشيب منها الولدان وتشمئز منها جاهلية الأولين من الناس. ما يشير بشكل واضح قاطع إلى مدى حاجة العالم أجمع إلى تشريعات الإسلام واستقامة أحكامه وتطبيق نظامه ،الأمر الذي يوجب على الحقوقيين وكل اللجان التي تدعي الحرص على المرأة وتدعو لحفظ كرامتها أن يحملوا دعوة الإسلام وأن يستنفروا لتطبيقها.
رعاية الإسلام للمرأة وهي شابة راشدة:
لقد ضمن الإسلام للمرأة وهي شابة حقها في العمل بما يمنع استغلال أنوثتها وأحاطها بالحفظ والاحترام؛ فحرَّم عليها أن تعمل عملاً تأكل من خلاله بأنوثتها، بل اعتبرها درة كريمة مصانة لا تحلُّ لغيرها إلا بكلمة الله ووفق أحكامه، وتزف لبيت الزوجية بشكل راقٍ مهيب لتصبح هناك ربة بيت وأماً وعرضاً يحرس ويصان ويفتدى بالنفس، ولتشكل ركناً إلى جانب الرجل لتأسيس عائلة محترمة ومستقرة… وهذا ما يفتقده الغرب كل الافتقاد، حيث نرى بشكل عام كيف أن الأسر مفكَّكة، ونكاد لا نجد شابة عذراء، وإذا ما وجدت فهي تخفي نفسها حتى لا تتهم بأنها معقَّدة…وحيث تستغل أنوثتها أبشع استغلال لجني المال.
الإسلام جعل للمرأة الحق في إبداء الرأي ومحاسبة رأس الدولة:
ومن ذلك أن امرأة حجَّت عمر بن الخطاب في تقدير المهور حتى قال مقالته العابرة للأجيال: «أخطأ عمر وأصابت امرأة»
فهذا سيدنا عمر، وهو خليفة وله منصبه وعلمه وقوة شخصيته التي تهابها الرجال، يستمع لامرأة وينصاع لفهمها في تقدير المهور ويقدمه على فهمه لما رأى فيه من وجاهة وقوة حجة بغض النظر عمن تكون هذه المرأة.
المرأة هي وصية النبي صلى الله عليه وسلم:
لقد كانت المرأة (ولازالت) وصية نبيـِّنا صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع، فعن سليمان ابن عمرو بن الأحوص حدثني أبي أنه شهد حجة الوداع مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فحمد الله وأثنى عليه وذكر ووعظ ثم قال: «اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا فَإِنَّمَا هُنَّ عِنْدَكُمْ عَوَانٍ…. أَلاَ وَحَقُّهُنَّ عَلَيْكُمْ أَنْ تُحْسِنُوا إِلَيْهِنَّ فِى كِسْوَتِهِنَّ وَطَعَامِهِنَّ» سنن ابن ماجة. وقوله: «إن النساء شقائق الرجال». وعن أنس بن مالك قال: كان البراء بن مالك رجلاً حسن الصوت فكان يرجز برسول الله صلى الله عليه وسلم ، فبينا هو يرجز برسول الله في بعض أسفاره إذ قارب النساء، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إياك والقوارير، إياك والقوارير». فأيُّ رفق وأي تلطُّف ووصاية هذه، فقد استحال نظيرها في الأمم وفي العالمين. فعندما جاء الإسلام أبطل كل ما كان عليه العرب والعجم من حرمان النساء من التملك أو التضييق عليهن في التصرف بما يملكن، واستبداد الأزواج بأموال زوجاتهم، فأثبت لهن حق الملك بأنواعه والتصرف بأنواعه المشروعة، فشرع الوصية والإرث لهن كالرجال، وزادهن ما فرض لهن على الرجال من مهر الزوجية والنفقة على المرأة وعلى أولادها وإن كانت غنية، وأعطاهن حق البيع والشراء والإجارة والهبة والصدقة وغير ذلك. ويتبع ذلك حقوق الدفاع عن مالها كالدفاع عن نفسها بالتقاضي وغيره من الأعمال، وفي المقابل نرى أن المرأة الفرنسية لا تزال إلى يومنا هذا مقيدة بإرادة زوجها في جميع التصرفات المالية والعقود القضائية.
ومما يجدر ذكره أن الإسلام حين كانت دولته تحكم العالم وتسود فيه مثل هذه الأحكام وتعطى المرأة تلك المنزلة كان الإفرنج يعدون المرأة من الحيوان الأعجم أو من الشياطين لا من نوع الإنسان، وبعضهم يشك في ذلك، فجاء الإسلام وفيه قول الله تعالى: ] يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ [ وقوله سبحانه: ] يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا [ وما في معناهما، وكان بعض البشر في أوروبا وغيرها يرون أن المرأة لا يصح أن يكون لها دين، حتى كانوا يحرمون عليها قراءة الكتب المقدسة رسمياً، فجاء الإسلام ليخاطب الرجال والنساء معاً بالتكاليف الدينية بلقب المؤمنين والمؤمنات، والمسلمين والمسلمات. وكان أول من آمن بمحمد خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم امرأة، وهي زوجه خديجة بنت خويلد رضي الله عنها وقد ذكر الله تعالى مبايعته صلى الله عليه وسلم للنساء في نص القرآن ثم مبايعته للرجال بما جاء في بيعة النساء. ولما جمع القرآن في مصحف واحد جمعاً رسمياً وضع عند امرأة هي حفصة أم المؤمنين، وظل عندها من عهد الخليفة الأول أبي بكر الصديق إلى عهد الخليفة الثالث عثمان – رضي الله عن الخلفاء الراشدين أجمعين – فأُخذ من عندها واعتُمد عليه في نسخ المصاحف الرسمية التي كتبت وأرسلت إلى الأمصار لأجل النسخ عنها والاعتماد عليها.
وكان بعض البشر يزعمون أن المرأة ليس لها روح خالدة؛ لذلك لا تكون مع الرجال المؤمنين في جنة النعيم في الآخرة – وهذا الزعم أصل لعدم تدينها – فنزل القرآن الكريم ليقول: ] لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلَا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (123) وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا [ ويقول سبحانه: ] فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ [ وفيها الوعد الصريح بدخول الفريقين جنات تجري من تحتها الأنهار.
وكان بعض البشر يحتقرون المرأة فلا يعدونها أهلا للاشتراك مع الرجال في المعابد الدينية والمحافل الأدبية، ولا في غيرهما من الأمور الاجتماعية والسياسية والإرشادات الإصلاحية، فنزل القرآن يصارحهم بقوله تعالى: ] وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ [ وقد عين عمر بن الخطاب الشفاء وهي امرأة قاضية للحسبة.
وكان بعض البشر يحرِمون النساء من حق الميراث وغيره من التملك، وبعضهم يضيق عليهن حق التصرف فيما يملكن، فأبطل الإسلام هذا الظلم وأثبت لهن حق التملك والتصرف بأنفسهن في دائرة الشرع، قال الله تعالى: ] لرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا [ وقال سبحانه: ] لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ [ ونحن نرى أن دولة الولايات المتحدة الأميركية لم تمنح النساء حق التملك والتصرف إلا من عهد قريب في عصرنا هذا فيما يشير إلى ترقيعات النظام الرأسمالي الباهت، وأن المرأة الفرنسية لا تزال مقيدة بإرادة زوجها في التصرفات المالية والعقود القضائية، وقد منحت المرأة المسلمة هذه الحقوق منذ ثلاثة عشر قرناً ونصف.
وكان الزواج في قبائل البدو وشعوب الحضارة ضرباً من استرقاق الرجال للنساء، فجعله الإسلام عقداً ورباطاً وثيقاً لقضاء حق الفطرة بسكون النفس من اضطرابها الجنسي بالحب بين الزوجين، وتوسيع دائرة المودة والألفة بين العشيرتين، واكتمال عاطفة الرحمة الإنسانية وانتشارها من الوالدين إلى الأولاد، على ما أرشد إليه قوله تعالى: ] مِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ (20) وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ [.
ولقد كلَّف الإسلام المرأة والرجل بالتكاليف الشرعية على السواء من غير تفاضل بينهما وذلك باقتسام الواجبات والحقوق بالمعروف، مع جعل حق رياسة الزوجية للرجل لأنه أقدر على النفقة والحماية بقول الله عز وجل في الزوجات:] وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ [ وقد بيَّن هذه الدرجة بقوله تعالى: ] الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ [ فجعل من واجبات هذه القيامة على الزوج نفقة الزوجة والأولاد بحيث لا تكلف منه شيئاً ولو كانت أغنى منه، وزادها المهر إذ المسلم يدفع لامرأته مهراً مفروضاً عليه بمقتضى العقد.
وكان أولياء المرأة يجبرونها على التزوج بمن تكره، أو يعضلونها بالمنع منه مطلقاً وإن كان زوجها وطلقها، فحرم الإسلام ذلك، والنصوص في هذا معروفة في كلام الله وكلام رسوله وسنته. وكان الرجال من العرب وبني إسرائيل وغيرهم من الأمم يتخذون من الأزواج ما شاؤوا غير مقيدين بعدد، ولا مشترط عليهم فيه العدل، فقيَّدهم الإسلام بألا يزيدوا على أربع، وأن من خاف على نفسه ألا يعدل بين اثنين جعل الاقتصار على واحدة.
والطلاق قد يكون ضرورة من ضروريات الحياة الزوجية، إذا تعذر على الزوجين القيام بحقوق الزوجية من إقامة حدود الله وحقوق الإحصان والنفقة والمعاشرة بالمعروف، وكان مشروعاً عند أهل الكتاب والوثنيين من العرب وغيرهم، وكان يقع على النساء منه وفيه ظلم كثير وغبن يشق احتماله، فجاء الإسلام فيه بالإصلاح الذي لم يسبقه إليه شرع ولم يلحقه بمثله قانون، وكان الإفرنج يحرمونه ويعيبون الإسلام به، ثم اضطروا إلى إباحته، فأسرفوا فيه إسرافاً منذراً بفوضى الحياة الزوجية وانحلال روابط الأسرة والعشيرة. بينما الإسلام جعل عقدة النكاح بيد الرجال، ويتبعه حق الطلاق؛ لأنهم أحرص على بقاء الزوجية بما تكلفهم من النفقات في عقدها وحلها، وكونهم أثبت من النساء جأشاً وأشد صبراً على ما يكرهون، وقد أوصاهم الله تعالى على هذا بما يزيدهم قوة على ضبط النفس وحبسها على ما يكرهون من نسائهم فقال سبحانه: ] وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا [ على أن الشريعة تعطي المرأة حق اشتراط جعل عصمتها بيدها لتطلق نفسها إذا شاءت، وأعطتها حق طلب فسخ عقد الزواج من القاضي إذا وجد سببه من العيوب الخلقية أو المرضية كالرجل، وكذا إذا عجز الزوج عن النفقة. وجعلت للمطلقة عليه حق النفقة مدة العدة التي لا يحل لها فيها الزواج، وذم النبي صلى الله عليه وسلم الطلاق بأن الله يبغضه للتنفير عنه إلى غير ذلك من الأحكام التي بيَّنها في تفسير الآيات المنزلة فيها.
وكذلك بالغ الإسلام في الوصية ببرِّ الوالدين فقرنه بعبادة الله تعالى، وأكد النبي صلى الله عليه وسلم فيه حق الأم، فجعل برَّها مقدماً على بِرِّ الأب، ثم بالغ في الوصية بتربية البنات وكفالة الأخوات، بأخص مما وصى به من صلة الأرحام، بل جعل لكل امرأة قيِّماً شرعياً يتولى كفايتها والعناية بها، ومن ليس لها ولي من أقاربها وجب على أولي الأمر أن يتولوا أمرها.
كذلك فقد أكبر الشرع الإسلامي المرأة وأكرمها كلما كبر سنها، وجعل الجنة تحت أقدام الأمهات. وإن الأمهات من الجدات في الإسلام لهن صدور البيوت وأحسن المجالس وأطيب الطعام وتقبيل الأيدي والرأس وحسن الخدمة وكبير الاحترام والتنعم وخفض الجناح والدعوة لهنَّ في السجود وبين السجدتين وفي أدبار الصلوات… ولعمر الحق،إنه إن كانت المرأة يكرمها الأبناء أو الإخوة والأهل، فإنها، في الإسلام تكرم أكثر وهي جدة، وذلك بخلاف أنظمة الطاغوت من شرائع الغاب الرأسمالية وأضرابها فإن مصير الجدات هي مآوي العجزة حيث الملل والقهر والضغط النفسي ولسان الحال أنهن أصبحن عالة على المجتمع هناك، ويضيق ذرعاً بهم الأبناء والأحفاد، يحجزن ويحبسن كالمجرمين، ويحجر عليهن كالمرضى السلبيين، فهل هناك ما هو أشد ظلماً من هذا؟! وجملة القول: إنه ما وجد دين ولا شرع ولا قانون في أمة من الأمم أعطى النساء ماأعطاهنَّ إياه الإسلام من الحقوق والعناية والكرامة.
هذه هي حقائق الإسلام في رعاية المرأة من مهدها إلى لحدها تشع نوراً وتعلو فخاراً وتفضح خزي الأنظمة الوضعية ودعاوى الناعقين المزينين لقبحها ممن يتسمون بلجان حقوق وكتَّاب ومفكرين ومنظّرين. وإن كثيراً من تلك المؤسسات تعمل لتخريب الجيل ولإفسادهم ضمن أجندات دولية. وفي هذا الصدد نقلت وكالة معاً الإخبارية تقريراً عما قاله : بسام زكارنة رئيس نقابة العاملين في الوظيفة العمومية بتاريخ 1/7/2012م: «إن بعض مؤسسات المجتمع المدني أوكار للموساد وللمخابرات العالمية هدفها تدمير المجتمع الفلسطيني وتفكيكه» وقال زكارنة «إن مسؤولين إسرائيليين على تواصل مع هذه المؤسسات وتقودها بشكل مباشر من خلال بعض المسؤولين فيها أو بشكل غير مباشر من خلال أجهزة مخابرات عالمية بحيث إن 80 بالمئة من هذه المؤسسات يؤدي الدور بفعالية مطلقة، ويساهم ببث الفتنة وسرقة أموال الشعب الفلسطيني». وبين زكارنة: «إن دور هذه المؤسسات الأهلية ينحصر في البحث عن أي قضية داخلية وإثارتها مثل قضايا فساد وحقوق الإنسان والديمقراطية وهي مفبركة أو تم علاجها بعيداً عن الفاسدين المتعاونين مع تلك الأجهزة بحيث لا تساهم في تقوية المجتمع وإنما تفتيته». http://www.maannews.net/arb/ViewDetails.aspx?ID=500178.
وإننا فوق هذا فقد وجدنا في الجدول المرفق للهيئة المستقلة لحقوق الإنسان (ديوان المظالم) في مناطق السلطة الفلسطينية كيف أن عدد الاعتداءات وحتى القتل على خلفية شرف العائلة هو أقل القليل، وهناك فرق شاسع بينه وبين أي قضايا جنائية أخرى، أو حتى ضحايا حوادث السير، فلماذا يكون هذا الاستهداف للتشهير بالمجتمع المحافظ الذي يكرم المرأة لتأثره بالإسلام تأثراً منقوصاً ولا يعيشه عيشاً كاملاً في دار الإسلام وفي دولة الخلافة التي تعد الحصن الحصين الحامي للمرأة؟!.
وضع المرأة في الغرب بلغة الأرقام
أولاً:في تقريره السنوي الذي قام بإعداده فريق متخصص برصد أحوال المرأة في العالم الغربي، ذكر «معهد المرأة» في إسبانيا ـ مدريد، مجموعة من الإحصاءات المذهلة:
– في عام 1990م قدّم 130 ألف امرأة بلاغات بالاعتداء الجسدي والضرب المبرح من قبل الرجال الذين يعيشون معهن، سواء كانوا أزواجاً أم أصدقاء .
– ويقول أحد المحامين: إن الشكاوى بالاعتداء الجسدي والضرب المبرح بلغت عام (1997م) 54 ألف شكوى، وتقول الشرطة: إن الرقم الحقيقي عشرة أضعاف هذا العدد.
– وفي عام 1995م خضع مليون امرأة لأيدي جراحي التجميل، أي بمعدل امرأة من كل 5 نساء يعشن في مدريد وما حولها.
– كما أن هنالك بلاغًا يوميًّا عن قتل امرأة بأبشع الطرق على يد الرجل الذي تعيش معه.
ثانياً: الولايات المتحدة الأميركية:
– في عام 1980م (1.553000) حالة إجهاض، 30% منها لدى نساء لم يتجاوزن العشرين عاماً من أعمارهن، وقالت الشرطة: إن الرقم الحقيقي ثلاثة أضعاف ذلك.
– وفي عام 1982 م: (80%) من المتزوجات منذ 15 عاماً أصبحن مطلقات.
– وفي عام 1984م: (8 ملايين) امرأة يعشن وحدهن مع أطفالهن ودون أية مساعدة خارجية.
– وفي عام 1986م: (27%) من المواطنين يعيشون على حساب النساء.
– وفي عام 1982م: (65) حالة اغتصاب لكل 10 آلاف امرأة.
– وفي عام 1995م: (82) ألف جريمة اغتصاب، 80% منها في محيط الأسرة والأصدقاء، بينما تقول الشرطة: إن الرقم الحقيقي 35 ضعفاً.
– وفي عام 1997م بحسب قول جمعيات الدفاع عن حقوق المرأة : اغتصبت امرأة كل 3 ثوان، بينما ردت الجهات الرسمية بأن هذا الرقم مبالغ فيه في حين أن الرقم الحقيقي هو حالة اغتصاب كل 6 ثوان!
– وفي عام 1997م: (6) ملايين امرأة عانين سوء المعاملة الجسدية والنفسية بسبب الرجال، 70% من الزوجات يعانين الضرب المبرح، و4 آلاف يقتلن كل عام ضرباً على أيدي أزواجهن أو من يعيشون معهن.
-74% من العجائز الفقراء هم من النساء، 85% من هؤلاء يعشن وحيدات دون أي معين أو مساعد.
– ومن 1979م إلى 1985م: أجريت عمليات تعقيم جنسي للنساء اللواتي قدمن إلى الولايات المتحدة من أميركا اللاتينية، والنساء اللاتي أصولهن من الهنود الحمر، وذلك دون علمهن.
– ومن عام 1980م إلى عام 1990م: كان في الولايات المتحدة ما يقارب مليون امرأة يعملن في البغاء.
– وفي عام 1995م: بلغ دخل مؤسسات الدعارة وأجهزتها الإعلامية 2500 مليون دولار .
يشار إلى أن هذا التقرير السنوي المسمى بـ “قاموس المرأة” صدر عن معهد الدراسات الدولية حول المرأة، ومقره مدريد، وهو معهد عالمي معترف به.
وتحت عنوان: “العنف المدني، مشكلة اجتماعية منتشرة في أميركا.” ذكرت منظمة الكومنولث في استطلاع 1998م أنه تقريباً “ثلث النساء الأميركيات، تعرضن لمضايقات جسدية أو جنسية من الزوج أو الصديق، خلال فترة من حياتهن”.
وذكر المعهد الأميركي للعدل أنه تقريباً “25 بالمائة من النساء الأميركيات اغتصبن، و/أو تم الاعتداء عليهن جسدياً”، من رفيق سابق أو حالي، أو خلال أحد المواعيد.
وذكر مكتب العدل الأميركي أنه خلال العام 2000م تعرضت 588490 امرأة للضرب (لعنف لم يؤدِّ لإصابات)، من الشريك الحميم (المقرب). وتشير التقديرات إلى أن 18% من مجموع النساء في الولايات المتحدة الأميركية تعرضن للاغتصاب، وأن 1900 فتاة يومياً يتم اغتصابهن، وهذه النسبة تشكل رقماً كبيراً خاصة إذا نظرنا إلى أن نسبة العلاقات غير الشرعية مرتفعة جداً، وأن أكثر من 5% من الزوجات يخنَّ أزواجهنَّ من باب المعاملة بالمثل. علاوة على ذلك فإن 2% من حالات الاغتصاب المذكورة تكون من الأب أو أحد أفراد الأسرة.
وتشير مصادر أخرى إلى ارتفاع هذه النسبة إلى 22% من مجموع النساء في الولايات المتحدة الأميركية اللائي يتعرضن لحوادث الاغتصاب، وهذا يجعل الولايات المتحدة الأميركية الدولة الأولى في العالم من حيث معدلات الاغتصاب الواقعة على النساء.
ونشير هنا أيضاً إلى أن ما مجموعه 47% من حالات الاغتصاب المذكورة كان يصاحبها اعتداء جسدي شرس وعنيف بالضرب ونحوه كما نشرت ذلك صحيفة ال “يو إس توداي”.
وهذه النسب المذكورة لا تشكل إلا ما تم الإبلاغ عنه من جرائم الاغتصاب، وأما ما لم يتم تسجيله أو الإبلاغ عنه فإنه أكبر بكثير من الرقم المذكور، وتشكل هذه الجرائم أكثر من عشرين ضعفاً من مثيلاتها في كل من اليابان وإنجلترا وإسبانيا مع مراعاة أن الدول السابقة دول شعوبها غير متدينة بعكس الولايات المتحدة الأميركية فإن شعبها متدين وبنسبة كبيرة.
وقد نشرت مجلة الطب النفسي الأميركية تقارير تفيد بأن ما نسبته 42% من النساء العاملات في الولايات المتحدة الأميركية يتعرضن للمضايقات والاعتداء الجنسي، ومن أشهر القصص في هذا المجال قصة أحد أعضاء الكونغرس الأميركي عندما قامت إحدى العاملات معه بشكايته لأنه قام بالتحرش بها جنسياً، وبعد اشتهار أمره تقدمت أكثر 26 امرأة بشكاوى تفيد أنه مارس معهنَّ التحرش.
كما نشرت منظمة التحالف الوطني المنزلي في أميركا تقارير تفيد بأن أكثر من سبعة ملايين امرأة يتعرضن للضرب من قبل الأزواج ولا يقمن بإبلاغ الشرطة، ويدخل مئات الآلاف منهن سنوياً إلى المستشفيات لتلقي العلاج من آثار الضرب، وهي حالات مختلفة بعضها خفيف وبعضها قوي جداً وقد يصل إلى القتل.
وتشير تقارير ودراسات أخرى إلى أن 95% من ضحايا العنف العائلي هم من النساء، وأن من بين كل أربعة حالات اعتداء على المرأة يكون الزوج هو المعتدي في ثلاثة حالات منها.
الخلاصة:
1- لقد رعى الإسلام المرأة في التشريع والتوجيه والتنفيذ من مهدها وفي شبابها إلى شيخوختها، واعتبرها شقيقة الرجل، ولها دور مهم ومفصلي على صعيد الأسرة والمجتمع واستقامتهما وارتفاع بنيانهما، فهي أم وربة بيت وعنصر إيجابي فاعل. وقد منع بشكل قاطع النيل منها أو استغلال أنوثتها وجعلها عرضاً يجب أن يصان. وقد أعطاها من الحقوق كما أعطى الرجل سواء بسواء إلا ما يختلفان فيه من ناحية فطرية.
2- لقد سجل التاريخ والحاضر بأن جميع المبادئ والتشريعات البشرية قد وضعت المرأة في أسفل الدركات ظلماً واستهانة واستضعافاً، ولا زال الخط البياني يرتفع بأرقام قياسية في هضم حقوقها والاعتداء عليها، وما الترويج لحرية الغرب ومناداته بحقوق المرأة إلا ذراً للرماد في العيون وتزييفاً للحقيقة المذهلة عن جرائمه.
3- هناك دعاوى لا سيما في العالم الإسلامي من لجان حقوق ومؤسسات نسوية وكتاب ومفكرين للنيل من عفاف الأسرة المسلمة من أجل تدميرها وإشاعة الانحلال الذي يدعو له الغرب في بلاد المسلمين حتى تعم مثل تلك الفوضى الحاصلة في المجتمعات الغربية وتصبح مجتمعاتنا أسوأ حالاً، وذلك من خلال دعوة المرأة لأخذ الأمر على عاتقها وتجاوز الرجل وحرمانه من قوامته عليها، والتعامل معه بالندية والمنافسة لا بالتفاهم والمودة والرحمة التي دعا لها الإسلام، وقد تبين أن الكثير من هذه المؤسسات لها ارتباطات واضحة في النشوء والتمويل بالدول المعادية للإسلام لتحقيق مآربها وشرورها في بلاد المسلمين ضمن مخططات إعادة رسم المعادلة لتخدم بقاء الغرب جاثماً على بلاد المسلمين ولا سيما بعد الثورات التي قامت في بلاد المسلمين من أجل قلعه وإعادة الاعتبار للإسلام كنظام شامل لكافة مناحي الحياة.
4- هي دعوة نوجهها لكل عاقل في العالم، ولكل من يحرص على المرأة كإنسان مثلها مثل الرجل، ولها الحق في عيش وافر كريم، بأن تنصب الدعوات والجهود لإعادة الاعتبار للنظام الاجتماعي في الإسلام والدعوة والمطالبة بتطبيقه لإحقاق الحق والعدل ولرفع مكانة المرأة إلى أعلى درجات الرقي الإنساني دون أي امتهان أو انتقاص أو عدوان
قال تعالى:] فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ ﭢ[
2012-10-29