مقال روبرت كيمت – سفير أميركا بألمانيا 91 – 93 في “الوول ستريت جورنال” 28/10/1993
يعتمد نجاح سياسة التصدير القومية لإدارة كلينتون، في قسم منها على مبادرة الشركات الأميركية بالإفادة بمورد قل الانتفاع به: أجهزة السفارات والقنصليات التي تقوم الآن بمبادرات تجارية متنامية، إذ يوجد الآن في كل سفارة موظفون أميركيون ومحليون مسؤوليتهم الوحيدة هي تقديم المصالح الاقتصادية الأميركية، وهم في الغالب من رائدي الخبراء في قطاعات تجارية معينة في البلد المعينين فيه. ومن المؤسف أنهم فيما مضى كانوا يصرفون أوقاتهم فقط في إرسال التقارير من النشاط الاقتصادي الأجنبي بدلاً من الترويج بحمية لمصالح أميركا التجارية والمالية وكذلك فإن ممثلي الشركات الأميركية غالباً ما تابعوا مسؤولياتهم في الخارج بقليل اتصال بسفارات أميركا أو بدونه. لقد آن الأوان لكل من الطرفين أن يتعرف بشكل أفضل على الآخر.
إن على السفارات أن تستجيب وأن تميل إلى النشاط والحركة. فعندما تطلب شركة المساعدة على المسؤولين التجاريين في السفارة أن لا يكون لديهم أولوية أعلى من تقديم المساعدة، ولا يجوز للسفارة أن تنتظر حتى يأتي طلب المساعدة، بل عليها أن تبادر هي في مد اليد للشركات الأميركية للمساعدة في خلق الفرص وفي ترقب الأمور التي مكن أن تصبح مشاكل قبل تصير كذلك. كما يجب على كل سفير أميركي في الخارج أن يعتبر نفسه أنه المسؤول التجاري الأول في السفارة، وعليه أن يقوم قبل وأثناء وبعد فترة سفارته بزيارة قادة الأعمال الأميركيين بالإضافة لزياراته التقليدية للأشخاص الرئيسيين في الجهاز التنفيذي والتشريعي في الحكومة. ويوجد برنامج ممتاز لجميع مسؤولي السفارات مع رجال الأعمال قبل ذهابهم للخارج يديره مجلس الأعمال للتفاهم الدولي الموجود في نيويورك وواشنطن.
عندما كنت سفيراً في ألمانيا، عقدنا اجتماعات متتالية مع ممثلين عن صناعات كثيرة، من بينها أجهزة الاتصالات والبنوك والطيران. كما نجمع المتنافسين الأميركيين تحت سقف واحد أحياناً وهم يتبادلون نظرات القلق. ونقول لهم بوضوح إننا نعلم أنهم سيظلون متنافسين أشداء بعد الاجتماع، ولكننا نشترك جميعاً في مصلحة واحدة هي جعل الأرض ممهدة لعمل الشركات الأميركية في ألمانيا.
ومع أن على مسؤولي الحكومة أن يلعبوا دوراً أقوى في هذا المجال، إلا أن على الشركات أن تكون أكثر نشاطاً في العمل مع هؤلاء المسؤولين الأميركيين لتحقيق أهدافهم. وفيما يلي مجموعة من التوجيهات يجب أن تكون ذات نفع للشركات الأميركية التي تعمل في الخارج.
1- أنشئ علاقة وحافظ عليها مع إدارات ترويج التصدير في واشنطن. على الشركة أن تتصل بحسب سلعها وخدماتها، بوزارة التجارة أو المالية أو الزراعة أو الخارجية أو النقل أو الدفاع، وأيضاً بالإدارات المالية في واشنطن مثل بنك التصدير والاستيراد، ومؤسسة ضمان الاستثمار بالخارج. كما أن “المركز الدولي الثقافي والتجاري” المزمع إنشاؤه (بين وزارتي التجارة والمالية) يمكنه أن يلعب دوراً هاماً للشركات الأميركية بتوفيره مكاناً واحداً للحصول على معظم معونات التصدير. وبالإضافة إلى واشنطن، على الشركات أن تنشئ صلة مع مكاتب “الخدمة التجارية الأميركية والأجنبية في عشرات من المناطق في أنحاء أميركا بالرغم من أن . 2- اتصل مع السفارات والقنصليات الأجنبية في واشنطن وفي المدن الكبرى هذه المؤسسات هي هنا بالدرجة الأولى لمساعدة الشركات الأجنبية في أميركا، إلا أن أقسامها التجارية هي مصدر ممتاز للمعلومات وللاتصالات في الخارج. والقنصليات الأجنبية في نيويورك وشيكاغو ولوس انجلوس اعتبرت منذ زمن طويل أن للشؤون التجارية أولوية عالية.
3- تأكد من أن فروعك الأجنبية على صل منتظمة بسفاراتنا وقنصلياتنا بالخارج. عندما تحتاج شركة لمعونة السفارة خاصة ما هو على وجه السرعة، فإن هذه المعونة تكون أكثر فعالية بكثير إذا كانت مبنية على علاقة حسنة قائمة وعلى معلومات سابقة وافية.
4- عند سفر كبار مسؤولي الشركة إلى الخارج، يجب التوقف في السفارة أو أقرب قنصلية لشرح إستراتيجية عمل الشركة (الأسرار التجارية يحميها القانون). وهذا يمكنهم من أخذ النصيحة حول الإمكانيات المستجدة ومن مقابلة الشخصيات الرسمية والخاصة، مما هو عضوي لنجاح أعمالهم. وزيارة كبار رؤساء الشركات هي فرصة للسفراء للاجتماع بقادة البلد المضيف الرسميين ورجال الأعمال فيه.
5- إذا كان لديك فرصاً تجارية كبرى أو تسعى للحصول عليها في بلد ما، انظر في إمكانية عقد اجتماع لمجلس إدارة شركتك في ذلك البلد، وبإمكان السفارة أن تساعد في ترتيب الاجتماعات والاتصال بالحكومة ورجال الأعمال أثناء دورتي في ألمانيا، زارنا مجلس مجالس إدارة أسن، وقلوردانيا، وموبيل، ومريل لينش، وبيتني باوز، (وهي من كبار الشركات الأميركية) كما ساعدنا ناشري هذه الجريدة في ترتيب مؤتمر في برلين.
6- إذا قامت سفارة بخدمتك بامتياز، تأكد من إرسال رسالة شكر، ليس فقط للسفير بل للوزراء المناسبين ولأعضاء الكونجرس. إن ذكر مسؤولي السفارة بالاسم يشجعهم على أن يصرفوا وقتاً أكير على القضايا التجارية كما يصرفون على الأمور التي كانت تقليدياً هي شؤون الدبلوماسية. إن الأمور السياسية والعسكرية تظل هي العناصر المهمة في علاقات أميركا الثنائية إلا أن قطاعات النمو في عالم ما بعد الحرب الباردة هي في مجالات التجارة والثقافة والسعي في تقديم المصالح التجارية الأميركية هي بالتالي مسؤولية أساسية لسفارات أميركا في الخارج.
الوعي: رغم أن دور السفارات في الناحية الاقتصادية بارز منذ عقود إلا أنه كثر الحديث عنه بعد زوال المعسكر الشرقي باعتبار أن الصراع بين الدول الكبرى سيكون سلمياً وموضوعه الأساسي الاقتصاد، ولم يقتصر الحديث على واجب السفارات بل يطرح الأمر على أنه أصبح واجباً أساسياً للمخابرات، ومن أغرب ما كتب في ذلك هو دور المخابرات الأميركية في العمل على نقل الاختراعات الجديدة، وسد الفجوة التكنولوجية بين أميركا واليابان في مجال الصناعات المدنية.