أين وصل حزب التحرير مع الأمة في مشروع إقامة الخلافة؟
2008/08/27م
المقالات
2,619 زيارة
أين وصل حزب التحرير مع الأمة
في مشروع إقامة الخلافة؟
أبو عبادة – بيت المقدس
تشهد الأمة الإسلامية اليوم معركة حقيقية حامية الوطيس بين طرفين: الطرف الأول وهم الكفار الغربيون الذين يحملون مشروعهم الاستعماري لإبقاء هيمنتهم على الأمة، ومشروعهم هذا يقوم على شعارات زائفة كاذبة خاطئة، من مثل: الديمقراطية، والحريات، وحقوق الإنسان… أما الطرف الآخر فهم الساعون للتغيير الذين يحملون مشروع نهضته الأمة وإنقاذ البشرية، عبر إقامة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة كبديل حضاري عن الرأسمالية العفنة.
وفي خضم هذه المعركة استطاع الكفار بمكر خبيث -كجزء من حربهم لمشروع نهضة الأمة- أن يدخلوا اليأس والإحباط لدى بعض المسلمين، عبر التشكيك بإمكانية نجاح هذا المشروع من جديد، وإمكانية كسب هذه المعركة وفق المعطيات الحالية من تحكم الغرب المطلق بدفة مركب البشرية، والحقيقة التي لا يمكن لمبصرٍ أن يخطئها أن الأمور تسير على غير ما يهوى الكفار، وأن سحرهم قد بَطُل وكيدهم قد فشل وفألهم قد خاب. وإن ما تحياه الأمة لخير شاهد على ذلك.
فماذا يملك حملة مشروع نهضة الأمة في هذه المعركة؟ وما هي إمكاناتهم؟ وما مصير هذا الصراع؟ وماذا حققوا؟ في الوقت الذي لا يملكون عشر معشار، بل أقل من ذلك من إمكانات الكفار المادية، بل إن ما يملكون لا يمكن أن يقبل المقارنة مع إمكانات الكفار. بسطاً على مقام، فإمكاناتهم المادية تكاد تكون معدومة، وتحكمهم بوسائل الإعلام معدوم، بل إن وسائل الإعلام هذه مكّرسة لحربهم، ويفتقرون إلى العدد نسبة لأعداد الكفار والسائرين في ركابهم. ولا أقلام ولا كُتّاب ولا صحفيين -إلا من رحم ربي- يشاطرهم رأيهم ومشروعهم النهضوي أو يرى إمكانية تحقيقه، وغني عن الذكر، إنهم لا يملكون دولاً ولا مؤسسات ولا جمعيات، فهؤلاء الغر الميامين لا يملكون سوى المنهج والكلمة الحق، لا يملكون سوى الالتزام بالشرع وعدم الحيد عنه، لا يملكون سوى إيمانهم بهذا المبدأ العظيم وبصيرتهم بالحق وسيرهم على خطى سيدهم محمد (صلى الله عليه وآله وسلم).
فماذا صنع هؤلاء في هذه المواجهة وماذا حققوا؟
لإدراك حقيقة الإنجازات التي حققها الساعون لنهضة الأمة، ولإدراك حجمها الطبيعي؛ لا بد من أن توضع هذه الإنجازات في سياق هذه المعركة، فهذه المعركة بحق معركة غير منصفة القوى ولا الأعداد، ولا الإمكانات فيها متكافئة، فأي إنجاز للطرف الأضعف هو إنجاز مضاعف وتقدم باهر، إذ إن النظرة العقلية المجردة عن الإيمان بالله تحكم قطعاً بفشل هؤلاء، لا بل تحكم بإمكان القضاء عليهم واستئصال شأفتهم لشدة ضعفهم وقلة حيلتهم أمام هذا العدو المتجبر الذي يملك من الإمكانات والقدرات ما لا طاقة لهم بدفعه؛ لذا كان لابد من مراعاة هذا السياق للإنصاف، ومع ذلك فقد يظن المرء أننا نذكر ذلك لضآلة ما حقق الساعون لنهضة الأمة من إنجازات مع أن الواقع يدل على خلاف ذلك، فالساعون للتغيير برغم ما ذكرنا من ضعفهم وقلة حيلتهم وعبر العقود الماضية استطاعوا أن يبهروا الكفار بل وأن يجعلوهم مشدوهين حيارى، وكل ذلك بفضل من الله وحده ومنّه، فلقد استطاع دعاة الخلافة -بفضل الله وحده ومنّه- أن يردوا سهام الكافرين إلى نحورهم، وأن يبطلوا سحرهم ويكشفوا كيدهم، ونظرة خاطفة سريعة إلى حال الأمة والكفار اليوم ترينا ذلك رأي العين، وتؤكد أن الكفة باتت ترجح لصالح مشروع نهضة الأمة. وذلك للأسباب التالية:
1- فالأمة اليوم، وبالرغم من الجهود الجبارة التي بذلت من قبل الكافرين، ما عادت تقبل عن الإسلام بديلاً، ولا عادت تقبل الإسلام المداهن للحكام، ولا الإسلام الأميركي ولا الأوروبي أو ما يسمى بالإسلام المعاصر أو الوسطي، وها هي تنقب عن أحكام دينها ولا ترضى إلا بالإسلام النقي بديلاً عما سواه، فبالله عليكم، أين القومية ورواجها؟ أو العلمانية ودعوتها؟ أو الاشتراكية وأساطينها؟ أو الجهوية العصبية؟ ألم تصبح هذه الأفكار أثراً بعد عين؟ ألم تعد الأمة لمعدنها ودينها وأصبحت ترفض ما سواه؟! بلى والله.
2- أين هؤلاء الحكام الذين كانت الأمة عبر سنين والغفلة تهتف باسمهم، وتلهج ألسنتها بذكرهم، وتعلق آمالها عليهم؟ ألم يعدَّ هؤلاء دمىً في نظر الأمة يحركها الكافر حيث يشاء؟ ألم يصبح هؤلاء أمواتاً لا ترجو الأمة منهم عدلاً ولا صرفاً ولا حياةً كريمة؟ بل ألم تصبح الأمة تلعنهم وتسخط عليهم وتتبرأ إلى الله منهم ومن فعالهم وتآمرهم عليها وغدرهم بها صباح مساء؟… بلى والله.
3- ثم أين تلك الحدود التي مزقت الأمة وأين قدسيتها الكاذبة؟ ألا ترون جميعاً أن الأمة تتطلع للوحدة ولا تقيم وزناً لهذه الحدود؟ ألا ترون كيف يشعر أهل فلسطين بأهل العراق، وأهل السودان بأهل أفغانستان، وأهل كشمير بأهل الشيشان؟ ألا ترون معي كيف يتطلع المسلمون جميعاً في كافة أقطار المعمورة إلى الوحدة الحقيقية في ظل دولة واحدة، لا يقيمون فيها وزناً لا للون ولا لعرق ولا لحدود سوى لإسلامهم… بلى والله.
4- ومن ثم ألا ترون كيف أصبحت دعوة الخلافة هي البضاعة والصناعة للأمة، وأصبحت محط أنظارها وأملها في الخلاص، بل إن وعي الأمة على دينها وعلى الخلافة يزداد يوماً بعد يوم، ورأيها العام أصبح رأياً منبثقاً عن وعي عام على الإسلام.
5- ثم ألا ترون أن الكرة قد انقلبت على الكافرين، فأصبحت أفكارهم في معرض النقض وظهر بطلانها على الصعيد العالمي لا المحلي فحسب، وأصبح المسلمون -وخاصة في بلاد الغرب- يهاجمون الأفكار الرأسمالية الغربية في الصميم -بدل أن يندمجوا في المجتمعات الغربية كما أراد لهم الكفار- ما قاد إلى اعتناق عشرات الآلاف من كفار الغرب للإسلام، وهذه علامة تراجع ونكوص لمشروع الكفار.
من مجمل ماذكر نستطيع الحكم والقول بلا تردد أن مشروع الخلافة -مشروع نهضة الأمة- في تقدم لا بل في تسارع، ومشروع الكفار في تقهقر وانحسار، ولكي نُبلغ في الدلالة نذكر النقاط التالية التي تؤكد ذلك:
1) حالة الذهول التي أصابت الكفار عقب كل ما بذلوه لصد الأمة عن نهضتها ودينها، فبدل أن تصاب الأمة في مقتل، كما طمع عدوها جراء هذه المعركة، نرى الأمة قد حزمت أمرها نحو خلاصها عبر تبني مشروع الخلافة، ما دعا الكفار إلى إعلان حرب صليبية بصورة علنية، وفي ذلك إعلان إفلاس لهم وفشل لجميع المخططات التي رسموها من قبل عبر العقود الماضية.
2) التقارير والأبحاث والتوصيات التي تصدر عن مراكز أبحاث الكفار، كمؤسسة راند ومركز نيكسون للإبحاث، والتي تعترف بدنو قيام الخلافة وتعتبره السيناريو المتوقع للعالم في السنوات القليلة القادمة، ما دعا زعماءهم إلى إظهار تخوفهم من عودتها بصورة علنية. فهذا بوش يصرح مراراً وتكراراً قائلاً: «إن أولئك المتطرفين -ويعني أصحاب مشروع الخلافة- مصممون على القضاء على أي تأثير أميركي أو غربي في الشرق الأوسط» وقال أيضاً مبدياً تخوفه وحذره: «سيسعى أولئك إلى تأسيس إمبراطورية إسلامية متطرفة. فهم يعتقدون أن السيطرة على بلد واحد سيحشد الجماهير المسلمة، ويمكنهم من إسقاط الحكومات المعتدلة في الشرق الأوسط، وإقامة إمبراطورية إسلامية تمتد من إسبانيا إلى إندونيسيا»، وكذا صرح صنوه بلير قائلاً «إن تحكيم الشريعة في العالم العربي، وإقامة خلافة واحدة في بلاد المسلمين، وإزالة نفوذ الغرب منها، هو أمر غير مسموح، ولا يمكن احتماله مطلقاً» ووزير داخليته كلارك صرح أيضاً قائلاً: «إن مسألة عودة الخلافة وتطبيق الشريعة الإسلامية أمران مرفوضان لا يقبلان النقاش أو المساومة» وبوتين الذي اعتبر روسيا خط الدفاع الأول عن أوروبا لأنه -على حد قوله- «يوجد من يعمل على إسقاط الأنظمة العلمانية بغية إقامة دولة إسلامية في آسيا الوسطى» وساركوزي الذي حذر من إمبراطورية إسلامية تمتد من إسبانيا إلى نيجيريا، كل هذه التصريحات تؤكد أن الأمة تتجه نحو مشروع نهضتها، وما عادت تلتفت إلى ما سواه، وتؤكد مدى الخوف والهلع الذي أصاب الكفار جراء ذلك.
3) عقب حرب أفغانستان وانعتاق طالبان، قررت أميركا أن تتراجع عن استعمال الحركات الإسلامية المخترقة لتحقيق مصالحها وأهدافها، وقررت ضرب كل حركة إسلامية مهما كانت، واليوم تشهد هذه السياسة تراجعاً بسبب فشل السياسة الأميركية في حرب الإسلام السياسي، فعادت أميركا تريد ضرب الإسلام ومشروعه النهضوي بحركات ما يسمى الإسلام المعتدل المقبول أميركياً، وفي ذلك دلالة واضحة على عجز أميركا على مواجهة تقدم وتسارع مشروع الأمة بأفكارها الرأسمالية العفنة، وهذا ما ألجأها مرة أخرى لاستخدام ورقة الحركات الإسلامية التي تصنف أميركياً بأنها حركات معتدلة ومقبولة، وأخذ يفاوضها ويحاورها لإيصالها إلى الحكم أو لإشراكها فيه.
هذه هي أهم المعالم والإشارات الدالة على تقدم وتسارع مشروع نهضة الأمة وتقهقر وانحسار وفشل مشروع الكفار، وأن مشروعهم هذا -بإذن الله- إلى زوال واندحار،
أما أين وصل الحزب للقيام بهذا المشروع، فانه قام بأمور كثيرة نسطر بعضاً من أهمها كما يلي:
1) دعوة فكرة الخلافة بعد إقصائها:
لقد لعب الحزب دور الريادة في ذلك، إذ إنه كان أول حزب سياسي على الكرة الأرضية يقوم بطرح فكرة (إقامة الخلافة الإسلامية) كمشروع لإنهاض الأمة الإسلامية من انحطاطها، ولم يُذكر أن أي حزب أو جماعة قبله قدمت مثل هذا الطرح، بل تأثرت كل الجماعات التي نشأت قبله بالواقع المعاصر. وأكثر من ذلك، فهؤلاء لا يزال حامي حمى هذه الدعوة، والباذل لها كل جهده، وأصبح معروفاً بها ومعروفة به بحيث إذا ذكر الحزب ذكرت الخلافة، وإذا ذكرت الخلافة ذكر الحزب.
2) إيجاد رأي عام لصالح فكرة الخلافة لدى الأمة:
لقد نجح الحزب في إيجاد رأي عام لدى الأمة على فكرة الخلافة حتى أصبحت مطلباً للكثيرين وأمنية أكثر من مليار مسلم، ويؤكد ذلك دراسةً حديثة أجراها معهد الرأي العام العالمي بواشنطن بالتعاون مع جامعة ميريلاند في أربعة أقطار إسلامية هي الباكستان ومصر والمغرب وإندونيسيا، وقد خرجت نتيجة الدراسة بأن غالبية المسلمين يفضلون العيش في ظل دولة الخلافة بدلاً من العيش في ظل النظام الديمقراطي، ففي سؤال تضمنه استبيان وزعه المعهد المذكور ورد سؤال وهو:
هل تفضل العيش في دولة خلافة تطبق الشريعة أم في نظام ديمقراطي؟
كانت الإجابات على النحو التالي:
76% من المغرب يفضلون العيش في دولة خلافة تطبق الشريعة
74% من مصر كذلك
79% من باكستان كذلك
53% من اندونيسيا كذلك
المرجع:
http://www.hizb.org.uk/hizb/resources/issu…slim-world.html
3) التأثير في الأحزاب الأخرى:
لقد نجح الحزب في خلق أجواء سياسية دفعت إلى ولادة أحزاب إسلامية تسعى إلى إقامة الخلافة الإسلامية، وقد خالفوه في طريقة الوصول لذلك، وقد اضطر الحزبُ كثيراً من الجماعات الإسلامية التي لم تذكر شيئاً عن الخلافة في أدبياتها، اضطرها إلى زج فكرة الخلافة في قوائم أهدافهم ولو بالظاهر، حيث إن عدم تطرق هذه الجماعات لفكرة الخلافة أحرجهم أمام الأمة. وكانت نقطة ضعف أساسية في دعوتهم.
4) نجاح الحزب في ضرب العلاقة بين الأمة والحكام:
ففي الوقت الذي كانت الأمة ترى في حكامها زعماء ورؤساء وملوكاً ترعى الشؤون، وفي الوقت الذي كان بعض قادات الحركات الإسلامية لا يرون غضاضة في إقامة علاقات ودية مع الحكام، في هذا الوقت وُجد حزب التحرير، وكان الحزب هو أول من اصطدم مع الحكام والأنظمة، فكان الكفاح السياسي ضد الحكام والأنظمة الحاكمة هو جزءاً من طريقة عمله، فصار يكافح الحكام ببيان بعدهم عن تطبيق الشرع، وبيان بعدهم عن رعاية مصالح الأمة، وكشف مؤامراتهم وتواطئهم مع أعداء الأمة وعمالتهم للغرب؛ ما أدى إلى نبذ الأمة لهم، وبالتالي نبذ كل من يتعامل معهم حتى ولو كانوا من الحركات الإسلامية.
5) حراسة الحزب للأمة من مؤامرات الغرب والحكام:
لما كان الحزب قواماً دائماً على الأمة وعلى مصالحها، وكان دائم التحذير من كل مؤامرة، فتجده قد حذر الأمة من نكسة 67 قبل حدوثها بـ 100 يوم، وتجده قد حذر من اتفاق أوسلو قبل وقوعه بثلاثين سنة حين بين أن منظمة التحرير قد أنشئت لتصفية القضية والتنازل عن فلسطين، وهو قد حذر من خيانة الملك حسين وعزمه على فك الارتباط مع الضفة قبل حدوثه ببضعة أشهر، وكان الناس حين يرون تحذيرات الحزب الاستباقية قد حصلت يقولون: صدق حزب التحرير! صدق حزب التحرير!
ومن الجدير ذكره تحذير الحزب لإخوانه في فلسطين حين عزمهم دخول الانتخابات التشريعية تحت حراب المحتل، وقد حذر من أن ذلك سيقود إلى الاعتراف بـ(إسرائيل)، وسيقود إلى فخاخ سياسية ستضيع ثمرة جهود سنين طويلة، وها أنتم تعيشون التجربة والكثير يقول: ليت الذي كان لم يكن!!
6) وضع تصور متكامل لشكل دولة الخلافة:
قدم الحزب تصوراً عملياً مستنبطاً من الكتاب والسنة عن شكل دولة الخلافة، فدولة الخلافة ليست مجرد شعار يرفع، بل هي كيان تنفيذي يتمثل في ثلاثة عشر جهازاً، وهي:
الخليفة، ومعاون التفويض، ومعاون التنفيذ، والولاة، والجيش، ودائرة الأمن الداخلي، ودائرة الصناعة، ودائرة الخارجية، ودائرة بيت المال، وجهاز القضاء، ودائرة الإعلام، والجهاز الإداري لمصالح الرعية، ومجلس الأمة.
وهذا التصور مفصل تفصيلاً كاملاً في كتاب أجهزة دولة الخلافة في الحكم والإدارة الذي أصدره الحزب. وفي هذا السياق قام الحزب بوضع أسس التعليم المنهجي في دولة الخلافة، ومن يطلع عليه يدرك أن الأمر ليس هزلاً ولا شعارات، بل جد، وجد الجد، فأسس التعليم المنهجي وضع وبني ليطبق حين قيام دولة الخلافة مباشرة، وكانت هذه سابقة فضل لم يسبق إليها أحد.
7) وضع مشروع دستور جاهز للتطبيق في أي لحظة:
قام الحزب من أوائل سني نشأته بوضع دستور، وهو الآن مكون من 190 مادة جاهزة للتطبيق في أي لحظة يستلم فيها الحزبُ الحكم، وهذا الدستور ليس مجرد شعارات، بل هو مشروع دستور عملي استنبطت مواده من الكتاب والسنة وما أرشدا إليه من إجماع الصحابة والقياس، وكانت هذه سابقة فضل لم يسبق الحزبَ إليها أحد، فكان هو رائد تصور كيفية تطبيق الإسلام تطبيقاً عملياً، حتى إن أحد قادة جبهة الإنقاذ في الجزائر سئل ذات مرة: لو استلمتم الحكم فهل لديكم دستور جاهز للتطبيق ؟ فكان جوابه : لدينا دستور الإخوة في حزب التحرير. ومن الجدير ذكره أن الحزب كان يقوم بإرسال الوفود لكل زعيم في العالم الإسلامي زعم أنه يريد تطبيق الإسلام، فيدعوه إلى تبني هذا الدستور المأخوذ كله من شرع الله تعالى، ولكنه لم يجد مستجيباً، فعلها مع الخميني، والبشير، وعلي عبد الله صالح وغيرهم.
8) صفع ساسة الغرب وإيقاع الرعب في قلوبهم:
حيث صار أمراً عادياً من رامسفيلد وبوش وبلير وبوتين في خطابات جماهيرية كثيرة أن يحذروا شعوبهم من الخلافة القادمة، حتى إن الحزب صار محظوراً في بعض دول أوروبا التي تتغنى بالحرية كألمانيا، ويسعى بعضها الآخر إلى سن قوانين لحظره كبريطانيا، وخير ما أستشهد به في هذا المضمار هو كلام الدكتور نعمان حنيف، الأكاديمي المتخصص بالإرهاب الدولي والحركات الراديكالية في جامعة لندن، حيث يقول في مقالة شهيرة له بعنوان (الخلافة الإسلامية… التحدي الإسلامي للنظام العالمي) يقول:
«وليس لدى الغرب أي خيار سوى قبول حتمية الخلافة، وتشكيل موقف واضح تجاه الإسلام، والذي سيقوم بدوره بتعريف عدم التوافق العقائدي هذا بين الاثنين. ويبدو أن العالم الإسلامي قد تبنى موقفه من الآن تجاه الغرب خاصةً مع ازدياد نجاح الجماعات الإسلامية وقبول الجماهير الإسلامية بوجودها».
إن هذا الكلام لم يكن ليصدر من باحث متخصص مثل الدكتور نعمان حنيف لو لم يكن هناك حزب يقدم (الخلافة) كنموذج لكيان سياسي يطبق الشريعة، ويحمل الدعوة إلى العالم بالجهاد.
وهناك إنجازات أخرى كثيرة منها:
– نجاح الحزب في بناء قاعدة شعبية واسعة له في الأمة، يدل على ذلك مسيراته وفعالياته التي تستقطب عشرات الآلاف من أبناء الأمة في كل قطر..
– الانقلابات التي قام بها والتي تدلل على محاولات جادة للوصول إلى الحكم
– إحيائه فكرة طلب النصرة من أهل القوة والمنعة، تلك الفكرة التي لم يسبقه إلى استنباطها أحد.
وعطفاً عليه، نجد أنّ العائق المادي الوحيد أمام الأمة وأمام الحزب كجزء منها؛ لتنفيذ طموحاتها ورغباتها، وتحكيم الإسلام في واقعها، وإقامة دولة إسلامية تجمع شتاتها في كيانٍ واحدٍ، هو تحرير الأمة من قيد حكامها، وإعادة السلطة إلى الأمة في أي من بلاد المسلمين التي تصلح لأن ترتكز فيها الدولة الإسلامية ابتداءً، فإن ذلك لكفيل بتجسيد آمالها وتطلعاتها وتحويلها إلى واقعٍ ملموس.
2008-08-27