مع القرآن الكريم: الآثار الأخروية للحكم بما أنزل الله (3)
2007/07/24م
المقالات
1,708 زيارة
مع القرآن الكريم:
الآثار الأخروية للحكم بما أنزل الله (3)
4 – الحياة الحقة الدائمة
من عاش دنياه خاضعاً لمولاه، فأكرم بها من حياة، فإذا مات… فتلكم هي الحياة. والمؤمنون فحسب هم الذين يستشرقون للحياة المطلقة، عند مليك مقتدر، أما غيرهم فيقنعون بمطلق حياة، قال تعالى عن اليهود والمشركين: ( وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَنْ يُعَمَّرَ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ ) [البقرة 96]، وقال تعالى: ( قُلْ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ @ وَلَا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ ) [الجمعة 6-7].
أما أهل الإيمان، فلأنهم هم وحدهم المتطلعون إلى حياة الطاعة في الدنيا التي تؤهلهم للحياة الحقة في الآخرة، فقد دعاهم الله سبحانه إليها ودلهم عليها، قال تعالى: ( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ ) [الأنفال 24] فهي دعوة إلى الحياة ببذل سببها وهو الاستجابة، ولئن اختلفت أقوال المفسرين حول الشيء المأمور بالاستجابة له، وهل هو الإسلام أو الحق، أو القرآن، أو الجهاد وقتال أعداء الله… فإن ذلك كله من قبيل اختلاف التنوع، وإلا فالشأن يعود في النهاية إلى التمسك بالقرآن وشريعته القويمة، وبذل النفس والنفيس في نصرة هذا الكتاب العظيم.
قال ابن جرير: «وأولى الأقوال في ذلك بالصواب، قول من قال: معناه استجيبوا لله وللرسول بالطاعة، إذا دعاكم الرسول لما يحييكم من الحق، وذلك أن ذلك إذا كان معناه، كان داخلاً فيه الأمر بإجابتهم لقتال العدو والجهاد والإجابة إذا دعاهم إلى حكم القرآن».
فالدعوة لحكم القرآن هي دعوة للحياة، يقضيها المؤمن في الدنيا كريماً، ويحيا بها في الآخرة نعيماً مقيماً.
قال الطبري: «وفي الإجابة إلى كل ذلك حياة المجيب. أما في الدنيا فبقاء الذكر الجميل، وذلك له فيه حياة، وأما في الآخرة فحياة الأبد في الجنان والخلود فيها».
[انتهى]
2007-07-24