أولمرت يحضر لمعركة رد الاعتبار
2007/06/24م
المقالات, كلمات الأعداد
1,809 زيارة
أولمرت يحضر لمعركة رد الاعتبار
أصدرت لجنة فينو غراد وهي «اللجنة الحكومية لفحص مجريات حرب لبنان الثانية» تقريرها المرحلي في 30/4/2007م محملة رئيس الوزراء (الإسرائيلي) أولمرت ووزير حربه بيريتس ورئيس أركان جيشه حالوتس الفشل الذريع في إدارة الحرب على لبنان في تموز 2006م. وبالرغم من قساوة التقرير بحق أولمرت وتحميله مسؤولية الإخفاقات شخصياً ووزارياً، وتكرار كلمة فشله 165 مرة، وبالرغم من ارتفاع أصوات وزارية ونيابية من داخل حزبه وخارجه مطالبةً إياه بالتنحي، وبالرغم من إجماع الصحف على وجوب رحيله، وبالرغم من وصول نسبة المطالبين باستقالته من يهود إلى أكثر من الثلثين، وبالرغم من التظاهرة الضخمة التي جرت ضده… بالرغم من كل ذلك أصر على البقاء مستفيداً من غالبية نيابية تصل إلى 78 نائباً من أصل 120 كون الحكومة مشكلة من ائتلاف بعض الأحزاب أهمها حزبا كاديما والعمل، وكون هذين من الحزبين سواء في الورطة…
نعم أصر أولمرت على الاستمرار في منصبه (ومعه بيريتس خوفاً على مستقبلهما السياسي بعد هذه الهزيمة) قائلاً: «لن يكون مناسباً أن أستقيل ولا أنوي ذلك» وأقر بوجود «أخطاء عدة ارتكبها الذين اتخذوا قرارات وأنا على رأسهم» وقال «يجب تصحيح هذه الأخطاء» بل دعا الآخرين «الذين يسارعون إلى جني أرباح سياسية فورية إلى عدم التسرع وإلى التروي»… هذا وقد نجح أولمرت في امتصاص هذه النقمة العارمة ضده ولكنه بقي قلقاً يترقب في آخر شهر أيار (28/5) نتائج انتخابات حزب العمل على زعامته متمنياً نجاح إيهود باراك الذي سينضم في حال نجاحه إلى الحكومة متسلماً حقيبة وزارة الحرب من سلفه عمير بيريتس، ومؤجلاً الانتخابات إلى ما بعد سنة بخلاف نجاح عامي إيلون الذي سيعمل على انسحاب حزب العمل من الحكومة على الأرجح أو تغيير رئيسها.
إن أولمرت هذا يعلم أن تقرير فينوغراد الذي أدانه بقسوة ليس نهاية المطاف، بل هو تقرير مرحلي، وسيصدر التقرير النهائي بعد نحو ثلاثة أشهر من التقرير المرحلي… لذلك هو يعمل الآن بجد لكي يغير الصورة عنه بأنه ضعيف وقليل الخبرة… وهو عندما يقول إنه يريد أن يعمل على تصحيح الأخطاء واستخلاص العبر فمعناه أنه يحضر نفسه لجولة أخرى من القتال يرد فيها الاعتبار لشخصه ولمستقبله السياسي… ويساعده في ذلك أن الإهانة التي لحقته لحقت بالجيش كذلك، وفشل الجيش يعني عند يهود أن كيانهم كله مهدد بخطر الوجود، إذ إنه مختزن في ذهن يهود أنهم شعب ممقوت عدو وكيانهم كيان خبيث لدى المسلمين… وهم كشعب وككيان لا يستطيعون أن يتعايشوا مع أدنى فكرة تدل على هزيمتهم، لذلك تعمل (إسرائيل) الآن (كل إسرائيل) ليل نهار، سراً وعلانية على أخذ زمام المبادرة من جديد وتغيير المشهد ويهمها في ذلك أمران:
– أن تقنع شعبها أن (إسرائيل) قوية ليطمئنوا إلى وجودهم، ولتطمئن هي إلى عدم اللجوء إلى الهجرة؛ لأن تمسك اليهودي بالحياة -أدنى حياة- مقدم على التمسك بالوطن المزعوم.
– أن تجعل المسلمين يقتنعون أن (إسرائيل) أقوى بكثير من أن يفكروا بالانتصار عليها…
في هذا الإطار تأتي التدريبات العسكرية الضخمة التي تقوم بها جميع قيادات الجيش وقادة الألوية والكتائب والأذرع والهيئات الأمنية من دون قوات ميدانية، ويستعان فيها بجنرالات الاحتياط ليكتسبوا منهم التجربة والخبرة، ويشارك فيها ولأول مرة شخصيات سياسية على رأسها أولمرت وبيريتس لمواجهة حرب شاملة في الشمال (لبنان) والوسط (الضفة) والجنوب (القطاع) وقيل إن ذلك يندرج في إطار استخلاص العبر، وقيل إنه استعداد لاحتمال «تدحرج الوضع إلى مواجهة عسكرية»…
هذا هو الجو الذي تعيشه (إسرائيل) بسياسييها وعسكرييها وشعبها: التحضير لمعركة رد الاعتبار… وإنها جادة في ذلك كثيراً… وكل كلام عن الاشتراك في مبادرة السلام العربية أو تنفيذ الخطة الأمنية الأميركية هو هراء وكلام في هواء… فإسرائيل منذ وجودها لا تعرف سوى لغة القوة والتفوق لبقائها واستمرارها، ولا تعرف إلا لغة الضعف والتشرذم عند المسلمين وإبعادهم عن دينهم لضمان بقائها واستمرارها… نعم يعيش أولمرت أجواء التحضير لمعركة أو حرب تنسي نتائجها هزيمة (إسرائيل) في حرب تموز وانسحابها المذل من لبنان سنة 2000م، وتغيّر صورته.
في هذا الجو الحار لا تنسى (إسرائيل) الحلقة التي ترى أنها الأضعف، وهي حلقة الداخل الفلسطيني المنقسم والخالي من السلاح تقريباً، والموجود في غزة تحديداً… فهي تتصرف وكأنها تريد أن تبدأ بالأضعف، ويتم التسريب عن نية (إسرائيل) إعادة احتلال غزة، أو إيجاد مناطق عازلة لإبعاد صواريخ القسام عن مستوطناتها أو القيام بعملية شبيهة بعملية السور الواقي التي نفذتها (إسرائيل) في الضفة الغربية…
وهكذا نرى أن أولمرت يريد أن يسبق صدور تقرير فينوغراد النهائي لكي يغير الصورة عنه ويعطي عن نفسه صورة البطل (الإسرائيلي) الذي يملأ أرض المسلمين هدماً وفتكاً فيشبع رضى يهود ويعلن بطلاً على اعتبار أن لا بطل عندهم إلا من تلوثت يداه بدماء المسلمين أكثر… لا بطل عندهم إلا الأحمر.
تجاه هذا الواقع ماذا يفعل حكام المسلمين داخل فلسطين وخارجها؟… وكيف يتحضرون لهذه الخطة؟
l أما في لبنان وسوريا، فإن النظام السوري يحضر نفسه لخوض معركة السلام الفاصلة مع يهود… إن نظام بشار الأسد الذي لم يحضر الجيش السوري لخوض حروب الانتصار ضد يهود، يحضر نفسه لخوض حرب معهم، إذا أجبر على أن تكون على الأرض السورية، تكون على غرار حرب تموز؛ لذلك نقلت الأخبار والتقارير عن حفر خنادق وأنفاق على الحدود السورية المتاخمة لفلسطين ونصب صواريخ في الداخل السوري… وهدف النظام السوري أن يفرض على (إسرائيل) عدم القدرة على الانتصار ويدفعها إلى الدخول في عملية السلام بعد قصف البلدات والمدن والمنشآت (الإسرائيلية)… هذا وقد بدأ النظام السوري التحضير لهذه المعركة بانتخابات برلمانية ورئاسية يعيد فيها النظام إنتاج نفسه من جديد. وتشير التحضيرات السورية إلى أن نتائج فوز بشار الأسد ستكون ساحقة وكاسحة ليصور أنه قد أخذ تفويضاً كاملاً من الشعب السوري، وسيعقب الفوز تهنئات ومباركات، وسترفع اليافطات المؤيدة للرئيس في خطواته المستقبلية، وستظهر صوره التي ستنتشر في المدن والبلدات وعلى الطرق العامة أنه البطل والرمز، وسيجبر الناس على الرقص والغناء، وستمتلئ الصحف بالتأييد والمبايعة وبألفاظ التفويض للرئيس الذي فرض محبته على الناس بكثرة الاعتقالات والتحقيقات والملاحقات، حتى غصت السجون بروادها فلم تستطع أن تستوعب كثرة نزلائها، مما يجعل الوضع محتاجاً إلى عفو رئاسي يعلنه الرئيس العتيد بعد نجاحه ليكسب الدعاية لنفسه والمباركة لخطوات التنازل التي يزمع القيام بها… إن بشار يطلب السلام، وإذا فرضت عليه الحرب فسيوجهها لتحقيق السلام… إن (إسرائيل) تريد أن ترد الاعتبار من جنوب لبنان. وستستغل سوريا حزب الله كما استغلته من قبل فتكون معركته ظاهرها الجهاد وحقيقتها تحقيق سوريا السلام مع (إسرائيل). وهكذا توضع الأمور تحت هذه المعادلة: إنها معركة إن انتصرت فيها (إسرائيل) خسر المسلمون، وإن فشلت وحصد النظام السوري النجاح خسروا كذلك…
l أما على صعيد الداخل الفلسطيني، ففي الوقت الذي تستعد فيه (إسرائيل) لخوض معارك رد الاعتبار التي ذكرناها، وعلى مسمع من العالم أجمع، ينقسم في الداخل الفصيلين السياسيين والعسكريين الرئيسيين، ويستعد كل واحد منهما لا لمواجهة (إسرائيل) فيما تحضر له بل من أجل تدعيم مركزه وإثبات قوته… ويتحدثان عن تطبيق خطة أمنية أميركية أو رفضها ويشتبك السلاح بالسلاح، وتسقط الدماء الذكية والبريئة بينما رأس الحية (إسرائيل) تطل برأسها وترسل لسانها وتحضر نفسها للأعظم. وفي النهاية كذلك إذا انتصرت (إسرائيل) فالمسلمون هم الخاسرون. وإن فشلت خسروا لأن الداخل منقسم غير متوحد، لا على الإسلام ولا حتى على غيره…
l أما الحكام العرب، فإنهم يضربون يداً على يد، ماذا عساهم يقدمون ليهود أكثر مما قدموا… ليس أمامهم إلا الانتظار لإعادة طرح مشروعهم للسلام تحت حجة انتظار ظروف السلام حتى تنضج.
هذه هي حال المسلمين التي لم تعد تخفى على أحد منهم… إن المآسي ستبقى تترى على المسلمين حتى يأتي الحل، لا من أميركا ولا من أوروبا ولا من مجلس الأمن، ولا من الأنظمة العربية الخائنة العميلة… وإنما من الإسلام، من الخلافة الراشدة… إننا نقول للمسلمين إنه إن لم تحزموا أمركم على الحل الإسلامي الذي فرضه الله عليكم، وهو إقامة الخلافة أي النظام الإسلامي، والحق الإسلامي، والعدل الإسلامي، فإنه يطالكم من الإثم الشيء الكثير… ينالكم الإثم لسكوتكم على حكامكم وعدم العمل على تغييرهم لأنهم لا يحكمون بالإسلام، ولأنهم ينفذون فيكم خطط الكفار، ينالكم الإثم لأنكم تشاركون في الانتخابات على قاعدة أخف الضررين… ينالكم الإثم لأنكم لا تعلنونها صرخة مدوية: «نريدها خلافة راشدة على منهاج النبوة» ينالكم الإثم لأنكم لم تدعوا أبناءكم من أهل القوة ولم تدفعوهم دفعاً لنصرة الإسلام في معركته ونصرة العاملين لإقامة الخلافة الراشدة.
أيـّها المسلمون
إنه لا حل إلا حل واحد يأتي من الشرع لا من غيره، قال عنه الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) «ثم تكون خلافة راشدة على منهاج النبوة» تكون من نتائجه الانتصار على يهود لقول الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم): «تقاتلكم يهود فتقتلونهم» والانتصار على النصارى «ثم تفتح رومية» ويكون من آثاره الكبيرة تغيير وجه التاريخ من جديد فتقوم على أنقاض دول الكفر الرأسمالية الظالمة الجائرة الفاسقة دولة الإسلام وحضارته فتحمل للعالم ما حملته دولتهم الأولى التي أسسها الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وامتدت ثلاثة عشر قرناً… من الحق والعدل… وليس غير الخلافة الراشدة على منهاج النبوة من يحمل هذا المشروع. ( وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَرِيبًا ) [الإسراء 51].
2007-06-24