محمد: شاب من حزب التحرير: نموذج فذ في مجابهة السلطة الفلسطينية وأجهزتها الأمنية القمعية
2010/04/20م
المقالات
1,443 زيارة
محمد: شاب من حزب التحرير:
نموذج فذ في مجابهة السلطة الفلسطينية وأجهزتها الأمنية القمعية
تشن الأجهزة الأمنية الفلسطينية -انطلاقاً من وظيفتها في خدمة الاحتلال وحراسته- الحملات المتتابعة على شباب حزب التحرير محاولة إسكات كل صوت صادح بالحق، والسلطة لا تقصر بذلك تنفيذاً لمشاريع الكفار التصفوية، هذا ما تحاوله السلطة مشتركة فيه مع كل نظام يحكم المسلمين في طول بلاد المسلمين وعرضها.
لقد جاء أمر اعتقال الشاب محمد 16عاماً من شباب حزب التحرير ضمن هذه الحملات المسعورة ضد الحزب وشبابه، ولكن هذه السلطة تجابه من شباب الحزب بمواقف جريئة وعزمات صديقية شجاعة، وقصة الشاب محمد هي نموذج من النماذج التي يقدمها حملة الدعوة في مجابهة هذه السلطة الذليلة والخانعة ليهود.
هذه السلطة وأجهزتها -التي لا تملك من أمر نفسها شيئاً- زجت بهذا الشاب في السجن إثر توزيع الحزب في فلسطين لبيان بعنوان: “السلطة الفلسطينية الذليلة أمام يهود تختطف وتحاكم شباب حزب التحرير“.
لقد وقف هذا الشاب كالطود شموخاً تتفجر العزة من جنباته أمام الجلاوزة والظالمين، وفيما يأتي بيان لأبرز الوقائع التي حدثت مع هذا الشاب، سائلين الله عز وجل أن يثبتنا على الحق، وأن يعجل بالفرج بإزاحة أنظمة الكفر وإقامة دولة الخلافة الراشدة.
قامت تلك الأجهزة بمحاولة اعتقال الشاب يوم السبت بتاريخ 24\1\2010م, ولم تفلح بذلك، فتركت للشاب بلاغاً بضرورة “الحضور إلى مباحث البلدة لقضية لتلك الأجهزة”، ولأن الشاب لم يستجب لهذا الطلب، توجهت قوة عسكرية بعد يومين أي يوم الاثنين لاعتقاله، ولم يسمحوا له بتجهيز نفسه بارتداء ملابس مناسبة أو حتى انتعال الحذاء، وعندما احتج على هذه المعاملة غير الإنسانية انهالوا عليه ضرباً بأرجلهم وبأيديهم وأعقاب بنادقهم على الرأس والظهر واليدين والقدمين، والشاب يردد مع كل ذلك “حسبي الله ونعم الوكيل، حسبي الله على كل ظالم“.
ويروي الشاب مشهداً من تلك المشاهد التي حدثت معه داخل أحد المقرات الأمنية التي اقتيد إليها فيقول:
” ثم أدخلوني على مقرهم الأمني, فكان في استقبالي مدير المركز, وقد كان الغضب ظاهراً على وجهه, فبادرني بسؤال, لماذا لم تحضر فوراً حيث إنه قد تم تبليغك بضرورة الحضور إلى المركز, هل تستخف بالسلطة, فلم أجب, ثم بدأ يطرح علي الأسئلة الآتية:
= هل تعترف بالسلطة؟
– فأجبته، لا أعترف بشرعية السلطة أبداً, فزاد غضبه.
= هل وزعت المنشور؟
– فكان الرد، «لا، لم أوزع، ولو سنحت لي الفرصة لوزعت, ولكن للأسف لم تسنح لي الفرصة».
ثم رجع إلى السؤال الأول:
= لماذا لا تعترف بشرعية السلطة؟
– فقلت له: «لأن السلطة وجدت على أساس اتفاقية أوسلو, واتفاقية أوسلو باطلة شرعاً, لأنه بموجبها تم التنازل عن فلسطين لليهود, وهذا حرام, وكل ما بني على حرام فهو حرام, وغير شرعي, فكيف أعترف بشرعية شيء, الله سبحانه وتعالى لا يعتبره شرعياً؟ فكيف أخالف أمر الله؟ ثم انظر إلى أفعال سلطتكم, تنسيق أمني مع يهود, مطاردة للمخلصين, وحالكم أنكم اليوم نشدتم السلام مع دولة يهود والحفاظ على أمنها، وبالحرب معها بدل اقتلاعها, وتراجعتم عن قلع المستوطنات من جذورها, وقبلتم بتجميد بنائها لفترة قصيرة, ثم فرطتم في عودة اللاجئين إلى ديارهم, فجعلتموه حقاً للعودة, يمكن أن يستبدل بتعويض, وبعد أن كنتم تطلقون الرصاص على يهود, وقعتم اتفاقيات بموجبها تمنعون من يطلق الرصاص عليهم, بل تلاحقونه وتسجنونه ويصل الأمر أحياناً أنكم تقتلونه, ثم تريد مني أن أعترف بشرعية كل هذا!».
بعد كل هذا، وكعادة المهزومين فكرياً، فقد لجأ هؤلاء الجلاوزة إلى الرد على تلك الحجج والبراهين والأدلة القاطعة في وصف حقيقة السلطة الفلسطينية، لجؤوا إلى الرد على الحجة بالتنكيل والتعذيب، فما كان من زبانية القهر إلا أن ثبتوا الشاب بكرسي وانهالوا عليه ضرباً طالبين منه الاعتراف بسلطة عباس، والشاب يزداد إصراراً وثباتاً معلناً رأيه مجلجلاً: “لن أعترف بشرعية السلطة، ولن أتنازل عن حزب التحرير الذي هو نبض دمي, ولو شققت عروقي لرأيتها تنبض بدم تحريري خالص“.
وتتكرر المحاولات من أجل انتزاع هذا الاعتراف، وفي كل مرة لا ترى إلا ثباتاً وتحدياً سافرين يزلزلان المحققين من الداخل، وأقتبس إليكم هنا شيئاً من هذه المواقف المضيئة التي رواها الشاب محمد ((وبعد انتهاء التحقيق تم وضعي في النظارة, وفي آخر الليل حضر إلى النظارة مدير المركز ومعه عنصر من العناصر, ليسألني عن اعترافي بشرعية السلطة, فلم يتغير جوابي, ثم سألني هل أنت مقتنع بما هو موجود في المنشور, فقلت له, أنا مقتنع به تمام القناعة, ومقتنع بكل حرف صدر عن حزب التحرير منذ عام 1953م, ومهما حاولتم معي, ومهما عذبتموني, فلن تتزحزح قناعاتي مطلقاً, فتمعر وجهه غضباً, ثم بدأ يضربني مرة أخرى هو وذاك العنصر, بكل شدة.))
لقد انكشف جبروتهم الزائف فتراهم أضعف ما يكونون، فلم يفلح هذا الأسلوب الترهيبي الجبان، فلجؤوا إلى انتهاج أساليب الخداع والتضليل والكذب، أساليب تؤكد تلمذة هؤلاء على أيدي الأميركيين و(الإسرائيليين)، وهم مع كل ذلك يأملون الظفر بانتصار بسيط بأن يفتوا من عضد هذا المرابط الصابر، وأن ينالوا من صلابته وشجاعته، ويحاولوا ثلم مواقفه الشجاعة، فتحاول الرقطاء تبديل إهابها، فيزعمون للشاب بأن أحد زملائه قد اعترف عليه، وأن الإنكار لن يفيده، فطلب الشاب منهم أن يواجهوه بزميله ذاك، ويمكرون ويمكر الله، ويخيب فألهم في هذه المرة أيضاً، فقد انجلت الحيلة عن أسلوب منحط قوامه الدجل والكذب، وباء الظلمة بالخسران والخزي.
ومما قاله لهم «وحتى لو اعترف صاحبي فلن تجعلوني أعترف على أحد, حتى لو جاء وقال أنا الذي أعطيتك النشرات فلن أعترف على أحد, واجهوني بصاحبي لنعرف من هو الكاذبِ, فأحضروا زميلي, وحاولوا الإيقاع بيننا, حيث تبين لي أنهم قالوا لزميلي إني اعترفت عليه, ولكن ظهرت الحقيقة حين المواجهة, وكان موقفهم مخزياً, حتى قال لهم زميلي إنكم لقوم كذابون».
لقد ثبت الفشل في هذه الكَرَّة، فما العمل؟؟
حاولوا التأثير في العزيمة من مدخل آخر مختلف هذه المرة، طالبوه بالتوقيع على تعهد، مجرد ورقة يتم التوقيع عليها، وتزداد المساومات والطلبات، وفي كل مرة يخيب ظنهم، مصراً على أن يكون سيداً، ليظلوا هم أتباع أهوائهم وضلالهم. وللضغط بهذا الاتجاه، حاول الظلمة استغلال بعض الظروف؛ حيث أن أم هذا الشاب مريضة، ويأتي الضغط من بعض الأقارب، فيعتب على الشاب عتاب المحب الخلوق والمشفق على أقاربه مخاطباً أهله وأقاربه بقوله: «لا تضغطوا عليَّ, وأمي بخير, وكنت أتوقع منكم أن تشدوا من أزرى بدل أن تضغطوا عليَّ, فما كنت أنتظر هذا الموقف منكم! ولن أوقع أبداً حتى لو أصابني “الخمج” وأنا في السجن».
ظل هذا الشاب ثابتاً صابراً محتسباً حتى وهو يقابل المدعي العام العسكري، يعرض فكرة الحزب ومتحدياً بها، وكالمرات التي سبقتها في جولات التحقيق والضغط والمساومة ينتهي اللقاء بالغضب وكيل الشتائم للحزب، وأنقل إليكم هنا ما قاله هذا الشاب ((سألني عن مدى قناعتي بالحزب الذي أنتمي إليه, فأجبته أني أنتمي إلى حزب عظيم, فكرته واضحة, وطريقته معروفة وشرعية, وهو يحمل الخير للبشرية كلها, وأنه ساعٍ بكل عزم لتخليص البشرية من الشقاء, وسيأتي يوم يكون هذا الحزب العظيم مخلصاً لكم من الذل الذي أوقعتم أنفسكم فيه, فغضب المدعي العام العسكري غضبا شديداً, وجعل يشتم على الحزب وعلى أمير الحزب وشبابه, فثار غضبي عليه فرددت عليه بأبلغ مما قال، فزاد غضباً وهددني بتعليمي ومستقبلي, ثم أمر بحبسي 15 يوماً, ثم أعادوني إلى السجن)).
لقد وصلت الأمور بهؤلاء إلى أن يستجدوه استجداء الذليل ليوقع تعهداً وتنتهي المسألة، وبأية وسيلة كانت، وكأنهم يبحثون عن مخرج يحفظ لهم ماء وجوههم التي دلقت مع أول جرة قلم في اتفاقياتهم المشؤومة، ولكنهم لم يظفروا من هذا الشاب حديث السن الذي لم يتجاوز السادسة عشرة من عمره إلا بهذه الشهادة التي توج فيها رحلة التعذيب والبلاء في سبيل الله ليكتب بخط يده:
“أنا الموقع أدناه, فلان الفلاني, من مدينة كذا وساكنيها, من شباب حزب التحرير, والذي أفتخر أني أنتمي إليه, أقر أني سأبقى في حزب التحرير, أمارس الدعوة إلى الخير, والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, وأمارس الكفاح السياسي, والصراع الفكري, وأشارك في كل نشاط لحزب التحرير من فعاليات ومسيرات وغيرها” ثم وقع على ذلك.
لقد أفرج عن هذا الشاب الذي حمل الدعوة متحدياً سافراً مجابهاً، لم تنل من عزيمته كل الأساليب الترهيبية والترغيبية، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يثبتنا على الحق والقيام بتبعات الدعوة، ويفرج عنا الكربة، ويعجل بالفرج ويمن على إخواننا جميعاً بالخلاص من سجون الظلم والاستبداد والقهر، ويكرم أمة محمد صلى الله عليه وسلم بنصر من عنده وتمكين لدينه بإقامة دولة الخلافة الراشدة إنه سميع مجيب
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
2010-04-20