رياض الجنة: دعوة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لعدي بن حاتم الطائي
2010/10/17م
المقالات
1,638 زيارة
رياض الجنة
دعوة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لعدي بن حاتم الطائي
جاء في تاريخ الرسل والملوك للطبري، حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن شيبان بن سعد الطائي، قال: كان عدي بن حاتم طيئ يقول فيما بلغني: ما رجل من العرب كان أشد كراهية لرسول الله حين سمع به مني؛ أما أنا فكنت أمرأً شريفاً، وكنت نصرانياً أسير في قومي بالمرباع، فكنت في نفسي على دين، وكنت ملكاً في قومي، لما كان يصنع بي، فلما سمعت برسول الله كرهته، فقلت لغلام كان لي عربياً وكان راعياً لإبلي: لا أبالك! أعدد لي من إبلي أجمالاً ذللاً سماناً مسان، فأحبسها قريباً مني؛ فإذا سمعت بجيش لمحمد قد وطئ هذه البلاد فآذني، ففعل. ثم إنه أتاني ذات غداة، فقال: يا عدي؛ ما كنت صانعاً إذا غشيتك خيل محمد فاصنعه الآن، فإني قد رأيت رايات، فسألت عنها، فقالوا: هذه جيوش محمد، قال: فقلت: قرب لي جمالي، فقربها، فأحتملت بأهلي وولدي، ثم قلت: ألحق بأهل ديني من النصاري بالشام، فسلكت الحوشية وخلفت ابنة حاتم في الحاضر، فلما قدمت الشام أقمت بها، وتخالفني خيل لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فتصيب ابنة حاتم فيمن أصيب.
فقدم بها على رسول الله في سبايا طيئ، وقد بلغ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) هربي إلى الشام. قال: فجعلت ابنة حاتم في حظيرة بباب المسجد كانت السبايا يحبسن بها، فمر بها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقامت إليه -وكانت أمرأة جزلة- فقالت: يا رسول الله؛ هلك الوالد، وغاب الوافد، فأمنن علي منَّ الله عليك! قال: ومن وافدك؟ قالت: عدي بن حاتم، قال: الفار من الله ورسوله! قالت: ثم مضى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وتركني؛ حتى إذا كان الغد مر بي وقد أيست، فأشار إلي رجل من خلفه: أن قومي إليه فكلميه، قالت: فقمت إليه، فقلت: يا رسول الله، هلك الوالد، وغاب الوافد، فأمنن علي، منّ الله عليك! قال: قد فعلت، فلا تعجلي بخروج حتى تجدي من قومك من يكون لك ثقة حتى يبلغك إلى بلادك ثم آذنيني. قالت: فسألت عن الرجل الذي أشار إلي أن كلميه فقيل: علي بن أبي طالب.
قالت: وأقمت حتى قدم ركب من بلى -أو من قضاعة- قالت: وإنما أريد أن آتي أخي بالشام، قالت: فجئت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فقلت: يا رسول الله، قد قدم رهط من قومي لي فيهم ثقة وبلاغ. قالت: فكساني رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وحملني وأعطاني نفقة، فخرجت معهم حتى قدمت الشام.
قال عدي: فو الله، إني لقاعد في أهلي إذ نظرت إلى ظعينة تصوب إلي تؤمنا. قال: فقلت: ابنة حاتم! قال: فإذا هي هي؛ فلما وقفت علي أنسحلت تقول: القاطع الظالم! أحتملت بأهلك وولدك، وتركت بنية والدك وعورته! قال: قلت: يا أخية، لا تقولي إلا خيراً، فو الله مالي عذر، لقد صنعت ما ذكرت. قال: ثم نزلت فأقامت عندي، فقلت لها – وكانت أمرأة حازمة: ماذا ترين في أمر هذا الرجل؟ قالت: أرى والله أن تلحق به سريعاً، فإن يكن الرجل نبياً فالسابق إليه له فضيلة، وإن يكن ملكاً فلن تذل في عز اليمن وأنت أنت ! قلت: والله إن هذا للرأي. قال: فخرجت حتى أقدم على رسول الله المدينة، فدخلت عليه وهو في مسجده فسلمت عليه، فقال: من الرجل؟ فقلت: عدي بن حاتم، فقام رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فانطلق بي إلى بيته، فو الله إنه لعامد بي إذ لقيته أمرأة ضعيفة كبيرة فأستوقفته، فوقف لها طويلاً تكلمه في حاجتها. قال: فقلت في نفسي: والله ما هذا بملك، ثم مضى رسول الله حتى دخل بيته، فتناول وسادة من أدم محشوة ليفاً، فقذفها إلي، فقال لي: أجلس على هذه، قال:قلت: لا بل أنت فاجلس عليها، قال: لا بل أنت، فجلست وجلس رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بالأرض. قال: قلت في نفسي: والله ما هذا بأمر ملك، ثم قال: إيه يا عدي بن حاتم! ألم تك ركوسيا ! قال: قلت: بلى، قال: أو لم تكن تسير في قومك بالمرباع! قال: قلت: بلى، قال: فإن ذلك لم يكن يحل لك في دينك، قال: قلت: أجل والله -وعرفت أنه نبي مرسل يعلم ما يُجهل- قال: ثم قال: لعله يا عدي بن حاتم؛ إنما يمنعك من الدخول في هذا الدين ما ترى من حاجتهم! فو الله ليوشكن المال يفيض فيهم حتى لا يوجد من يأخذه؛ ولعله إنما يمنعك من الدخول في هذا الدين ما ترى من كثرة عدوهم وقلة عددهم؛ فو الله ليوشكن أن تسمع بالمرأة تخرج من القادسية على بعيرها حتى تزور هذا البيت، لا تخاف إلا الله؛ ولعله إنما يمنعك من الدخول فيه أنك ترى أن الملك والسلطان في غيرهم، وايم الله ليوشكن أن تسمع بالقصور البيض من أرض بابل قد فتحت. قال: فأسلمت، فكان عدي بن حاتم يقول: مضت الثنتان وبقيت الثالثة، والله لتكونن، قد رأيت القصور البيض من أرض بابل قد فتحت، ورأيت المرأة تخرج من القادسية على بعيرها لا تخاف شيئاً حتى تحج هذا البيت. وايم الله لتكونن الثالثة ليفيضن المال حتى لا يوجد من يأخذه.
2010-10-17