الهجرة وصناعة التاريخ
2010/12/17م
المقالات
1,784 زيارة
الهجرة وصناعة التاريخ
برهان (أبو عامر)
يحتفل المسلمونَ في كلِ عامٍ، بذكرى الهجرةِ النبويةِ الشريفةِ، ويتحدث الناسُ والخُطباءُ حولها، وعن معانيها وعن الدروس والعبر المستفادة منها، ونرجو من الله أن نوفق في إبرازِ عبرةٍ جديدةٍ في هذه الذكرى.
إنَّ المدققَ في التأريخ الهجري، يرى أنَّ لهُ ثلاثة أطراف، أو يرتبط بثلاث قضايا، أو يتشكلُ من ثلاثةِ عناصر، وهيَ أولاً عَدُّ الشهور والسنوات ، وثانياً الهجرةُ النبويةُ من مكةَ المكرمة إلى المدينةِ المنورة، وثالثاً ارتباطُ التأريخ الإسلامي بالهجرة وبَدْؤهُ بها.
أما الأمر الأول وهو مسألةُ الشهور والسنوات ، فهذه قضيةٌ كونيّةٌ عَرَفَها الناسُ قديماً وعرفها العربُ قبلَ الإسلام وقال تعالى فيها: (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ) [التوبة ٣٦].
فقد كانَ العربُ يعرفون الشهور والأهلّة، فيعرفون بَدْءَ الشهرِ بميلادِ القمر ثمّ تمامه في وسط الشهر، وهي المسمّاة بالأيامَ البيضَ ثم نهايته، وكانوا يعدّونها شهراً شهراً حتى يَسْتَتِمّ العام باثني عَشَرَ شهراً أوّلُها مُحرّم وآخرها ذي الحجة، وإنْ كانوا في الجاهليةِ يُسمّونَ الأشهرَ بأسماءَ أخرى غيرَ التي نعرفها بها نحن، لكنّها هيَ نفسُ الأشهر، لذلكَ كانوا ينسئونَ الشهور مصداقاً لقوله تعالى: (إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ) [التوبة ٣٧] وهي الأشهرُ الحرم، لأغراض ولهوىً عندهم، مثل الغزو والحرب فيها، وقد كان عندهم تحريم القتال والعدوان فيها، وهذا يظهر علمهم بها ومعرفتهم لها، وهي شهرٌ فرد وهو رجب، وثلاثة سَرْد وهي ذي القعدة وذي الحجة ومحرم، لذلك عندما وقع من المسلمين قتالٌ في الأشهر الحرم، في شهر رجب وهي غزوة عبد الله بن جحش، شنعت قريش فعل المسلمين وأشاعت بين العرب أن محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) قد استحل الأشهر الحرم، فسفك فيه الدم وأخذ الأسرى وغنم الأموال، وثقل على المسلمين هذا الأمر حتى نزل القرآن يقرهم على دعواهم في تحريم القتال في الأشهر الحرم قال تعالى: (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا) [البقرة ٢١٧] فبينت الآيات أن قريشاً قد سبقت في ارتكاب جرائم هي أعظمُ عندَ الله من القتال في الأشهر الحرم.
بقيَ القول أن الإسلامَ عندما جاءَ جعلَ الشهورَ والأهلة مواقيت للناس، وليس لأحد من الناس أن يتلاعبَ بها، كما كانوا يفعلونَ في الجاهلية قال تعالى: (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ) [البقرة ١٨٩]، فالسنة هي اثنا عَشَرَ شهراً، وهيَ أشهرُ القمر، وهيَ السنة المعتبرة شرعاً، وأشهرها كذلك، ولا اعتبارَ للسنةِ الشمسية أو التي يسميها الناسُ السنةَ الميلادية فضلاً عن عدم اعتبارِ الشهرِ الشمسيّ أو الذي يسميه الناس الشهرَ الميلادي لأنهُ إذا كان هناكَ في الفلكِ سنةٌ شمسية وهي أن تستكمل الأرض دورتها حول الشمس، فإنه لا يوجد للشمس شهور، أي أنه لا يمكن أن يستدل على الشهور بالشمس، ولا على الأيام، فكما هو معلوم يستدلُ بالشمس على السنة والفصول والليل والنهار.
فالسنةُ القمريةُ إذاً هي المنضبطةُ بظاهرةٍ كونيةٍ منضبطة وهيَ الأهلة أي شهور القمر، فبها تعرف الأيام والشهور والسنين ، وبها تكون المواقيت الشرعية ، مثل أحكام العدّة والصيام والحج والزكاة.
أما الأمر الثاني في مسألة التأريخ الهجري فهي الهجرةُ من مكة إلى المدينة، وقد كانت في شهر ربيع الأول من السنة التي صارت هي الأولى في التأريخ الإسلامي، عندما اعتمدت الهجرة بدءاً لتاريخنا نحن المسلمين.
لقد قيلَ في الهجرة الكثير من الخير، وذكر الكثير من الدروس والعبر، سواء قصة الهجرة وأحداثها والآيات الربانية فيها، والنصر والمعية الإلهية فيها، أو الإحكام والتخطيط الدقيق لها، والتنفيذ الحكيم لها، أو التفاني العظيم لكل من ساهم فيها في سبيل الله ونصرة رسوله محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، أو استقبال الأنصار الذي لا زالت القرون تردد صداه، طلع البدر علينا… أو القرآن الكريم وما نزلَ في شأنها من آيات، تتلى آناء الليل وأطراف النهار وكلما ذكرت الهجرة.
إنَّ الهجرةَ كانت مرحلةً جديدةً في الدعوةِ إلى الإسلام فبعد أن كانت الدعوة تقتصرُ على الحكمةِ والموعظةَ الحسنة والجدال أصبحت بالهجرة تضيفُ لكلّ ذلكَ القوةَ والسلطانَ. وبعدَ مرحلة الضعفِ والصبرِ على الأذى انتقلت إلى التمكين والاستخلاف في الأرض، فهي نقطةُ بدءِ الحكمِ بما أنزلَ اللهُ على رسوله، أي إقامةُ حكمِ اللهِ في الأرضَ في دولةِ الإسلامِ الأولى في المدينةِ المنورةِ ورئيسها وقائدها المبايع عن رضا وإيمان ومحبة وتفانٍ محمد بن عبد الله عليه وعلى آله أفضل الصلاة وأتمّ التسليم.
أما الأمر الثالث في مسألةِ الهجرة فهو التأريخ، فهل التأريخ هوَ عَدّ الأيام والشهور والسنوات كما يُكتبْ دائماً اليوم ثم الشهر ثم السنة؟ أم أنّ فيه معاني أخرى غيرَ هذا؟ وإذا كان التأريخ هو للإحصاء فلماذا لا يُتّخَذ أيُّ زمنٍ وأيّ عامٍ لِيُبدأ منهُ وبه يتحققُ الغرض وهو العَدّ، إذا لم يكن هناك أغراضٌ أخرى؟
لقد عمل البشرُ على وضعِ مقاييس لكل ما يحتاجونه، فجعلوا سطح البحر نقطةً لقياسِ الارتفاع والانخفاض على كوكب الأرض، ووضعوا مقاييس درجاتِ الحرارةِ للإنسان والجو والسوائل ومقاييس الأوزان والمسافاتِ ومقاييس السرعةِ والأحجام، وحتى زعموا أنّهم وضعوا مقاييس للمعاني، كالعدل والظلم والحق ومثلُ هذا كثيرٌ مشهورٌ مستفيض بينَ البشر.
فهل التأريخ هوَ من نفسِ البابِ وعلى نفسِ المنوال يسير؟
إنّ المُدقِّقَ في الأمرِ يرى أنّ التأريخ فيهِ هذا وبهِ يتحقق ، لكن فيه غَيْرُهُ وهوَ الأهمّ ولا يجوزُ أن تستخدم الحقيقة لطمسِ حقيقة أخرى مثلها، فكيف إذا كانت أعظم منها وأهم بل هيَ بيت القصيد، كما يقال مثلاً إنّ يهود والاستعمار الغربيّ أعداءٌ لأهلِ فلسطين فهذه حقيقة لكنها تستخدم لطمس حقيقة عداء هؤلاء الكفار المستعمرين للمسلمين جميعاً ، ومثلها في العراق والأفغان والشيشان وهكذا.
فالتأريخ الميلاديّ وهو تأريخ النصارى، بُدِئ بميلادِ عيسى المسيح بن مريم وهذا يتفق مع معتقدهم وهم يجعلونه عليه السلام إلهاً، ولم يبدأ مثلاً بنزول الإنجيل أو بشيء آخر مما كان من دعوته، أو المعجزات التي أجراها اللهُ سبحانهُ على يديه عليه السلام تأييداً لنبوته ورسالته.
فالنصرانية يرونها هم بعد أن كفروا وغيروا وبدلوا، أنها بدأت بميلاد عيسى عليه السلام، لأنهم يقولون أنه الله أو ابن الله أو ثالث ثلاثة، فصار الصوابُ والحقُ أن يقالَ إنه التأريخ النصراني حتى تُبْرزَ فيهِ الحقيقةُ الأساسية في كل تأريخ ولا يُكتَفى بالحقيقة الظاهرة وهي عدّ الأيامِ والشهورِ والسنوات بما يسمى التأريخ الميلادي فيما يزعمون.
ونعودُ الآن لتجليةِ الحقيقةِ الأهم في التأريخ الهجري، فإننا نرى أنّ الصحابةَ رضوانُ اللهِ عليهم ، عندما تشاوروا في وضع تأريخ للإسلام والمسلمين، وكان ذلك بعد مضي زمنٍ من خلافةِ عمر بن الخطاب (رضي الله عنه)، فإنهم تَجَاوزوا أحداثاً كثيرة جليلة وشريفة عندَ الله وعندَ المسلمين، من ميلاده (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى بعثته ونزولِ القرآن، ثم المعجزات مثل الإسراء ونزولِ شرائع الإسلام، كالصلاة أو تحول القبلة وصيام رمضان وغيرها، أو الأيام العظيمة في الإسلام مثل معركة بدر الكبرى وفتح مكّة، ونصر الله المؤمنين على الأحزاب، ونصر الله رسوله على الروم بالرعب مسيرة شهر في غزوة تبوك، أو حجة الوداع وما نزل بها من اكتمال الدين، فما هي الحكمةُ إذاً ولماذا جعلوا الهجرةَ هي بدءُ التأريخ الإسلامي؟
لكن وقبل المضي في إبراز هذه الحقيقة، لا بُدّ من التنبيه إلى ما يمكن أن يثارَ من إشكال، في أنّ هذه القضيّة ليست نصيّة أي ليست راجعة إلى النصوصِ الشرعية حتى نستنبط منها المعاني ونحملها مالا تحتمل، كيف لا، وهيَ لم تكن في عهد النبوة ولا في عهد الصديق أبي بكر، وليس فيها نَصّ شرعي من كتاب أو سنة صحيحة؟
نقولُ نعم صحيح، ولكن ألم يكن جمعُ القرآن الكريم في عهد أبي بكر، وقد هدى الله سبحانه صحابة رسوله إلى هذا الأمر وكان خيراً كثيراً؟ ثم كان نسخ المصاحف وإرسالها إلى الأمصار وحواضر الإسلام، في عهد عثمان (رضي الله عنه) وكان ذلك خيراً كثيراً؟ ومثل هذا كثير سواء كان من الصحابة الكرام أم ممن جاءَ بعدهم، وهذا بابٌ واسعٌ لا يتّسع له المقام لكننا أشرنا إليه لدفعِ أي شكّ أو توهُم.
نعودُ إذاً فنقول إن التأريخ الهجري هو التأريخ الإسلامي، فتأريخ الإسلام بَدَأ أو بُدِئَ به منَ الهجرة، ذلك أنه كما هو معلوم أن الإسلام رسالة كاملة، للفرد والمجتمع والدولة، فهو مجموعة كاملة من الأنظمة والأحكام الشرعية، لا تتمثل ولا توجد ولا تطبق كاملة إلا في دولة، تحكم به وتطبقه وتحمله بالدعوة والجهاد بالجيوش إلى الشعوب والأمم الأخرى، وهذا كلّه قد بدأ بالهجرة، هذه واحدة.
أما الثانية فإن التأريخ ليس أياماً وشهوراً وسنين، ولا هو أرقام تكتب أو يحفظها الناس، بل هو أحداثٌ بارزة تؤثر في حياة البشر، فمثلاً كان العرب يؤرخون بعامِ الفيل لِما كانَ فيهِ من أحداثٍ جسام، أو ما كان بين أبي بكر وكفار قريش ، من جدال حولَ الحربِ التي وقعت بين الروم والفرس، وما نزل في ذلك من قرآن قال تعالى: (الم، غُلِبَتِ الرُّومُ، فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ، فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ) [الروم ١ – ٤].
إذاً فالتأريخ الإسلامي بدأ عندما صار المسلمون يصنعون الحياةَ بالإسلام وبالهدى ودين الحقّ في السرايا والغزوات، فصار تاريخُ المسلمين والعرب من حولهم هو بدر وأحد والخندق والنضير وقريظة وخيبر والحديبية وفتح مكة ومؤتة وتبوك، صار التأريخ إسلام القبائل وإرسال الرسل إلى ملوك الأرض، صار التأريخ الهجري، فتح بيت المقدس والشام، وفتح العراق وبلاد فارس، وفتح مصر وأفريقيا، صار التأريخ الإسلامي اليرموك والقادسية، وحطين وعين جالوت وفتح القسطنطينية، وهكذا التأريخ أيامٌ عظيمة وأحداثٌ فاصلة في حياة الناس، فالتاريخ إذاً يُصْنع وإلا لا يكون تأريخ ولو مرت على قومٍ آلاف السنين، وهكذا كان العرب قبل الإسلام ليس لهم لا تأريخ ولا تاريخ، لأنهم لم يكونوا شيئاً مذكوراً ذا بال، لا عند غيرهم ولا عند أنفسهم. وما أكثر الشعوب والأمم التي ليس لها تاريخ يذكر اللهم إلّا كَرّ الليالي والسنين.
لقد استمرّ التأريخ الإسلامي، قروناً عديدة وأزمنة مديدة، حتى بلغ الإسلام والمسلمونَ الآفاق في كلّ وجه، من دعوةٍ وجهاد، وعلم واجتهاد، وحضارة وعمران، حتى سقطت دولةُ الإسلام بعد أن استمرت أكثر من ألف وثلاثمائة سنة، عند ذلك توقف التاريخ الإسلامي، فلم يعد للإسلام والمسلمين أيُّ أثرٍ في الحياة، لا في حياتهم ولا في حياة غيرهم.
فالتأريخ اليوم ومنذ أكثر من قرنٍ من الزمان، هوَ التأريخ الغربي أو كما يسمونه الميلادي، فأوروبا ثم أميركا هم الذين يصنعون تاريخ البشر بحروبهم واستعمارهم، والناس اليوم يعرفون الحرب العالمية الأولى والثانية وإسقاط القنابل الذرية الأميركية على هيروشيما وناكازاكي، يعرفون انحلال عصبة الأمم ، نشوء هيئة الأمم ومجلس الأمن والبنك الدولي…، يذكرون حرب فيتنام والحرب الكورية واستعمار الجزائر وليبيا ووعد بلفور ونكبة فلسطين وحرب 67، يذكرون مذابح كفر قاسم ودير ياسين، وصبرا وشاتيلا وقانا وسبرينتسا وغروزني وسراييفو، يذكرون سقوط بغداد وكابول وقندهار.
هكذا هو التأريخ دائماً وهكذا صار التاريخ اليوم لِصُنّاعه الغرب، كما قال بوش عندما سأله الصحفيون بعد احتلال جيشه العراق، بأنه يصنع التاريخ وهم يكتبونه، لكنه يصنع تاريخاً أسود، له ولحضارته ولقومه مثل ما كان من المغول، وكما يقال إنهُ سئل هتلر عن الحرب في آخرها فقال إنه لا قيمة لما يقول؛ لأن الذي يكتب التاريخ هو المنتصر.
لقد مضى على توقف التأريخ الإسلامي قُرابة التسعة عقود، وقد آن لهُ أن يعود ويستأنفَ مسيرتهُ من جديد، بما بدئ به أوله، وهي النصرة والبيعة والهجرة والدولة الإسلامية ، فلا يوجد طريق ثانٍ فضلاً عن ثالث لهذه الغاية الشريفة والسامية، كيف لا، وهي وعد الله سبحانه وبشرى نبيّه (صلى الله عليه وآله وسلم)، بالخلافة الثانية الراشدة على منهاج النبوة، التي تعودُ من جديد تصنع تأريخ البشرية بفتح روما وتحرير بيت المقدس، ونزول الخلافة بها، وبلوغ الإسلام وسلطانه ما بلغ الليل والنهار.
قال تعالى: (إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ، لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ).
2010-12-17