أعـداء الأمّـة الإسـلامية
2001/08/11م
المقالات
2,201 زيارة
أعداء الأمة صنفان: المنافقون والكفار. وعداؤهما ثابت بنص الكتاب، قال تعالى في سورة المنافقون: (هم العدو فاحذررهم قاتلهم الله أنى يؤفكون) ، وقوله تعالى: (هم العدو) أي أنهم بلغوا درجة في العداء لا يضاهيهم فيها أحد، بحيث تكاد العداوة أن تحصر فيهم، كما تقول زيد الكاتب أي مرتبة الكمال في الكتابة محصورة فيه، فالمنافقون أعداء من الطراز الأول. أما الكفار فعداوتهم ثابتة أيضاً بنص القرآن الكريم في أكثر من آية نكتفي منها بقوله تعالى في سورة الممتحنة: (يا أيها الذين ءامنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق) فالآية تدل بمنطوقها على أن من كفر بما جاءنا من الحق هو عدو لله وعدو لنا، ومن أنكر هذه العداوة أي عداوة المنافقين والكفار للمسلمين فهو كافر وإن كان مسلماً فهو مرتد إلا أن يكون هذا الحكم مما يجهل مثله على مثله. أما المسلم فيكفيه التفقه في هاتين الآيتين ليقطع بعداوة المنافقين والكفار للمسلمين.
وفي هذه الأيام أي الربع الأول من المئة الخامسة عشرة للهجرة فإن أكبر أعداء الأمة هي أمريكا، تليها كل من بريطانيا وفرنسا وروسيا، ثم الصين والهند والصرب، وأستراليا والفلبين، ثم سائر الكفار. أما المنافقون فهم كل من أظهر الإسلام وأبطن الكفر، وهم في هذه الأيام لا يكادون يخفون على أحد، لأنهم لا يتسترون إلا قليلاً، وذلك لغياب العين الحمراء عنهم، عين الخـلافة.
وهناك شراذم من الكفار والمرتدين والمنافقين يقولون إنه ليست هناك عداوة مطلقة، كما أنه ليست هناك صداقة مطلقة، وإنما هي المصالح، والمصالح وحدها هي التي تحدد سلوك الدول وسياساتها، فأمريكا مثلاً كانت تسيرها مصلحتها عندما طردت الإنجليز والفرنسيين وإسرائيل من السويس عام 1956م، وعندما طردت النفوذ البريطاني من مصر، وعندما وقفت ضد العراق في حرب الخليج الثانية، وعندما ساندت الأفغان ضد الروس والبشناق ضد الصرب، وشارون ضد الانتفاضة، فليس هناك صداقة أو عداوة وإنما هي المصلحة على حد قولهم.
سلمنا جدلاً أن المصلحة هي المؤثرة، فهل يجوز إغفال مصلحة الطرف المقابل الذي هو المسلمون؟ فإن كان الجواب بالنفي كانت هناك مصلحتان متعارضتان، إن لم يكن تعارضهما دائماً ففي الأعم الأغلب، وعند هذا التعارض يحصل العداء حتماً، فمثلاً من مصلحة أمريكا أن تهيمن على بترول الخليج وسائر منابع النفط، وهي تصرح بملء فيها أنه مصلحة حيوية بالنسبة إليها، أي أنها مستعدة لخوض حرب أو حروب لضمان السيطرة على هذه المنابع، وفي المقابل فإن من مصلحة المسلمين أن تكون لهم السيطرة التامة على ثرواتهم، فتعارضت المصلحتان، فإما أن تخرج أمريكا من الخليج وهذا ما لا تفكر فيه، وإما أن يخنع المسلمون وهذا ما هو كائن حتى اليوم، وإما أن يجتمعوا على حربها وهذا ما سيكون إن شاء الله، وأي عداء أعدى من هذا الموقف؟! فليتصور المدجّنون أن الدولة للمسلمين على الكفار وطلبنا السيطرة والهيمنة على بترول بحر الشمال وبترول بنسلفانيا وألاسكا وبترول فنـزويلا وغاز روسيا، أكانوا يقولون هذه مصلحتكم ولا عداء بيننا وبينكم؟!
ومثلاً من مصلحة أمريكا أن تطلع من آخر أمرها على عقبة أفيق أي على الجولان، بما تسميه قوات التدخل السريع، وأن تبقي على قاعدتها في خميس مشيط أي في عسير، وسائر قواعدها في الجزيرة، وعلى قاعدتها في إنجرلك، وفي ماركة في الأردن وغيرها من القواعد في بلاد المسلمين، ومن مصلحة روسيا أن تحافظ على قواعدها في كازاخستان وأن تبقي على غصبها لأراضي القفقاس والقرم وغيرها من بلاد المسلمين، ومن مصلحة فرنسا أن تحافظ على مستعمراتها في إفريقيا، وأن تقتل المسلمين في الجزائر، ومن مصلحة بريطانيا أن تهدم الخـلافة، وأن تزرع إسرائيل في فلسطين، وأن تعطي كشمير ودهلي وغيرها للهندوس، ومن مصلحة الهندوس أن يستمروا في احتلال هذه الأراضي الإسلامية، ومن مصلحة الصينيين أن يستمروا في احتلال جنوب آسيا الوسطى الإسلامية، ومن مصلحة الجميع أن تبقى البلاد الإسلامية متخلفة وأسواقاً لمنتجاتهم، ومن مصلحة الجميع أن يبقى الحكام في بلاد المسلمين نواطير لهذه المصالح، وأن يظل المسلمون متفرقين مستضعفين. وطبعاً مصلحة المسلمين ضد هذا كله. فهل يقبل عاقل بهذه المقولة الخرقاء المضللة بأن هذه الدول إنما تسيرها المصالح ولا عداء بيننا وبينها؟ أو أن سياسة المصالح هذه لا تؤدي إلى العداء حتماً؟ أيقول هذا مسلم؟ أيقوله من عنده ذرة من حياء؟ أي عداء أعدى من أن يهدموا خلافتك؟ ويغصبوا أرضك؟ وينهبوا ثرواتك؟ ويسفكوا دمك؟ وينتهكوا عرضك؟ ويفرقوا جماعتك؟ وأنت كالقصعة بين الأكلة لا ترد يد آكل؟ راضٍ بالذل والغثائية؟ ثم تقول هذه ليست عداوة بل مصلحة.
قد صدق فيكم رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما قال: «إنه ينتزع عقول عامة ذلك الزمان، ويخلف هباء من الناس يحسبون أنهم على شيء وليسوا على شيء».
بقيت مسألة وهي كيف نحافظ على مصالحنا؟ ومن يتولى الحفاظ عليها؟ أهم أولو الأمر في بلاد المسلمين؟ وهم من عرفتم، أم الأمة وبخاصة من بيده القوة والقدرة على التغيير؟ لا شك أن هذا من واجب الأمة وأخص الفئة الأقوى منها، وذلك بإقامة الخلافة وإيجاد الجماعة، وطرد هذه الدول الطامعة البشعة الجشعة، ورد الكرة عليهم بعون الله، لا لنفعل بهم ما فعلوه بنا ولكن لهدايتهم وتخليص البشرية من شرورهم وبلائهم، ونشر العدل وقمع الجور .
نازع بن قزعة القحطاني
2001-08-11