صـفات من يتحمّـل الخلافـة
– أخرج ابن عساكر عن عاصم قال: جمع أبو بكر رضي الله عنه الناس، وهو مريض، فأمر من يحمله إلى المنبر، فكانت آخر خطبة خطب بها، فحمد الله، وأثنى عليه، ثم قال: «يا أيها الناس، احذروا الدنيا، ولا تثقوا بها؛ فإنها غرّارة. وآثِـروا الآخرة على الدنيا فأحِـبّوها، فبحب كل واحدة منهما تبغض الأخرى. وإن هذا الأمر الذي هو أملك بنا، لا يصلح آخره إلا بما صلح به أوله، فلا يحمله إلا أفضلكم مقدرة، وأملككم لنفسه، وأشدكم في حال الشدة، وأسلسكم في حال اللين، وأعلمكم برأي ذوي الرأي، لا يتشاغل بما لا يعنيه، ولا يحزن بما لا ينـزل به، ولا يستحيي من التعلم، ولا يتحيّر عند البديهة، قوي على الأموال، ولا يخون بشيء منها حدة بعدوان ولا يقصر، يرصد لما هو آتٍ، عتاده من الحذر والطاعة – وهو عمر بن الخطاب…» ثم نزل. كذا في كنـز العمال.
– وأخرج ابن عساكر كذلك، أن عمر بن الخطاب قال في صفات الخليفة: «إن هذا الأمر لا يحمله إلا الليّن في غير ضعف، والقويّ في غير عنف، والجواد في غير سرف، والممسك في غير بخل،… ولا يطيق هذا الأمر إلا رجل لا يصانع، ولا يضارع [لا يشبه فعله الرياء]، ولا يتبع المطامع،…».
– وأخرج ابن سعد (3/228) عن سفيان بن أبي العوجاء قال: (قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: واللهِ ما أدري خليفة أنا أم ملك؟… فقال له سلمان: إن أنت جبيت من أرض المسلمين درهماً أو أقل أو أكثر، ثم وضعته في غير حقه فأنت ملك غير خليفة، فاستعبر عمر).
– وعند نُعيم بن حمـّاد في الفتن… قال سلمان: إنك خليفة ولست بملك… وذلك أنك تعدل في الرعية، وتقسم بينهم بالسوية، وتشفق عليهم شفقة الرجل على أهله، وتقضي بكتاب الله تعالى. فقال كعب: ما كنت أحسب أن في المجلس أحداً يعرف الخليفة من الملك غيري، ولكن الله ملأ سلمان حكماً وعلماً…
– وعند ابن عساكر عن ابن عباس رضي الله عنه قال: لما ولي عمر ابن الخطاب رضي الله عنه قال له رجل: لقد كاد بعض الناس أن يحيد هذا الأمر عنك، قال عمر: وما ذاك؟ قال: يزعمون أنك فظ. قال عمر: الحمد لله الذي ملأ قلبي لهم رُحْماً، وملأ قلوبهم لي رُعْباً. كذا في منتخب الكنـز .