مفهوم مضلل : الإحتلال قد يأتي بخير
بعض المسلمين في الأفغان والعراق يوالون المحتل الكافر، ويتعاونون معه، ويمتنعون عن قتاله، زاعمين أنهم يتمكنون من طرده بالطرق السلمية، ويرضون لأنفسهم أن يكونوا أدوات بيده، لترسيخ نفوذه، وتحقيق أغراضه.
وما علموا أن من حقائق التاريخ، التي لا يختلف فيها عاقلان، أن المحتل دائماً يضع مصالحه في رأس سلم أولوياته، ولا يقيم وزناً مطلقاً لمصالح الشعب المغلوب المحتل، وإن فعل، فبالقدر الذي يخدم مصلحته ويضمن تحقيقها، وبالتالي فلن يحصل المنافقون الراكنون إلى أميركا إلا فتاتاً من مائدتها لا يعدو المنافع الفردية أو العائلية. ومن المعلوم عند المسلمين جميعاً أن قتال المحتل فرض، وأن موالاته حرام، وأن الركون إليه حرام، وأدلة هذا معروفة، وهي كافية لمن عرف الله أن تردعه عن فعل الحرام، وتدفعه للقيام بالفرض. ولكن الذي يعنينا هنا هو إثبات الحقيقة، أو لفت النظر إلى ثبوتها، لأن الحقيقة هي الموجود الثابت. فقد يغفل بعض الناس عن بعض الحقائق، فإذا ذكّر المنصف العاقل بما يثبتها، وقف عندها، وراجع نفسه. فنبوة محمد صلى الله عليه وسلم حقيقة، ووجوب وجود الله سبحانه حقيقة، وتطبيق الإسلام قروناً حقيقة، وتبوُّء الدولة الإسلامية مركز الدولة الأولى قروناً حقيقة، وعداء الكفار للمسلمين حقيقة، ووجود الجنة حقيقة، ووجود النار حقيقة، وكفر أهل الكتاب حقيقة، والجماعة رحمة حقيقة، والفرقة عذاب حقيقة، وإمرة السفهاء حقيقة، ووعد الله بالاستخلاف حقيقة، ونطق الرويبضة حقيقة، ووجود العملاء السياسيين والفكريين من أبناء الأمة للغرب الكافر حقيقة، وهدم الخلافة على أيدي الإنجليز ويهود الدونمة حقيقة، والبغي على الإمام يضعف الدولة حقيقة، وقوة اللغة من قوة دولتها حقيقة، ووجود الرؤوس الجهال حقيقة، وتخلف المسلمين اليوم حقيقة، وغثائيتهم حقيقة، وكون الاحتلال لا يأتي بخير حقيقة، وكون الاحتلال كذلك، أي لا يأتي بخير، حقيقة موجودة ثابتة، والدليل عليها النقل والعقل، أما النقل فإننا مأمورون بقتال المحتل، لم يختلف في هذا الوجوب فقيه من فقهاء المسلمين، على كافة مذاهبهم، ولا يمكن أن يأمرنا الشارع بقتال من يأتينا بالخير، أو بخير. وأما العقل فإن واقع الاحتلال لم يأت بخير مطلقاً، لا قديماً ولا حديثاً، فاحتلال التتر لبغداد لم يأت بخير، واحتلال الرومان لمصر لم يأت بخير، واحتلال الفرنسيين للجزائر لم يأت بخير، واحتلال الإنجليز للهند لم يأت بخير، واحتلال الروس للقوقاز لم يأت بخير، واحتلال اليابان للفلبين لم يأت بخير، واحتلال إيطاليا لليبيا لم يأت بخير، واحتلال كل من البرتغال وهولندا واليابان لإندونيسيا لم يأت بخير، واحتلال الأسبان للأرجنتين لم يأت بخير، واحتلال الإنجليز لفلسطين لم يأت بخير. فكيف يظن ظان أن احتلال الأميركي للأفغان والعراق قد يأتي بخير؟!! هل زرع الفتنة خير؟ هل انتهاك الأعراض خير؟ هل سلب السيادة خير؟ هل قتل النساء والأطفال خير؟ هل نهب الثروات خير؟ هل الاعتداء على المقدسات خير؟ هل فرض دستور كفر خير؟ هل تنصيب حاكم مدني كافر خير؟ هل جعل غير ما أنزل الله وما أنزل الله صنواناً خير؟ هل تغيير المناهج خير؟ هل تشجيع النساء على العمالة والاتباع لأميركا خير؟ هل تشجيعهن على الاسترجال خير؟ هل تفتيش علوج الروم لهن خير؟ هل اعتقالهن خير؟ هل تسريح الجيش خير؟ هل إنشاء جيش على أيديهم خير؟ هل إنشاء قوات عسكرية خير؟ هل الانتخابات تحت إشرافهم المباشر، أو غير المباشر خير؟ هل ديمقراطيتهم خير؟ هل حرياتهم خير؟ هل تعيينهم لقرضاي وأشباهه خير؟ هل كذبهم وتضليلهم الإعلامي خير؟ فهل بعد هذا يقول عاقل إن الاحتلال قد يأتي بخير؟ إن عدوكم لم يأت بجيشه من أقاصي المعمورة لتحقيق مصالحكم، بل لتحقيق مصالحه، وهو لن يخرج بالمفاوضات، بل إنه بعد تركيز نفوذه العسكري والسياسي سينتقل إلى أقطار أخرى، معتمداً على قرونه التي أخرجها، واطمأن إليها في النيابة عنه لتحقيق مصالحه، مكتفياً بقواعده العسكرية لحماية وتثبيت هذه القرون، فلا تغتروا بوعده، فقد جربتم كذبه وتضليله، وصلفه وجشعه، ولا تركنوا إليه، وقد علمتم كفره وظلمه، ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم، كما ذهبت في الجولات الأولى من هذه الحملة أو الحملات. بادروا – أصلحكم الله – إلى بيعة إمام وكونوا خلفه صفاً واحداً، فالجماعة خير والفرقة عذاب، واصدموا عدوكم صدمة صادقة بما أمكنكم من الإعداد، ولا يهولنكم قضه وقضيضه، فإنما النصر من عند الله، وكفى به ناصراً ومعيناً
ع. ع.