الصبر… الزاد في خضم المرحلة (1)
2004/10/10م
المقالات
1,743 زيارة
الصبر… الزاد في خضم المرحلة (1)
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد…
الله سبحانه الحكيم، يضع الشيء في موضعه، فلا يعطي منحة الاجتباء، والحفظ، والنصر، إلا لمن يستحقها. أما من ليسوا أهلاً لها، فليس لهم إلا الخذلان.
نعوذ بالله من الهوان على الله. لكن النفس تعاند، والشيطان يوسوس، والدنيا تزخرف، والهوى كثيراً ما يغلب. وهذه كلها قد أقبلت تريد أن تحول بين العبد، وبين ما فيه نجاته، وفلاحه، وفوزه في الدنيا والآخرة. وهذه الأربعة هي حقاً أعدى أعدائنا، فمتى قهرنا: النفس، والشيطان، والدنيا، والهوى، كنا على قهر أعدائنا من الإنس أقدر، وإن قهرتنا هذه الأربعة، فقد استوينا وأعداءنا في المعصية، وبقي لهم فضل قوتهم، فانهزمنا. وكلماتنا التي نسطرها إنما هي نصائح تعين على التغلب على النفس، والشيطان، والدنيا، والهوى. فانظر فيها أخي الداعية، فما أردناها إلا دلالة على الخير، سداً لثغرة قد رأيناها، أو تصحيحاً لخللٍ، أو دلالة على معروف. ودورنا أن نقول وننصح، لكن الثغرة لن تسد، والخلل لن ينصلح، والمعروف لن يتحقق، إلا بالعمل، وهذا دورك أخي الكريم، ودورنا جميعاً. فالكلمات لا تراد لذاتها، وإنما لفهمها، والعمل بها ﴿وَقُلْ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ﴾[التوبة: 105].
سيزول الألم ويبقى الأجر إن شاء الله
اعلم أخي -رحمك الله- أنه ستواجهك مصاعب جمة، ومتاعب كثيرة، وابتلاءات عديدة، وأنت تسير في طريق الحق، وتنشغل بالعمل للإسلام.
فإذا ما ثبتّ على الحق، وصبرت على الابتلاء، فإن الألم سيزول، والتعب سيذهب، ويبقى لك الأجر والثواب إن شاء الله. ألا ترى أن الصائم الذي يصوم في حر القيظ، يذهب ألم جوعه وعطشه، مع أول رشفة ماء يرتشفها، وهو يردد قول النبي الكريم صلى الله عليه وسلم: «ذهب الظمأ، وابتلت العروق، وثبت الأجر إن شاء الله..». فمع دخول أول قدم لك في الجنة سيزول عنك كل تعب لاقيته، وكل هم أصابك، وكل جرح جُرِحْتَه، أو كلم كُلِمْتَه في سبيل الله، ويقال لك: هل رأيت بؤساً قط؟ فتقول -بعد أن تغمس في الجنة غمسة-: لا والله يا رب! ما رأيت بؤساً قط.
سئل الإمام أحمد: متى يجد المؤمن طعم الراحة، قال: عندما يضع أول قدم له في الجنة.
لقد تبدد تعبك وألمك، بل تحول إلى فرحة وسعادة وهناءة، فقد ثبت لك الأجر والثواب، وزادك الله من فضله، وأكرمك كرماً يليق بوجهه سبحانه، فحينئذ تتمنى أن لو كنت بذلت أكثر، وتعبت أكثر وأكثر في سبيل دينك، وسهرت أكثر وأكثر من أجل ربك، وسافرت وتركت من الدنيا أكثر، وضحيت في سبيل الله أكثر وأكثر مما ضحيت، بل تتمنى -كما يتمنى الشهيد- أن لو عدت إلى الدنيا لتقتل في سبيل الله، ثم تحيا ثم تقتل، ثم تحيا ثم تقتل، لما رأيت من فضل الله، وإكرام الله للشهداء.
كيف تثبت في الابتلاء
سيقول لي البعض: إنني حديث العهد بالالتزام بالإسلام، وأخاف أن لا أثْبُتَ أمام الابتلاءات الكثيرة، أو أن لا أصبر عليها، فأقول لمثل هذا الأخ قول النبي صلى الله عليه وسلم: «ومن يتصبر يصبره الله»، وقوله صلى الله عليه وسلم: «ومن يتحرَّ الخير يُعْطَهُ، ومن يتق الشر يوقَه» فمن تعاطى أسباب الصبر رزقه الله الصبر، ومن تعاطى أسباب الوهن، والجذع، والخذلان، أصيب بما تعاطى أسبابه، ﴿وَمَا ظَلَمَهُمْ اللَّهُ وَلَكِنْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾[آل عمران: 117].
فعليك أخي المسلم بالمصابرة، فصابر نفسك فترة من الزمان، ستجد أنها أصبحت بعد ذلك من النفوس الصابرة، بل الراضية إن شاء الله… أما إذا اشتدت عليك المتاعب، وازداد عليك البلاء، وكثرت عليك المصائب، وحدثتك نفسك الأمارة بالسوء أن تركن إلى الدنيا -ولو لفترة- أو وجدت نفسك الأمارة بالسوء تمردت عليك، فعليك أن تسوس هذه النفس حتى تسلم قيادها لك، ويسلس أمرها معك، وتستجيب لأمر الله وهي راضية بعد أن كانت كارهة. إذا أردت ذلك فقل لها: يا نفس قد قطعت جزءاً كبيراً من مشوارك وسيرك إلى الله، فلم يبق إلا اليسير، فاصبري عليه يا نفس، لا تضيعي سابق عملك الصالح، وسهر الليالي والأيام، وتعب السنوات في سبيل الله، في لحظة طيش. إنها لصبر ساعة، فلتصبريها، فمقام البلاء كمقام الضيف، فيا سرعة انقضاء مقامه، ويا لذة مدحه وثنائه في المحافل على المضيف الكريم، ويا أقدام الصبر اعملي، فما بقي إلا القليل. وعليه أن يفعل مع نفسه كما فعل “بشر الحافي” مع أحد تلامذته الذين سافروا معه، فعطش الرجل في الطريق، فقال له نشرب من هذا البئر، قال بشر: اصبر إلى البئر الأخرى، فلما وصلا إليها قال: البئر الأخرى، فما زال يعلل، كلما جاء إلى بئر قال له: البئر الأخرى، ثم التفت إليه فقال له: هكذا تنقطع الدنيا.
وقد أعجبتني كلمة عظيمة للإمام أحمد، رحمه الله، فقد كان يردد: إنما هو طعام دون طعام، وشراب دون شراب، وإنها لأيام قليلة. وهذه الكلمات تحتاج إلى كثير من التدبر والتفكر، ثم يقف مع نفسه وقفة أخرى ليقول لها: أما ترين أهل الدنيا يصابون بمصائب وبلايا أكثر من مصابك بمرات، ثم هم لا يؤجرون على ذلك، ولا يرزقهم الله الصبر عليها، وهم عادة في هم، وغم، وضيق، واكتئاب، بل وجنون، من تلك المصائب؟ أما سمعت مرة بسيارة غرقت بأسرة كاملة، ماتوا جميعاً؟! فأين مصيبتك من مصيبة هؤلاء؟! إن أكثر ما تصابين به، أن يقتلك الأعداء وهذا شرف لك وليست مصيبة، بل هي حياة، وما أغلاها من حياة، ثم يقول لنفسه: ماذا يمكن أن يصيبك من عدوك؟! أن يسجنك شهراً، أو شهرين، أو عاماً، أو عدة أعوام، أو حتى العمر كله، فيكفيك شرفاً أنك قضيت عمرك في سبيل الله، ويكفيك شرفاً أن تكوني على درب يوسف، عليه السلام، وقد ارتمى في السجن بضع سنين! ولتقل لنفسك الأمارة بالسوء: يانفس، ألا ترين تلك الآلاف من الناس الذين يملأون السجون من أجل معصية الله؟! فكفاك شرفاً أنك ابتليت من أجل طاعتك لله عز وجل، فترين هذا وقد حكم عليه بالإعدام من أجل لحظة شهوة تافهة حقيرة، وهو يغتصب فتاة، وهذا من أجل أنس بالشيطان والمخدرات حكم عليه بالسجن المؤبد، وغيرهم كثير وكثير.
ولعل ذلك يكون سبباً في وصولك إلى درجات العابدين، فكم من أخ لم يعرف القيام حق معرفته إلا في الشدة. وكم من أخ لم يفقه القرآن، ويفهم مراميه، ويدرك حكمه الباهرة حق الإدراك، إلا في الشدة. وذلك فضلاً عن حفظه ودراسة تفسيره، وكل ذلك مضافاً إليه نيل درجات في علوم لا يتعلمها المرء من الكتب والصحف، وإدراك معان ما كان ليدركها، أو يتذوق حلاوتها، مهما قرأ عنها، أو درسها، أو حفظها، وذلك مثل معاني التوكل، والإنابة، والخشية، والتوبة، واليقين، والرضى.
ورحم الله شيخ الإسلام “ابن تيمية” الذي كان يقول: أنا جنتي وبستاني في صدري، أنّى رحت فهي معي لا تفارقني. إن حبسي خلوة، وقتلي شهادة، وإخراجي من بلدي سياحة
من ترفَّهَ وقت العمل ندم وقت تفريق الأجرة
ولتتذكر أخي قول “ابن الجوزي”: «قد ثبت أن المؤمن بالله كالأجير، وأن زمن التكليف كبياض نهار، ولا ينبغي للمستعمَل في الطين أن يلبس نظيف الثياب، بل ينبغي أن يصابر ساعات العمل، فإذا فرغ تنظف، ولبس أجود ثيابه، فمن ترفّه وقت العمل، ندم وقت تفريق الأجرة، وعوقب على التواني فيما كلف.
فالدنيا كلها متاع زائل، ولا تساوي عند الله جناح بعوضة، وعليه أن يردد بقلبه ولسانه قول سحرة فرعون -الذين غمر الإيمان قلوبهم- لفرعون العصر، وفرعون كل عصر: ﴿فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا﴾ [طه: 72].
وعليه أن يذكر نفسه أن هؤلاء الطواغيت، وإن ملأوا الدنيا ضجيجاً، وصياحاً، وتهديداً، ووعيداً للمؤمنين، فإن ذل المعصية، ونكدها، وغمها، لا يفارقهم أبداً، كما قال “الحسن البصري” فإنهم «وإن طقطقت بهم البغال، وهملجت بهم البراذين، فإن ذل المعصية في وجوههم. أبى الله إلا أن يذل من عصاه».
وكل هذه المعاني لا يستشعرها ولا يعرفها حق المعرفة إلا أهل الإيمان، والصلاح، والمعرفة الحقة بربهم ومولاهم الحق، فهؤلاء يعلمون أن زمانهم وزمان الطواغيت ينقضي عن قريب، والمراحل تطوى، وللركبان في السعي الحثيث شرف الامتثال لمدرسة الابتلاء.
أخي الداعية، يا من شرفك الله بحمل دعوته:
يكفيك شرفاً إذا صبرت عند الشدائد والأهوال، وثبتَّ على الحق بعد الابتلاء تلو الابتلاء، (ونسأل الله العافية) أن تكون ضمن خريجي مدرسة الابتلاء العظيمة التي يتربى فيها الرجال تربية خاصة، ويصقلون فيها صقلا خاصاً، ويتخرجون منها وهم كالذهب الخالص لا تشوبه شائبة، قد صفت نفوسهم، وراقت قلوبهم، وحطت ذنوبهم، وقبلت توبتهم، وخشعوا، وخضعوا، واستسلموا لربهم، وتوكلوا عليه حق التوكل، ونفضوا أيديهم من سواه. فمن تخرج من مدرسة الابتلاء بنجاح أصبح إماماً من أئمة الدين، وقائداً من قادة الرشاد ﴿وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ﴾[السجدة: 24]. فمن مدرسة الابتلاء تخرج “عمار بن ياسر” و”بلال بن رباح” و”صهيب” و”سلمان” و”خباب ابن الأرت” و”خبيب بن عدي” وغيرهم من الصحابة. ومن تلك المدرسة تخرج: “سعيد بن جبير” و”مالك ابن أنس” و”أبو حنيفة” كما تخرج منها أعظم تلامذتها في زمنه -والذي أضحى بعد ذلك من كبار أساتذتها- وهو الإمام “أحمد بن حنبل”، كما تخرج منها: “ابن تيمية” و”ابن القيم” و”السرخسي” وتكون من خريجي تلك المدرسة العظيمة، التي رائدها ومعلمها الأول: الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم الذي كان يقول: «أوذيت في الله وما يؤذى أحد».
أترى لولا أن مشركي قريش استولوا على أموال “صهيب الرومي” أكان يحظى بدرجة: «أبا يحيى، ربح البيع». أترى لولا العذاب الذي ذاقه “آل ياسر” على يدي مشركي قريش أكانوا ينالون شرف: «صبراً آل ياسر، فإن موعدكم الجنة». ولولا تقطيع “أنس بن النضر” إرباً في غزوة أحد، أكان ينال شرف: «لو أقسم على الله لأبره». ولولا ذلك لما انبسط وجهه، وتحقق له ما أراد يوم حلف: واللهِ لا تكسر ثنية الرُبَيِّع. ولولا العذاب الذي ذاقه “بلال بن رباح” على يدي أمية ابن خلف وزبانيته، ما نال درجة: «بلال سيدنا». ولولا صبر “يوسف عليه السلام” في السجن، ما نال درجة: ﴿أَيُّهَا الصِّدِّيقُ﴾ [يوسف: 46]. ولولا صبر “أصحاب الرجيع” على ما لاقوه في سبيل الله، ما كانوا من أهل﴿وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ﴾ [البقرة: 207]. ولولا صبر “معاذ بن جبل”، وبذله في سبيل الله، وإراقة دمه يوم الخندق، وحكمه العادل في بني قريظة، ما نال درجة: «اهتز عرش الرحمن لموت سعد». ولولا بذل وعطاء وصبر “عبد الله بن حرام” في أحد، وقبل أحد، ما نال درجة قول الله: «ياعبدي! تمنَّ علي أعطك الحق». ولولا صبر وثبات “سيد قطب” في محنته وعند قتله، ما أصبح لكلماته أثر يذكر.
هناك ذنوب كبيرة لا تكفرها إلا الحسنات الكبيرة، أو الإبتلاءات الشديدة، فيقدر الله عز وجل على أوليائه الإبتلاء، ليكفر عنهم ذنوبهم صغيرها وكبيرها، دقها وجلها، أولها وآخرها، حتى لا تبقى لهم خطيئة، فيقبلون على ربهم وقد حطت عنهم خطاياهم. وأكرم بذلك من فضل, وأنعم بها من درجة عالية، ولعل هذا المعنى هو الذي أشار إليه الحديث الشريف الذي رواه الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «وما يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة في نفسه وولده وماله، حتى يلقى الله وما عليه خطيئة». وهذا “خبيب بن عدي” يقول عند قتله:
ولست أبالي حين أقتل مسلماً
على أي جنب كان في الله مصرعي
وذلك في ذات الإله وإن يشأ
يبارك على أوصال شلو ممزع
وهذا الصحابي “عبد الله بن جحش” يتنحى جانباً مع “سعد بن أبي وقاص” قبل غزوة أحد، ويتفقان على أن يدعو كل واحد منهما ويؤمن الآخر، فكان دعاء عبد الله بن جحش: اللهم ارزقني رجلاً شديداً حرده، شديداً بأسه، أقاتله فيك ويقاتلني، ثم يأخذني فيجدع أنفي وأذني، فإذا لقيتك غداً قلت: يا عبد الله فيم جدع أنفك وأذنك؟ فأقول: فيك وفي رسولك، فيقول: صدقت. ما أعظم هذا الدعاء وما أروعه! إنها نفوس باعت كل شيء لربها، وتحول المرّ عندها حلواً. إنه لا يصدر إلا من رجل استعذب الطريق، وذاق حلاوته، فلا شيء يهمه سوى مرضاة ربه، ولا يهمه سوى أن يلقى الله وهو طائع له، مقتول في سبيله. إن هؤلاء وأمثالهم جديرون حقاً بتمكين الله لهم، ونصر الله لهم، واصطفائه لهم سبحانه.
وقد تحقق لعبد الله بن جحش ما أراد، فمات شهيداً في أحد، وجدع المشركون أنفه، ولعل البعض لا يعرف أن الصحابي الجليل عبد الله بن جحش، من أعظم بيوتات قريش، وهو ابن عمة الرسول صلى الله عليه وسلم ، إنهم قوم أحسوا أن سعادتهم لا تكون إلا في سيرهم في هذا الطريق، ولو مزقوا إرباً، ولو حاربوا الأبيض والأسود، ولو رماهم الناس جميعاً عن قوس واحدة، وإن فارقوا أوطانهم وأهليهم. وتشعر وكأنهم يرددون قول القائل: نحن في نعمة لو علمها الملوك لجالدونا عليها بالسيوف، لا يهمهم من أمر الدنيا شيء، ولا يشغلهم إلا هم العمل للإسلام، وتمكينه في الأرض، فتهتف قلوبهم: في سبيل الله ما أحلى المنون. وهؤلاء الذين ذكرناهم، استعذبوا الطريق، ووجدوا له حلاوة أذهبت ألم الطريق، ووعورته، وصعوبته، وعذابه، بل حولت العذاب عذباً، والمر حلواً، والصعب سهلاً، والغالي رخيصاً، فرضاهم في رضا مولاهم الحق، ومحبتهم للشيء هي من محبته سبحانه له .
… يتبع
2004-10-10