كلمة أخيرة:
تشويه الفكرة والهدف والداعين له
يقوم الأعداء باستخدام سلاح التشويه ضد الأفكار والأهداف التي يحملها أصحاب المبادئ التي يحاربونها، ويقوموا أيضاً بتشويه صورة الدعاة الذين يحملون هذه الأفكار، وذلك بهدف عزلهم عن الناس، والحيلولة دون التفافهم حول الفكرة وحول من يحملها. حصل ذلك أيام الرسول الكريم محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، فوصفوه بالساحر، والمجنون، والكذاب، والعياذ بالله، وأطلقوا على الأشخاص الذين آمنوا معه برسالته وصف: «الصابئون»، وكانوا يقولون على من يعلن إسلامه «فلان صبأ» وترك دين الآباء والأجداد، ثم وصفوهم بـ«الأراذل» قال تعالى: ( قَالُوا أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ ) [الشعراء]. وقال تعالى: ( وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ ) [هود 27].
وحينما تشتعل الحرب الحقيقية فإنه يرافق ذلك اشتعال للحرب النفسية والكلامية، وكأنه جزء من الصراع، ومن مكملات المعركة الدائرة بين الكفر والإيمان. ومن الأمثلة على ذلك ما حصل عقب انتهاء معركة أُحُد حينما كان الجيشان لايزالان في أرض المعركة، فقد اختتمت بمعركة كلامية تطرقت لصلب العقيدة، أي للفكرة التي استشهد لأجلها خيرة الصحابة، حيث ورد في سيرة ابن هشام الرواية التالية: «ثم إن أبا سفيان بن حرب حين أراد الانصراف، أشرف على الجبل (جبل أحد) ثم صرخ بأعلى صوته، فقال: أنعمْتَ فعال، إن الحربَ سجال، يوم بيوم، أَعْلِ هُبَل، أي أَظْهِر دينك. فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): قم يا عمر فأجبه، فقل: الله أَعْلى وأجلّ، لا سواء، قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار».
والآن في هذه الأيام تدور معركة بكافة أنواع الأسلحة في العراق وأفغانستان وفلسطين ومناطق أخرى على نطاق أضيق، يرافقها معركة تشويه في الإعلام والسياسة والرأي العام، تتحدث عن الإرهاب، والتطرف، والأصولية، وصراع الحضارات، والإجرام، والظلامية، والعداء للتقدم، والعداء للحضارة، والعداء للإنسانية، وهذا هو الشق الآخر للمعركة الدائرة وهو مكمل لها، وليس من المتوقع أن يتخلى العدو عن أسلحته والمعركة في أشدّها، ولا نتوقع أن تتوقف أميركا عن كيل التُّهم لكل الناشطين من المسلمين.