إنهم يخافون من القلم والكاميرا
قامت أميركا باحتلال العراق وساعدتها بريطانيا في ذلك، ولوحظ خوف أميركا الشديد من وسائل الإعلام، وكان أشد ما يخيفها القلم والكاميرا، وقيل أن عدد الصحفيين الذين قتلتهم قوات الاحتلال بلغ بضعاً وستين صحفياً، ولوحظ أن العديد منهم قُتل عمداً وقصف عمداًَ، وهناك من اعتقل ثم أُفرج عنه بعد مصادرة ما بحوزته من صور ووثائق.
يُضاف إلى ذلك أن الفلوجة دُمّرت قبل عام بعيداً عن أعين الصحفيين والكاميرات، ودمرت مدنٌ أخرى أيضاً في الظلام وفي غيبة الإعلام. كما أن صور التعذيب في سجن أبو غريب وفي سجن الجادرية تسربت دون رغبة الجلاد الأميركي وزبانيته المجرمين.
أما (إسرائيل) -ربيبة أميركا- فقد دمّرت مخيم جنين وارتكبت مجزرة في المخيم الضحية بعيداً عن الكاميرات، بينما بالمقابل حشدت ثلاثة آلاف صحفياً لتغطية انسحاب بضع مئات من المستوطنين من غزة لإخراج مسرحية إخلاء المستوطنات هناك.
أما بعض الحكام العرب فإنهم يسجنون الصحفيين، أو يعدمونهم، أو يخفونهم، أو يوجد بعضهم ميتاً بمحض الصدفة على قارعة الطريق. وفي حالة أخرى يفجرونه بطريقة حديثة جداً تتناسب ولغة العصر: إما بكاتم الصوت، أو بقنبلة موقوتة، أو بسيارة مفخخة، أو ما شابه ذلك.
حينما حصلت جريمة قتل الطفل (محمد الدرة) في غزة تم نقل الصورة بالمصادفة إلى أوروبا، عبر أحد المراسلين، فحصلت الضجة التي أزعجت (إسرائيل) مؤقتاً، ثم نسي الناس كل المجازر التي حصلت بعد هذه الجريمة؛ لأن الكاميرات لم تكن هناك. وكأن الغرب وبعض العرب لا يصدقك إلا من خلال الصورة، فهل أصبحت الصورة هي الدليل الوحيد على حصول الجريمة؟
ما أسخف هذه المعادلة التي يجرنا الغرب إلى الركون إليها، وما أصغر هذه الدول التي تدعي أنها كبيرة حينما ترتكب جرائمها كما يفعل اللصوص تماماً، أي في ظلمة الليل، والناس نيام.