دور الإعلام في تزييف الوقائع وتوجيه الرأي العام
2011/12/06م
المقالات
2,575 زيارة
دور الإعلام في تزييف الوقائع وتوجيه الرأي العام
تخضع وسائل الإعلام بالضرورة لسياسات الدول والمنظمات التي تتبع لها، وبالتالي تحاول جاهدة أن تقدم الأحداث بحسب وجهة نظر من يقف وراءها وتفسرها بما يخدم مصالحه ويبرز قضاياه. وبفعل التأثير الهائل لأدوات الإعلام الحديث في صياغة الرأي العام وتوجيهه، بات الاهتمام بها أعلى درجة مما كان عليه سابقاً، وباتت جزءًا بارزاً من أي صراع سياسي دولي أو محلي، سياسي أو فكري أو تجاري. وهكذا تسابقت الدول والشركات الكبرى على بناء شبكات إعلامية ضخمة للتحكم بأفكار الناس وميولهم وتوجهاتهم بدعاوى «كشف الحقيقة» و«الموضوعية» و«أن تعرف أكثر» و«الرأي والرأي الآخر» و«عالم المعرفة» وكل العبارات المماثلة التي تتشدق بها وسائل الإعلام، والتي ليس لها رصيد في الواقع الإعلامي إلا بمقدار ما تخدم المشروع الذي أنشئت من أجله هذه المؤسسة أو تلك.
وينطبق على التغطية الإعلامية للثورات القائمة ما ينطبق على أي حدث آخر، وهو ما تعرض له الكاتب السعودي نضال البيابي بقوله «لا يمكن أن نتجاهل حقيقة أثر الإعلام على الثورات أو الانتفاضات العربية أو ما يسمى بالربيع العربي، سواء تلك التي حظيت منها بدعم منقطع النظير أم التي تعرضت لحجب وتزييف قل نظيره، من خلال التلاعب بالوقائع والمعطيات وبراعة الإخراج واختلاق الروايات وتهميش حزب ودعم لآخر وفق ما تقتضيه حسابات اللعبة. ولهذا يُسمح بترويج هذا الخبر وإخفاء ذاك، وهنا تتم التعمية وهناك تسلط الأضواء الكاشفة، وفي دولة يموت آلاف الناس كما يموتون في مشاهد لعبة إلكترونية ويمر الخبر مرور الكرام بينما في أخرى تقوم الدنيا ولا تقعد من أجل جريح سقط سهواً!».
وبالتالي فإن من يتوقع أن يحظى بالحقيقة أو بنصيب منها أو بزيادة وعيه والمعرفة لديه بشكل سليم من خلال متابعة وسائل الإعلام فإنه واهم، فمهمة وسائل الإعلام كما يقول الخبراء هي إنتاج منظومة فكرية تصوغ أفكار وسلوكيات وعقليات وأذواق وقيم المشاهدين «المتلقين» من خلال تعزيز رسائل معينة بفعل التكرار حتى تتحول إلى المسلمات في عقلية المشاهد لكي تكيف رغباته من جهة وتستثمرها من جهة أخرى، إضافة إلى وظيفة أخرى وهي تشكيل شخصيات نافذة في المجتمع تقوده وتسوق الناس فيه في إطار المشاريع السياسية المفروضة لتتوج انتصار أحدها على الآخر. ولهذا فإن تركيز وسائل الإعلام كما يقول د. محمد السيد يقوم على إبراز الجزئيات والتفاصيل الصغيرة.. متناسية الكليات والرؤى التي تستند إليها الأحداث على نحو يصدق فيه «إنها تمسك بصغار السمك، وتتغاضى عن أسماك القرش والحيتان». أو كما يقول آخر «إن الإعلام المكتوب والمرئي يتبنى اتجاهات كلية اختزالية/ تكثيفية/ تبسيطية تتحول إلى مسلمات يصعب تفكيكها وفضحها بسبب بساطتها، وإحكام صياغتها، وإغراق الإدراك بها، وصولاً إلى هدر فعلي للوعي».
2011-12-06