بسم الله الرحمن الرحيم
نشرت جريدة إيلاف الالكترونية هذا المقال نقلاً عن جريدة السفير اللبنانية. وقد أحبت «الوعي» إعادة نشره رغبة منها في إلقاء الضوء على ما يمثله حزب التحرير من تطلع إلى إقامة الخلافة الإسلامية، واضطلاع بمسؤولياتها، وفرض نفسه في ميدان العمل لها.
حزب التحرير: منعطف تاريخي لإعلان الخلافة الإسلامية الراشدة!
«حزب التحرير» مع الثورات العربية وضد «الأنظمة الاستبدادية»:
أمامنا منعطف تاريخي يمهد لإعلان الخلافة الإسلامية الراشدة!.
ثمة عداء تاريخي بين «حزب التحرير» في كل ولاياته المنتشرة في العالم وبين كل الأنظمة وخصوصًا العربية منها كونها ترى في أفكاره وأهدافه ومراميه تهديدًا لوجودها، ويرى هو في تمسكها بحدودها التي رسمتها «سايكس بيكو» قوقعة للأمة الإسلامية وتعطيلًا لانفتاحها وامتدادها في أرض الرباط وعلى امتداد الجزيرة العربية وأفريقيا والعالم لاستعادة سلطانها وصولاً نحو إعلان الخلافة الإسلامية، التي يرى الحزب أنها الحل الوحيد لكل المشكلات التي تتخبط فيها المجتمعات. لذلك فان «حزب التحرير» ومنذ نشأته في القدس الشريف على يد الشيخ تقي الدين النبهاني في العام 1953م، قدّم نفسه كحزب تغييري وليس كحزب إصلاحي، لكن من دون عنف ومن دون استخدام السلاح، معتمدًا «منهج الكلمة الطيبة ومبدأ الإقناع»، فواجه قمع الأنظمة العربية والإسلامية، وعانى الأمرين من الحظر كتنظيم سياسي، ومن الملاحقات والتعقبات بحق نشطائه في كثير من البلدان، لذلك فان «حزب التحرير» يدعم اليوم «كل الثورات الشعبية في كل الدول العربية، لكنه يتحفظ في الوقت نفسه على التدخلات الغربية أو القطرية؛ لأن الهدف من هذه الثورات بنظره هو مقدمة للتخلص من الأنظمة الاستبدادية وتمهيد لاجتماع الأمة وإعلان الخلافة الإسلامية، وليس لاستبدال هذه الأنظمة بوصايات أجنبية أو عربية قد تكون أشد على الأمة من الأنظمة القائمة».
لا يعترف «حزب التحرير» بالقوانين الوضعية في أي من بلدان العالم، بل يعتبر «إنه من الواجب تطبيق الإسلام تطبيقًا شاملًا في جميع شؤون الحياة، وأن يكون دستور المسلمين وسائر قوانينهم أحكامًا شرعية مأخوذة من كتاب الله وسنة نبيه». وبالنسبة له «فإن كل نظام غير نظام الإسلام هو نظام كفر، من دون تكفير الحاكم بالضرورة»، وإن غير الإسلام من المبادئ الأخرى كالرأسمالية والشيوعية والاشتراكية والقومية والوطنية «هي مبادئ فاسدة تتناقض مع فطرة الإنسان كونها من وضع البشر، لذلك فإن أخذها حرام وحملها حرام والدعوة إليها حرام، والتكتل على أساسها حرام».
في العام 1959م قدم «حزب التحرير» العلم والخبر إلى وزارة الداخلية اللبنانية بعد أن استقر مؤسسه الشيخ تقي الدين النبهاني في لبنان بعد تعقبات بحقه من قبل السلطات الأردنية والسورية، وباشر عمله بشكل قانوني، لكن في العام 1961م واجه قرارًا بالحظر وذلك (بحسب قيادته) من باب التوازن الطائفي بعد حظر السلطات اللبنانية للحزب السوري القومي الاجتماعي، ما دفعه إلى اعتماد العمل السري، ليتوقف نشاطه في الحرب الأهلية اللبنانية انطلاقًا من كونه لا يؤمن بالعمل المسلح، ليعود إلى الظهور بعد اتفاق الطائف حيث تعرض بداية لكثير من الملاحقات من قبل المخابرات السورية ومن ثم من قبل الأجهزة الأمنية اللبنانية، لكن القضاء المختص (وبحسب قيادته) «لم يتعامل مع الحزب على أساس قرار الحظر، بل كان يبرىء كل نشطائه ويوقف التعقبات بحقهم»، وهذا الأمر شجع قيادة ولاية لبنان على التقدم من جديد بعلم وخبر، حصلوا بموجبه على ترخيص في العام 2006م في عهد الوزير أحمد فتفت عندما كان وزيرًا للداخلية بالوكالة، لينشط الحزب بعد ذلك في فتح المراكز وإقامة المؤتمرات والندوات والتظاهرات والمسيرات التي كانت تربك الأجهزة الأمنية والقيادات السياسية. وتشير قيادة الحزب إلى أنها «تعرضت في العام 2010م لضغوطات كثيرة من قبل السفارة الأميركية وعدد من الأنظمة الإقليمية الذين قاموا بعدة محاولات لسحب الترخيص منه، وأن عددًا من الأجهزة الأمنية عملوا على تنفيذ هذه الرغبات، فرفع مجلس الأمن المركزي توصية إلى مجلس الوزراء بسحب ترخيص «حزب التحرير»، وقد وافق الرئيس سعد الحريري عليه، لكن «ضغوطًا شعبية ساهمت بشطب هذا القرار».
يرى «حزب التحرير» أن انتفاضة الشعوب في وجه الحكام من أجل استعادة سيادة الإسلام وسلطان الأمة أمر مطلوب، وانطلاقًا من ذلك يعتبر الحزب أن الثورات العربية القائمة اليوم بوجه الظلم هي ظاهرة صحية لا بل تشكل منعطفًا تاريخيًا مهمًا في مسار نهوض الأمة الإسلامية، لذلك هو لا يميز في دعمه لهذه الثورات، بل هو خرج في تظاهرات واعتصامات دعمًا لثورة ليبيا في بيروت، ولثورات مصر وتونس وسوريا في طرابلس، وأصدر بيانات حول ثورة البحرين واليمن؛ لأن هذه الثورات بنظره «بدأت تزعزع أنظمة القهر والاستبداد، بعدما فاجأت الغرب وجعلته يضع جداول أعمال جديدة لمواكبة الثورات ومحاولة إجهاضها واستيعاب بعضها كما حصل في مصر، وكما يحصل الآن في سوريا التي كانت ردة فعل الإدارة الأميركية حيالها ألطف من ردة فعلها حيال كل الثورات العربية»؛ لأن النظام السوري (برأي «حزب التحرير») «قدّم، على مدى عشر سنوات، خدمات للسياسة الأميركية، وعمل على استيعاب ولجم الكثير من حركات المقاومة في وجه إسرائيل، تحت شعار الممانعة، وكي تكون حركات المقاومة ورقة تفاوض بيده وليست وسيلة لتحرير فلسطين». ولا يخفي «حزب التحرير» مشاركته في ما يجري من أحداث على أرض سوريا و»لكن بشكل سلمي ومن دون استخدام السلاح الذي لا نؤمن بجدواه»، ذلك أنه لم يسجل في تاريخ الحزب أنه استخدم السلاح أو العنف، «إلا في قتال المحتل إذا وجد»، وهو يعتبر أن تنظيم «القاعدة» يتأثر بأفكاره ومبادئه، من ناحية النظرة إلى التغيير الجذري، «لكن هناك فارقًا منهجيًا واضحًا ما بين طريقة الحزب الفكري ومنهج القاعدة العسكري». ويؤكد المسؤول الإعلامي لـ»حزب التحرير» (ولاية لبنان) أحمد القصص أن «الأمة الإسلامية يجب أن تتحرك اليوم وأكثر من أي وقت مضى لخلع حكامها المستبدين واستبدالهم بأنظمة إسلامية على منهج القرآن والسنة النبوية الشريفة»، لافتًا النظر إلى «أن هذه الثورات القائمة وإن لم تؤد فورًا إلى تغيير النظام إلا أنها تشكل بداية حيوية في الأمة سوف تدفعها إلى التفكير في البديل السياسي، والبديل الوحيد اليوم عن النموذج الغربي الرأسمالي والمرتبط بعقيدة هذه الأمة هو النظام الإسلامي». ويقول القصص: «يجب أن يعي اللبنانيون أن بلدهم ليس عالـمًا مستقلًا بحد ذاته، وأن لا أمل لهم بالنجاة إلا بنجاة العالم الإسلامي المحيط بهم، وهنا يجب أن يتنبه المسلمون إلى أنهم جزء مما يجري في العالم العربي، كما يجب أن يتنبه أصحاب نظرية تحالف الأقليات إلى أن الغلو في هذه النظرية هو انتحار سياسي بعينه، لأن في هذا استعداء لأمة تملأ جوانب الأرض، ولن يكون المستقبل في العالم الإسلامي إلا لها، لذلك فإننا نجد في هذه الثورات مرحلة انتقالية مهمة جدًا للعالم الإسلامي تمهيدًا لتمكين الأمة من استعادة سلطانها». ويستبعد القصص حصول ثورات في لبنان، ويشير إلى أن الفتنة التي يروج لها في مصر هي بإيعاز خارجي، «خصوصا أن المسلمين والأقباط كانوا جنبًا إلى جنب في الثورة المصرية، لذلك يبدو أن ثمة مصلحة خارجية بالنفخ بالبوق الطائفي لإجهاض ما تحقق حتى الآن من إنجازات لهذه الثورة». ويؤكد القصص أن «حزب التحرير» يرى «أن الطوائف الأخرى هي جزء من النظام الذي نسعى إليه، بمعنى ما يدعو إليه مشروعنا السياسي لإقامة الخلافة الإسلامية التي تلحظ وجود طوائف ضمن المجتمع الاسلامي، لهم حق الرعاية الكاملة دون النظر إلى انتماءاتهم الطائفية، كما أن مشروعنا السياسي ليس في مواجهة غير المسلمين في العالم الإسلامي، وإنما هو لمواجهة المشاريع السياسية المخالفة للإسلام، والتي هي في جلها من نتاج الحضارة الغربية وسياساتها».
http://www.assafir.com/Article.aspx?EditionId=1853&ChannelId=43627
&ArticleId=2458
http://www.elaph.com/Web/NewsPapers/2011/5/657020.html?entry=newspapersnewsandreports