سايكس بيكو ونهب خيرات المسلمين!
2016/07/25م
المقالات
2,452 زيارة
بسم الله الرحمن الرحيم
سايكس بيكو ونهب خيرات المسلمين!
مـــــــحــــمــــد جــــامــــــــع ( أبــــو أيـــــمــــن )
مساعد الناطق الرسمي لحزب التحرير في ولاية السودان
سايكس بيكو؛ تلك الاتفاقية المشؤومة، التي كانت بتآمر من بريطانيا وفرنسا في عام 1916م ، عبر وزير خارجية بريطانيا مارك سايكس، ووزير خارجية فرنسا فرانسو جورج بيكو، لتقطيع بلاد المسلمين وإضعافها، والاستيلاء على خيرات المسلمين، وإفقارهم وتجهيلهم ، وجعل بلدانهم في مؤخرة الأمم ليأمنوا عدم امتلاكهم القوة من جديد، وعدم قدرتهم على إقامة الخلافة من جديد.
فعندما هدمت الدولة الإسلامية الخلافة، نهب الغرب المستعمر ثروات الأمة، ونصب حكامًا عملاء له، ضيقوا على الأمة ومنعوها من التمتع بخيراتها، وأثقلوها بالضرائب والجمارك والجبايات بكل أنواعها ومسمياتها، بل وربطوا اقتصادها باقتصاد المستعمر، ففقدت الأمة الثبات في المعاملات المالية، وفي أسعار الصرف، بعد التخلي عن قاعدة الذهب والفضة؛ فأصبحت عملات الأمة تابعةً لعملاتِ الكافر المستعمر؛ تتأثر بارتفاعها وانخفاضها، بل يتدخل عملاء الغرب من الحكام والسياسيين لتثبيت سعر صرف العملات الأجنبية أمام العملات المحلية نزولًا لرغبة المستعمر، وتنفيذًا لسياسات البنك وصندوق النقد الدوليين؛ لأن مصالح الحكام الآنية الأنانية ارتبطت بها، مما أثر على المسلمين في العالم فأصبحوا محاصرين بالفقر والجوع والأمية والبطالة…
الفقر والجوع :
تقول أحصاءات منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) إن أكثر من مليار شخص في العالم يعانون من نقص التغذية (الجوع)، أي حوالى سدس سكان الأرض، وجلُّهم من المسلمين.
وتشير الإحصائيات المتعلقة ببلاد المسلمين الناطقة بالعربية، إلى أن حوالى 40 مليون شخص يعانون من نقص التغذية أي ما يعادل 13% من السكان تقريبًا، بالإضافة إلى أن نحو مائة مليون عربي يعيشون تحت خط الفقر. وفي تقرير نشرته قناة الجزيرة، أن الأمن الغذائي العربي يظل مهددًا بسبب الخلل الذي يشوب العديد من الاقتصادات العربية جراء عدة عوامل داخلية، كفشل الخطط التنموية والتوزيع غير المتكافئ للثروات والفساد، وأسباب خارجية على غرار الأزمات الاقتصادية التي تؤثر على التنمية البشرية عالميًا. ففي الصومال الذي يعيش حربًا أهلية طاحنة منذ سنوات يهدد الموت جوعًا نحو 3.5 ملايين صومالي، أي ما يعادل 45% تقريبًا من عدد السكان. ويعد جنوب البلاد ووسطها من أكثر المناطق المهددة بسبب العمليات المسلحة والجفاف؛ حيث ارتفعت أسعار المواد الغذائية –المفقودة أصلًا- بنسبة وصلت إلى 400% في بعض الأحيان.
وفي العراق، بعد الاحتلال الأميركي، وحالة عدم الاستقرار، كشف تقرير صادر عن وزارة التخطيط والتعاون الإنمائي أواخر العام 2007م أن الفقر شمل 60% من العراقيين في حين بلغت نسبة البطالة 50%.
أما في قطاع غزة فتشير بعض التقارير المحلية إلى أن نسبة الفقر بلغت 90% بسبب الأزمة الاقتصادية الناجمة عن حالة الحصار وإغلاق المعابر مما جعل سكان القطاع البالغ عددهم مليون ونصف المليون شخص يعتمدون على المساعدات الإنسانية كمصدر رئيسي للعيش.
وفي مصر، أكد تقرير للمجالس القومية المتخصصة أن 46% من المصريين لا يحصلون على الطعام الكافي، ويعانون من سوء التغذية. وأضاف التقرير أن 35% من النساء و53% من الأطفال في مصر لا يحصلون على الطعام اللازم مما يشكل خطورة على هاتين الفئتين اللتين تعدان الأكثر هشاشة.
أما في السودان فقد ذكر تقرير صادر عن المجلس القومي للسكان، وهو هيئة حكومية، أن نسبة الفقر في البلاد تتراوح بين 45 و95%، مشيرًا إلى أن إنتاج النفط في السودان لم ينجح في تحسين الظروف المعيشية للسكان.
وفي بقية البلدان تتفاوت النسبة من بلد إلى آخر لكن أغلب التقارير تشير إلى فشل السياسات في تأمين الأمن الغذائي لشرائح مهمة من السكان.
وتشير تقارير المنظمة العربية للتنمية الزراعية إلى اتساع مطرد للفجوة الغذائية في السلع الزراعية قاربت 20 مليار دولار خلال العام 2008م. ويقول تقرير الجزيرة أن العالم العربي يستورد 50 مليون طن من الحبوب؛ خاصة أن استهلاك الفرد العربي يبلغ 325 كيلوغرامًا من الحبوب سنويًا، وهو من أعلى المعدلات العالمية. كما أن الأراضي الزراعية المستغلة في البلاد العربية لا تمثل سوى 30% فقط من الأراضي الصالحة للزراعة والبالغة 175 مليون هكتار، وهي مساحات ما فتئت تتناقص بسبب الظروف الطبيعية والبشرية المختلفة.
المصدر : الجزيرة http://www.aljazeera.net/news/arabic/2009/11/16
وفي السودان، هذا البلد الغني بالموارد الزراعية والمائية والحيوانية، والذي كان يعتبر سلة غذاء العالم، يواجه الناس الفقر والجوع في كل أطرافه، هذا مع الفشل الذريع في سياسات الدولة الاقتصادية، وانعدام التنمية وضعف الإنتاج، مما أثر على البلاد والعباد، فارتفعت أسعار السلع والخدمات، وتدهور سعر صرف الجنيه أمام الدولار ليصل إلى أسوأ التوقعات حيث بلغ ما يقارب 14 جنيهًا مقابل دولار واحد.
جاء في تقرير لسكاي نيوز العربية في 17/10/2014م تحت عنوان : العالم العربي يواجه الفقر في يومه العالمي ما نصه: (وفقًا لإحصائيات البنك الدولي في عام 2013م، يبلغ عدد سكان العالم العربي حوالي 345 مليون شخص، ويبلغ إجمالي الناتج المحلي للدول العربية مجتمعة تريليون و490 مليار دولار، ويعيش في العالم العربي 11 مليون شخص على أقل من دولار واحد في اليوم، وهو ما تصنفه الأمم المتحدة باعتباره «فقرًا مدقعًا.”
ووفقا للصندوق الدولي للتنمية الزراعية (إيغاد) فإن الفقر في بلد عربي مثل اليمن على سبيل المثال يؤثر على نحو 42 بالمائة من سكان البلاد. أما في مصر، أكبر البلاد من حيث عدد السكان، فتزيد نسبة الفقر عن خمسة وعشرين بالمائة، بل إن ثلثي السكان في صعيد مصر يعانون الفقر. وحتى في بلد نفطي مثل العراق، تبلغ نسبة الفقر، وفقًا للبنك الدولي 18.9 بالمائة، في حين تصل في الأردن المجاور إلى 14.4 بالمائة، وفي لبنان تزيد لتصل إلى 28.6 بالمائة. أما الدول التي تنخفض فيها هذه النسبة مثل تونس والجزائر، فتصنف وفقًا للصندوق الدولي للتنمية الزراعية كدول ذات دخل متوسط.
الأمية :
تعاني بلاد المسلمين من الجهل والأمية بعد سقوط دولتهم، فقد ذكرت المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الألسكو) أن عدد الأميين في المنطقة العربية، فقط في عام 2013م، بلغ 97.2 مليون شخصًا من أصل حوالى 340 مليون نسمة، أي بنسبة 27.9 في المئة من مجموع السكان ) BBC 10/9/2013م.
وفي تقرير لليونسكو ( أن واحداً من كل خمسة بالغين في البلاد العربية يعاني من الأمية، وفي العراق يعاني 20 بالمئة من مجموع سكانه من الأمية وعدم وجود التعليم، وفي المغرب، لا يزال 10 ملايين شخص يعانون من الأمية، ويشير آخر إحصاء للسكان إلى أن عدد سكان المغرب يقارب 34 مليونًا، ما يعني أن قرابة ثلث السكان أميون، أما في مصر، فربع السكان البالغين أي 25%، وكذا السودان 24% يعانون من الأمية.) راديو سوا 8/9/2015م.
وقد وضعت العديد من المعوقات لتجهيل الأمة ورفع نسب الأمية فيها؛ منها غياب الإرادة السياسية الحقيقية في مكافحتها، وشح الإنفاق الحكومي على التعليم، وعدم تدريب القائمين عليه أو تجديد المناهج الدراسية، خاصة في مجال العلوم، وتدني الرغبة في التعلم، وانتشار الفقر خصوصًا في المناطق الريفية، وفوق ذلك كله تغييب الإسلام عن الحكم والسياسية.
والغالب الأعمَّ في هذه البلاد التي تعاني من الأمية أنها بلاد غنية بالثروات والخيرات، فكيف يعاني أهل هذه البلاد من الأمية، لولا عمالة حكامهم، ورهنهم البلاد للأعداء المستعمرين الذين يعملون على تجهيل المسلمين، وجعلهم في مؤخرة الأمم، حتى لا تقوم لهم قائمة فلا يفكروا في النهضة ولا يعملوا لإقامة دولتهم الخلافة الراشدة؟.
البطالة:
وبالرغم من الموارد والثروات الضخمة التي تتمتع بها بلاد المسلمين، إلا أن الغالبية بلا عمل، بل في كل عام تتزايد نسب البطالة في بلاد المسلمين دون أي معالجات ناجعة لتلك المشكلة خاصة في أعمار الشباب؛ الذين هم عمود أساسي في بناء الأمم، ولا يخفى على أحد أن القوى البشرية هي ثروة عظيمة ومهمة جداً في تقدم الأمم وتعميرها، إلا في بلاد المسلمين؛ إذ إن الإنسان هو في آخر اهتمامات الدول التي أنشأها المستعمر باتفاقيته المشؤومة (سايكس بيكو)، ففي دراسة نشرتها قناة الجزيرة في موقعها بتاريخ 4/2/2005م أن نسبة البطالة في البلاد الإسلامية الناطقة باللغة العربية فقط 15% من مجموع السكان .
و في 2009م جاء في تقرير لمنظمة العمل الدولية أن نسبة البطالة ارتفعت إلى 25% (موقع الـ بي بي سي 26/10/2009م ). وفي العام الماضي 2015م، كشف المدير العام لمنظمة العمل العربية أن أكثر من 30% من الشبان العرب يعانون البطالة ) العربية نت 20/4/2015م.
امتلاك القوة العسكرية:
في مجال القوة العسكرية، عمل الكافر المستعمر على إضعاف الجيوش في بلاد المسلمين وجعلها تابعة له من حيث التسليح والتدريب؛ بل حتى الأوامر في الحرب والسلم، فلا يستطيع أحد من الحكام العملاء المأجورين أن يتخذ قرار حربٍ أو سلامٍ؛ إلا بعد الرجوع إلى أسياده في الغرب أو الشرق، وقد بلغ التدخل في الجيوش التي أقيمت في بلاد المسلمين بعد الاستعمار حدًا لا يتصوره عاقل، فلن يُمحى من التاريخ ما قام به الأميركان بعد احتلال العراق، من تدمير القوة العسكرية لهذا البلد المسلم الكبير الذي كان يومًا من الأيام مركزًا للخلافة، تُرفع فيه رايات الإسلام، وتنطلق منه الجيوش لنشر الإسلام في العالم، وقد قام الأميركان بتدمير هذه القوة العسكرية حتى يأمن اليهود في أرض الإسراء والمعراج، وحتى لا تستخدمه الأمة إذا أقامت دولتها بإذن الله، حيث أصبح الجيش العراقي عبارة عن مليشيات يستخدمها السياسيون في تصفية حساباتهم الشخصية، وكذلك في سوريا لايختلف الأمر عن العراق؛ حيث حول الرئيس المجرم بشار ومن قبله المقبور أبوه كل الجيش لخدمة الرئيس وعائلته، فأصبح الجيش ظالمًا يقتل المسلمين ولا يحميهم، ينتهك الأعراض، ويسفك الدماء ويحارب الله ورسوله والمؤمنين ولا يبالي، والشواهد كثيرة وتكاد لا تعد كما في ليبيا ومصر وغيرها من بلدان المسلمين..
وعندما قامت الثورات في البلاد الإسلامية كادَ الغرب لهذه الثورات المباركة، وجنَّد جنوده من المرتزقة والعملاء لوأد الثورات، وعقد المؤتمرات المتآمرة لإجهاضها ومطاردة شبابها الذين ثاروا ضد أنظمة المستعمر وحكوماته وعملائه، كما هو الحال اليوم في سوريا، ومصر، وليبيا، وتونس واليمن والسودان…إلخ.
وبرغم كل الأعمال القذرة الذي قام بها الكافر المستعمر مع عملائه لتجهيل المسلمين وإضعافهم إلا أنهم لم يُخفوا عملهم الدؤوب لمنع نهضة المسلمين وصدهم عن دينهم، فتصريحاتهم المفضوحة ضد الإسلام وأهله تشير إلى ذلك، وتوضح حقدهم المفضوح ضد المسلمين لمنعهم من الحكم بما أنزل الله، ومن إقامة دولتهم الخلافة الراشدة الثانية ومن أقوالهم:
في خطابه أمام الجمعية العامة التابعة للأمم المتحدة الجمعة 27/9/2013م حذر وزير خارجية روسيا، لافروف، من أن ( أكثر المجموعات المسلحة قوة في سورية هي المجموعات الجهادية التي تضم العديد من المتطرفين الذين جاؤوا من كل أرجاء العالم، والأهداف التي يسعون لتحقيقها ليست لها أي علاقة بالديمقراطية، وهي تقوم على مبادئ التعصب، ويهدفون إلى تدمير الدول العلمانية، وإقامة خلافة إسلامية). وبعد خروجه من اجتماعات الأمم المتحدة، وحول التخلص من السلاح الكيمياوي السوري، صرح بأن بلاده لا تستبعد إشراك المعارضة السورية المسلحة في مؤتمر جنيف 2 ما لم تكن تفكر في إقامة الخلافة.
وفي القديم قال وزير خارجية إنجلترا كرزون: ((لقد قضينا على تركيا، التي لن تقوم لها قائمة بعد اليوم… لأننا قضينا على قوتها المتمثلة في أمرين: الإسلام والخلافة)).
و نشرت مجلة النيوزويك في عددها الثامن من نوفمبر 2004م قول وزير الخارجية الأميركي الأسبق (هنري كيسنجر): (إن العدو الرئيسي هو الشريحة الأصولية الناشطة في الإسلام التي تريد في آن واحد قلب المجتمعات الإسلامية المعتدلة وكل المجتمعات الأخرى التي تعتبرها عائقًا أمام إقامة الخلافة ).
وقال قائد قوات التحالف الصليبية المشتركة في العراق المحتل ريشارد مايرز: «إن الخطر الحقيقي والأعظم على أمن الولايات المتحدة هو التطرف الذي يسعى لإقامة دولة الخلافة كما كانت في القرن السابع الميلادي. (قال ذلك في جلسة الاستماع التي أقامتها لجنة خاصة في الكونجرس الأميركي تحدث فيها وولفويتز وآرميتاج ومايرز وعرضت الجزيرة مقتطفًا من الجلسة في 26/ 6/2004م.
وصرّح بوش في السادس من تشرين الأول 2005م، مشيرًا إلى وجود استراتيجية لدى مسلمين تهدف إلى إنهاء النفوذ الأميركي والغربي في الشرق الأوسط، فقال: إنه «عند سيطرتهم على دولة واحدة سيستقطب هذا جموع المسلمين، ما يمكنهم من الإطاحة بجميع الأنظمة في المنطقة، وإقامة إمبراطورية أصولية إسلامية من إسبانيا وحتى إندونيسيا.
يقول (توني بلير) في المؤتمر العام لحزب العمال البريطاني بتاريخ 16/7/2005 حول تفجيرات لندن في 7/7/2005م: «إننا نجابه حركة تسعى إلى إزالة دولة إسرائيل، وإلى إخراج الغرب من العالم الإسلامي، وإلى إقامة دولة إسلامية واحدة تحكّم الشريعة في العالم الإسلامي عن طريق إقامة الخلافة لكل الأمة الإسلامية.
ويقول وزير الداخلية البريطاني تشارلز كلارك في كلمة له في معهد هيرتيج في 6/10/2005م: (لا يمكن أن تكون هناك مفاوضات حول إعادة دولة الخلافة، ولا مجال للنقاش حول تطبيق الشريعة الإسلامية» 14/01/2006م، ونشرت صحيفة الواشنطن بوست مقالًا علقت فيه على كلام بوش حول الخلافة وجاء في المقال أن المسلمين متلهفون لعودة الخلافة، وأن الخلافة تشكل خطرًا يهدد الغرب وإدارة بوش بالذات مما دعاه لذكرها.
ولكن برغم كيد الكائدين، ومؤامرة الحكام العملاء الخانعين، وحرب الكفار المستعمرين؛ ستقيم الأمة الإسلامية العظيمة الكريمة دولتها، وستطبق أحكام ربها، وستمكن لدينها، وتبسط العدل وتنشر الأمن ويعيش الناس تحت ظل الإسلام بلا جور ولا ظلم وفوق ذلك رضوان من الله أكبر، ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله.
2016-07-25