العدد 453-454 -

السنة التاسعة والثلاثون، شوال-ذو القعدة 1445هـ الموافق أيار-حزيران 2024م

مخاطر تطبيع العلاقات بين كيان يهود ودول الخليج، وكيف على المسلمين مواجهته؟

الكاتب / محمد راجح – اليمن

استغلَّ الغرب الكافر وعلى رأسه بريطانيا انتصاره في الحرب العالمية الأولى وهدمه للخلافة العثمانية بعد تخطيط مسبق نتج عنه اتفاقية سايكس بيكو التي قسمت بلاد المسلمين إلى بضع وخمسين دويلة، ووعد بالفور المشؤوم الذي أقام كيان يهود في بلاد المسلمين ليكون قاعدته المتقدمة في حربه الاستعمارية الصليبية على الأمه الإسلامية لمنع وحدتها وفصل شرقها عن غربها، وفي محاولةِ منه لمنع توحد المسلمين في كيان سياسي واحد تمثِّله الخلافة الراشدة على منهاج النبوة.

إن قضية فلسطين بالنسبة للغرب منذ نشأتها قضية استعمارية، وخنجر مسموم مغروز في خاصرة الأمة الإسلامية، وعنصر إضعاف واستنزاف مستمر للمسلمين، ومشكلة متجددة تشغل المسلمين عن النهضة الحقيقية على أساس الإسلام وتكريس التقسيم الذي فرض عليهم.

ولقد أدرك الغرب الكافر وعلى رأسه أمريكا باكرًا خطورة وجود كيان يهود، وهو جسم غريب في عمق الأمة الإسلامية وشعوب المسلمين تحيط به كالبحر من كل جانب، كما أنه أدرك سريعًا أن الأمة الإسلامية لم تمت، فما زالت تنبض بالحياة وتتلهَّف للعودة بإسلامها ودولتها وتحرر بلادها من كل غاصب، كما أنه أدرك مدى تعلق المسلمين بالأرض المباركة وأنها بالنسبة لهم أرض مقدسة وجزء من عقيدتهم التي يبذلون في سبيلها الغالي والنفيس؛ لذلك نجد أمريكا ودول الغرب تمدُّ كيان يهود بكل أسباب الحياة وتدعمه بأقوى الأسلحة وأعلى التقنيات المدنية والعسكرية، وتؤمِّن له حماية كاملة بواسطة الأنظمة القائمة العميلة في بلاد المسلمين، وخاصة دول الطوق التي تحيط بفلسطين والمتمثِّلة في سوريا والأردن ومصر ولبنان لتضبط حركة شعوبها وتكون على يقظة دائمة لتحفظ أمن كيان يهود الذي يعد عينها الباصرة في بلاد المسلمين ويدها التي تحقق أهدافها وتحفظ مصالحها وتضرب به كل تحرك جادٍّ يسعى إلى نهضة حقيقية على أساس الإسلام.

بعد إدراك أمريكا مشكلة وجود كيان يهود في بلاد المسلمين وامتعاض المسلمين لوجوده تبنَّت مشروع حل الدولتين البغيض الذي يعطي جل الأرض المباركة ليهود مقابل كيان أمني أو دويلة فلسطينية تحفظ أمن كيان يهود وتحميه وتنكِّل بأهل فلسطين. ولقد سارعت أمريكا ومعها دول الغرب الكافر بالاعتراف بهذا الكيان اللقيط المصطنع وإضفاء الشرعية على ما اغتصبه من الأرض المباركة بقرارات وقوانين ظالمة عبر مؤسساتها وهيئاتها الأممية الكافرة.

إن أمريكا هي من تدير المنطقة وتوزع الأدوار وفق مصالحها السياسية، وقد استخدمت حكام بلاد المسلمين العملاء الذين  يعدون من صنيعتها وبيادق بيدها لتنفيذ مشروع حل الدولتين الخياني.

لقد أصبح من نافلة القول إن حكام المسلمين ومنهم حكام الخليج هم أدوات رئيسية في مسلسل تصفية قضية فلسطين لصالح كيان يهود، فهم يتسابقون في ذلك أحيانًا أو يتباطؤون تبعًا للأوامر التي تأتيهم من أسيادهم في واشنطن أو لندن؛ ولكنهم متفقون ومتواطئون على تصفية قضية فلسطين لصالح كيان يهود.

ولقد بات واضحًا في السنوات الأخيرة مدى تآمر حكام المسلمين، ومنهم حكام الخليج، على قضية فلسطين. فهم يساهمون بعلاقاتهم وبالأموال التي اغتصبوها من الأمة الإسلامية في تذليل العقبات وإزالة العوائق أمام تصفية قضية فلسطين. ومن جانب آخر، فإنهم يقيمون العلاقات العلنيه والسرية مع كيان يهود الغاصب دون أدنى خوف من الله ورسوله، ولا حياءً من المؤمنين؛ لفتح المجال أمام كيان يهود للنفاذ للبلاد الإسلامية شعبيًّا وتجاريًّا ولوجستيًّا. ومن جانب آخر يعملون من خلال علاقاتهم مع بعض الفصائل في قطاع غزة والسلطة على تركيع أهل فلسطين وترويض الممانعين أو المقاومين.

إن الدور الخبيث الذي تقوم به الأنظمة في بلاد المسلمين خاصة دول الخليج في محاربة أحكام الإسلام الشرعية وتضليل المسلمين والتدليس عليهم بتسويق مفاهيم مضللة تدعو إلى تقبُّل الآخر والعيش المشترك بين جميع أبناء الأديان المختلفة (اليهودية والنصرانية والإسلام) باسم البيت الإبراهيمي، والدعوة إلى حوار الأديان، وتغيير الخطاب الديني، وتغيير النظرة إلى الكيان الغاصب وإعطائه الشرعية في احتلاله للأرض المباركة فلسطين، وحذف النصوص التى تعادي كيان يهود وتجرم احتلال فلسطين، وإلغاء مفهوم الجهاد وتحكيم الشريعة الإسلامية والولاء والبراء… كل ذلك بتغيير المناهج الدراسية وتوجيه الإعلام وتوجيه الخطباء والمؤسسات الدينية الرسمية لتقوم بهذا الدور السافل كي تتقبل شعوب الأمة الإسلامية، وخاصة في الخليج، كيان يهود وتسلم به كواقع محتوم ليس فيه ضير على المسلمين.

كما أن حكام الخيانة يسيرون وفق السياسة الأمريكية التي تهدف إلى نقل الصراع والعداء بين دول المنطقة وكيان يهود إلى صراع مذهبي (سني-شيعي) وبغض الطرف عن كيان يهود وتقبُّله واعتبار أن لا مشكلة في التحالف معه، بالإضافة إلى الإجماع المشترك بين كل هذه الأنظمة السائرة على درب أمريكا ودول الغرب على محاربة الإسلام وأحكامه ومحاربة الحركات الإسلامية السياسية التي تسعى إلى إقامة دولة تحكم بالإسلام في واقع الحياة.

لقد وجدت الإدارة الأمريكية الحالية ضالَّتها في حكام الخليج، لا سيما وهم يتهافتون لنيل رضاها إما عمالة أو مسايرة بأوامر من سيدتهم بريطانيا التي تساير أمريكا خوفًا على مصالحها.

فحينما كان ترامب في السلطة استغلَّ حكام الخليج أبشع استغلال، فنهب الأمول وأجبرهم على تقديم مئات المليارات قرابين بين يديه، ثم بدأ بهم حلقات التطبيع العلنية مع كيان يهود في الاتفاق الذي سمي (إبراهام) وجرَّهم نحو التطبيع وتنفيذ مخططاته في الشرق الأوسط، ثم جاء بايدن وواصل المشوار فكان دور الإمارات الوقح في التطبيع مع كيان يهود، وها نحن نراها في حرب غزة تفي بوعدها له وتمدُّه بما يريد. ودور قطر في التحكم بغزة وفصائل المقاومة وقيادات غزة، والتطبيع العلني الذي قامت به البحرين. والتسريبات المتكررة والعلاقات والزيارات مع سلطنة عمان. والخطى المتسارعة التي يقوم بها ولي العهد السعودي في علمنة السعودية وسلخها عن دينها وهويتها الإسلامية بتعطيل أحكام الإسلام وتوريد الفسق والفجور إلى أهلها، والتماثيل إلى أرضها والتصريحات المتعاقبة بالتطبيع مع كيان يهود.

إن التطبيع مع كيان يهود من قبل دول الخليج أخذ مجالات وأشكالًا متعددة سياسية واقتصادية وثقافية وإعلامية ورياضية وعسكرية وأمنية. كما أن اتفاقيات التطبيع قد كشفت عن مشاريع عملاقة تستنزف فيها ثروات الأمة الإسلامية باستثمارات خارجية وتربط دول المنطقة مع كيان يهود بمصالح اقتصادية استراتيجية عملاقة في الطاقة والصناعة والتكنولوجيا والاتصالات والزراعة والسياحة والطرق وغيرها من المجالات… وكل ذلك يحقق أهداف أمريكا ويجعل من كيان يهود دولة أولى وعظمى في المنطقة تعتمد عليها الأنظمة القائمة في بلاد المسلمين وتستعين بها وتقدم لها كل فروض الولاء والطاعة؛ وبهذا تستنزف ثروات الأمة وتسرق خيراتها ويظل المسلمون في تبعية دائمة ليهود ودول الغرب الكافر.

أما ما تروِّج له الدول التي طبَّعت مع كيان يهود عن المصالح و المنافع الاقتصادية من وراء التطبيع الخياني فهذا ينمُّ عن جهل بطبيعة هؤلاء القوم. فهم قد جبلوا على الشحِّ والأنانية والغدر والخيانة. وإنه إن كانت العلاقة التي تحكم كيان يهود مع غيره من دول العالم قائمة على المنفعة، أما مع الأمة الإسلامية فتحكمها الرؤية العدائية؛ فتكون مشاريعهم الاقتصادية وغيرها وعلاقاتهم مع المسلمين بناء على هذه النظرة العدائية وإن أظهروا خلاف ذلك، وهذا ما قال عنه سبحانه: (لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ ٱلنَّاسِ عَدَٰوَةٗ لِّلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱلۡيَهُودَ وَٱلَّذِينَ أَشۡرَكُواْۖ وَلَتَجِدَنَّ أَقۡرَبَهُم مَّوَدَّةٗ لِّلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱلَّذِينَ قَالُوٓاْ إِنَّا نَصَٰرَىٰۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّ مِنۡهُمۡ قِسِّيسِينَ وَرُهۡبَانٗا وَأَنَّهُمۡ لَا يَسۡتَكۡبِرُونَ ٨٢)[المائدة: 82].

فأي خير يرجى منهم ولنا فيمن طبَّع معهم عظة وعبرة. فها هي مصر أمام أعيننا، وقد مضى على تطبيعها مع يهود 45 سنة. وهذه الأردن وقد مضى على تطبيعها 30 سنة. والسلطة الفلسطينية وقد مضى على اعترافها بيهود 31 سنة… فماذا جنى هؤلاء من وارء علاقاتهم بيهود؟! هل تحسنت أحوالهم؟ أم أن أمورهم تزداد سوءًا.

إن أكبر المصائب حلَّت بالمسلمين بعد هدم دولة الخلافة العثمانية حينما غُرس كيان يهود في بلاد المسلمين؛ إذ يعد هذا الغرس مشروعًا صليبيًّا استعماريًّا، فهو من أكبر المتآمرين فيما يتعلق بسدِّ النهضة الأثيوبي. كما أنه متآمر مع الإمارات في إيجاد البدائل لقناة السويس عبر فلسطين بحيث يكون كيان يهود هو المنتفع. كما أن الدول المطبِّعة مع الكيان الغاصب التي أقامت معه علاقات اقتصادية لا تنتج شيئًا يحتاجه كيان يهود، إنما تعطيه المواد الخام وتفتح أسواقها لشركاته وما تنتج من سلع وخدمات. إن كيان يهود يسعى جاهدًا لجعل الإمارات بوصفها مركزًا ماليًّا عالميًّا أن تكون مركزًا ماليًّا له يستطع أن يتسلل من خلاله إلى دول المنطقة، وأن تكون مموِّلًا لمشاريعه لضخِّ الأموال لخزينته فيزداد حجم اقتصاده. وبهذه النظرة العدائية والمنفعة فلن يزيد المهرولون في التطبيع معه نيل رضاه بل لن يزيدهم إلا خسارةً ورهقًا وتبعيةً.

إن المنافع الاقتصادية وإن تحققت، وهي لن تتحقق، فبئست المنافع المعمَّدة بالخيانة، وبئست المنافع المعمدة بالدم، وبئست المنافع المغمَّسة بصرخات الأطفال والثكالى والأيامى، وبئست المنافع على حساب إناثٍ أسرى ولاجئين ومطارَدين… إن هذه المنافع سحتٌ محرمٌ تأخذ برجل صاحبها وتسحبه سحبًا إلى نار جهنم. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يدخل الجنة لحم نبت من السحت. وكل لحم نبت من السحت النار أولى به». إن دماء الشهداء  ودموع المظلومين تلعن كل من يضع يده في يد هؤلا المجرمين المعتدين.

 إن التطبيع السرطاني مع كيان يهود، والذي تقوم به المغرب ومصر والأردن وتركيا والسودان ودول الخليج يضر الأمة الإسلامية ويسلط عليها أعداءها ويجعل لهم سلطانًا عليها، كما أنه يزيدها ضعفًا بل ويمزق شملها ويقطع أراضيها ويقوي كيان يهود فيها ويجعله، وهو جسم غريب منبوذ في الأمة، جزءًا طبيعيًّا مقبولًا وقويًّا بين ظهرانيها ويكرِّس الاستعمار في المنطقة ويضاعف المصالح الأمريكية والغربية في بلاد المسلمين ويزيد نفوذ الكفار بكل أشكاله الاقتصادية والأمنية وغيرها.

وما كان هذا التطبيع ليحدث لولا اتفاقيات (السلام الخيانية) التي جعلت الدول الموقعة عليها تعترف بكيان يهود وبحقه في الوجود في قلب الأمة الإسلامية في أرض فلسطين.

ألا يعرف كل من يوالي اليهود ويطبِّع معهم ويقيم علاقات أنه قد اقترف جرمًا عظيمًا، فهو بذلك خائن لله ورسوله والمؤمنين، قال تعالى: (يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَتَّخِذُواْ عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمۡ أَوۡلِيَآءَ تُلۡقُونَ إِلَيۡهِم بِٱلۡمَوَدَّةِ وَقَدۡ كَفَرُواْ بِمَا جَآءَكُم مِّنَ ٱلۡحَقِّ)[الممتحنة: 1].وهذا نهي صريح منه سبحانه لعباده المؤمنين من موالاة اليهود والنصارى الذين هم أعداء للإسلام وأهله، فالاعتراف بهم والتطبيع معهم يعني:

* معصية لله ورسوله ومخالفة أمره وتعطيل أحكامه بكل وقاحة وصلف وتحدٍّ.

*الإقرار بحق كيان يهود على أرض فلسطين والتنازل عنها لهم وعدم المطالبة بإرجاعها للمسلمين.

*إنهاء المقاطعة مع كيان يهود وإقامة علاقات اقتصادية وثقافية وعسكرية وأمنية وغيرها.

*فتح أسواق البلاد العربية والإسلامية لبضائعه واستثماراته.

*محاربة الفكر الجهادي في الأمة.

*منع أي شخص أو جماعة أو دولة تريد قتاله والوقوف ضده إن حدث ذلك.

*التنازل عن كل الدماء التي سالت والأرواح التى أزهقت في سبيل تحريرها أو من استُشهد فيها

*حرمان كل اللاجئين الذين أخرجوا منها من العودة إليها.

وهذا الفعل القبيح الجبان يعدُّ طعنة في ظهر الأمة الإسلامية وإعطاء غطاء لكل الجرائم التي يقوم بها يهود في الأرض المباركة.

وها نحن نرى كيان يهود يتمادى في مجازره في فلسطين وفي غزة هاشم التي تبادُ على مرأى ومسمع من حكام بلاد المسلمين، وما هم في حقيقة الأمر إلا حماة كيان يهود الفعليون، وهم من يمنحه الحياة والقدرة على البقاء، فهم قبته الحديدية التي تحميه وشجرة الغرقد التي يختبئ وراءها.

إن التطبيع مع كيان يهود من قبل حكام المسلمين، وخاصة دول الخليج، وتسارعه بشكل سافر واضح دون الاهتمام بمشاعر المسلمين وعدم الاكتراث بهم لهو تحدٍّ للأمة الإسلامية وكسر لإرادتها ليصاب المسلمون بهزيمة في دينهم ويرضخون للأمر الواقع الذي فرض عليهم.

وها نحن نقول إن التطبيع مع يهود يخصُّ الحكام وحدهم لانفصالهم عن الأمة وتبعيتهم المطلقة لأسيادهم الذين يستمدُّون الشرعية منهم ولا ينفكُّون عنهم ويسعون لإرضائهم ولو كان ذلك على حساب دينهم.

أما الأمة الإسلامية فمعدنها صلب ودينها حي، فهي ترفض التطبيع ولا تقرُّ بأي اتفاق يعقده حكام الخيانة والخذلان، بل يزيد ذلك الشرخ بينها بينهم…

إن بلاد المسلمين عصيَّة على التطبيع. ففلسطين جزء من عقيدتهم، هي أرض مقدسة، أرض الإسراء المعراج، وهي لكل المسلمين في الدنيا قاطبة، لكل مسلم حظ وحق فيها، وحبها يزيد غرسه في قلوبهم كلما قرؤوا قوله تعالى: (سُبۡحَٰنَ ٱلَّذِيٓ أَسۡرَىٰ بِعَبۡدِهِۦ لَيۡلٗا مِّنَ ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِ إِلَى ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡأَقۡصَا ٱلَّذِي بَٰرَكۡنَا حَوۡلَهُۥ لِنُرِيَهُۥ مِنۡ ءَايَٰتِنَآۚإِنَّهُۥ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡبَصِيرُ١) [الإسراء: 1]، وقوله صلى الله عليه وسلم: «لا تشدُّ الرِّحالُ إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجد الرسول صلى الله عليه وسلم، ومسجد الأقصى» متفق عليه.

إن محورية قضية فلسطين وبقائها مشتعلة تكمن في كونها تؤجج مشاعر الأمة الإسلامية وتلهب حماستها وتبين العدو من الصديق والمخلص من الخائن. فكم تاجر بها المتاجرون ليخدعوا الأمة ويمتطوا ظهرها ولينفذوا فيها خطط أعدائها! وكم استغلَّها المستغلُّون ليكسبوا ودَّها وتعاطفها رغم أنهم لا يحملون حلًّا حقيقيًّا مبدئيًّا للقضية بل يساهمون في تمييعها! إلا أن الأمة كانت تتخطَّى كل هذا حتى تنفذ حيل الغرب وتنتهي كل أوراقه، وحينها يزهق الله الباطل ويحق الحق بكلماته.

إن قضية فلسطين لا يحلُّها العملاء، ولا يخرج الحلُ الحقيقيُّ من أفواههم ولا بياناتهم ولا بمخرجات قممهم، ولا يتم السير في حلها حسب رؤية الغرب الكافر وما يتبناه من حلول.

 فقضية فلسطين لم تكن في يوم من الأيام مجهولة العلاج ليتمَّ تسوُّلَ الحلول لها من على منابر الأمم المتحدة. ولم تكن قضية فلسطين قضية مجلس الأمن والدول الكبرى ومؤسساتها ليطلب منهم حل، فهم أصل المصيبة والاحتلال. إن حلها الحقيقي في ديننا الإسلام العظيم، وحلها  واجب شرعي على كل الأمة الإسلامية، تبدأ باقتلاع وخلع كل هؤلاء الحكام الرويبضات، والانفكاك من كل المعاهدات والاتفاقيات التي أبرمت مع كيان يهود  أعداء الأمة، وعليها أن تتوحد تحت لواء الإسلام، وتطبق شرع الله عزَّ وجلَّ عليها، وتجيِّش الجيوش تحت قيادة ربانية لتستأصل كيان يهود وتجتثه من جذوره من الأرض المباركة وتجعلهم عبرة لمن يقف خلفهم من قوى الغرب الكافر، وتعيد أرض الإسراء والمعراج إلى حضن الأمة الإسلامية، وهذا كائن لامحالة، قال تعالى: (وَٱللَّهُ غَالِبٌ عَلَىٰٓ أَمۡرِهِۦوَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يَعۡلَمُونَ).

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *