دور وسائل الإعلام في خدمة الاستعمار ومحاربة مشروع تحرر الأمة ونهضتها
2021/04/14م
المقالات
2,143 زيارة
المهندس باهــر صـالــح
عضـو المكتب الإعلامي لحزب التحرير فـي الأرض المبـاركـــة فلـسطين
إنّ الحديث عن دور الإعلام وأهميته في صناعة الرأي العام والتأثير في القرارات السياسية بات أمرًا غنيًا عن البيان أو الإثبات، فقد لمس الجميع ذلك بشكل جلي وقاطع؛ لا سيما مع الانتشار الواسع للإعلام الإلكتروني، ولن نحاول في هذا الموضوع إثبات ذلك أو الوقوف عليه، بل سنقف على دور وسائل الإعلام في الوقوف في وجه نهضة الأمة ومعاونة الاستعمار وأدواته حكام المسلمين للحيلولة دون استعادة الأمة لسلطانها.
لقد اتخذت معاداة وسائل الإعلام لنهضة الأمة والوقوف في وجهها أشكالًا عدة، كالتعمية وفرض طوق إعلامي على دعاة النهضة والعاملين لها، وتسليط الأضواء على قضايا سخيفة أو فرعية من أجل استنزاف الاهتمام وإنهاك العقول في التفكير بالمتاهات، واختلاق صراعات وحروب وهمية تخدم مصالح الاستعمار، والترويج لمفكرين أو شخصيات أو حكام من بوتقة الأنظمة العميلة، ومحاولة تزيين أعمال وبرامج ومخططات الأنظمة الجاثمة على صدور المسلمين، وغيرها الكثير، وسنحاول في هذه المقالة الوقوف على كل شكل من هذه الأشكال لتعريتها وفضحها.
التعمية وفرض طوق إعلامي على دعاة النهضة والعاملين لها
لا شك أنّ من أبرز العاملين لنهضة الأمة وتغيير حالها باستئناف الحياة الإسلامية في ظل الخلافة الراشدة على منهاج النبوة هو حزب التحرير، فهو من أول وأبرز من دعا لإقامة الخلافة وإزالة أنظمة الضرار والعمالة، وقد أصبح الحزب الوحيد الداعي إلى استئناف الحياة الإسلامية الصرفةالخالصة من كل عوالق الرأسمالية وبراثن الاستعمار وذيول الحقبة الحالية؛ هذا مع العلم، أن أعمال الحزب عبر عشرات البلاد الإسلامية وحتى في الدول الغربية حيث الجاليات المسلمة، هي أعمال متواصلة لم تنقطع يومًا، وهي أعمال متنوِّعة متعدِّدة، وكلُّها موجَّهةٌ إلى التأثير في الرأي العام لدى المسلمين، وإيجاد الوعي العام لديهم على مشروعه في إقامة الخلافة، وكلُّها أعمال منضبطة بالفكر السياسي، ومحدودة بالعمل السياسي الفكري دونما عنف أو أعمال مادية؛ والتي منها ما يتخذ شكل المحاضرات والندوات والدروس والخطب والكلمات، في المساجد والمدارس والجامعات ومراكز التجمعات والنوادي. ومنها ما يتخذ شكل المسيرات والتظاهرات والوقفات السلميَّة المعبِّرة عن رسالة أو فكرة واضحة مبلوَرة. ومنها ما ينظِّمه ويشارك فيه الرجال والنساء أو أحدهما. ومنها ما يتخذ شكل إصدارات الجرائد والمجلات والنشرات والبيانات ذات المحتوى الفكري السياسي الراقي. ومنها ما يكون على شكل زيارات وتواصل وحوار ونقاش مع المؤثرين والمفكرين والعلماء وأصحاب الاختصاصات المتعدِّدة، وغيرها الكثير من الصور والأشكال والأساليب والوسائل، ولعلَّ أبرزها مؤخرًا دوره النشِط على وسائل التواصل الإلكتروني بشكل لافت وبارز، وكل ذلك في مختلف المناطق والبلدان، وفي مختلف القضايا والعناوين، وكلها محل اهتمام ونقاش مجتمعي حي… ومقابل ذلك نلمس حجم التعتيم الإعلامي الذي تفرضه كل وسائل الإعلام على هذا الكمِّ الهائلِ من النشاطات، سواء ما كان منه إعلامًا محليًا أم عالميًا، إلا النزر اليسير مما مردّه إلى اعتبارات موضعيَّة آنيَّة لا تخدش أو تخرق السياسة العامة في فرض الطوق الإعلامي على أعمال ونشاطات وأفكار حزب التحرير.
وهذا أمر لا يمكن تبريره بالطبع لا مهنيًا ولا فنيًا ولا بأي شكل من الأشكال، فنشاطات الحزب لا تتناول قضايا مهمَلة أو غير مهمة، ولا تتخِّذ شكل العنف أو الأعمال المادية المنفِّرة، ولا تنحصر بمكان دون آخر، ولا ببلد دون غيره، ولا بظرف سياسيٍّ دون سواه، ولا بنظام دون عداه، فهي متنوِّعة متعدِّدة عابرة للقارات ومتناولة لأبرز وأهم القضايا، وهي كذلك ليست أعمالًا ضعيفة لا تستحق التغطية، بل عادة ما تكون ضخمة في المكان الذي تُعقد فيه، ويعجز غير الحزب في كثير من البلاد أن ينظِّم مثلها أو بحجمها، وعادة ما يراعي الحزب الظروف والإمكانيات في البلد لتكون متاحة لحضور الإعلام والجماهير، ومع ذلك لا تحظى أعمال ونشاطات الحزب باهتمام أو تغطية وسائل الإعلام؛ مما يؤكد على أن التعتيم الإعلامي مقصود وهو بقرار سياسي، وبالطبع وراءه صانع القرارات السياسية في بلاد المسلمين، وهو الاستعمار على اختلاف مسمياته.
تسليط الأضواء على قضايا سخيفة أو فرعية من أجل استنزاف الاهتمام وإنهاك العقول في التفكير بالمتاهات
إن من يراقب وسائل الإعلام المحلية أو الدولية أو العالمية يلحظ حجم التشتيت والتسطيح الذي تمارسه هذه الوسائل من أجل اللعب بالعقول والحالة الذهنية والشعورية للمشاهدين أو المتابعين؛ فتارة تجده ينشر خبرًا ويفرد له بابًا ويكرِّره مرارًا عبر النشرات حول خاروف تاه في الغابة واكتسى جسمه بالفرو، وتارة أخرى يفرد تقريرًا مصوَّرًا حول تقاليد ومراسِم أعياد لإحدى القبائل النائية في أقاصي الدنيا والتي لم يسمع بها العشرات عبر عقود، وتارة ثالثة يفرد قصة صحفية حول تجربة زواج أو بناء بيت لأحد الناس في بلد ما لوجود طرفة أو شيء غريب في تلك التجربة، وتارة رابعة يشغل الإعلام الرأي العام لأيام وأسابيع بقضية لأمير إنجليزي وامرأته لتعرضهما لتنمر أو لفظة عنصرية أو مضايقة لفظية، ويضخم تلك القصة وكأنها قضية عظيمة جديرة بالاهتمام والمتابعة في حين إنها لا تساوي جزءًا من مليار جزء مما تتعرض له الأمة الإسلامية وأبناؤها من وحشية وتنمر وعذاب واضطهاد على يد بريطانيا وأمريكا وروسيا والهند والصين. وتارة تجد الإعلام يسلِّط الضوء على حرفة قديمة يمارسها أحد الهواة أو كبار السنِّ في أقاصي الأرض ويجعل منها قصة درامية أو رومانسية تستهوي المشاهدين.
وبالطبع وبشكل دائم يفرد الإعلام مساحات واسعة لمن يسمَّون بالفنانين، سواء أكانوا ممثلين أم مغنين أم راقصين، ويضعهم في قالب المبدعين وأصحاب الإنجازات، وفي هذه زيادة على أنها إلهاءٌ للعقول وصرفٌ للاهتمامات إلى قضايا لا تسمن ولا تغني من جوع، فيها سم وخبث كبيران؛ إذ يحاول أن يصنع منهم أمثلة وقدوات خاصة أمام الجيل الشاب يحتذى بهم في تجاربهم ونجاحاتهم، وهو ما يساهم في تضليل أبناء الأمة وإفساد أفكارهم وميولهم.
ولا يغيب عنا حجم اهتمام الإعلام بقضايا الفرق الرياضية وأخبار الرياضيين والمباريات، حتى أفرد لذلك قنوات كاملة يوميًا وعلى مدار الساعة، وأقل ما يقال في ذلك إنها إلهاء كبير لأبناء الأمة وإشغالهم بأخبار لا تمت بصلة لمساعي الأمة للنهضة والتحرُّر من ربقة الاستعمار. وإذا ما أضفنا إلى ذلك حجم الإفساد في الذوق والميول والأفكار الذي تساهم به تلك النشاطات والبرامج الرياضية، يمكننا أن ندرك مدى الدهاء والخبث في تسليط واهتمام الإعلام بالرياضة وأخبارها ونشاطاتها.
هذه أمثلة وغيرها الكثير مما ينطبق عليها الفكرة نفسها، وهي الذهاب بالمشاهدين والمتابعين والقرَّاء إلى دوائر الاهتمام بسخائف الأمور، وتسليط الضوء على المفسِدات والموبِقات، وتجاهل القضايا المهمة وذات الصلة بمساعي النهضة، وإشغال للأذهان واستنزاف للاهتمامات في قضايا لا تخدم سوى الاستعمار والحكام بإدامة عصر الاستعمار والتخلُّف.
اختلاق صراعات وحروب وهمية تخدم مصالح الاستعمار
إنّ من الواضح على وسائل الإعلام أنها تختلق صراعات دون أن تكون موجودة على أرض الواقع ودون أن يكون لها تأثير على الحياة اليومية أو الفكرية، فالإعلام يدَّعي أنه ينقل الحدث والرأي والرأي الآخر وأنه مرآة الواقع؛ ولكن الحقيقة أنه يمثِّل في كثير من الحالات صانع الحدث والقصة والواقع ويوهم المشاهد أو القارئ بأن ذلك هو الواقع.
من الأمثلة على ذلك، مسألة الصراع الطائفي، لا سيما في موضوع (السنَّة) و(الشيعة)؛ فبلد مثل العراق يعيش فيه المسلمون (سنَّةٌ) و(شيعةٌ) وأكرادٌ معًا عبر عقود طويلة مديدة دونما مشاكل تذكر أو صراعات حقيقية، وكذلك الأمر في التعايش في البلاد الإسلامية ما بين (السنَّة) و(الشيعة). وحتى على مستوى الداخل في فلسطين؛ إذ عمد الإعلام فترة إلى محاولة اختلاق وجود صراع بين (السنَّة) وجماعة إيران ممن اتهمهم الإعلام بحمل الفكر الشيعي، وهكذا، وبالطبع يعمد الإعلام إلى تفسير عمالات الحكَّام وصراعاتهم فيما بينهم بسبب اختلاف عمالاتهم إلى أنها تشكِّل خلافًا بين الشعوب وبين المسلمين أنفسهم، مثلما ضخَّم وما زال مسألة العداوة بين إيران والسعودية على أنها عداوة (سنَّة) و(شيعة)، مع أن الحقيقة أن كِلا الحكام في إيران والسعودية أعداء للإسلام على اختلاف مذاهبهم، (سنَّة) أو (شيعة)، وما هم إلا أدوات للمستعمر الأجنبي ينفذون أجندته من خلال الصراع المزعوم. ويهدف الغرب من ذلك إلى إشغال المسلمين بعضهم ببعض لتضليلهم عن العدو الحقيقي، وإذكاء العداوة بينهم لاستنزاف قدراتهم وأموالهم وجهودهم في صراعات وهميَّة لا وجود لها على أرض الواقع، والإعلام هو صاحب حصة الأسد في عملية التضليل وإلهاء الشعوب المسلمة بهكذا صراع مصطَنع.
وكذلك الأمر فيما يصنعه الإعلام من حروب وهمية يشغل بها الرأي العام ويستنزف بها أشباه المفكرين والمراقبين والإعلاميين، من مثل الصراع السعودي القطري الذي أشغل به الإعلام الرأي العام والإعلاميين ومعدِّي البرامج سنوات حتى كادت تصبح نصف نشرات الأخبار والصفحات الإخبارية لكلا الفريقين هي المناكفة بينهما، ثم وفي ليلة مظلمة وبجرة قلم غابت تلك الحرب وانتهت وتصالح الفريقان وتحاضنا، وذهبت مواقف الإعلاميين وأشباه المفكِّرين أدراج الرياح؛ فكانوا كالكلب إذ يرجع في قيئه!. وكذلك الأمر في فلسطين، ومحاولة وسائل الإعلام الحزبية أو الرسمية اختلاق صراع في الشارع الفلسطيني، ما بين غزة ورام الله، وصناعة حرب وهميَّة ما بين فتح وحماس، واستمرار الإعلام في تجيير الأخبار وصناعة القصص الإعلامية على مدار أكثر من 15 سنة على أنها صراع فلسطيني فلسطيني، ما بين غزة ورام الله وأبطاله فتح وحماس، مع أن كلتا السلطتين لا تمثلان أهل فلسطين لا في غزة ولا في رام الله، وأهل فلسطين ناقمون على الطرفين لأدوارهما الخبيثة ومشاريعهما الإفسادية وعداوتهما لأهل فلسطين وقضية فلسطين. ومع أن أهل فلسطين ليسوا منقسمين حقيقة بين ضفة وغزة، ولا غزة ورام الله، ولا فتح وحماس، فأهل فلسطين يدركون تمامًا أنهم إخوة وأهل وأصحاب مُصابٍ واحد، وهم يجتمعون على لعن كل المتآمرين والمجرمين والعملاء. ثم جاءت الأيام ودارت السنون فكانت الأضحوكة بأن هذين العدوَّين اللدودين يقترحان تشكيل قائمة واحدة في الانتخابات القادمة!! ليسكبوا بذلك الماء البارد على وجوه أولئك الذين كانوا وقودًا في إذكاء الصراع وصناعة الحرب الخرافية، ولينكشف أمام العيان كم كان الإعلام متآمرًا مع الاستعمار الذي أراد لذلك الصراع الوهمي أن يطفو على السطح إلى حين.
الترويج لمفكِّرين أو شخصيات أو حكام من بوتقة الأنظمة العميلة
إنَّ من الأدوار الخبيثة التي يقوم بها الإعلام بشكل ممنهَج ودائم صناعة شخصيَّات ومفكِّرين وإعلاميين من جنس النظام ومن أعمدة الاستعمار في بلاد المسلمين والترويج لهم ونفخهم إلى درجة كبيرة، وكذلك الترويج وتلميع بعض الحكَّام ممن يشكلون نموذجًا يريد الغرب تسويقه لأغراضه الاستعمارية.
والأمثلة على ذلك كثيرة متعدِّدة، فلطالما أفردت وسائل الإعلام المنابر والبرامج لأشباه العلماء والمفكِّرين والمشايخ وصنعت منهم أعلامًا وقامات أمام الجماهير؛ لتجعل منهم مرجعية يمرِّرون من خلالهم الأفكار المسمومة والمشاريع الاستعمارية تحت عنوان مفكِّرين وعلماء ومشايخ، فذاك المفكِّر العربي، وذلك فضيلة الشيخ، وهذا المحلِّل والمفكِّر السياسي، وكلُّهم يلتقون في مشرب واحد وهو تمرير ما يريده الحكَّام والاستعمار بغلاف الدين أو الفكر أو الرؤية السياسية. وبالطبع من السهل أن ينطلي ذلك على بسطاء الناس وعوامهم وهم يشاهدون العالم نفسه أو الشيخ أو المفكر وهو يبرز في كل حادثة وعلى كثير من المنابر الإعلامية تحت شعارات التبجيل والتفخيم.
ولم يقتصر الأمر على العلماء والمفكرين والمشايخ، بل وصل إلى الترويج لحكَّام كنماذج لمشاريع وتوجُّهات سياسية ناجحة، أمثال حسن نصر الله وأردوغان والغنوشي والمرزوقي وبنكيران، مع أنهم لا يقِلُّون إجرامًا عن بقية الحكَّام والمتنفِّذين؛ ولكنهم يتميَّزون عنهم بامتلاكهم أدوات وقدرة أكثر من البقية على التضليل والخداع، ويشتركون مع بقية الحكام في أنهم يحفظون مصالح الاستعمار وعلى دوام حالة التبعية للغرب مستخدمين في ذلك شعارات إسلامية أو وسطية أو اعتدالًا أو مقاومة يريدها الغرب أن تنتشر ليصرف المسلمين عن مشروع التحرُّر من الاستعمار والخلاص من التبعية والهَوان.
تزيين أعمال وبرامج ومخططات الأنظمة الجاثمة على صدور المسلمين
إنّ من أقبح أدوار الإعلام وأكثرها وَضاعةً مواصلةَ تزيين أعمالٍ وبرامجَ ومخططاتِ الأنظمة وتصويرها على أنها إنجازات ونجاحات بغية إطالة عمرها والمحافظة عليها من الانهيار، فترى وسائل الإعلام تعمَد إلى بعض البرامج والنشاطات التي تقوم بها الأنظمة، والتي تكاد تكون من مستوى بلديات أو جمعيات في الدول المتقدمة أو ذات الوزن والاعتبار، فيضخمونها ويظهرونها وكأنها فتح عظيم أو إنجاز كبير، حتى وصل الأمر بأن (جلالة الملك) و(سمو الأمير) و(فخامة الرئيس) و(عطوفة المحافظ) و(معالي الوزير) يفتتحون مشروع صرف صحي أو جمعية طبيَّة أو شارعًا فرعيًا أو متجرًا لبيع المنتجات الوطنية، وغير ذلك من أمثال هكذا أعمال من قبيل أقل القليل الذي ينبغي أن تقوم به الأنظمة تجاه الناس والشعوب والبلاد؛ حتى وصل الأمر بالإعلام أن يصوِّر الحكَّام وهم يقومون بأقل القليل تجاه الناس والشعوب وكأنهم أصحاب فضل ومِنَّة على الناس؛ حتى باتت الصورة النمطية للحكَّام والمسؤولين على أنهم أصحاب المقامات العليا والمناصب الرفيعة الذين يتكرَّمون على شعوبهم بين الفينة والأخرى بزيارة تعاطفية أو مساعدة عابرة أو نظر في شكواهم، وغيَّبوا مفهوم أن الحاكم مسؤول، أي أن الأصل فيه أن يُسأل عن أعماله وإنجازاته ودوره، وأن يخضع للمحاسبة في حال تقصيره، وأن يتمَّ تقييمه بناء على جهوده وأنه خادم للناس وراع لشؤونهم؛ وبذلك غيَّب الإعلام الصورة الحقيقية التي يجب أن تبقى حاضرة في أذهان الناس تجاه الحكَّام والمسؤولين، وهو ما من شأنه أن يقلِّل من عزم الشعوب على التغيير والمحاسبة ومحاولة الإطاحة بالأنظمة والحكَّام.
والخلاصة:
إنّ وسائل الإعلام الفضائية منها والمحلية تابعة للأنظمة في برامجها وسياستها الداخلية والخارجية، وهي من أشد الوسائل الحديثة خطرًا على الأمة، وعندما يحارب الحكام بعضهم ينعكس ذلك على وسائل الإعلام المأجورة لهم؛ ولكنها مع اختلافها فهي تتفق مع بعضها على محاربة الإسلام ومحاربة عودته إلى مسرح السياسة الدوليَّة لاتفاق الحكَّام على ذلك، وقد باتت وسائل الإعلام أداة حادة وسلاحًا فتَّاكًا خبيثًا في مساندة الأنظمة والنيل من الشعوب والأمم للحيلولة دون نهضتها واستعادة سلطانها وحكم الله بإقامة الخلافة الراشدة الثانية قريبًا، إن شاء الله تعالى.
لقد وفَّر الإعلام البديل فُسحة كبيرة للشعوب تجاوز به وسائل الإعلام الفضائية منها والمحلية التي تدَّعي الحيادية، وبات ينافسها في كثير من المواطن، بل وتفوَّق عليها في صناعة الرأي العام والتأثير فيه إلى درجة كبيرة، وهو ما شكَّل تحديًا كبيرًا للأنظمة وللإعلام الرسمي وشكَّل معضلة يحاولون السيطرة عليها من خلال تقييد سياسات النشر على الإعلام البديل، ومن خلال زيادة وجودهم كإعلام تفاعلي على تلك الوسائل. أما الإعلام الرسمي وغير الرسمي الذي يدعي الحيادية، وهو على غير ذلك، فهم ما زالوا أدوات خبيثة بيد الأنظمة؛ ولكن نفوذهم ودورهم في تراجع بفضل الله، وهو ما يبشر بانفراج الأزمة وأفول نجم الاستعمار وأدواته عما قريب، إن شاء الله تعالى.
2021-04-14