بين يدي العدد
يصدر هذا العدد الخاص من الوعي لهذه السنة، والهجمة الدولية على الإسلام وصلت باستشراسها ووحشيتها إلى مستوى غير مسبوق؛ وهذه الوحشية تظهر مدى عداوة الغرب للإسلام والمسلمين، وتظهر حقيقته المتوحشة البشعة جدًا، والتي لا تختلف في الحاضر عنها في الماضي، لقد أثبت شيطان الحضارة الغربية الرأسمالية أنه عدوٌّ مضلٌّ مبينٌ للإنسانية عامة وللمسلمين على الأخص، هدفه إضلال الناس، وإفقارهم، وفرض سيطرته على الغير في لعبة صراع المصالح التي لا تنتهي، ومن الدماء لا ترتوي، وهو لم يجرَّ على الإنسانية سوى الحروب والتقتيل والدمار… وحتى تقدمه العلمي والتكنولوجي استعمله ويستعمله من أجل أهدافه القذرة … هذه العقلية الغربية الشيطانية الماكرة تشنُّ الآن حربها على الإسلام بهدف منع مارد الخلافة من العودة إلى مسرح الحياة من جديد لتصويب بوصلة البشرية بالاتجاه الصحيح؛ ولكن الغرب الكافر هذا لن يستطيع أن يحقق هدفه هذا لسببين: أولهما أن المبدأ الرأسمالي قد أثبت فشله على صعيد البشرية جمعاء، والبشرية تفتش عن بديل صالح لقيادتها. وثانيهما أن الإسلام المجرَّب سابقًا هو هذا البديل الصالح، وعودته إلى مسرح الحياة هي عودة الأصيل.
تبين كلمة هذا العدد الخاص: («ثُمَّ تَكُونُ جَبْرِيَّةً… ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ»: التغيير الكوني القادم) أن بوصلة البشرية عامة، مسلمهم وكافرهم، تتجه باتجاه تغيير كوني، يعمد فيه أصحاب الحضارة الغربية على صدِّه ومنعه، وتتركز جرائمهم على بلاد المسلمين، كونها محط آمال التغيير الكوني المنتظر، في محاولة لقتل الوليد قبل أن يولد. ولتأكيد صدق هذه النظرة، فقد تم الاستشهاد بأقوال مفكرين وباحثين غربيين يصرحون فيها عن حاجة البشرية الماسة للتغيير، ومن هؤلاء من يعين أن الحل في الإسلام، وفي الخلافة تحديدًا…
ثم تناولت مقالات هذا العدد الخاص بشكل عملي أن هذا المشروع العظيم هو مشروع جاهز، وله أهله الذين يصلون ليلهم بنهارهم من أجل إيصاله إلى واقع الحياة، وهو حزب التحرير؛ فيذكر نبذة مختصرة جدَا عن فعاليات ونشاطات شبابه في مختلف أصقاع العالم، بشكل يبرز فيه عالميته واقعًا وفكرًا، وطالبًا منهم الرجوع إلى صفحات مكاتبه الإعلامية، وخاصة المكتب الإعلامي المركزي منها للاطلاع عليها. ومن ثم عرضت في مقال «مميزات حزب التحرير» نبذة عن سيرة الحزب العظيم، وتميزه في هذا المجال عن سائر الأحزاب الإسلامية، حتى والعالمية، ثم تناول في مقال دعوة أهل القوة ليكونوا أهل نصرة لهذا الحزب في مشروعه العظيم، وفيه يستحثهم ليقوموا بواجبهم الشرعي، والمقال بعنوان: (النصرة فرض كفاية ولا يسقط الإثم عن أهل القوة حتى يقوم هذا الفرض) كون هذا الموضوع بات يشكل الفريضة والضرورة اللازمة لإقامة الخلافة. ثم عرض مقالًا بعنوان: (العلماء هم بيضة القبان في التغيير وإقامة الخلافة الثانية على منهاج النبوة) كون مشروع الخلافة هذا يحتاج إلى العاملين الجادين من العلماء.
ثم يتناول في مقالين (صلاحية نظام الحكم في الإسلام لكل العصور) و (الخلافة الحقيقية على منهاج النبوة… قاب قوسين أو أدنى) لتأكيد صلاحية الإسلام للحكم في كل زمان وفي كل كان. وأن مشروع الخلافة الحقيقية هو الخلاص، وأنه صار قاب قوسين أو أدنى في مسيرة التغيير الكوني. ثم يعرض مقالًا بعنوان: (بشر هذه الأمة بالرفعة، والسنا، والتمكين في الأرض) وفيه مبشرات من الكتاب والسنة والواقع أن المستقبل لهذا الدين، وأنه كما آن أوان الحضارة الغربية أن تزول، ففي المقابل فإن شمس الحضارة الإسلامية قد آن أوانها للبزوغ من جديد. ثم في مقال (السلطان عبد الحميد الثاني تاريخ مشرف ورجل زمانه) أرادت الوعي أن تعطي نموذجًا فريدًا من القادة العظام في العصر الحديث، وهو الذي واجه كل الضغوط الغربية عليه بقوة، ولكنه لم يستطع أن يوقف كل المؤامرة على المسلمين، وعلى دينهم، وعلى دولتهم؛ لأنه كان وحيدًا محاطًا بالعملاء وباليهود شر الخلق، وبالماسونية الهدَّامة…
ثم ينتقل إلى ما يعزز موضوع التغيير على هذا المستوى، فيعرض في مقال بعنوان: (الأمة تشهد لحظة موت الحضارة الرأسمالية وإحياء الحضارة الإسلامية، في ظل دولة الخلافة المرتقبة) أقوالًا لمفكرين غربيين يعلنون فيها أن الرأسمالية قد شاخت وأصبحت عند أهلها غير قابلة للحياة، وأنها تنتظر إعلان موتها غير المأسوف عليه، ومنهم من يقرر أن الحضارة الإسلامية هي الوريث الصالح. ثم يتناول في مقال آخر صورة من أبشع صور الرأسمالية ماضيًا بعنوان: (صور من البشاعة المغيبة عن الأنظار: تعامل أميركا مع الهنود الحمر) ليبين العقلية الإجرامية المختزنة في كينونة هذا المبدأ اللاإنساني منذ أوائل نشأته، وليفهم المسلمون إلى أي مدى يمكن أن يصل إجرام أهله معهم اليوم… وبهذا نكون قد جمعنا الماضي والحاضر ليعكسا رؤية واحدة لحضارة ما كان ينبغي لها أن تعيش، بل يجب أن تندثر.
ثم يتناول موضوع الثورات التي حدثت لدى المسلمين للتعبير عن رفضهم للمشروع الغربي وإقبالهم على مشروع الأمة في إقامة الخلافة، فيتناول في مقال منها نموذجًا وهي الثورة في سوريا؛ كونها كانت الأصدق والأوضح في التعبير عن توجه الأمة ككل نحو هذا المشروع، والتي قامت منذ أوائل سنة 2011م، والتي استعمل معها الغرب كل إمكاناته لوأدها وضربها بشكل يجعل المسلمين يندمون على حراكهم في التغيير حتى لا يقومون بمثله من جديد؛ ولكن الحراك بالرغم من ذلك تجدد في السودان وفي الجزائر وفيه قابلية التمدد في غيرهما… وحتى هناك خوف لدى الغرب من أن تعود من جديد إلى البلاد التي تم قمع ثوراتها من قبل، وهذا إن دل فإنما يدل على استعصاء الأمة على الغرب، وفشله في إنهاء هذه الحالة التي ستأتي على حضارته في النهاية. ثم يذكر مقالًا يتناول فيه عملية ترشيد هذه الثورات حتى تؤتي ثمرتها المرجوة خلافة راشدة على منهاج النبوة. وفي هذا المجال ذكر خمسة مقالات كان آخرها نداء موجهًا من ثورة الشام إلى أخواتها في السودان والجزائر حتى لا تقع في مطبات الغرب القاتلة وأدواته الداعمة له من أنظمة الدول العربية العميلة له والتي كانت خنجرًا مسمومًا في يده لضرب هذه الثورات من مثل قطر وتركيا والسعودية… وهذه المقالات هي: (الثورة في سوريا مستمرة، والإسلام هو الحل، والطريق هو طريق الرسول صلى الله عليه وسلم) (تغيير نظام الإنقاذ وإقامة نظام الإسلام واجب تمليه عقيدتنا الإسلامية) (استعصاء المنطقة الإسلامية على الغرب) (ثورات الربيع العربي تتجدد وتحتاج إلى ترشيد…) (نداء من ثورة الشام إلى أخواتها من الثورات المتجددة: (ثورة الشام… مسيرة وعبر) هذا وقد نالت مواضيع الثورات الحظ الأكبر في هذا العدد لأنها جرح نابض نازف، ولأنها ميدان صراع حضاري بين الإسلام والرأسمالية.
ثم يعرض في هذا العدد أربعة مقالات تبين كيف أن الغرب الكافر اللئيم يقوم بتشويه الحقائق لمنع الحق من أن يظهر، ولفرض باطله على المسلمين، وقد تناول فيها أردوغان كلاعب سياسي على الإسلام وذلك بإتيانه بمنهج محرف بعيد كل البعد عن منهج الإسلام الصحيح، والمقال بعنوان: (هل يمكن لأردوغان أن يشكل قيادة للأمة الإسلامية؟) ثم في مقال آخر يكشف كيف أن الغرب يلعب لعبة ضرب الإسلام السياسي عن طريق عرض الإسلام المهجن المعدل الذي ليس فيه من الإسلام شيء. والمقال بعنوان: (مخطّطات الغرب لتحريف الإسلام: «الإسلام الأميركي» و»الإسلام الفرنسي» نموذجًا) ثم يعرض في مقال كيف يستخدم وسائل الإعلام الفضائية المأجورة، وخاصة لدول الخليج سيئة الذكر، يبين فيه كيف أن الغرب عبرها يشوه الحقائق ويقلبها رأسًا على عقب، ويلبس الحق بالباطل، ليصبح الإسلام متهمًا في العالم وعند أهله فيصيبهم بالإحباط، والمقال بعنوان: (دور الإعلام في فرقة الأمة ومحاربة مشروعها التوحيدي) وبعده يذكر مقال (صناعة الإحباط السياسي) ويكشف فيه كيف أن الغرب يلعب لعبة غرس الإحباط في نفوس المسلمين لينصرفوا عن فكرة التغيير.
هذا بالإضافة إلى الأبواب الثابتة في كل عدد: وهي أخبار المسلمين، ومع القرآن الكريم، ورياض الجنة، وحدائق ذات بهجة، وفبهداهم اقتده، ثم كلمة ثانية وغلاف ثانٍ، هذا وقد نثرت بعض القصائد خلال مواضيعه.
وختامًا يمكن القول إنه لا توجد مجلة في العالم تتناول مثل هذه المواضيع على مثل هذا المستوى من التفكير ومسؤولية التغيير، لا عند الغرب ولا عند المسلمين، ويمكن القول كذلك إن هناك حزبًا مجددًا، عظيمًا، ملتزمًا أصول الإسلام وطريقته في التفكير والتغيير، ويريد أن يبعثها خلافة راشدة على منهاج النبوة مصداقًا لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم «ثم تكون خلافة على منهاج النبوة»… ويمكن القول كذلك إن هناك جيشًا جرارًا، من الشباب هم اليوم كتاب وأهل دعوة، وغدًا سيكونون إن شاء الله قادة ورجال دولة…وإن غدًا لناظره قريب. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.