المسجد الأقصى… كيفية تحريره من براثن اليهود
2018/06/15م
المقالات
12,605 زيارة
المسجد الأقصى… كيفية تحريره من براثن اليهود
الدكتور أحمد باذيب – اليمن
إن هذا الموضوع فيه لفت نظر للمؤمنين فقط لما أخبرهم به الوحي بأنه سيكون واقعًا معاشًا وكيفية معالجته، وأنه ما عليهم سوى السير في الطريق المرسوم لهم بحسب ما جاء به الوحي، وأنه في هذا الطريق وحده الحل، وبالتالي لا يوجد عند المؤمنين مجال آخر لحلول أخرى سواء، أكانت حلولًا وسطية، أم ترقيعية، أم واقعية، أم عقلية… وأن علينا أن نتعبد الله عز وجل بالسير في هذا الطريق لحل مشاكل المسلمين أولًا، ثم مشاكل العالم.
لقد عانت أمتنا الإسلامية منذ حوالى سبعين سنة ولا تزال تعاني من احتلال اليهود المغضوب عليهم لبلاد المسلمين، وتدنيسهم لمقدسات الأمة الإسلامية المتمثلة في المسجد الأقصى المبارك، وقيام اليهود، عليهم غضب الله، بالتشريد والقتل والاضطهاد والتعذيب والسجن والتنكيل بأبناء الأمة الإسلامية وانتهاك أعراضهم. كل ذلك حدث ولا زال يحدث في أمة يعد أبناؤها أكثر من مليار ونصف المليار مسلم، وترى هؤلاء المسلمين على كثرتهم واقفين مكتوفي الأيدي أمام عصابة من اليهود تعيث في الأرض الفساد دون حسيب ولا رقيب… إزاء هذا الواقع، كنت كغيري من المسلمين واقفًا منتظرًا ما سيحدث في قابل الأيام التي تزداد اسودادًا كلما مرّ يوم منها، على أمل أن يأتي المنقذ، أو أن تنتصر السلطة على اليهود، أو تنتصر حماس على اليهود، أو أن يأتي المهدي المنتظر ليخلص الأمة الإسلامية مما هي فيه ويحرر أقصاها، نعم هكذا كان حالي وحال الكثير من المسلمين، وكأن الأمر مرهون بغيري، وما عليّ تجاه قضية الأقصى إلّا الدعاء بخشوع، والتبرع والجود لأهلنا في فلسطين، كما علمنا وأوهمنا مشايخ الجمعيات، ثم الانتظار حتى يأتي الحل بأمر الله دون تحريك ساكن منا كمسلمين.
غير أنني، بفضل من الله ورحمة، تعرفت على حزب التحرير الذي غير حياتي رأسًا على عقب، وذلك عن طريق تجلية فكر الإسلام عن الكون والإنسان والحياة، وعما قبلها وعما بعدها، وعن علاقتها بما قبلها وما بعدها، فالحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا على هذه النعمة، لقد جلّى الحزب لي سبب وجودي في هذه الحياة، فصرت أبحث عن مهمتي التي خلقني الله عزّ وجلّ للقيام بها، وأحسست بطعم الاستسلام والانقياد لأمر الله ورسوله، وصرت أحيا حياة مختلفة عن الحياة التي كنت أعيشها قبل ذلك، ووجدت الإجابة لكثير من التساؤلات التي كانت تحيِّرني، وأدركت جزئيتي في هذه الأمة الإسلامية.
من بين تلك التساؤلات، كانت قضية تحرير الأقصى على رأسها؛ حيث إنني كنت أضيق ذرعًا من المعالجات الخاطئة والمخالفة للواقع والعقل التي كانت ولا تزال يروَّج لها من قبل الأعداء والعملاء. وكنت أدرك في قرارة نفسي أنها لا يمكن أن تكون هذه حلولًا لها، وبحملي للدعوة عرفت بفضل الله كيفية تحرير الأقصى بطريقة شرعية، أتعبد الله عزّ وجلّ بها أنا وإخواني شباب حزب التحرير، سائلين المولى عزّ وجلّ السداد والرشاد والنصر والتمكين للإسلام والمسلمين.
وبمراجعة النصوص الشرعية المتعلقة بالمسجد الأقصى وكيفية تحريره من براثن اليهود الكفار، يتضح لنا جليًا الفكرة وطريقتها التي يجب علينا السير وفقها لمعالجة هذه المشكلة السهلة الحل لمن وفقه الله.
وكثيرة هي النصوص الشرعية المتعلقة بهذه المسألة، إلّا أنني سأكتفي في موضوعي هذا بما رأيت فيه الكفاية والدلالة، وهي كما يأتي:
يقول الحق سبحانه وتعالى في سورة الإسراء: (وَقَضَيۡنَآ إِلَىٰ بَنِيٓ إِسۡرَٰٓءِيلَ فِي ٱلۡكِتَٰبِ لَتُفۡسِدُنَّ فِي ٱلۡأَرۡضِ مَرَّتَيۡنِ وَلَتَعۡلُنَّ عُلُوّٗا كَبِيرٗا ٤ فَإِذَا جَآءَ وَعۡدُ أُولَىٰهُمَا بَعَثۡنَا عَلَيۡكُمۡ عِبَادٗا لَّنَآ أُوْلِي بَأۡسٖ شَدِيدٖ فَجَاسُواْ خِلَٰلَ ٱلدِّيَارِۚ وَكَانَ وَعۡدٗا مَّفۡعُولٗا ٥ ثُمَّ رَدَدۡنَا لَكُمُ ٱلۡكَرَّةَ عَلَيۡهِمۡ وَأَمۡدَدۡنَٰكُم بِأَمۡوَٰلٖ وَبَنِينَ وَجَعَلۡنَٰكُمۡ أَكۡثَرَ نَفِيرًا ٦ إِنۡ أَحۡسَنتُمۡ أَحۡسَنتُمۡ لِأَنفُسِكُمۡۖ وَإِنۡ أَسَأۡتُمۡ فَلَهَاۚ فَإِذَا جَآءَ وَعۡدُ ٱلۡأٓخِرَةِ لِيَسُُٔواْ وُجُوهَكُمۡ وَلِيَدۡخُلُواْ ٱلۡمَسۡجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٖ وَلِيُتَبِّرُواْ مَا عَلَوۡاْ تَتۡبِيرًا ٧ عَسَىٰ رَبُّكُمۡ أَن يَرۡحَمَكُمۡۚ وَإِنۡ عُدتُّمۡ عُدۡنَاۚ وَجَعَلۡنَا جَهَنَّمَ لِلۡكَٰفِرِينَ حَصِيرًا ٨ إِنَّ هَٰذَا ٱلۡقُرۡءَانَ يَهۡدِي لِلَّتِي هِيَ أَقۡوَمُ وَيُبَشِّرُ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ ٱلَّذِينَ يَعۡمَلُونَ ٱلصَّٰلِحَٰتِ أَنَّ لَهُمۡ أَجۡرٗا كَبِيرٗا ٩ وَأَنَّ ٱلَّذِينَ لَا يُؤۡمِنُونَ بِٱلۡأٓخِرَةِ أَعۡتَدۡنَا لَهُمۡ عَذَابًا أَلِيمٗا ١٠ وَيَدۡعُ ٱلۡإِنسَٰنُ بِٱلشَّرِّ دُعَآءَهُۥ بِٱلۡخَيۡرِۖ وَكَانَ ٱلۡإِنسَٰنُ عَجُولٗا ١١ وَجَعَلۡنَا ٱلَّيۡلَ وَٱلنَّهَارَ ءَايَتَيۡنِۖ فَمَحَوۡنَآ ءَايَةَ ٱلَّيۡلِ وَجَعَلۡنَآ ءَايَةَ ٱلنَّهَارِ مُبۡصِرَةٗ لِّتَبۡتَغُواْ فَضۡلٗا مِّن رَّبِّكُمۡ وَلِتَعۡلَمُواْ عَدَدَ ٱلسِّنِينَ وَٱلۡحِسَابَۚ وَكُلَّ شَيۡءٖ فَصَّلۡنَٰهُ تَفۡصِيلٗا ١٢).
إن تفسير هذه الآيات يبين لنا طريقة تحرير الأقصى الشرعية،
فقوله تعالى:
( وَقَضَيۡنَآ إِلَىٰ بَنِيٓ إِسۡرَٰٓءِيلَ ): وقضينا تأتي بمعنى حكمنا وكتبنا، وهي هنا جاءت بمعنى الإخبار، والدليل قوله سبحانه وتعالى: إلى بني إسرائيل، ولم يقل في بني إسرائيل، أو على بني إسرائيل.
(فِي ٱلۡكِتَٰبِ): قيل في اللوح المحفوظ وقيل في التوراة، غير أن الظاهر هو في القرآن الكريم، والدليل على ذلك أنه إخبار بما سيحدث، لا إخبار بما حدث في الماضي؛ لقوله تعالى: (لَتُفۡسِدُنَّ). فإفسادهم قادم بعد نزول هذه الآيات لا قبلها. وهذا يبعدنا عن كل التفسيرات السابقة لعلو بني إسرائيل، وتسلط أقوام آخرين عليهم قبل نزول هذه الآيات الكريمة.
(لَتُفۡسِدُنَّ فِي ٱلۡأَرۡضِ مَرَّتَيۡنِ وَلَتَعۡلُنَّ عُلُوّٗا كَبِيرٗا): هنا يبين الله سبحانه وتعالى عدد المرات التي سيفسد فيها بنو إسرائيل في الأرض، وهما مرتان فقط لا غير، كما يحدد كيفية الإفساد، بأنه علو كبير، فالعلو لهم مرتين فقط، وهو محدد عددًا، وهو علو كبير في الإفساد محدد نوعًا، (والمقصود بالعلو الكبير هو مدى تأثيرهم ورفعة شأنهم ومكانتهم بين الأقوام الأخرى، ولكن في الجانب السلبي، وهو الإفساد).
(فَإِذَا جَآءَ وَعۡدُ أُولَىٰهُمَا): فإذا تحقق لليهود العلو الأول من حيث الرفعة والمكانة بين الأقوام الأخرى ليفسدوا في الأرض.
(بَعَثۡنَا عَلَيۡكُمۡ): أي بعثنا عليكم يا بني إسرائيل المفسدين في الأرض.
(عِبَادٗا لَّنَآ): عبادًا لله وحده، ابتعثهم الله للقيام بتحقيق العبودية له سبحانه وتعالى، وإزالة أي مظهر من مظاهر الإفساد في الأرض والخروج عن مسار الانقياد والطاعة لله وحده.
(أُوْلِي بَأۡسٖ شَدِيدٖ ): أصحاب قوة جبارة لا يمكن مواجهتها؛ لأنهم استمدوا قوتهم من قوة الإيمان بالله، ومستشعرين النصر والمدد والتمكين من الله سبحانه وتعالى، وأنهم بطاعتهم لله وامتثالهم أوامره واجتنابهم نواهيه هم ينصرون الله، وأنهم يقينًا منصورون.
( فَجَاسُواْ خِلَٰلَ ٱلدِّيَارِۚ ): تحركوا بين الديار ذهابًا وإيابًا بحثًا عن أعداء الله المفسدين، وهذا يشبه عملية التمشيط للجيوب المتخفية بعد انتهاء المعركة.
(وَكَانَ وَعۡدٗا مَّفۡعُولٗا): وهذا الوعد يقينًا محقق لأنه وعد من الله ربّ وخالق كل شيء، وقد تحقق هذا الوعد عندما استعلى بنو إسرائيل أول مرة بتآمرهم على قتل وقتال الرسول صلى الله عليهم وسلم وأصحابه، فكانوا يستخدمون مكانتهم بين القبائل في ذلك الزمن الذي كان يعمل لهم فيه حساب بين الأقوام والقبائل الأخرى سياسيًا وعسكريًا واقتصاديًا، فقاموا بالمؤامرات والتحالفات والدسائس لوأد دعوة الحق بغية الإفساد في الأرض، مستخدمين كل إمكاناتهم السياسية والعسكرية والاقتصادية لمحاربة الحق وإظهار الباطل، وكان هذا هو العلو الأول، فأرسل الله لهم عبادًا له، هم أمة الإسلام آنذاك، وهم الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته رضوان الله عليهم أجمعين، فجاسوا خلال الديار وقضوا على علو اليهود الأول المفسد في الأرض.
( ثُمَّ رَدَدۡنَا لَكُمُ ٱلۡكَرَّةَ عَلَيۡهِمۡ وَأَمۡدَدۡنَٰكُم بِأَمۡوَٰلٖ وَبَنِينَ وَجَعَلۡنَٰكُمۡ أَكۡثَرَ نَفِيرًا ): ثم يخبرنا المولى سبحانه وتعالى أن بني إسرائيل ستعود لهم الكرة على أمة الإسلام من جديد ليتحقق وعد الله بالإفساد الثاني الذي سيكون فيه اليهود أغنى وأكثر عددًا وأكثر قوة عسكريًا وسياسيًا عما كانت في المرة الأولى. وهذا هو حالنا اليوم، فاليهود في قمة عنفوانهم المفسد، وكل الدول تهرول لدعم قوتهم وتأييدهم ونصرتهم لأنهم يعلمون أن هؤلاء هم أعداء حقيقيون للمسلمين، فوضعوهم في مواجهتهم، وجعلوهم رأس حربة لهم ضدهم، وأمدوهم، وعملوا على كسب رضاهم، والتطبيع معهم؛ ليمنعوا شرهم عنهم أولًا، وليحصروه بالمسلمين، وليحصلوا لهم على مصالح مشتركة معهم… فتراهم اليوم، أي اليهود، هم المحرك الخفي وراء الهجمة الشرسة على الإسلام والمسلمين وتسلط الكفار عليهم. وهذا هو العلو في الإفساد الثاني لبني إسرائيل.
(إِنۡ أَحۡسَنتُمۡ أَحۡسَنتُمۡ لِأَنفُسِكُمۡۖ وَإِنۡ أَسَأۡتُمۡ فَلَهَاۚ): يمهل الله اليهود فرصة ليحسنوا لأنفسهم بالكف عن الإفساد في الأرض، وينذرهم بأخذهم إن هم أصروا واستمروا في الإفساد.
(فَإِذَا جَآءَ وَعۡدُ ٱلۡأٓخِرَةِ): وهنا لفتة تستحق النظر؛ حيث إن الحق سبحانه وتعالى قال كلمة (أُولَىٰهُمَا) في الأولى، ولم يقل ثانيهما في الثانية، بل قال (وَعۡدُ ٱلۡأٓخِرَةِ)، حيث إنها الثانية والأخيرة، وهذا يؤكد فهمنا بأن الإفساد والعلو الكبير هو مرتان فقط، الأول كان في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، والآخرة في عهد احتلال اليهود للمسجد الأقصى وما حوله.
(لِيَسُُٔواْ وُجُوهَكُمۡ): ليحزنكم المسلمين بالقتل والسبي حزنًا يظهر في وجوهكم.
(وَلِيَدۡخُلُواْ ٱلۡمَسۡجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٖ): وهنا أيضًا لفتة أخرى؛ حيث إن المولى تبارك وتعالى لم يذكر الدخول إلى المسجد الأقصى المبارك في العلو الأول، وهذا يؤكد ما فهمناه من أن المقصود بالكتاب هو القرآن الكريم، وأن العلوّين يحدثان بعد نزول هذه الآيات من القرآن الكريم؛ حيث إن المسلمين أولًا: سوف يضمون المسجد الأقصى والأرض المباركة من حوله إلى بلاد المسلمين، وهذا حدث في عهد الخليفة الفاروق عمر بن الخطاب، بقيادة أبي عبيدة رضي الله عنهما، ثم يعود المسجد الأقصى ليحتل مرة ثانية من اليهود، وفي هذه المرة يشترك تحرير الأقصى بتتبير العلو الثاني والأخير لليهود. فالآية الكريمة تبين أن المسجد الأقصى سيحرر من اليهود. وقريبًا بإذن الله سندخل المسجد الأقصى محرِّرين له من براثن اليهود، ومسقِطين دولتهم لينتهي علويِّ اليهود الكبيرين إلى الأبد.
(وَلِيُتَبِّرُواْ مَا عَلَوۡاْ تَتۡبِيرًا): ليقضي المسلمون على اليهود نهائيًا كقوة ذات شأن، ويبقى اليهود على حالهم وغدرهم، ولكن في محاولات ضعيفة وفاشلة لإعادة مجدهم من جديد، فهم بطبعهم سيظلون يثيرون المشاكل والعقبات التي سرعان ما ينتبه لها عباد الله، بفضل الله ونصره وتأييده؛ ليتم القضاء عليها وتنتهي في مهدها.
(عَسَىٰ رَبُّكُمۡ أَن يَرۡحَمَكُمۡۚ): وهذا من عظيم عفو الله وحلمه، فهو يريد لهم الرحمة إن هم أطاعوه ولزموا أمره.
(وَإِنۡ عُدتُّمۡ عُدۡنَاۚ): وهذا كما بينا سلفًا من أن اليهود هم قوم الخيانة والغدر، ولكن هذه المرة أو المرات التي تخلف العُلوَّين الكبيرين كتب الله لها الفشل بتسليط جنده من عباده المؤمنين على بني إسرائيل ليكونوا لهم بالمرصاد، فإن عاد اليهود لمحاولة العلو والإفساد سلط الله عليهم عباده فقضوا على شرهم ومكرهم.
( وَجَعَلۡنَا جَهَنَّمَ لِلۡكَٰفِرِينَ حَصِيرًا ): وهي النهاية لكل كافر.
(إِنَّ هَٰذَا ٱلۡقُرۡءَانَ يَهۡدِي لِلَّتِي هِيَ أَقۡوَمُ وَيُبَشِّرُ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ ٱلَّذِينَ يَعۡمَلُونَ ٱلصَّٰلِحَٰتِ أَنَّ لَهُمۡ أَجۡرٗا كَبِيرٗا ٩ وَأَنَّ ٱلَّذِينَ لَا يُؤۡمِنُونَ بِٱلۡأٓخِرَةِ أَعۡتَدۡنَا لَهُمۡ عَذَابًا أَلِيمٗا١٠).
كما جاءت الأحاديث أيضًا لتزيدنا وضوحًا وفهمًا من أننا لن نحرر المسجد الأقصى إلا بطريقة واحدة، هي طريقة علام الغيوب المطلع على كل شيء، والذي أخبرنا أن تحرير المسجد الأقصى لا يكون إلا بقتال المسلمين لليهود وقتلهم وإنهاء كيانهم وتتبير علوهم المفسد في الأرض.
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ الْقَعْقَاعِ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تُقَاتِلُوا الْيَهُودَ، حَتَّى يَقُولَ الْحَجَرُ وَرَاءَهُ الْيَهُودِيُّ: يَا مُسْلِمُ، هَذَا يَهُودِيٌّ وَرَائِي فَاقْتُلْهُ». رواه البخاري.
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ سُهَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقَاتِلَ الْمُسْلِمُونَ الْيَهُودَ فَيَقْتُلُهُمْ الْمُسْلِمُونَ، حَتَّى يَخْتَبِئَ الْيَهُودِيُّ مِنْ وَرَاءِ الْحَجَرِ وَالشَّجَرِ، فَيَقُولُ الْحَجَرُ أَوْ الشَّجَرُ: يَا مُسْلِمُ، يَا عَبْدَ اللَّهِ، هَذَا يَهُودِيٌّ خَلْفِي فَتَعَالَ فَاقْتُلْهُ، إِلَّا الْغَرْقَدَ فَإِنَّهُ مِنْ شَجَرِ الْيَهُودِ». رواه مسلم.
ويبقى معنا السؤال الآتي: لماذا لم نهزم اليهود ونقضِ عليهم في المواجهات السابقة، سواء من قبل الأفراد أم الحركات أم الدول؟ والجواب على ذلك يظهر في الآيات الكريمة التي مرت معنا، وفي الكثير من الأحاديث التي اخترت لكم منها اثنين فقط كما سبق؛ لوضوح المقصود فيهما، ولكفاية دلالتهما، فالآيات ترشدنا إلى أننا إذا صرنا عبادًا لله انتصرنا على اليهود، والأحاديث ترشدنا إلى أن المقصود هم المسلمون الذين يعنيهم المصطفى صلى الله عليه وسلم بقوله حتى تقاتلوا، أي أنتم يا مسلمين. بدليل قول الحجر: يا مسلم، يا عبدالله، أي إننا قاتلنا اليهود ونحن متفرقون تحت رايات عصبية وجاهلية، ولم نقاتلهم ونحن كيان واحد مجتمعين تحت راية العقاب بقيادة رجل واحد بايعناه على السمع والطاعة في حكمنا بكتاب الله وسنة نبيه.
وإذا نظرنا في هذا المشهد نجد أن كل عناصر الوعد الحق وجدت ما عدا عنصرًا واحدًا فقط، فقد وجد كيان يهود، ووجد علوُّهم المفسد في الأرض، وتوفَّر لهم ما أخبرنا به المولى سبحانه وتعالى من إمدادهم بالأموال والبنين، وجعلهم أكثر نفيرًا، وكذلك احتلال اليهود للمسجد الأقصى، كما ظهر فسادهم في البر والبحر، ولم يبقَ لاكتمال المشهد إلا وجود كيان المسلمين ليتحقق النصر على اليهود الضالين. ووجود كيان المسلمين لن يتحقق إلا بتوحد المسلمين في دولة الخلافة الراشدة الثانية التي أخبر بها الوحي أنها قادمة لتجمع شتات المسلمين في دولة واحدة بقيادة خليفة واحد يقود جيش المسلمين تحت راية واحدة هي راية الحبيب المصطفى (راية العقاب).
أيها المؤمنون:
من أراد تحرير المسجد الأقصى فليعمل لإقامة الخلافة. ومن يحب الإسلام فليعمل لإقامة الخلافة. ومن يريد جمع شمل المسلمين فليعمل لإقامة الخلافة، ومن يريد حقن دماء المسلمين فليعمل لإقامة الخلافة، ومن يريد المحافظة على أعراض المسلمين فليعمل لإقامة الخلافة، ومن يريد تحرير بلاد المسلمين فليعمل لإقامة الخلافة، ومن يريد تحرير المسلمين من الاستعمار والتبعية فليعمل لإقامة الخلافة، ومن يريد تحرير المسلمين من الغزو الثقافي والحضاري فليعمل لإقامة الخلافة، ومن يريد تطبيق شرع الله كاملًا غير منقوص فليعمل لإقامة الخلافة، ومن تتوقُ نفسه للشهادة في سبيل الله فليعمل لإقامة الخلافة، ومن يريد رضى الله عليه فليستقمْ كما أمر الله سبحانه ،وليكنِ العمل للخلافة قضية مصيرية لديه.
فاعملوا إخوتي المؤمنين لإقامة الخلافة الإسلامية؛ فبقيامها يكون قيام الدين كله، كما قال سيدنا الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه: «لا إسلام بلا جماعة، ولا جماعة بلا إمارة، ولا إمارة بلا طاعة».
هذا وعلى الله قصد السبيل.
2018-06-15