روسيا وهاجس الإسلام والخلافة… وحزب التحرير (2)
2018/03/20م
المقالات
28,817 زيارة
روسيا وهاجس الإسلام والخلافة… وحزب التحرير (2)
بعض الأحداث والتصريحات الروسية الدالة على رعبهم من الإسلام والخلافة
نشر موقع 31325/http://www.islamist-movements.com تحت عنوان: “دعم دول القوقاز وسوريا عسكريًا، روسيا تعلن الحرب على داعش” ما يلي: “باتت روسيا مهددة، كباقي الدول سواء في الغرب أو الشرق، بخطر تنظیم داعش وغيره من التنظيمات الإرهابية العاملة في العراق وسوريا وغيرهما من بلدان الشرق الأوسط. وتعج الصحف الروسية، هذه الأيام، بالكثير من الجدل والنقاش حول هذه الظاهرة وتداعياتها على المجتمع الروسي نفسه. فهذا التهديد لا يقتصر على احتمال ارتكاب مثل هذه التنظيمات لعمليات إرهابية داخل الأراضي الروسية فحسب، بل انضمام الشباب من روسيا، وتحديدًا من القوقاز الروسي، إلى تنظيم داعش للحرب في سوريا والعراق. ولا بد من ملاحظة أن هؤلاء الشباب ينتمون إلى المسلمين الروس من الشيشان وداغستان على وجه الخصوص. ولكن الجديد في هذا الموضوع، هو انضمام بعض أبناء القومية الروسية إلى صفوف التنظيمات الإرهابية المحاربة في الشرق الأوسط”. وجاء في نفس المقالة: “قال الرئيس الروسي بوتين خلال قمة منظمة “معاهدة الأمن الجماعي” التي عقدت يوم الثلاثاء ۱5-۹-۲۰۱5م، إنه يشعر بالقلق من احتمال عودة مواطنين روس قاتلوا مع تنظيم داعش إلى البلاد. بعد أن تلقوا التدريب الأيديولوجي والعسكري في الشرق الأوسط. وقال: “إن مسلحين من دول كثيرة في صفوف هذا التنظيم، ومنها دول أوروبية ودول سوفياتية سابقة يتلقون التدريب الأيديولوجي والعسكري، ونحن قلقون جراء إمكانية عودتهم إلى أراضينا”. وقال: “إن موسكو تدعم الحكومة السورية في مواجهة العدوان الإرهابي، وتقدم الدعم العسكري اللازم لها، وإنها ستواصل تقديم هذا الدعم”. وقال: إن تنظیم داعش الإرهابي يطمع في السيطرة على كل من مكة والمدينة والقدس، ويهدد أوروبا وروسيا، معربًا عن قلق بلاده من جراء طموحات ومطامع داعش”.
والحقيقة أن اسم داعش هنا ليس أكثر من رمز إلى شيء آخر. فداعش ليست أكثر من أداة تستخدمها أميركا للتخويف بها، ولإجبار من تريد من الدول على السير في أجندات معينة، وروسيا تتعاون مع أميركا في هذا الأمر وتخدمها فيه. وداعش في تصريحات بوتين ليست أكثر من شماعة أو عنوان، والمقصود الحقيقي هو الإسلام كعقيدة وفكر، والمسلمون کشعوب وكتل بشرية يمكن أن تتحول إلى قوى فاعلة وجيوش والخلافة کهدف سياسي ودولة كبری؛ فقد صرح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في أحد البرامج على القناة الأولى الروسية، أن كل الشركاء الغربيين باتوا يدركون أن التهديد الرئيسي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ليس هو نظام الأسد السوري ولكن داعش، على الرغم من أن الكثيرين يقولون هذا بصوت خافت”.
وتحت عنوان: “تعاون صيني- آسيوي لمكافحة الإرهاب” نقرأ الخبر التالي: “تعتزم الصين وروسيا إنشاء وحدة خاصة لمكافحة الإرهاب” بعد تصاعد العنف في إقليم شينجيانغ غربي الصين، والذي أنحي باللائمة جزئيًا فيه على متشددين من خارج الحدود الصينية. وذكرت صحيفة “تشاينا ديلي” الحكومية أنه بحلول نهاية العام المقصود نهاية العام ۲۰14، ستنشئ منظمة شنغهاي للتعاون مجموعة إقليمية جديدة لمكافحة الإرهاب. وأنشأت الصين وروسيا وأربع دول في أسيا الوسطى هي قرغيزستان وكازاخستان وطاجيكستان وأوزبكستان هذه المنظمة في ۲۰۰۱، باعتبارها تكتلًا أمنيًا إقليميًا لمواجهة التهديدات التي يشكلها التطرف وتجارة المخدرات من أفغانستان المجاورة”.
وفي شهر أيلول ۲۰۰۳م، وقَّع رؤساء حكومات الصين وروسيا وأربع دول من آسيا الوسطى على اتفاقات تعمل على إنشاء مركز لمكافحة الإرهاب في أوزبكستان. كما اتفقوا على إعطاء منظمة شنغهاي للتعاون دورًا أكبر في تعزيز الروابط الاقتصادية بين الصين وروسيا وكازاخستان وقرغيزستان وطاجيكستان وأوزبكستان بهدف إقامة منطقة للتجارة الحرة فيما بينها. وقال رئيس الوزراء الصيني “وين جيا باو” للصحافيين: “أنا راضٍ تمامًا عن نتائج الاجتماع. هذه التحركات تُظهر أن منظمة شنغهاي للتعاون دخلت مرحلة جديدة للتنمية الشاملة. التنمية الاقتصادية مجال هام للتعاون في منظمة شنغهاي”. ووقَّع رؤساء الحكومات المشاركة في الاجتماع ست وثائق، منها وثيقة تحدد تفويض الجهاز الإقليمي لمكافحة الإرهاب والترتيبات الخاصة به، بالإضافة إلى النقاط الرئيسية للتعاون الاقتصادي الإقليمي. (رويترز).
بتاريخ 10/6/2014م، نشر موقع الجزيرة أن وسائل إعلام صينية ذكرت أن تكتلًا أمنيًا بقيادة الصين وروسيا سينشئ وحدة خاصة لمكافحة الإرهاب بعد تصاعد العنف في إقليم شنغيانغ غربي الصين، والذي أنحت باللائمة جزئيًا فيه على من أسمتهم متشددين من خارج الحدود الصينية.
وأفادت صحيفة تشاينا ديلي الرسمية، بأنه بحلول نهاية العام الجاري ستنشئ منظمة شنغهاي للتعاون مجموعة إقليمية جديدة لمكافحة الإرهاب. وتقول بكين إن جماعات انفصالية في شنغيانغ تسعى لإقامة دولة لها تسمى تركستان الشرقية. وأشارت إلى وجود صلات بمتشددين في دول آسيا الوسطى بالإضافة إلى باكستان، رغم تشكيك خبراء في مدى تأثيرهم. وأنشأت الصين وروسيا وأربع دول في آسيا الوسطى، هي قرغيزستان وكازاخستان وطاجكستان وأوزبكستان، منظمة شنغهاي للتعاون في ۲۰۰۱، کتكتل أمني إقليمي لمواجهة التهديدات التي يشكلها التطرف وتجارة المخدرات من أفغانستان المجاورة. هذا الخبر على موقع الجزيرة.
وفي 10 تموز ۲۰۱٤م، أصدر رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير، في قرغيزستان بيانًا تحت عنوان: “دول منظمة شنغهاي للتعاون تتآمر معًا لمحاربة حزب التحرير” ومما جاء فيه: “الدول الأعضاء في منظمة شنغهاي للتعاون سوف تتبادل بنشاط معلومات القضايا الجنائية وملفات الاتهام التي تخص أعضاء المنظمة الدولية “حزب التحرير الإسلامي”، وفقًا لما ذكرته وكالة أخبار (ریا نوفوستي) عن المركز الإعلامي للهيئة التنفيذية الإقليمية لمحاربة الإرهاب (آر أي تي إس) التابعة لمنظمة شنغهاي للتعاون، وقد ذكرت الهيئة التنفيذية في ختام اجتماعها في طشقند حول هذه المسألة أن عدد القضايا الجنائية ضد متطرفي “حزب التحرير” قد ازدادت مؤخرًا على أراضي الاتحاد الروسي، ولا بد من تكثيف الجهود المشتركة والتنسيق بين دول منظمة شنغهاي فيما يتعلق بهذه المسألة، مسألة تبادل الخبرات العملية… إن ازدياد عدد معتنقي الإسلام في المجتمع الروسي، وخاصة ذوو الأصول الروسية، جعل بوتين يزيد من حدة حربه ضد هذه الظاهرة (ظاهرة اعتناق الإسلام من قبل الروس). وسعيًا لتحقيق غايته تلك؛ فقد أمر بحظر كل ما له علاقة بالإسلام في روسيا، وقام بزرع الخوف في قلوب المسلمين هناك. فقد اعتبرت محكمة نوفوروسيسك (القرآن الكريم) مادة متطرفة، وتم قتل أحد أعضاء حزب التحرير من قبل رجالات الأمن واسمه عبد الله غباييف، وقامت المدارس بحظر الحجاب، وتم هدم مسجد الإخلاص واعتقال إمام المسجد رستم سفين والزج به في السجن. بهذه الطرق الدنيئة يعتزم بوتين منع انتشار الإسلام في روسيا. ومؤخرًا تفكر السلطات الرسمية في تحويل مسجد في مدينة تشيستوبل في تتارستان إلى متحف.
إن الحكومة الروسية وعلى رأسها بوتين يسعى إلى حمل البلدان التابعة له والحليفة لانتهاج سياسته في الحرب ضد الإسلام والمسلمين. ولتحقيق هذه الغاية فقد بدأت الحكومة الروسية من خلال منظمات مثل منظمة شنغهاي للتعاون، ومنظمة معاهدة الأمن الجماعي وغيرها، برسم الخطط وإشراك جمهوريات أخرى في الحرب على الإسلام والمسلمين. إن حكام جمهوريات آسيا الوسطى، سواء يعلمون أم لا، فإنهم يتبعون سياسة روسيا هذه بأشكال متنوعة، ويحرضون ضد “حزب التحرير” لكنهم عبثًا يحاولون ودون جدوى حظر نشاطه… ورغم كل هذا، فإن روسيا والحكام التابعين لها مستمرون في حربهم التشهيرية ضد “حزب التحرير”. وبتاريخ 9 نيسان ۲۰۱۰م، أصدرت وكالة نوفوستي ما يلي: “يبحث ممثلون عن الأجهزة الأمنية لدول منظمة شنغهاي للتعاون الجمعة 10 نيسان في طشقند عاصمة أوزبكستان وسائل التصدي لخطر التنظيمين المتطرفين داعش و”حزب التحرير” الإسلامي. وتضم المنظمة كلًا من روسيا والصين وكازاخستان وأوزبكستان وقرغيزيا وطاجكستان. وسيمثل روسيا، في الجلسة الـ ۲6 لهيئة مكافحة الإرهاب الإقليمية التابعة لمنظمة شنغهاي، النائب الأول لمدير هيئة الأمن الفيدرالية الروسية سيرغي سميرنوف. وقال الناطق باسم مركز العلاقات الاجتماعية التابع لهيئة الأمن الفدرالية إنه سيتم خلال الجلسة النظر في وسائل مواجهة الجماعات المتطرفة، وبحث برنامج التعاون ما بين عامي(۲۰۱6- ۲۰۱۸)م لمكافحة الإرهاب والتطرف والحركات الانفصالية. وفي 16/10/2015م عقدت في مدينة أستانا الكازاخية قمة بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وقادة الجمهوريات السوفياتية السابق، تصدَّر فيها ملف مكافحة الإرهاب والأمن الاقليمي… وسارع بوتين خلال القمة إلى انتقاد الخطوة الأميركية القاضية بإبقاء جنودها في أفغانستان، معربًا عن انزعاجه إزاء دوامة جديدة للعنف في أفغانستان يمكن أن تمتد إلى آسيا الوسطى. وقد أيَّد رئيس قرغيزستان ألمظ بيك أتمباييف دون لبس حملة موسكو ضد المتطرفين في سوريا، فيما دعت كازاخستان إلى إنشاء منتدى ضد الإرهاب تتصدَّره دول تضم عددًا كبيرًا من المسلمين، بينها روسيا”. وأوردت جريدة الراية في عددها الصادر يوم الأربعاء في 14/10/2015م، نقلًا عن رويترز الخبر التالي: “اجتمع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع وزير الدفاع السعودي يوم الأحد الماضي في أقوى محاولة من موسكو حتى الآن للتواصل مع خصوم الرئيس السوري بشار الأسد منذ انضمام روسيا للصراع بتنفيذ غارات جوية. والتقى بوتين مع الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد السعودي… ويأتي ذلك بعد أسبوعين تقريبًا من بدء موسكو حملة قصف على أعداء الأسد بما في ذلك جماعات معارضة تدعمها الرياض. وقال وزير الخارجية السعودي عادل الجبير الذي ظهر إلى جانب نظيره الروسي سيرجي لافروف إن الرياض لديها مخاوف بشأن سياسة روسيا. وقال لافروف إن موسكو تتفهم مخاوف السعودية، وإن الدولتين تتفقان على هدف منع إقامة خلافة إرهابية في سوريا”. والتدقيق في هذا الخبر يشير إلى أن الخلافة التي يخشاها لافروف ليست خلافة داعش، فخلافة داعش قامت وهي موجودة، وكذلك فإن خلافة داعش ليست أكثر من صناعة أميركية لتكون شمَّاعة ومبررة لسياسات وأجندات معينة، وهذا تعرفه روسيا وتستعمله أيضًا، وهو فوق أنه قد مضى على وجود خلافة داعش أكثر من سنة، تأكَّد خلالها أنها ليست أكثر من لغوٍ واسمٍ على غير مسمى. فالذي يخشاه لافروف في الحقيقة هو خلافة لم تقم بعد، وهو على اتفاق مع السعودية ودول كثيرة غيرها على منع إقامتها. ويتضح من المؤتمر الصحفي الذي عقده وزيرا الخارجية الروسي سيرغي لافروف والسعودي عادل الجبير بعد هذا اللقاء إلى أن منع إقامة الخلافة واعتبارها إرهابية أمر بدیهي عند الدول القائمة اليوم. وقد أورد موقع حزب التحرير – سوريا نقلًا عن جريدة الراية خبرًا جاء فيه: “وقال لافروف: “إن هناك حاجة إلى مساعدة خارجية شاملة ومتوازنة للعملية السياسية”. وقال: “يجب أن تتكوَّن هذه المجموعة من روسيا والولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية وإيران وتركيا ومصر والإمارات العربية المتحدة والأردن وقطر، والاتحاد الأوروبي والصين، والعمل بطريقة موحدة يساعد السوريين في التوصل إلى اتفاق على أساس الأهداف المشتركة لمنع انشاء الخلافة المتطرفة”. وأجاب عادل الجبير ردًا على سؤال: إن كان نوقش تكثيف النشاط السعودي فيما يخص مكافحة الإرهاب، وفي ضوء مشاركة المملكة في العملية العسكرية في اليمن، وماذا يفكرون بشأن الضربات العسكرية ضد الإرهابيين في سورية، أجاب بقوله: “المملكة العربية السعودية في مقدمة الدول في مكافحة الإرهاب، ومحاربته، ومكافحة تمويله، ومواجهة الفكر المتطرف. والمملكة العربية السعودية كانت من أول الدول التي واجهها الإرهاب، وسقط شهداء كثر من المملكة العربية السعودية نتيجة الهجمات الإرهابية التي تمت في المملكة، سواء من تنظيم القاعدة أم من تنظیم داعش مؤخرًا. والمملكة العربية السعودية كانت من أول الدول التي طالبت بتشكيل تحالف دولي لمواجهة الإرهاب، وكانت من أول الدول التي انضمت للتحالف الدولي الذي تم تشكيله لمواجهة داعش في سورية وفي العراق، وكانت من أول الدول التي شاركت في هذا التحالف بطائراتها العسكرية ولا زالت تشارك في هذا التحالف. وأضاف: ونتيجة الأزمة في سورية، تدفق إليها آلاف المقاتلين من جميع أنحاء العالم بما فيها المملكة العربية السعودية وروسيا، وهؤلاء الأشخاص يشكلون خطرًا، ليس على المملكة العربية السعودية وروسيا فحسب، بل على العالم بأجمعه؛ ولذلك يجب أن لا يوجد أي شك في أن المملكة العربية السعودية وروسيا تتشاوران وتنسقان وتسعيان لتكثيف جهودهما المشتركة لمواجهة الإرهاب. وأحد الأسباب التي تدفع البلدين لإيجاد حل عاجل في سوريا هو لوضع حد لانتشار الإرهاب في المنطقة.
بتاریخ 20/10/2015م، نشر موقع إيلاف جورنال أقوالًا لبوتين بالتزامن مع اعتقال حوالى ۲۰ شخصًا من “حزب التحرير” في العاصمة الروسية موسكو، ومما نشره الموقع: “قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال لقاء الثلاثاء، مع مجموعة من كبار الضباط في الجيش الروسي بمناسبة تعيينهم في مناصب رفيعة: خطَّط الإرهابيون بعد أن أقاموا معاقل لهم في سوريا وفي بعض الدول الأخرى بالشرق الأوسط لتوسيع دائرة نفوذهم، وهم يواصلون وضع الخطط، ولا سيما خطط لزعزعة مناطق كاملة في العالم، وتابع أن الإرهابيين يواصلون تجنيد مقاتلين جدد من دول عديدة، بما فيها روسيا… كما جدد الرئيس تأكيده أن العملية الروسية ضد الإرهاب في سوريا جاءت بمثابة إجراء احترازي، معيدًا إلى الأذهان أن تقديم المساعدات العسكرية الروسية لسوريا يتم بمراعاة تامة للعقيدة العسكرية الروسية والقانون الدولي. وشدَّد على ضرورة تكثيف الجهود الرامية إلى الكشف عن الصلات التي تربط الإرهابيين في روسيا مع التنظيمات الإرهابية الدولية ورعاتها”. وقد جاء هذا الكلام لبوتين في وقت أعلنت فيه الشرطة الروسية وجهاز الأمن الفدرالي في موسكو أنها “أحبطت أنشطة خلية كبيرة تابعة للمنظمة الإرهابية الدولية “حزب التحرير الإسلامي”. وأعلنت وزارة الداخلية الروسية عن توقیف ۱۸ متطرفًا، واعتقال اثنين صباح الثلاثاء في موسكو. وأوقفت أجهزة الأمن الروسية في موسكو صباحًا ۲۰ متطرفًا، منهم 14 عضوًا في “حزب التحرير الإسلامي” المحظور”. وأفادت قناة “LifeNews” بأن “جميع المشتبهين يتبنون أفكارًا راديكالية كانوا ينشرونها في منطقة العاصمة بهدف الترويج الإقامة خلافة إسلامية عالمية، وجمع الأموال لتمويلها”. وقامت أجهزة الأمن في نفس الوقت بتفتيش 24 موقعًا صادرت خلالها ۲۰ كمبيوترًا، و۲۰۰ منشور وهاتف جوال.
وقد علق “حزب التحرير” على هذه الحملة في إحدى نشراته بأنها هجمة مسعورة من قبل بوتين على “حزب التحرير” وأنها تأتي تحت ذريعة ملاحقة ومحاربة الإرهاب، في سياق الهجمة الشرسة التي تشنها دول الكفر قاطبة على الإسلام والمسلمين، وذلك لرؤيتهم سيل الأمة الجارف نحو الخلافة.
إن من دلالات هذه التصريحات الروسية التي تربط الإجراءات الأمنية والمخابراتية في روسيا ومحيطها بالتدخل الروسي العسكري في سوريا، أن هذه العمليات وهذا التدخل إجراءات احترازية وسياسة استباقية لخطر الإسلام السياسي والخلافة. فروسيا والدول التابعة لها في محيطها تعتبر الخلافة في سوريا خطرًا داهمًا على أبوابها، وعليها أن تتصدى له. وتتحدث التصريحات الروسية وكأن سوريا واقعة على حدود أفغانستان، بوابة الإرهاب إلى روسيا والمنطقة برمتها.
وقد نشر موقع سانا السوري في 15/10/2015م، خبرًا عن جلسة موسعة للمباحثات الروسية الكازاخية التي جرت في كازاخستان في الأستانة، وجرى فيها مناقشة إنشاء منتدى الإسلام ضد الإرهاب” باقتراح من الرئيس الكازاخي نور سلطان نزار باييف. والشاهد هنا هو أن نزار باييف قدَّم هذا الاقتراح أثناء حديثه عن الوضع في سوريا، وقوله: “إن ما يحصل في سوريا هو تهديد لنا جميعًا، وبخاصة في آسيا الوسطى”، وقد أید بوتین هذا الاقتراح. ومما يجدر ذكره هنا أن الموقع السوري حرَّف ترجمة النص أعلاه فقال “آسيا الصغرى” بدلًا من كلمة “آسيا الوسطى”. ومما قاله نزار باييف في هذا اللقاء: “نحن على اطلاع جيد بالحوادث التي وقعت على الحدود مع تركمانستان، ولدينا قلق كبير حول ما جرى في طاجكستان”، وما يقصده رئيس كازاخستان بهذا القول التمهيد لنشر قوات عسكرية روسية في تركمانستان وطاجكستان على حدودهما المحاذية لأفغانستان. وقد عاجلت ترکمانستان إلى نفي أن يكون وقع أي حادث إرهابي على حدودها.
وقد نشر الموقع الروسي http://www.centrasia.ru/newsA.php?st أخبارًا يحذر فيها من داعش ومن الإرهاب، وذكر فيها أنه ليس كل المسلمين إرهابيون ولكن – تقريبًا – كل الإرهابيين مسلمون، وقال إنه بحسب وزارة الداخلية القرغيزية هناك أكثر من ۲۰۰ شخص من قرغيزستان في صفوف داعش، ثم انتهى إلى القول: “اذا لم تتنبه السلطات القرغيزية إلى خطر الأحداث الجارية في سوريا والعراق، فستأتي هذه الأحداث بسرعة إلى أبوابنا. وعدم المعالجة السريعة لهذه المشاكل ليس فقط سيؤدي إلى سقوط الحكومة، ولكن أيضًا يهدد بتدمير كامل لكل الشعب القرغيزي. لن ننتظر حتى يضربنا الرعد وتصبح قرغيزستان سوريا ثانية”.
ومن المواقف الروسية الدالة على التنبه والحذر من وجود دولة إسلامية في سوريا، وأن ذلك خطر على المنطقة كلها وسيمتد؛ ما دأب لافروف على تكراره حول الخلافة وخطرها وضرورة منع وجودها. وفي هذا المعنى يندرج تصريحه عن منع أن يكون الحكم في سوريا للسنَّة، فقد نشر موقع العربية في 27/3/2012م، مقالًا جاء فيه: “سيرغي لافروف وزير الخارجية الروسي قال في معرض تبريره لموقف روسيا الداعم لنظام بشار الأسد في حديث لإذاعة كوميرسانت أف أم” الروسية: إن الصراع يدور في المنطقة كلها، وإذا سقط النظام الحالي في سوريا، فستنبثق رغبة قوية وتمارس ضغوط هائلة من جانب بعض بلدان المنطقة من أجل إقامة نظام سني في سوريا، ولا تراودني أي شكوك بهذا الصدد. ويقلقنا في هذا الوضع مصير المسيحيين، وهناك أقليات أخرى كالأكراد والعلويين وكذلك الدروز”. وقد أذاعت الخبر فضائية الجزيرة.
وكذلك حذر لافروف من الخلافة أثناء إلقائه خطابه من على منصة الأمم المتحدة في أواخر أيلول من العام ۲۰۱۳م، أعلى وأهم منصة في العالم، حيث اعتبر أن الثورات في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا قد يشتبه فيها الخير والشر على المراقب، فيظن مثلًا أن الناس تريد الحرية والديمقراطية، وهذا أمر شرعي وخير؛ بينما هم في الحقيقة يريدون إيجاد الخلافة، وهذا أمر غير شرعي وشر، وقال: “… ومن الآراء ما ظهر في محاولة تحديد ما هو شرعي وما يفتقر إلى الشرعية، من بين قادة منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وعبر فرض الرأي الذي ينص على الجانب الذي يستحق الدعم في النزاعات الوطنية المحلية مع فرض حلول جاهزة من الخارج على التحول الديمقراطي. إن الرغبة بتصوير الثورات في العالم العربي بطريقة مبسطة كأنها صراع ما بين الديمقراطية ضد الطغيان، أو بين ما هو جيد ضد ما هو شرير، قد شوَّه الصورة والمشاكل المرتبطة بانتشار موجة التطرف عبر المنطقة. ومن المعروف أن الجماعات الجهادية مشكَّلة من أعداد كبيرة من الراديكاليين من كافة أنحاء العالم، وهي الأكثر قدرة على شن الأعمال القتالية، والتي تظهر بشكل معارضة. وإن الأهداف التي تسعى إليها هذه الجماعات المتطرفة لا علاقة لها بالديمقراطية، وهي تأتي على أساس انعدام التسامح، وتهدف إلى تدمير الدول العلمانية وإقامة أمة الخلافة”.
وقد حذر من هذا الأمر، أي من الخلافة، وزير الخارجية السوري وليد المعلم في مؤتمر صحفي له في 24/6/2013م، وقال إنه إذا جاءت الخلافة إلى سوريا، فلن تقف عند حدودها، ومما قاله: “لقد نبهنا منذ بداية الأزمة أن انعكاسات ما يجري في سوريا على دول الجوار خطير، أنا لا أريد أن أدخل في الشأن اللبناني؛ لأن ما نأمله هو استقرار وأمن لبنان الشقيق… فيما يتعلق بالأردن: نحن نتطلع إلى علاقات حسن جوار وأخوة مع الأردن، وحريصون على مصالح الأردن، ونعلم أن من يتربصون بسوريا ومن يطالبون بإقامة دولة الخلافة الإسلامية لن يقفوا عند حدود سوريا. فيما نقوم به هو دفاع حتى عن الأردن ولبنان وتركيا من إنجازات الجيش تجاه هذه المجموعات الإرهابية”. ويتفق وليد المعلم ونظامه مع أميركا وروسيا وكل دول العالم على التحذير من الخلافة ومواجهة إقامتها .
نماذج من عداء روسيا والدول المحيطة بها لحزب التحرير والإسلام
بدأ ظهور حزب التحرير في آسيا الوسطى في مطلع عقد التسعينات من القرن الماضي، وقد بدأ انتشاره الواسع هناك في أوزبكستان تحديدًا، ثم أخذ ينتشر بسرعة، وأقبل عليه أهل أوزبكستان بشكل لافت، وتجسدت فيهم أفكاره، فانطلقوا يحملون دعوته فكرة وطريقة، هدفًا ومنهجًا. وازداد انتشاره في أنحاء أوزبكستان، ثم في البلدان الإسلامية المجاورة، فانتشر في قرغيزستان وطاجكستان وكازاخستان، ثم أخذ ينتشر في القوقاز، وكذلك انتشر في روسيا نفسها بشكل لافت، وانتشر أيضًا بشكل لافت بین مسلمي أوكرانيا على الرغم من أنهم أقلية هناك؛ حيث يشكلون حوالى ۲% من سكانها البالغين حوالي 50 مليونًا. واستمر انتشار الحزب فامتد من هذه البلاد المذكورة والتي تسمى تركستان الغربية إلى إقليم كسينكيانج الذي يسمى تركستان الشرقية غربي الصين، وهو إقليم سكانه مسلمون وتحتله الصين…
إن وجود «حزب التحرير بالكثافة التي يتواجد فيها في آسيا الوسطى وروسيا، ونشاطه السياسي فيها يشكل خطرًا على حكام هذه البلاد وأنظمتها، وينذر بتغييرات استراتيجية وجيوسياسية، وبخاصة إذا أقام الحزب دولة الخلافة في أي قطر في من أقطار المسلمين بعيدًا كان أو قريبًا. فمن المعلوم أن جمهوريات آسيا الوسطى تسمى جمهوريات إسلامية لأن الغالبية العظمى لسكانها مسلمون، وانتشار الحزب في روسيا وإقبال المسلمين عليه يسبب قلقًا لحكام روسيا وحكام المنطقة، فالأقلية الإسلامية هناك كبيرة تزيد على ۲۰% من أصل حوالى .14 مليونًا، مع ملاحظة أن إجمالي عدد سكان روسيا في تناقص بخلاف المسلمين فيها فهم يزدادون.
حرص حزب التحرير على إحياء الإسلام عند مسلمى هذه المنطقة، وانطلق يتفاعل مع أهلها ويحمِّلهم الإسلام كعقيدة عقلية بنبثق عنها نظام، وأنه نظام شامل لكافة شؤون الحياة، وتطبيقه مسؤولية الأمة الإسلامية؛ فهو أمانة في أعناق المسلمين، وهذا لا يتأتى إلا في دولة إسلامية جامعة لكل مسلمي الدنيا، هي الخلافة. وكان سلاحه في هذا البيان الحوار وقوة الدليل والفكر؛ فأقبل أهل البلاد على هذا الفكر، ونشأ على أساسه توجه سیاسی تبلورت لديه هذه الأفكار الجديدة، واتخذ منها هوية له. فأخذ هذا الفكر ينتشر، وتترجمَ عمليًا بين أهل البلاد أو تجسد على شكل قناعات بأن الإسلام هو الهوية والانتماء: العقيدة هي الهوية، والأمة الإسلامية هي الانتماء. فنشأ عن هذا كله مولود جديد في البلاد لم يكن الحكام على موعد معه ولا يتوقعونه أبدًا، وحاولوا مواجهته والتحذير منه بما لديهم من أفكار معهودة تافهة، أو بتخويفات وتحذيرات، ولكن بلا طائل.
وقد أدى ذلك إلى مخاوف جدية من الإسلام على الأنظمة والحكام، إضافة إلى حقد الحكام الشديد أصلًا على الإسلام، إذ إنهم شيوعيون، وامتداد للشيوعيين السابقين إبان الحقبة السوفياتية، ما دفعهم إلى ردة فعل شديدة وقاسية تجاه الإسلام، وبزوغ الدعوة إليه وإلى الخلافة في تلك المنطقة.
وككل دعوة إلى الحق أو صراع بين الحق والباطل عبر التاريخ، لا يملك أهل الباطل ومَلَؤُهم، للمحافظة على نفوذهم وسلطانهم ومصالحهم ومكانتهم، إلا الكذب والخداع، وطمس الحقائق وتشويهها، وتجميل الأباطيل وبهرجة الأضالبل، ثم التهديد والتعذيب والتجسس والنفي والقتل وكافة أنواع الضغوط المادية والجسدية… وهذا ما كان من روسيا وسائر أنظمة المنطقة تجاه الإسلام وأفكاره، وتجاه حزب التحرير وأعضائه، وتجاه إقبال الناس على الإسلام والالتزام به، وتجاه كل حركة إسلامية أو توجه إسلامي مخلص لا ينتمي إلى المؤسسات الدينية الرسمية التابعة للدولة. إن الأمثلة على هذا الظلم الشديد والقمع الرهيب الذي تمارسه الأنظمة المذكورة تفوق الحصر، وهي مستمرة بشكل يومي ومتكررة، تعلمها دول العالم ومؤسسات حقوق الإنسان، وقد صدرت فيها منشورات كثيرة وكتب وأشرطة مصورة.
إن الأمر، كما أسلفت، أشهر وأثبت من أن يجادَل فيه، وقد تحدث عنه كثير من الشهود، ومن أقارب السجناء، والمعذبين والذين استشهدوا تحت التعذيب… وكذلك من الصحف والكتَّاب والمؤسسات، وكذلك ما أصدرته مؤسسة ميموريال لحقوق الإنسان، وما أصدر حزب التحرير من نشرات كثيرة تصف واقع الظلم والتوحش فيه، والتعذيب الذي جاوز الخيال، وقد قام الحزب؛ لأجل بيانه وتوضيحه للعالم ودوله ومؤسساته، واستثارة الإنسانية فيهم، ولإقامة الحجة عليهم… بعدة حملات إعلامية واسعة. قال تعالى: ﴿يُرِيدُونَ أَن يُطۡفُِٔواْ نُورَ ٱللَّهِ بِأَفۡوَٰهِهِمۡ وَيَأۡبَى ٱللَّهُ إِلَّآ أَن يُتِمَّ نُورَهُۥ وَلَوۡ كَرِهَ ٱلۡكَٰفِرُونَ ٣٢ هُوَ ٱلَّذِيٓ أَرۡسَلَ رَسُولَهُۥ بِٱلۡهُدَىٰ وَدِينِ ٱلۡحَقِّ لِيُظۡهِرَهُۥ عَلَى ٱلدِّينِ كُلِّهِۦ وَلَوۡ كَرِهَ ٱلۡمُشۡرِكُونَ ٣٣﴾ [التوبة]
2018-03-20