ما أن وقفت حرب الخليج حتى دعا البابا البطاركة الشرقيين الكاثوليك السبعة إلى مؤتمر في الفاتيكان ودعا أيضاً المجالس الأسقفية لجميع البلدان التي شاركت عملياً في حرب الخليج، وانعقد هذا المؤتمر لمدة يومين (4 و5 آذار 1991).
ما هو هدف البابا من هذا المؤتمر؟ بعد انتهاء هذا المؤتمر بيوم واحد، أي في 06/03/91 ألقى البابا كلمة قال فيها: «إننا تحدثنا أثناء قمة الأساقفة عن الأرض المقدسة التي يسودها منذ عقود عداء يبدو كأنه غير قابل للحل بين الشعب الفلسطيني وشعب دولة إسرائيل. إنه عداء يزيد التوترات ويثير القلق». وقال: «آمل أن تسمح لي الظروف يوماً بالذهاب إلى القدس حاجاً لتوجيه نداء من أجل السلام مع اليهود والمسيحيين والمسلمين». وتحدث عن المسألة القبرصية والمسألة الكردية قائلاً: «إنها مشاكل معقدة جداً وصعبة تتطلب تحركاً كبيراً من جانب المسؤولين عن مصير العالم» وتحدث عن لبنان «حيث يسود الاضطراب… ويُحرَم بلد سيد من استقلاله الكامل».
رشَحَتْ عن مؤتمر الفاتيكان مسائل منها:
1- بعد أن أخذت حرب الخليج طابع الحرب الصليبية خاف البابا أن تحصل ردود فعل من أهل المنطقة (المسلمين) ضد النصارى. ولذلك يشدد الذين حضروا المؤتمر على أن الحرب لم تكن مسيحية ضد المسلمين ولكن حرباً غربية ضد العرب. وذلك من أجل أن يمتصوا الغضب الإسلامي.
2- الفاتيكان تتبنى وضع القدس (الشرقية) تحت وصاية دولية كي يكون للفاتيكان دور في الإشراف عليها. وبما أن أميركا ستضع الآن مسألة فلسطين على بساط البحث أراد الفاتيكان أن يبلور رأيه فيها. وينادي في الوقت نفسه بوطن فلسطيني إرضاء للعرب من أجل امتصاص النقمة على الصليبيين. وقد صرح وزير خارجية الفاتيكان في 06/03/91: «يجب تخصيص مكان للكرسي الرسولي عند الأخذ في الاعتبار مسألتي القدس ولبنان» سواء في مؤتمر دولي أو إجراء مفاوضات من نوع آخر. وقال: «لا نغفل مسألتي القدس ووضع الطوائف الكاثوليكية».
3- ونادي بحل المسألة الكردية. وهو بذلك يشجع الحركات القومية الانفصالية، وهذا تدخل منه في الشؤون الداخلية لدول أخرى.
4- ونادى برفع الظلم عن لبنان وإعطائه استقلاله. وقد نقلت أوساط مقربة من البطرك صفير أنه يعكف على وضع تقرير مفصل عن محادثاته في الفاتيكان وأنه سيثيره مع كبار المسؤولين. وقد رشح من ذلك أن المؤتمر بحث في مسألة تعيين نواب في لبنان وأن الفاتيكان والمؤتمر لا يرتاح إلى مسألة التعيين، ويصر على إجراء الانتخابات في الوقت المناسب. وقد بحث في أمور أخرى تؤثر في استقلال لبنان.
وبعد أن علم جعجع أن الفاتيكان يرفض مسألة تعيين النواب بالإضافة إلى فرنسا وبعض الدول الأخرى صار يتحدى من جديد وصار يعتبر التعيين خطاً أحمر¨