يسيطر على أذهان البعض طريقة التسلل إلى الحق لنيله شيئاً فشيئاًن أي بالتقسيط، وفي غفلة من الناس والأنظمة والحكام، ويتصرف هذا البعض وكأن الدول الكافرة تَغُط في نوم عميق، وكذلك الأنظمة الإقليمية التابعة لها واليهود. ويغيب عن أذهان هؤلاء أن حق المسلمين في استرجاع فلسطين لا يُستجدى وليس هو بحجم الاستجداء، فالحق يُنتزع انتزاعاً وبالقوة وتحقيق الغلبة. وكما أن الحق لا يُستجدى فهو أيضاً لا يُختلس اختلاساً لأنه ليس بحجم ما يُختلس من متاع.
وهنالك حق وهو فرض في الوقت عينه يتصرف البعض تجاه الحصول عليه تصرف الاستجداء والاختلاس والتسلل، وهذا الحق (الفرض) هو إعادة الإسلام إلى التطبيق في الحكم والمجتمع. ويجدر بكل الساعين للتغيير اتباع سنة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم في تغيير المجتمع الجاهلي إلى مجتمع إسلامي للوصول إلى الهدف. وليس في سنة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ما يشير من قريب أو بعيد إلى سياسة الاستجداء أو الاختلاس أو التسلل، بل كانت طريقته لإقامة الدولة وتطبيق الإسلام في غاية الوضوح والصراحة والجرأة والصدق. فلم يشارك أبا جهل وأبا لهب، في حكمهم لمكة تمهيداً للإطاحة بهم، ولم يتحايل عليهم تحايلاً للوصول إلى غاية، ولم يختلس منهم منصباً بالرغم من قبولهم للمشاركة والحلول الوسط «نعبد إلهك عاماً وتعبد إلهنا عاماً» ولم يتبع سياسة «خذ وطالب» ولم يتبع القول الدارج كثيراً في أيامنا «ليس بالإمكان أفضل مما كان». وتصرف الصحابة كذلك ليس فيه استجداء أو اختلاس أو تسلل وموقف سيدنا أبي بكر من المرتدين يؤكد ذلك، وموقف أبطال المسلمين من أمثال محمد الفاتح وصلاح الدين يؤكد ذلك، فصلاح الدين الأيوبي لم يتملق الصليبيين للحصول على حق المسلمين ولم يشاركهم في السلطة ولم يفاوضهم على جزء من الحق. وهكذا ينبغي أن يكون موقف المسلمين من الأنظمة القائمة في عالمهم الاسلامي، فالمسلمون هم أصحاب الحق وهم المطالبون بالفرض، لذلك لا يجوز لهم انتظار ما يمنّ عليهم به الحسن الثاني أو ما يجود عليهم به الشاذلي، أو ما يتفضل به عمر البشير من منصب وزاري أو بلدي، أو من وعدٍ بتطبيق بعض الأحكام الشرعية وتعطيل ما تبقى، أو من نص في دستور اليمن الموحد يشير إلى دين الدولة الرسمي! العلاج الشرعي والوحيد هو التغيير الجذري ولا علاج سواه، وإذا لم يعتبر البعض بالحكم الشرعي وهو الأصل، فليعتبروا بنتائج التجارب السابقة التي أثبتت فشلها وعقمها¨