الإسلام أم العلمانية أيهما يحكم “سوريا الجديدة”!؟
2017/10/24م
المقالات
3,998 زيارة
الإسلام أم العلمانية أيهما يحكم “سوريا الجديدة“!؟
في ظل التطورات المتسارعة في سوريا، لا سيما بعد سقوط حلب، وما تلاها من انسحابات ومصالحات وتسويات واتفاقات على مناطق خفض التصعيد، والتراجع العسكري للقوى ذات السمت الإسلامي التي كانت تعلن عن رغبتها في إقامة كيان إسلامي في سوريا، أخذت القوى الدولية وأتباعها في رسم مستقبل الثورة السورية باتجاه معاكس لإقامة دولة إسلامية في المنطقة، حيث بدأ الحديث عن سوريا جديدة علمانية محضة.
في هذا السياق شهد عدد من مراكز “الدراسات والبحوث” نشاطًا محمومًا للترويج للمشروع العلماني. فأقام مركز (حرمون – الأردن) ثلاث ورشات حول عناوين متعلقة بالموضوع، آخرها: الإسلام والليبرالية. كما أقام مركز (جسور – قطر) عدة ورشات نقاشية حول الإسلام والعلمانية، وقد خصص بعض منها لبحث قوانين الأحوال الشخصية المعمول بها حاليًا -والمستمدة في مجملها من الفقه الإسلامي- ومناقشة مدى مواءمتها مع النظام الديمقراطي، بما في ذلك “المساواة بين الجنسين”، و”حقوق المرأة”، إضافة إلى قضايا أخرى. وكان الحضور خليطًا من علمانيين و”إسلاميين معتدلين”، وقد غلب على المشاركين الحرص على التوافق ومحاولة الالتفاف على النقاط “الشائكة” من خلال إعادة تفسير النصوص الشرعية لتنسجم مع قيم الدولة المدنية!
ويأتي اهتمام المشاركين بإعادة قوننة الأحوال الشخصية استعدادًا لإنجاز دستور جديد يحقق – بحسب المشاركين في هذه الورش – إلى “المساواة فعلًا بين الجميع على أساس المواطنة، بخاصة بين الرجال والنساء، وإنصاف المرأة ورفع الحيف عنها، وتجاوز القوانين غير العادلة، التي لا تمنحها كامل حقوقها، حتى تلك المتعلقة بالشريعة، أو التفسير الفقهي الذي كرسته نصوص قوانين الأحوال المدنية والشخصية”.
بذلك نجد أن مركز تنبه هذه المراكز والممولين لها والقائمين عليها يتجاوز رفض اتخاذ الإسلام مصدرًا وحيدًا أو حتى أساسيًا في التشريع، فهذا خارج دائرة البحث أصلًا، ويتعدون ذلك إلى ضرورة إلزام المسلمين بقوانين وضعية علمانية تمس حياتهم الشخصية والأسرية بشكل مباشر. أما مسألة فصل الدين عن الدولة والمجتمع فهذه من المسلمات لديهم، وأن جل ما يمكن تحقيقه هو احترام الأديان بمختلف مسمياتها ومعانيها على اعتبارها حالة روحية محضة تكفلها الدولة المدنية الليبرالية في إطار احترام حرية المعتقد!
الوعي: يبدو أن العلمانيين والليبراليين ومعهم كثيرون من قادة الرأي من “الإسلاميين المعتدلين” اليوم في موقع المنتعش، لذلك باتوا أكثر وقاحة في طرح أفكارهم عمّا كان عليه الحال قبيل ما يسمى بالربيع العربي، لا لأنهم أثبتوا نجاعة أفكارهم الباهتة والتافهة والمنحرفة، بل لأنهم يشعرون بأن الدول الكبرى تقف وراءهم بكل قوة، وتحول دون السماح بإقامة دولة إسلامية، وأن حلم الإسلاميين بالخلافة قد تلاشى بعد الضربات المتعاقبة عسكريًا وأمنيًا وسياسيًا، على نحو ما جرى في سوريا والعراق ومصر وتونس وليبيا وفلسطين وغيرها. بهذا يثبت هؤلاء العلمانيون أنهم مجرد أذناب للغرب الكافر، وأنهم مجرد أدوات لتسويق مشاريعه الخبيثة في بلادنا من خلال “إسلاميين معتدلين”، نُذكر من بقي في قلبه منهم بقية من إيمان بقوله تعالى [مَّا كَانَ ٱللَّهُ لِيَذَرَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ عَلَىٰ مَآ أَنتُمۡ عَلَيۡهِ حَتَّىٰ يَمِيزَ ٱلۡخَبِيثَ مِنَ ٱلطَّيِّبِۗ وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيُطۡلِعَكُمۡ عَلَى ٱلۡغَيۡبِ وَلَٰكِنَّ ٱللَّهَ يَجۡتَبِي مِن رُّسُلِهِۦ مَن يَشَآءُۖ فََٔامِنُواْ بِٱللَّهِ وَرُسُلِهِۦۚ وَإِن تُؤۡمِنُواْ وَتَتَّقُواْ فَلَكُمۡ أَجۡرٌ عَظِيمٞ ١٧٩] (آل عمران 179) وسيظل مشروع الخلافة السبيل الوحيد لبناء مستقبل واعد لهذه الأمة، وسيظهر الله دينه رغم أنف المتساقطين، وما ذلك على الله بعزيز.
2017-10-24