الإسلاميون بين هاجس السلطة والحكم بالإسلام الإسلاميون والسلطة
2013/01/29م
المقالات, كلمات الأعداد
2,789 زيارة
بسم الله الرحمن الرحيم
الإسلاميون بين هاجس السلطة والحكم بالإسلام
الإسلاميون والسلطة
يراقب العالم اليوم عن كثب ما يجري في مصر وتونس وليبيا واليمن والعراق وغيرها من بلاد المسلمين، حيث يحتدم الصراع السياسي على السلطة، وتدخل البلاد في فوضى عارمة، رغم أن الإسلاميين أو دعاة «الإسلام هو الحل» هم من يتبوؤون مقاعد الحكم في جل هذه البلاد إن لم يكن كلها. وبعد أن كان ينتظر الجميع تجسيد نموذج إسلامي ناجح وناجع في الحكم، بتنا نرى استنساخاً لتجارب مشوهة في السلطة، تضرب بالأحكام الشرعية والمعالجات المقطوع بها إسلامياً عرض الحائط، وتحوَّل الإسلاميون من دعاة لتغيير الأوضاع الكارثية المسيطرة على بلادنا ردحاً من الزمن إلى متصارعين على السلطة بدل فرض نموذج شرعي سليم يقدم الإسلام كبديل عن الأنظمة المتهالكة في العالم سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وأخلاقياً.
ما من شك بأن الحصول على السلطة هو طريقة أي حزب سياسي لوضع أفكاره موضع التنفيذ على صعيدي الدولة والمجتمع والأمة. رغم هذا، فإن من أعظم الأخطار التي يمكن أن يتعرض لها أي حزب مبدئي في العالم هو تحوله من حزب حامل للدعوة إلى حزب طالب للسلطة. بمعنى أن تصبح السلطة هاجس الحزب بمعزل عن دعوته وعن المعايير المبدئية التي تفرض عليه منهجاً معيناً للحصول على السلطة، وليس أية سلطة، إنما سلطة يتمكن الحزب بواسطتها تجسيد طريقة عيشه المبدئية في الحياة بحسب تصوراته عن الحياة نفسها.
فهيمنة مثل هذا الهاجس على أي كتلة سياسية، لاسيما بعد طول أمد رحلة الدعوة، ومسيرة العذاب الشاقة، والشعور بالتعب والإرهاق، والحسرة التي تملأ الصدور من تمتع الأراذل بثروات الأمة ومقدراتها، كثيراً ما يدفع إما إلى القعود والتقوقع أو إلى الانحراف تدريجياً عن المبدأ، حيث يقل ابتداء الاهتمام ببحث رؤية المبدأ للعالم وللدولة وللمجتمع وللفرد، على اعتبار أن الاشتغال بالفكر والاستغراق فيه لا يطعم خبزاً، فيكتفى بعموميات، بل قد لا يجد حينئذ كثيرون ضيراً بضرورة تغيير تلك العموميات أو التغاضي عنها، طالما أن الأمر يقتضي ذلك، سيما في حال كانت تلك الرؤية أو ما تفرضه من فكر ومعالجات ينظر إليه على أنه معوِّق عن التمكين أو شاغل عن الحصول على السلطة.
إشكالية اللاهثين
يبدأ اللاهثون على السلطة بالتذرع بأن تصورات المشروع السياسي للكتلة لا خشية عليها، فالأفكار قد رسخت وهي موجودة ومختزنة في العقل الباطن، ولا ضير من سترها حالياً أو ركنها جانباً لحين التمكين، وأن التفكير في أي طريق للحصول على السلطة أولى من التركيز على المنهج المفترض التزامه أثناء السعي للوصول إلى السلطة، فضلاً عن التفكير بتلك المشاريع أو الأحكام أو المعالجات التي ستعتمدها تلك السلطة حين حيازتها. يتوهَّم هؤلاء بأن تطبيق أي مشروع سياسي رهن أن يركب أصحابه السلطة، بغض النظر عن الكيفية التي يحصلون عليها. على فرض أن لدى رجال أمثالهم ما يكفي من خبرة كي يمكروا بأعداء الأمة وقلب موازين السلطة وفرض تصوراتهم عليها وفرض أمر واقع جديد بمجرد تمكنهم منها. وبالتالي فإن الإمساك بزمام السلطة (كيفما تأتَّى) سيفرض مفاهيم أصحابها المكنونة على الدولة، وستستثمر السلطة حينئذ في تنفيذ كل أفكارهم النبيلة.
على الصعيد النظري، يبدو الكلام منطقياً، إلا أنه ما إن نمحِّص فيه حتى نجد أنه تنطبق عليه كل قوانين المنطق المغلوط، كلام لا يصدر سوى عن وسوسات إبليس، وأقل ما يمكن أن يقال في مثل هذه الحالة أن السلطة هي التي تمكَّنت منهم لا هم من تمكَّنوا منها، إذ يصبحون حينها خدماً لمشروع السلطة بدل أن تكون هي خادمة لمشروعهم.
قراءة في المنهج الشرعي
هناك شواهد عديدة تقطع بعدم جواز اعتماد منهج اللاهثين على السلطة، فقد أرسل كفار قريش إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عتبه بن ربيعة فقال يفاوضه « إن كنت تريد بهذا الأمر مالاً جمعنا لك من أموالنا حتى تكون أكثرنا مالاً، وإن كنت تريد به شرفاً سوَّدناك علينا حتى لا نقطع أمراً دونك، وإن كنت تريد به ملكاً ملكناك علينا…» فرفض الرسول كل هذا، رغم حاجته الملحة لتلك السلطة سواء لحماية دعوته وأصحابه أم لإقامة الدين. وعندما وجدت قريش أن الإغراء بالمال والجاه لم يجد سبيلاً مع محمد صلى الله عليه وسلم وأن دعوته مستمرة، طالبوه بالمعجزات حتى يصدقوه كأن يفرِّج عنهم الجبال التي ضيَّقت عليهم مكة، وأن يفجِّر لهم فيها أنهاراً كأنهار الشام والعراق، وأن يحيى آباءهم ومنهم قصي بن كلاب حتى يسألوه إن كان ما جاء به حقاً أم باطلاً، فقال لهم الرسول صلى الله عليه و سلم : «ما أنا بفاعل، ما أنا الذى يسأل ربه هذا، وما بعثت إليكم بهذا، ولكن الله بعثني بشيراً ونذيراً، فإن تقبلوا ما جئتكم به فهو حظكم في الدنيا والآخرة، وإن تردوه عليَّ أصبر لأمر الله حتى يحكم بيني وبينكم». وعندما خيَّروا عمه أبا طالب بين أمرين: إما أن يمنع ابن أخيه عن دعوته، وإما أن يعلنوها حرباً عليه وعلى اىبن أخيه حتى يهلك أحد الفريقين، فنقل للنبي الكريم ذلك قائلاً له: «أبقِ على نفسك وعليَّ، ولا تحملني من الأمر ما لا أطيق»، فظن الرسول صلى الله عليه وسلم أن عمه قد تخلَّى عن نصرته فرد عليه قائلاً: «والله يا عم لو وضعوا الشمس في يمينى والقمر في يساري على أن أترك هذه الأمر حتى يظهره الله أو أهلك فيه ما تركته».
لقد رفض صلى الله عليه وسلم التنازل عن دعوته لقاء سلطة أو غيرها من المغريات في مرحلة استضعاف وقهر وحاجة ملحة للنصرة (حتى إنه استعبر عندما استشعر خذلان عمه له)، فقد كان مطارداً، وعشيرته مقاطعة، وأصحابه في محنة وعنت أدى بهم إلى هجرة مكة إلى الحبشة، فيما فاضت أرواح بعض الصحابة إلى بارئها تحت وطأة السياط والتعذيب الشديد.
إلا أن البحث هنا ليس بحثاً لمجرد الوصول إلى حكم شرعي بحظر التخلي عن الدين لقاء مال أو جاه أو ملك تأسّياً برفض رسول الله صلى الله عليه وسلم بشكل لا تردد فيه، إذ إن كل هذا للأسف، يتم تجاوزه بجدل ومماحكة ليس محل عرضها أو اعتراضها هنا. فغرضنا هو قراءة خطورة المنزلق الذي يمكن أن يؤدي إليه هذا المسار فيما لو تحقق. والذي كان يكفي تجنبه التزام حكم الشرع الواضح فيه.
فلدى قراءة رفض الرسول الكريم أخذ السلطة بهذا الشكل، يرى المرء بشيء من التدقيق، أنهم كانوا يريدون تحويله عن دعوته، وتطبيق أعرافهم وأحكامهم، ما يعني عملياً انتصار رؤيتهم للحياة وما تفرضه من نظم على أفكار التوحيد ومعتقدات الإسلام، التي تفرض الانقياد لله وحده دون غيره، باتباع شرعه وتطبيقه كما أنزله سبحانه. وبالتالي فإن أي خطوة في هذا الاتجاه ستصيب الدعوة بهزيمة منكرة، وسيقضى عليها بالضربة القاضية، إذ ستُنَحَّى الدعوة جانباً لتصبح السلطة والتشبث بها والصراع للحفاظ عليها هو القضية. فغاية المطلوب من عروضهم الشيطانية المغرية، هو كسب هذا الداعية أو تلك الكتلة إلى جانبهم بدل استمرارها في تحدي النظام القائم على الباطل، وبدل العمل الحثيث لتغييره. فهذا منهج احتواء متبع عند كل أصحاب سلطة يلمسون خطراً قادماً من جهة ما يتهددهم، سياسة الاحتواء هذه تأتي عادة بعد فشل سياسة استئصال الخصوم.
واقع السلطة
يجب أن تكون المسألة واضحة هنا، بأن السلطة أي سلطة في العالم، لها مبررات وجود ت ترتبط بخدمة نظام سياسي يلبي تطلعات وطموحات الجهة التي تستند لها فعلياً . وتتوفر لهذه السلطة قوى تحميها في أداء وظيفتها في خدمة هذا النظام وإزالة كل ما يمكن أن يشكل حجر عثرة يمنعها من تنفيذ مهامها أو يهدد استمرار النظام. لذلك فإنه طالما لم يتغير النظام المطبق وتتغير المبررات التي تفرض هذا النظام، ولم تغير القوى الضامنة لاستمراره ولاءها[1]، فإن الطائل الوحيد من ركوب هذه السلطة من قبل معارضيها يصبح احتواءهم لتدعيم هذا الكيان بأسباب حماية جديدة.
نماذج من سياسة الاحتواء
تصور مثلاً الفرق بين كمال أتاتورك وطيب رجب أردوغان، تصور الفرق بين نظام مبارك ونظام مرسي، نظام واحد بوجهين مختلفين، يكمن الفرق في أن أحدهما ملتحٍ والآخر حليق، أحدهما متديِّن والآخر عدوٌّ للدين، لكن كلاًّ منهما يطبق نفس الأنظمة ويسير في نفس الاتجاه. وتتم عملية الاختيار والمفاضلة بين هذا وذاك في واقع الحال من قبل صاحب القرار الفعلي في تسيير شؤون الدولة على أساس الأكثر مناسبة لأداء المهمة المطلوبة، فهذا أردوغان وذاك مرسي باتا مطلباً لا غنى عنه في هذه المرحلة، بمعنى لو جئت بأتاتورك من قبره كحاكم لتركيا أو حافظت على مبارك كرئيس لمصر لم يكن بإمكان أي منهما متابعة سياسات الشيطان التي يطبقانها على العباد، ولا أمكنهما الاستمرار في خدمة الأقطاب الدولية المرتبطين بها. فقد تغيرت البيئة الاجتماعية[2]
والسياسية والثقافية ما يفرض الحاجة إلى أشكال جديدة تناسب هذا الواقع.ولهذا أتي بالشيخ أحمد معاذ الخطيب من الصفوف الخلفية للمعارضة ليقود الائتلاف الوطني، بعد أن أدركت القوى الدولية أن برهان غليون وجورج صبرة وأمثالهما من اليساريين والعلمانيين لا يفيان بالغرض. فالقوى التي تسير على الأرض إسلامية، والأفكار التي تؤجج مشاعر الناس وتؤثر بالرأي العام إسلامية؛ لذلك كان لا بد من شيخ يلقى القبول عند الناس عسى أن يتمكن من احتواء التيار السائد وحرفه عن مساره. فليس أشد فاعلية من محاربة الدين باسم الدين، سيراً على قاعدة «لا تقطع رأس الدين إلا بسيف الدين ».
«فالإسلام العصري» المصنف بالمعتدل والوسطي الذي يغلِّب الشكل على المضمون، من متطلبات المرحلة الحالية لاستمرار نفس الأنظمة القديمة، وضمان أصحاب النفوذ بقاء السلطة في خدمة مصالحهم.
وقراءة بسيطة للتاريخ المعاصر يؤكد الحقيقة التي ذكرنا، والتي تفيد بأن اللهاث وراء السلطة واعتبارها غاية تهون كل الأمور بعد الحصول عليها هي دعوة ساقطة ولا تتعدى كونها أراجيف وأوهام. فالأمر ليس رهن الوصول إلى السلطة فقط، لأن وجود الأشخاص المؤهلين في المواقع الهامة والحساسة من غير تطبيق للنظام الصحيح سيعني ضم هذه الكفاءات لتطبيق النظام العليل المتعفن، مما يعني أن هؤلاء سينتقلون من معسكر الثورة على النظام إلى معسكر صيانة النظام، وبالتالي يقوي شوكته بوجه الآخرين ويطيل عمره[3]. وتصبح مفاهيمهم ونضالاتهم ومواقفهم المبدئية السابقة حينها مجرد قصص يسطرونها في مذكراتهم الشخصية حين يتقاعدون. لقد جاء هؤلاء برضى قوى السلطة العاملة على ضمان استمرار النظام السياسي، والتي تبقي هؤلاء تحت المجهر بالضرورة لأنها لا تأمن لهم، وفي أي لحظة تستشعر منهم الخطر ستتخذ منهم موقفاً آخر، فأية مبادئ وأفكار وأحكام لا تنسجم مع طبيعة النظام تظهر بسرعة وتعتبر انقلاباً على صفقة ركوب السلطة، ما يعني إن حصل، قيام قوى السلطة بإجراءات حجر وتصفية لكل هؤلاء.[4]
خذ مثلاً على ما سبق الإسلاميين في العراق، الذين تبوؤوا كل مراكز السلطة في بغداد بعد الاحتلال، وساروا في ركاب الغرب، بذريعة أننا نمكر به ثم ننقلب عليه، وإذا بهم يتحولون جميعاً لأدوات ترسخ مشاريع الاحتلال بأبشع شكل ممكن، حتى إن معارضي صدام بدؤوا يصفونهم بأنهم أشد شراً منه. ومن الجدير ذكره أن جل هؤلاء إن لم يكن كلهم من المعارضين في حزب الدعوة والحزب الإسلامي وغيرهما من الأحزاب قدموا فعلاً تضحيات جسام بوجه نظام صدام حسين البعثي، تحت عنوان حكم الإسلام.
وفي تونس نفس مسلسل ونفس منطق ونفس واقع مرسي وأردوغان. لقد تحولوا جميعاً من أحزاب تدعي حمل رسالة للبشرية إلى أحزاب منشغلة في صراع وسباق محموم على الهيمنة على السلطة، تلك السلطات التي كادت أن تفقد في لحظة تاريخية نادرة كل مبررات وجودها، وكانت بحاجة إلى ضربة عاجلة لفرض واقع جديد على أنقاضها، وإذا بهؤلاء يقدمون خدمة جليلة لخصوم تاريخيين وعقائديين، فيضفون على تلك الأنظمة والسلطة التي تسندها مسحة من الشرعية بعد ثورات عمَّت منطقة يسود فيها الانتماء للإسلام والشغف لرؤيته حياً من جديد.
هاجس السلطة مرض عضال
لذلك نقول إن تحول طلب السلطة إلى هاجس بحد ذاته، هو مرض عضال، يعمي القلب ويمكن الأعداء من تسخير أصحاب هذا الهاجس بيسر، من حيث يشعرون أو لا يشعرون، ولذلك فإن السعي للمشاركة في الحكم المناقض للمبدأ او ركوب سلطة من هذا النوع هو ضربة قاسية لذلك المبدأ ويحول أتباعه لخصوم له. وينطبق هذا الأمر على كل من يصبح همه وهاجسه ومعبوده السلطة مسلماً كان أو غير ذلك. خذ مثلا منظمة التحرير التي بنت منهجها على أخذ قطعة من فلسطين مهما كان حجمها، لإقامة دولة تتوسع اضطراداً فتفرض أمراً واقعاً جديداً بالتتالي، وإذا بها تسلم بـ «إسرائيل» بشكل نهائي وأبدي وتحارب كل من يعمل على المس بها، بل وتعتبر أن العمل على تغيير هذا الواقع هو تقويض لسلطتها، وهذا صحيح لأن سلطتها مركبة لخدمة الاحتلال فكرة وكياناً وتمويلاً وثقافة بموجب اتفاقات ومعاهدات وترتيبات تفرض على هذا النموذج المسخ أن لا يخرج عن هذه الوظيفة.
خذ مثلاً آخر الجنرال عون، الذي خاض «معركة تحرير» ضد النظام السوري ونفي بعد هزيمته إلى فرنسا، وإذا به يعود إلى لبنان عبر صفقة حولته بين ليلة وضحاها من عدوٍّ لدود للنظام السوري إلى مُنظِّر لذاك النظام داعياً إلى مناصرته في وجه الثورة التي هبت بوجهه. باختصار لقد ركب السلطة بشروط النظام السوري، ولا يستطيع أن يستمر إلا بهذه الشروط، ولذلك تحوَّل من خصم يحاولون قتله، إلى ولي حميم يحافظون عليه من أي أذى لأهمية دوره في حفظ نظامهم.
واقع العمل السياسي
يجب التنبه إلى أن أي عمل سياسي في الدنيا يبتغي تحقيق أهداف معينة، يسعى القائمون عليها مراقبة ومتابعة كل ما يؤثر فيها كي يحققوا غاياتهم هم، ويقطفوا ثمار ما اجتهدوا لأجله، لذلك توجب أن يخضع العمل السياسي لثقافة تصقله بالمبدأ ورؤية تؤطره بما يحميه من الانزلاق في مؤامرات الآخرين ومخططاتهم، وإلا أصبح العمل السياسي هوساً وعبثاً وهلوسة ينزع صاحبه إلى الكرسي بكل وسيلة، مما يسهل تبني أجندة الخصوم، ويسوغ التنازل تلو الآخر بذريعة التذاكي والمكر بالأعداء كما يمكرون بنا، فيما هو في الواقع يتنكر لدينه ومبدئه وقيمه، ويجيِّر قواه وقوى من يوالونه لصالح أعدائه.
لذلك كله، فإننا عندما نتحدث عن هاجس السلطة وعن التحذير من هيمنته على منهج العاملين للإسلام، فإننا نحاول أن نستدرك مصيرية الثبات على منهج الله، وضرورة الحفاظ على الدعوة نقية من كل شائبة، واستمرارها سليمة ومستقيمة، وعلى التمعن بالطريقة التي تنقل السلطة فعلياً إلى أصحاب المبدأ لا العكس. لأنه إن حصل وتسرَّب إلى عقول وقلوب حملة الدعوة هاجس حيازة السلطة، سيكون من نتائجه إهمال كثير من قضايا الدعوة، وسيصبح معيار الصواب من الخطأ حينها مدى الاقتراب من كرسي الحكم أو البعد عنه، لا مدى تجذر الدعوة ووضوحها في الأمة وقدرتها على فرض نفسها في المجتمع والدولة من خلال قواها الذاتية، التي حينها تحرص على تحكيم نظام الإسلام وعرضه كما هو،كبديل شامل لكل الأنظمة الباطلة التي تسود هذا العالم.
[1]حديث الغنوشي مؤخرا عن ولاء الجيش والشرطة للعلمانية وعدم ضمان انقلابهم شاهد واضح
[2]الواقع غني بالأمثلة التي تشير إلى رغبة المسلمين في تطبيق الإسلام وكذلك تتحدث كل الدراسات التي جرت في مراكز البحوث في السنوات الأخيرة
[3]يحصل نفس الشيء عندما ينضم علماء وأدباء ومفكرون ومثقفون لهم وزن وثقل بين الناس للحاكم، إذ يمنحون نظامه شرعية، ويلبسون على الناس أمر دينهم ودنياهم
[4]أكد الشيخ راشد الغنوشي هذه الحقيقة في لقائه مع قادة التيار السلفي؛ ونصحهم بأن يعملوا في الأمة لكسبها وأن لا يكرروا تجربة الحركة الإسلامية في الجزائر!؟
2013-01-29